محامي بريطاني مختص بالقانون الدولي لرووداو: اشك بقدرة لندن بتنفيذ تعليماتها الجديدة بشأن طالبي اللجوء

19-07-2023
معد فياض
معد فياض
الكلمات الدالة بريطانيا
A+ A-

معد فياض

يرى المحامي البريطاني، أمجد السلفيتي، بعدم "قدرة الحكومة البريطانية تنفيذ تعليماتها الجديدة المتعلقة بملف الهجرة والمهاجرين". معتبرا هذه التعليمات"عبارة عن (بالون) أختبار وتوجيه رسائل داخلية وخارجية في ذات الوقت".  وكان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك قد ظهر متحدثا من وراء منصة كتب على واجتها:"STOP THE BOATS"، أوقفوا القوارب، مؤكدا بإن مشروع قانون الهجرة الجديد، الذي يمنع المهاجرين القادمين بصورة غير نظامية من طلب اللجوء، يتماشى مع القانون الدولي وحقوق الإنسان، في حين انتقدته جمعيات حقوقية وأحزاب معارضة ووصفته الأمم المتحدة بأنه يرقى إلى حظر اللجوء.

وقال السلفيتي، الذي ينحدر من اصل فلسطيني، والمتخصص بالقانون الدولي، ان:"الحكومة البريطانية كانت قد اصدرت العام الماضي تعليمات لترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون الى الاراضي البريطانية الى روندا، وواجهت هذه التعليمات معركة قانونية، ادت الى منع أول عملية ترحيل جوية في اللحظة الأخيرة بموجب إنذار قضائي من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وحكمت محكمة لندن العليا بمشروعية الترحيل في كانون الأول الماضي، لكن معارضين يسعون إلى استئناف ذلك الحكم كون رواندا لا تتمتع بشروط حقوق الانسان."، منبها الى ان مثل هذه الاجراءات لا تتناسب مع تاريخ المملكة المتحدة التي تتباهى بحفاظها على معايير حقوق الانسان والرقي الحضاري."



وكانت الحكومة البريطانية تنوي إرسال عشرات الآلاف من المهاجرين إلى رواندا في إطار اتفاق قيمته 120 مليون جنيه إسترليني (146 مليون دولار) توصلت إليه لندن مع كيغالي العام الماضي. وقد أعلن عن الشراكة في نيسان 2022، ولكن حظرت أول رحلة ترحيل كان يفترض أن تتم في منتصف حزيران 2022 بأمر من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

وأوضح السلفيتي قائلا:"الحكومة البريطانية هيأت ملاجئ او فنادق عائمة في البحر لاستيعاب عشرات الالاف من المهاجرين الذين يصلون الى انجلترا بصورة غير شرعية، وهذه الملاجئ العائمة تذكرنا بالسجون العائمة التي كانت تستخدم في السابق."، مشيرا الى ان:" الحكومة البريطانية تلجأ الى اساليب غير انسانية وملتوية ولا تتفق مع مبادئ حقوق الانسان في التعامل مع المهاجرين، حيث سيتم جمع عشرات الالاف من المهاجرين القادمين من دول مختلفة على ظهر هذه الملاجئ العائمة في البحر والتي تفتقر للشروط المناسبة للسكن، ووضعها قرب ميناء بورتسموث، جنوب انجلترا، وسيتم منعهم من النزول الى البر والوصول الى المدن والاختلاط بالمجتمع البريطاني، وهذا يعني عدم امكانيتهم من لقاء اقاربهم او اصدقائهم، كما لا تتيح حركتهم المحدودة العمل بصورة غير قانونية، وهذا سيؤدي الى تفاقم حالات التوتر النفسي مما يقود الى خلق مشاكل حقيقية ومعارك بين المهاجرين انفسهم والى اقتراف جرائم قتل او حرق الملجأ ذاته كما حدث في مناسبة سابقة."

وعن مبررات الحكومة البريطانية لتطبيق التعليمات الجديدة بشأن المهاجرين غير الشرعيين، قال السلفيتي:"ان الحكومة البريطانية تزعم انها تنفق اكثر من 6 مليون جنيه استرليني يوميا على المهاجرين الموجودين فوق اراضيها، وهذه تُدفع كاجور للفنادق والمساكن والدراسة والعلاج والنقل المجاني ومصروف جيب اضافة الى المشاكل الامنية التي يُعتقد ان المهاجرين يسببونها في المدن الانجليزية، مع ان غالبية هؤلاء المهاجرين يعملون بصورة غير قانونية(بالاسود) ولا يدفعون ضرائب."

واضاف المحامي البريطاني أمجد السلفيتي قائلا:" ان هذه التعليمات والاجراءات هي عبارة عن بالون اختبار لامكانية تنفيذها، لردع المهاجرين من التوجه الى بريطانيا، مع اني على يقين بان هذه الاجراءات لن توقف المهاجرين طالما هناك وسائل نقل توصلهم لاهدافهم ووجود مهربين يتقاضون الاف الدولارات عن كل مهاجر، وبالتالي فان المهاجر يغامر بكل شيء للوصول الى مبتغاه، بريطانيا خاصة، وليس لديه ما يخسره."، مضيفا:"وفي ذات الوقت هذه الاجراءات هي ورسائل تطمين الى الداخل البريطاني حيث ينشط اليمين ضد المهاجرين، لا سيما وان رئيس الحكومة البريطانية، المحافظ، سوناك، كان قد وعد بغلق المنافذ امام المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون بالقوارب الى البر البريطاني، والى فرنسا التي تنطلق منها قوارب الهجرة ، من ميناء كاليه الفرنسي، الى ميناء دوفر البريطاني، الواقع على الضفة الاخرى من القنال الانجليزي، لكن يبدو ان الفرنسيين غير مهتمين بالموضوع ولا يبذلون جهدا حثيثا لمنع هذه القوارب، خاصة وانهم مطمئنون بان المهاجرين لن يعودوا اليهم حسب القوانين خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي."

وظهر رئيس الوزراء البريطاني، سوناك، مصمما على وقف عمليات العبور "غير القانونية" المتزايدة للقنال الإنجليزي، وهي ظاهرة مستمرة رغم الخطط المتتالية للحكومات المحافظة المتعاقبة، وتقع في صلب التوترات المتكررة مع باريس.



وقال سوناك لصحيفة "ذا صن" اللندنية الواسعة الانتشار إن هذا القانون الجديد "سيبثّ رسالة واضحة: إذا كنتم آتين إلى هذا البلد بطريقة غير قانونية، ستُطردون بسرعة.. من يأتي إلى هنا على متن قوارب صغيرة (ويعبر القنال بطريقة غير قانونية) لا يمكنه طلب اللجوء هنا".

وزاد عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى الساحل الإنجليزي إلى أكثر من الضعف في العامين الماضيين، ووضع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إيقاف القوارب الصغيرة ضمن أولوياته الخمس الرئيسية بعد أن تعرض لضغوط من نواب البرلمان من حزبه لإيجاد حل لتدفق المهاجرين من أوروبا إلى بريطانيا بحرا عبر القنال الإنجليزي.

ويمنع النص الجديد لقانون الهجرة البريطاني المهاجرين الواصلين "بطريقة غير قانونية" إلى المملكة المتحدة بطلب اللجوء وبالإقامة لاحقًا على أراضيها أو بطلب الحصول على الجنسية البريطانية، ويسهّل احتجاز المهاجرين حتّى ترحيلهم إلى دولة ثالثة تُعتبر آمنة، كما يمنعهم "بشكل قاطع" من إمكانية الاستئناف ضد عمليات الترحيل. أمّا المهاجرون الواصلون بطريقة نظامية، فستتعامل معهم لندن على أساس حصة نسبية سنوية يحددها البرلمان.



وعن موقف البرلمان البريطاني المتشدد بمراعاة حقوق الانسان، أوضح المحامي أمجد السلفيتي قائلا:" ان المحافظين، المسيطرين على البرلمان البريطاني ومؤيدين لهذا القانون، وهذا شرخ كبير في تاريخ بريطانيا المعاصر وحفاظها على معايير حقوق الانسان، فقد كانت بريطانيا تعرض تصرفات دول اخرى لعدم تعاملها الانساني مع المهاجرين ونراها اليوم تخرق هذه المبادئ، والغريب في الامر هو ان رئيس الوزراء البريطاني ووزيرة الداخلية وعمدة لندن ورئيس البرلمان الاسكوتلندي كلهم من اصول مهاجرة."، مستطردا:"ان هذه التعليمات تنطبق على اي مهاجر يصل الى بريطانيا سواء بالقوارب او باية وسيلة اخرى، والحكومة البريطانية تعد بان اي طالب لجوء سياسي تنطبق عليه الشروط سيتم قبوله بعد النظر بقضيته، وهناك مئات الالاف من طلبات اللجوء التي لم ينظر بها حتى الان، وهذا يعني ان طالبي اللجوء سيبقون منتظرين لفترات طويلة وهم يعيشون ظروف شبه قاسية."

من جهتها، قالت وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان إن قانون الهجرة الجديد سيسمح بترحيل المهاجرين "غير القانونيين" إلى بلدهم أو بلد ثالث آمن، كما سيتيح اعتقال المهاجرين "غير القانونيين" 28 يوما دون إفراج بكفالة.وأضافت وهي تعرض النص على البرلمان "أنا واثقة من أن المشروع يتوافق مع التزاماتنا الدولية" لكنها أوضحت أنها غير قادرة على التأكيد بشكل "قاطع" ما إذا كان يتماشى مع قانون حقوق الإنسان البريطاني، لافتةً إلى بدء مناقشات مع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. واضافت قائلة في تصريحات صحفية:" طفح الكيل، الشعب البريطاني يريد حل هذا، لقد مل من التصريحات المتشددة والعمل غير الملائم. يجب وقف هذه المراكب".

وتتعامل الحكومة المحافظة مع نظام هجرة قديم، خصوصاً بعد وصول أكثر من 45 ألف مهاجر عبر هذه الطريق الخطيرة جدا العام الماضي، أغلبهم من الألبان والأفغان والإيرانيين والعراقيين والسوريين، ونحو 3 آلاف منذ مطلع العام الحالي.

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب