رووداو – السليمانية
آراس برادوستي
تناولت صفحة الصحة في جريدة (رووداو) الاسبوعية هذه المرة مادة غذائية أخرى، يعتبر البعض أنه لا غنى عنها ويتناولونها في كل الوجبات، لكنهم لا يعرفون أن هذا الطعام الأبيض يكون سماً إذا لم يتم إعداده بالطريقة الصحيحة.
إنه ليس حلو المذاق ولا مليئاً بالسكر، وهو سم قاتل وليس مراً، لونه أبيض لكنه ليس نظيفاً، إنه الصديق القديم للإنسان، وليس الدقيق وحده بل جميع ما يصنع منه منتشر ومألوف وأهم هذه المنتجات هو الخبز.
زرت إحدى مطاحن السليمانية، حيث يبتاعون القمح من المزارعين وينقلونه إلى هناك، وكانت هناك شاحنات كبيرة ملأى بالقمح مستعدة لإفراغ أحمالها، نبهتني طريقة تفريغ الأحمال إلى نوعيتها ومكوناتها، فقد كان القمح يُصب على مرأى منا.
كانت آلات المطحنة تتلقفه على الجانب الآخر وتلتهمه بطونها. القمح يمر عبر تلك الآلات بعملية معقدة، وكان رفقتي هناك مهندس أغذية يعمل مع زملائه على مراقبة منتجات السوق.
يقول رئيس لجنة الرقابة الصحية في محافظة السليمانية، لشكر حميد، إنهم يراقبون المطاحن بدقة، لكن نوعية القمح المحلي لم تكن تروق له، وهو يرى أن هذا يتسبب في انخفاض نوعية الدقيق الناتج.
بعد اجتياز عملية الطحن وإنتاج الدقيق، يتم تحميل الدقيق في شاحنات، تم ملء الشاحنات بأكياس الدقيق المحلي ليوزع على وكلاء المواد الغذائية الذين يوزعونه بدورهم على المواطنين.
عرفت أن الدقيق المحلي يوزع على المواطنين لكن قلة منهم تستخدمه، فالغالبية تبيع الدقيق وتشتري الدقيق المستورد، أو تخلط الاثنين معاً، أو تستخدم المحلي علفاً للماشية، وتعتمد في الغالب على الدقيق المستورد. هذه المسألة قادتني إلى سوق (كاني آسكان) في السليمانية الذي يقصده سكان المدينة لشراء الدقيق.
أخبرني العم حسين، الذي يعمل منذ زمن في مجال بيع وشراء الدقيق بأن الدقيق المحلي يوزع على وكلاء توزيع المواد الغذائية، الذين يوزعونه بدورهم على المواطنين "لكن نوعيته رديئة جداً، وغير صالح ولا يستخدمه أحد".
وحسب خبرة العم حسين، لا يمكن خبز هذا الدقيق، بل يستخدم كعلف، يوزع على البشر ويستخدم للحيوان، لا بد أن هناك أمراً ما. سوق كاني آسكان في السليمانية مليء بالدقيق، الدقيق المستورد الذي ينتج بعيداً عن أنظار الرقابة الصحية في كوردستان يأتي إلى هنا.
تصف منظمة الصحة العالمية الدقيق بأنه أحد السموم البيضاء الثلاثة التي تعتبر ألد أعداء الصحة البشرية، وحسب استطلاع أجرته صفحة (رووداو الصحية) شارك فيه 675 شخصاً، فإن 55% من سكان كوردستان يخبزون بأنفسهم، و45% فقط يبتاعون الخبز من السوق.
من الأفضل أن لا يُغربل الدقيق وتبقى نخالته معه، لأن أغلب الألياف الغذائية والفيتامينات والمعادن موجود في قشور الحبوب، وليس في لبها الأبيض، لكن ولكي يكون الخبز أكثر بياضاً يعمد الخبازون إلى نخل الدقيق بأدق المناخل ولا يتركون للنخالة فيه أثراً.
ويحذر الخبراء من أن الدقيق الأبيض (الذي يعرف بالصفر)، وإضافة إلى نزع قشرته، تضاف إليه مواد قاصرة تزيده بياضاً، وتبين أن تلك المواد مسرطنة.
ويتسبب الدقيق الصفر، مثل الحلويات، في رفع نسبة السكر في الدم، ويسهل السمنة، بينما الدقيق الأسمر وإضافة إلى فوائده، يجري هضمه ببطء بسبب وجود الألياف التي ظهر أنها تمنع ارتفاع نسب الدهون والسكر في الدم.
وينصح الخبراء، الأشخاص الذين يخبزون بتقليل كمية الملح المضافة إلى العجين، لأن الشخص بحاجة إلى 3-4 غرامات من الملح فقط (1.5-2.3 غرام من الصوديوم) في اليوم الواحد، وهذه الكمية تعادل ملعقة من الملح، وفي حال كون الشخص يعاني مرضاً مزمناً فعليه أن يتناول كمية أقل من الملح.
هل يجب علينا ترك تناول الخبز؟
تقول خبيرة التغذية، د. جوان صابر، إنها وزوجها يتناولان الخبز، ولا تعتبر ترك تناول الخبز حركة ذكية لتخفيف الوزن أو للسيطرة على نسبة السكر في الدم. حيث تقول إن بعض الأشخاص لا يأكلون الخبز لكنهم يأكلون كميات أكبر من البرغل في حين أن كوباً من البرغل يولد 300 سعرة، أو يتجنبون تناول الخبز مع اللبن لكنهم يجوعون مجدداً بعد ساعة ويتناولون وجبة إضافية قد تزودهم بسعرات أكثر مما يحصلون عليها من الخبز.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً