رووداو ديجيتال
أثار قرار البرلمان البريطاني حظر منظمة "فلسطين أكشن" (Palestine Action) باعتبارها حركة إرهابية، ردود أفعال واسعة في أوساط منظمات حقوق الإنسان والنشطاء في إنكلترا وفي دول العالم. وبدأ في بريطانيا سريان قرار حظر المنظمة، بعد تصويت في مجلس العموم على إدراجها ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، ما أدى إلى تجميد أنشطتها ومصادرة أصولها. وشمل الحظر إزالة جميع حسابات المنظمة الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تجميد حسابها البنكي وإغلاق مقرها الرئيسي، وذلك في إطار الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة البريطانية.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، عُرضت على البرلمان مسودة أمر يطلب تعديل قانون مكافحة الإرهاب لعام 2000 لإدراج منظمة "فلسطين أكشن" كمنظمة محظورة. واتُّخذت هذه الخطوة لحظر المنظمة بعد أن تسببت في أضرار تُقدّر بنحو 7 ملايين جنيه إسترليني لطائرات في قاعدة بريز نورتون الجوية الملكية الشهر الماضي، في تحرك اعترفت منظمة "فلسطين أكشن" بمسؤوليتها عنه.
وتُعد "فلسطين أكشن" شبكة احتجاج بريطانية مؤيدة للفلسطينيين، وتستخدم تكتيكات العمل المباشر لإغلاق وتعطيل تجار الأسلحة متعددي الجنسيات. وتستهدف المجموعة مصانع الأسلحة الموجودة في المملكة المتحدة والتي تزود الضربات الجوية التي تشنها إسرائيل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وأهدافها الرئيسية هي مصانع المملكة المتحدة لشركة "إلبيت" الإسرائيلية لصناعة الأسلحة.
واستخدمت منظمة "فلسطين أكشن" في حملاتها الاحتجاج، واحتلال المباني، وما أطلق عليه "التخريب الجنائي" المزعوم، وتدمير الممتلكات، مما أدى في بعض الأحيان إلى اعتقال أعضائها. كما أسهمت المنظمة في إغلاق عدد من مصانع شركة "إلبيت"، التي تُعد من أكبر المصدرين للطائرات المسيّرة المستخدمة في حملات الإبادة الجماعية في غزة، مما أدى إلى تعطيل عمل هذه المصانع وإخراجها من الخدمة.
تأسست حركة "فلسطين أكشن" في 30 تموز 2020 عندما اقتحم ناشطون مقر شركة (إلبيت سيستمز) في لندن، وقاموا برش الطلاء على الجزء الداخلي منه.
المؤسسان المشاركان للمنظمة هما هدى عموري، وهي بريطانية من أصل فلسطيني، وريتشارد برنارد، وهو ناشط بريطاني يساري منذ فترة طويلة.
وصرّح رضا حسين كيه سي، محامي الناشطة البريطانية هدى عموري، للصحافة بأن: "حظر المحكمة للمنظمة تصرف غير مدروس، وإساءة استخدام استبدادي للسلطة". وقال: "هذه هي المرة الأولى في تاريخنا التي يُطلب فيها حظر منظمة عصيان مدني مباشر، لا تدعو إلى العنف، باعتبارها إرهابية".
وفي حكمٍ مكون من 26 صفحة، قال القاضي تشامبرلين إن بعض العواقب التي تخشى منها السيدة عموري وآخرون ممن أدلوا بشهاداتهم كانت "مبالغاً فيها". كما رفضت المحكمة تعليق سريان الحظر ريثما تُبت المحكمة العليا في طلبٍ بهذا الشأن.
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية، إيفيت كوبر، قد أعلنت في 23 حزيران الماضي عن خطط لحظر منظمة "فلسطين أكشن"، قائلةً إن تخريب الطائرتين "مخزٍ"، وإن للمنظمة "تاريخاً طويلاً من التخريب الجنائي غير المقبول". وقال القاضي تشامبرلين إن تقييماً بشأن حظر المنظمة قد أُجري في آذار، وأنه "سبق" حادثة قاعدة بريز نورتون الجوية الملكية. ووُجّهت اتهامات لأربعة أشخاص على صلة بالحادثة.
من جهته، أفاد وزير الأمن البريطاني دان غارفيس أمام البرلمان، للدفاع عن المسار الذي اختارته حكومة حزب العمال في التعامل مع الحركة الاحتجاجية، بعد اقتحام عدد من نشطائها قبل أيام قاعدة "بريز نورتون" وإلقائهم طلاءً أحمر على طائرات عسكرية، في سلوك احتجاجي وصفه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بأنه "عمل تخريبي مشين".
وألقت الشرطة البريطانية القبض على أكثر من 20 شخصاً للاشتباه في ارتكابهم جرائم تتعلق بالإرهاب، بعد أن أظهروا دعمهم لحركة "فلسطين أكشن" المحظورة حديثاً في لندن، وذلك بعد ساعات من دخول الحظر حيّز التنفيذ.
كانت الحكومة البريطانية قد تحرّكت لحظر الحركة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، الشهر الماضي، بعد أن اقتحم نشطاؤها قاعدة لسلاح الجو الملكي، وألحقوا أضراراً بطائرتين؛ احتجاجاً على ما قالت الحركة إنه "دعم بريطانيا لإسرائيل".
وفي وقت متأخر من يوم الجمعة، 4 تموز 2025، خسرت الحركة طعناً عاجلاً على قرار البرلمان حظرها بوصفها "منظمةً إرهابيةً"، ودخل الحظر حيّز التنفيذ فجر يوم السبت 5 تموز. وبموجب القوانين البريطانية، تُعدّ الدعوة إلى دعم جماعة محظورة أو التعبير عن تأييدها أو عرض رموزها من الجرائم التي يُعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 14 سنة، أو غرامة مالية، أو كلتا العقوبتين.
وتجمّع مؤيدون، السبت، في ساحة البرلمان البريطاني في ميدان وستمنستر، وحمل بعضهم لافتات كُتب عليها: "أنا أعارض الإبادة الجماعية. أنا أدعم (فلسطين أكشن)". وأظهرت لقطات بثتها فضائيات بريطانية اقتياد بعضهم مكبلين بالأصفاد من أمام تمثال لبطل الاستقلال الهندي المهاتما غاندي، في الساحة، خلال هتافهم بدعم الحركة، بينهم امرأة، قس متقاعد، عمرها 83 سنة. ونظّم نحو 25 شخصاً وقفة احتجاجية أمام مبنى البرلمان البريطاني.
ويتهم خبراء من الأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب "أعمال إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين في الصراع في غزة، الذي بدأ بعد أن هاجمت حركة "حماس" جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول 2023. ودأبت إسرائيل على نفي هذه الاتهامات.
وقالت شرطة العاصمة لندن "اسكوتلند يارد" في بيان، إنها فرضت إجراءات أمنية مشددة وسط المدينة بسبب فعاليات ستجري اليوم في الهواء الطلق بمواقع مختلفة. وأشارت إلى أن "فلسطين أكشن" تعتبر منظمة محظورة، وأن المشاركين في الاحتجاج تعرضوا للتوقيف.
وقد جابت مسيرة شوارع شمال لندن في الدائرة الانتخابية لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي يتهمه المتظاهرون بدعم إسرائيل عبر مواصلة توريد السلاح لها. ووجه المتظاهرون رسالة غضب إلى حكومة ستارمر، وقالوا إن: "ما ورّدته بريطانيا من سلاح إلى إسرائيل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة يتجاوز ما وردته الحكومة السابقة المحافظة خلال ثلاث سنوات".
وفي أول رد رسمي، أصدرت "فلسطين أكشن"، اليوم الأحد 6 تموز 2025، بياناً مطولاً قالت فيه إن الحظر الذي بدأ سريانه "لن يمنع العمل المباشر من أجل فلسطين"، مضيفة أن "المقاومة ستستمر، رغم محاولات إسكات الأصوات المناهضة لصناعة الأسلحة وداعميها".
وأكدت المنظمة أنها أجبرت ثلاثة مصانع أسلحة إسرائيلية على الإغلاق خلال خمس سنوات، وأثرت على علاقات أكثر من 12 شركة مع "إلبيت سيستمز"، ما اعتبرته "نجاحاً في بناء حركة عالمية مؤثرة نصرة للقضية الفلسطينية".
وأضاف البيان أن الحظر "رد فعل على فعالية الحركة، ويكشف خضوع الحكومة البريطانية لضغوط اللوبي المؤيد لإسرائيل"، مشيرة إلى أن "المقاومة المدنية والعصيان المدني" سيستمران، مع تحذير من مخاطر قانونية على أي بريطاني يتفاعل مع منشوراتها على وسائل التواصل.
ورغم سحب صفحاتها الإلكترونية، دعت المنظمة داعميها إلى مواصلة النضال بشكل مستقل عبر منصات أخرى، مشددة على أن "الحركة ليست مجرد اسم بل فكرة لا يمكن حظرها". وأثار قرار الحظر ردود فعل غاضبة في أوساط النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وسط دعوات إلى التصدي لما اعتُبر انتهاكًا لحرية التعبير والعمل المدني في المملكة المتحدة.
وكان مهرجان غلاستونبري 2025، أحد أبرز الفعاليات الموسيقية الصيفية في المملكة المتحدة، قد أثار جدلاً واسعاً بعد أن تحوّلت بعض عروضه إلى منبر لهتافات سياسية أطلقها الجمهور، عبّرت عن التضامن مع القضية الفلسطينية ورفض الجيش الإسرائيلي.
وبرز ذلك بشكل خاص خلال فقرات غنائية لفرقتي الراب المعروفتين "بوب فايلان" و"نيكاب".
وخلال عرض فرقة "بوب فايلان" الإنجليزية، ردد الآلاف من الحاضرين، مع المغني إيلان، هتافات من أبرزها: "الموت للجيش الإسرائيلي" و"حرروا فلسطين"، في أداء بثته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مباشرة عبر منصتها الرقمية "آي بلاير"، مما أثار انتقادات شديدة من سياسيين وإعلاميين بريطانيين اتهموا الشبكة بالسماح ببث رسائل سياسية مثيرة للانقسام على الهواء.
وجاء العرض قبل صعود فرقة الراب الأيرلندية "نيكاب" التي كانت محور جدل سياسي واسع قبيل المهرجان، خاصة بعد إعلان "بي بي سي" الامتناع عن بث عرضها المباشر تجنباً، وفق صحيفة الغارديان الإنجليزية، "للانحياز السياسي" أو المشاعر المؤيدة لفلسطين التي اتسمت بها عروض الفرقة سابقاً. وقد وجّهت فرقة "نيكاب" خلال عرضها هتافات معادية لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي كان قد صرّح في وقت سابق بأن مشاركتهم في المهرجان "غير مناسبة".
وضمن حملات التأييد لفلسطين، انطلقت، اليوم الأحد 6 تموز، نسخة جديدة من فعالية "تشوبيناثو" الشهيرة والمثيرة للجدل في مدينة بامبلونا الواقعة شمال إسبانيا، وذلك في ظل أجواء سياسية غير معتادة. فقد جرى اختيار نشطاء مؤيدين للقضية الفلسطينية لافتتاح مهرجان "سان فيرمين" الذي يستمر تسعة أيام.
وفي السياق ذاته، ستكون اللغة العربية ضيفة الشرف في مهرجان أفينيون المسرحي الفرنسي الدولي في نسخته الـ79، التي انطلقت مساء أمس السبت في هذه المدينة الواقعة جنوب فرنسا. وترافَق انطلاق المهرجان الدولي برسالة "تضامن مع الشعب الفلسطيني" وقّعها 26 من الفنانين المشاركين ومدير المهرجان تياغو رودريغيز.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً