قراءة في الاستفتاء على التغيير في الدستور التركي ومدلولاتها المستقبلية للكورد

07-05-2017
د.عثمان علي
A+ A-

تمت في 16 نيسان 2017 في تركيا الاستفتاء على التغيير المقترح من قبل حزب العدالة والتنمية على 12مادة من الدستور التركي لعام 1982 . فنجاح الاستفتاء كما وصفه الرئيس اردوغان هو "تاريخي" وسيكون لها مآلات تاريخية ومستقبلية على طبيعة نظام الحكم والمجتمع التركي.وكما ستكون لها انعكاسات مهمة على القضية الكردية والعلاقة مع أقليم كردستان وهذان شيئًان لا مناص منهما.هذه الدراسة محاولة  لفهم الطريقة التي صوتت فيها الناخب من ذوي الأصول الكردية في هذا الاستفتاء الدستوري وماذا ستكون قراءة السيد رجب طيب اردوغان والحكومة التركية من الموقف الذي اتخذه الناخب الكردي في هذا الاستفتاء؟. وهل سيساهم نتائج الاستفتاء على احياء العلمية السلمية للمسألة الكوردية التي بدأها حزب العدالة وتمت تجميدها في حزيران 2015 ؟ ام ستكون نتائج الاستفتاء مبعثا للمضي في فرض الحل الامني لاضعاف ب ك ك وتهميش حزب الشعوب الديمقراطية؟ .نحاول  في هذا المقال اولا تحليل الاحداث التي رافقت الاستفتاء وتأثيرها على الوضع الداخلي التركي وعلاقات التركية الخارجية.ثم نقوم ببيان الطريقة التي صوت فيها الناخب الكوردي في الاستفتاء. و نقوم بتحليلها على ضوء البيانات الرسمية وتبيان ابعادها المستقبلية.

علما ان نسبة الأصوات الكردية، تتراوح ما بين 18 الى 20 بالمئة من مجموع الأصوات (55.4 مليون  ناخب تقريبًا)، وهذا يعني أن هناك ما لا يقل عن عشرة ملايين صوت على أضعف تقدير، وهو رقم لا يستهان به في استفتاء يكفي النصف زائد واحد للفوز به.علما ان الاصوات الكوردية في الاستفتاء الاخير، كانت بمثابة بيضة القبان حقًا التي حسمت المسألة لصالح جبهة "نعم " في الاستفتاء  .

فقد أعلنت وكالة الأناضول للأنباء أن نسبة تأييد التعديل الدستوري بلغت 51.4% ونسبة الرفض 48.6% بعد فرز كامل صناديق الاقتراع. حيث وافق 25 مليوناً و154 ألفاً و257 ناخباً على التعديل، وصوت ضده 23 مليوناً و775 ألفاً و294 ناخباً، بفارق مليون و378 ألفاً و963 صوتاً.

لكن التعديل الحالي يتضمن تغيير نظام الحكم فيها من برلماني إلى رئاسي، وهو تغيير جذري لا بد أن تكون له انعكاساته على مساراتها المستقبلية.

حدث بهذا الحجم سيلقي بظلاله على الكثير من الملفات، من الاقتصاد إلى الأمن، ومن السياسة الداخلية إلى السياسة الخارجية، ومن عمل الحكومة إلى العلاقة بين الرئيس والبرلمان، ومن أداء المعارضة إلى ثقل الأحزاب السياسية المختلفة في المعادلة الداخلية. وقد بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء داخل تركيا 85.46% وهي نسبة مرتفعة ومتوقعة في آنٍ معاً، إضافة إلى نسبة 46.95% لمشاركة أتراك الخارج، وهو رقم قياسي على صعيده.

تاثيرالدستور الجديد على مستقبل تركيا

يعتقد دعاة الرفض للدستور الجديد بانه يمهد للدكتاتورية ويقوض التجربة الديمقراطية ولكن هناك قراءة اخرى للبنود12 التي ستطرأ الجديد والتي تذهب الى القول بأن التغييرات المقترحة هي تغييرات ايجابية واكثر ديمقراطية.

ففي مجال القضاء مثلا ،سيسمح للرئيس بتعيين أربعة أعضاء في المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، وهي أعلى هيئة قانونية في تركيا مسؤولة عن الإشراف على النظام القضائي. هذا العدد في الواقع هو نفس العدد الذي كان يعينه الرئيس قبل التغييرات. وعلى الرغم من تخفيض عدد أعضاء المجلس، فإن هذا لا يعني تقليل صلاحياته، بل سيكون هيئة أكثر ديمقراطية، حيث إن البرلمان هو من سيعين الأعضاء المتبقين وليس محكمة النقض غير المنتخبة.ولن يتغير مجموع أعضاء المحكمة الدستورية وتكوينها، وكل ما سيفعله الدستور الجديد هو إلغاء محكمتين عسكريتين موجودتين في الدستور الذي وضعه الجيش عام 1982، وبالتالي  سيتم وضع القضاء تحت السيطرة المدنية الكاملة لأول مرة في تاريخ تركيا.

اما بصدد صلاحيات الجديدة لرئيس الجمهورية والتي  تبدي اطراف داخلية وخارجية قلقا بالغا منها فهي ايضا في غير محله. صحيح أن الرئيس سوف يكون له حق اصدار المراسيم  ، لكن هذا محدود  ومحصور بمجالات تتعلق بالسلطة التنفيذية مثل، تنظيم مجلس الأمن القومي، وتحديد المبادئ التوجيهية لتعيينات الإدارة العليا. ويحق للبرلمان التركي أن يشرع قانونا يلغي ويبطل المرسوم الرئاسي ، أضف الى ذالك  تخضع المراسيم الرئاسية لإشراف البرلمان والمحكمة الدستورية.

رغم انه جرت في تركيا في السابق 8 استفتاءات  تخص الدستور ، بيد أن هذا الاستفتاء تميز بخاصيتين عما سبقه من استفتاءات فضلاً عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهما أهميته الاستثنائية بسبب تغييره لنظام الحكم في البلاد، وحالة الاستقطاب وحدة الخطاب خلال الحملة الانتخابية في الداخل مع المعارضة وفي الخارج مع الاتحاد الأوروبي، والتي فعّلت سؤال الهوية وشعور الاستهداف والمشاعر الأيديولوجية و/أو القومية.يمكن اعتبار النتيجة إنجازاً لرجب طيب أردوغان والعدالة والتنمية وفوزاً جديداً يضاف لسجلهما الانتخابي، لا سيما أنه يرتبط بقرار مصيري  وتاريخي يغير نظام الحكم في تركيا (والشعوب تميل لرفض التغيير)، ولعل ذلك ما قصده أردوغان في كلمته حين قال إنها "المرة الأولى في تاريخ تركيا التي يتغير فيها النظام بإرادة مدنية شعبية"، عبر صناديق الاقتراع وليس بالانقلابات.   

بيد أن الفارق البسيط بين نسبتيْ التأييد والرفض يحمل دلالة لا تقل أهمية عن معنى الفوز بالاستفتاء على تعديل دستوري ونظام رئاسي كانا يحتاجان لتوافق مجتمعي وسياسي أوسع. وهي رسالة عتب أو غضب أو تحفّظ، تذكر بتراجع نسبة التصويت له في انتخابات يونيو/حزيران 2015 البرلمانية حين فقد أغلبيته البرلمانية بعدما جعل التحول للنظام الرئاسي شعار حملته الانتخابية .  ان احدى دلالات نتائج الاستفتاء هي بيان ان شريحة  من الطبقة المتوسطة من النخبة المثقفة ذات الثقافة الليبرالية  لا تشعر بالامان وهناك خوف من ان يؤدي التغيير في الدستور الى تحول الحكم في تركيا من الديمقرطية الى نظام تعتمد الشعبوية والتعبوية الشمولية من الناحية الايدلوجية . ويبدو ان خوف الطبقة المثقفة لها ما يبرره . لان  هذا ما حدث في ايران بعد الثورة الاسلامية والتي أدت الى فقدان  الطبقة المتوسطة من النخبة المثقفة .وبهذا ستفقد البلد مخزونا ورصيدا استراتيجيا التي تحتاجه ليست فقط لخطط التنمية بل لتحقيق نوع من السلم الاهلي والحفاظ على هوية من حيث كونها نظام ديمقراطي مدني تقبل التعددية الفكرية والحزبية و التعددية الاجتماعية. وهذا الميزة الجيدة التي تنفرد بها تركيا في العلم الاسلامي.

هناك احتمال ان تقوم بعض خصوم اردوغان من القوى الخارجية على استغلال القطبية التي اظهرتها نتيحة الاستفتاء من خلال الطعن بالنتائج وخلق حالة من الفوضى من خلال تحريك قوى الرافصة وقوى مجتمح المدني وحتي الجيش لاضعاف تركيا . حيث توقع اموندا سلوات الباحث في  معهد فورن بوليسي ان يشهد تركيا وعلى المدى القريب، احتجاجات الشوارع في اسطنبول وفي أماكن أخرى عبر بلد منقسمة بشدة. وعلى المدى المتوسط، تثير النتيجة الضيقة تساؤلات حول ما إذا كان يمكن للمعارضين أن يتحدوا إلى مقاومة ذات مغزى   .

وقد عكست ايشان ثارور(    (Ishaan Tharoor الكاتب البارز في صحيفة واشنطن بوست  عن مخاوف وتصورات معارضي  اردوغان قائلا "تركيا على وشك أن تصبح أكثر انقساما من أي وقت مضى. فالأغلبية الأكثر صوتا ، حسب رأي المعارضة وضعت صلاحيات السلطة التشريعية والسلطة القضائية في شخص واحد، وتبقي أردوغان في منصبه لمدة عقد آخر على الأقل. وتساءل الكثيرون في معسكر "لا" عن شرعية التصويت حالما أعلنت الحكومة فوزها، والمعارضة تعترض بالفعل نتائج الاستفتاء. وقد صرح رئيس حزب الشعب الجمهوري بوجود خروقات كبيرة من قبل المؤسسة العليا للاشراف على الانتخابات. وهذا من شأنه أن يضر بما فيه الكفاية بالنسيج السياسي والاجتماعي للبلد الذي تتمتع مؤسساته بصحة جيدة، ولكن في تركيا - حيث حطمت الحكومة استقلال القضاء وأزاحت البيروقراطية - لديها القدرة على إنتاج تمزق كامل ونهائي بين أولئك الذين يدعمون شرعية الحكومة وأولئك الذين لا يفعلون ذلك. ..وهناك قائد مسؤول يفعل كل شيء لخفض النيران، ويضيف  ولكن سجل اردوغان سجل يوحي بأن هناك استجابة مختلفة ستأتي قريبا.وبصرف النظر عن فترة وجيزة عندما كانت استدامة حزب العدالة والتنمية غير واضحة، قضى أردوغان حياته السياسية بأكملها تعزيز الانقسامات التي يمكن استخدامها لصالحه. وفقدان اسطنبول وأنقرة سوف يقنعه فقط بأنه يجب أن يكون أكثر يقظة في بحثه عن اعداء لتدميرهم،  وسيظن اردوغان بأن التصويت كان قريبا جدا لأن الإرهابيين الغولينيين والكورد، المتعاطفين مع وسائل الإعلام، وأنصارهم الأجانب لم يقمعوا بما فيه الكفاية.  تكن كافية بما فيه الكفاية من تركيا.... وسوف يصور أردوغان أي شخص لا يؤيد النظام الرئاسي الجديد الذي صوت عليه الشعب التركي كعدو لتركيا الذي يخدم سادة خائنين  .


حذرت زيا ميرال، زميلة في مركز التحليل التاريخي وبحوث النزاعات في بريطانيا، من عدم اليقين:

وقال راجيب سويلو مراسل واشنطن لصحيفة الصباح التركية المؤيدة لاردوغان ان تصويت "نعم" كان رد فعل على سنوات من الاضطرابات التي شملت استئناف التمرد الكردي العنيف وموجة من الهجمات الارهابية التي تشنها الدولة الاسلامية. محاولة الانقلاب الفاشلة في العام: 

"أعتقد أن وسائل الإعلام الدولية ركزت أكثر على شخصية أردوغان وأقل على الاستقطاب الاجتماعي، وما الذي مرت به الشعوب التركية على مدى السنوات الأربع الماضية. وبالنظر إلى كل هذه المشاكل والأزمات والمصاعب، اختارت غالبية الناخبين الاستقرار، ونظام يوفر مزيدا من السيطرة والسلطات للحكومة التركية التي يمكن أن تكون مؤثرة لمنع المزيد من النكسات. كما يخلق النظام الجديد رئاسة أقوى يمكن أن تتصرف بسرعة ضد الأزمة ".


تركيا والاتحاد الاوروبي :

يبدو ان نتائج الاستفتاء ستكون لها تبعات مهمة على سياسة تركيا الخارجية بصورة عامة والعلاقة مع الغرب بصورة خاصة.

ويحلل شاكر الخطاب ، المحلل السياسي في الشؤون الاوروبية  ، نتيجة الاستفتاء  والموقف الاوربي منها بالقول "تعبير عن الحذر مما كان متوقعا"، ويوضح قائلا: "الأوروبيون يريدون القول بأننا تلقينا النتائج وليس لدينا تشكيك جوهري فيها، لكننا ننظر بقلق إلى الأجواء الناتجة عنها أو أننا سوف نتابع ما سيترتب عليها".ويضيف شاكر: "أوروبا الآن لا تريد القول بأن الاستفتاء غير شرعي، ولكن في المقابل هي غير مرتاحة لمجمل الاستفتاء ونتيجته، وتتبع حاليا سياسية الإمساك بالعصا من المنتصف، لأنها تدرك في النهاية أنها معنية بشراكة بدرجة ما مع تركيا". 

وذكرالتقرير الصادر من منظمة مجلس الامن الاوربي التي بعثت لجنة لمراقبة الانتخابات " لم تجري الاستفتاء على مستوى نستطيع القول بان الفرص كانت متساوية للحكومة وللمعارضة في تبيان الامور الاساسية المطروحة . فالاعلام لم تعطي المعارضة الفرص المتكافئة لتبيان وجهة نظرها وكانت هناك تغطية احادية الجانب. وأن حالة الطواريء في البلاد والقيود المفروضة على الحريات الاساسية كانت لها تأثير سلبي" واضافت التقرير " في يوم الاستفتاء لم تكن هناك مشاكل كبيرة ولكن نأسف فقط لعدم وجود مراقبي منظمات المجتمع المدني في مراكز الاقتراع. وبشكل عام لم ترتقي الاستفتاء الى مستوى المعايير المقبولة في مجلس الامن الاوربي.كان الاطار القانوني غير كاف لاجراء عملية ديمقراطية حقيقية"  .

وأعرب بعض المراقبين عن أملهم في أن ينتهي الازمة بين أردوغان وأوروبا بعد إجراء استفتاء ناجح. ومع ذلك، فإنه قد يشير إلى بداية التحول الدائم في منظور تركيا. وخلال الحملة قال اردوغان ان عضوية تركيا فى الاتحاد الاوروبى ستكون "على الطاولة" بعد الانتخابات. وفى خطابه للانتصار يوم الاحد، كرر تعهد حملته باعادة عقوبة الاعدام، وعرض اجراء استفتاء اذا لم يؤيد البرلمان خططه. (ألغت تركيا عقوبة الإعدام في عام 2004 كجزء من محاولة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي)  ويعتقد اموندا سلوات بأن ردود الفعل من القادة في جميع أنحاء أوروبا حول خروقات في الاستفتاء كانت ضعيفة، مشيرا إلى الانقسامات العميقة داخل البلاد. واعربت كل من المانيا وفرنسا عن قلقهما ازاء احتمال حدوث مخالفات فى الانتخابات ودعت اردوغان الى الدخول فى حوار مع المعارضة. كما حذروا من ان اعادة عقوبة الاعدام من شأنها انهاء مفاوضات الاتحاد الاوروبى. ويضيف سلوات "إذا استسلمت تركيا (أو خسرت) محاولتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فمن المرجح أن يبقى أمران على طاولة المفاوضات. الأول هو أزمة اللاجئين، مع وجود زعماء الاتحاد الأوروبي لديهم مصلحة في الحفاظ على الترتيبات التي تم التفاوض عليها في الصيف الماضي لوقف التدفقات. وفي حالة انقضاء محادثات الانضمام، يمكن لتركيا والاتحاد الأوروبي إجراء مفاوضات بشأن المعاملات بشأن المصالح المشتركة الأخرى، مثل الإرهاب. والثاني اقتصادي. ويمكن للجانبين الاستغناء عن مناقشات غير سارة حول سيادة القانون والتركيز بدلا من ذلك على تعزيز اتحادهما الجمركي، وربما التفاوض بشأن اتفاق للتجارة الحرة .

ويتابع الخبير شاكر: "أوروبا تحذر من أن تسقط تركيا في قبضة حلفاء آخرين كأن تقترب أكثر من الشرق الإسلامي أو روسيا على حسابها، والانتقادات التي تصدر عنها لا تعني أنها ترغب بالتضحية بعلاقتها مع تركيا وبالقيمة الإستراتيجية لها".   ولكن كان هناك نوع من القبول بالواقع في لهجة ميركل ،المستشارة الالمانية  أكّدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ووزير خارجيتها زيغمار غابرييل، اليوم الاثنين، احترامهما قرار الشعب التركي في الاستفتاء الذي شهدته البلاد أمس.جاء ذلك في بيان مشترك صدر عن ميركيل وغابرييل، أكدا فيه أن "الحكومة الألمانية تحترم حق المواطنين الأتراك في اتخاذ القرار لتحديد نظامهم الدستوري".ورأى البيان أن نتائج الاستفتاء "تلقي بمسؤوليات كبيرة على عاتق الدولة التركية ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان شخصيًا ". ورد الرئيس اردوغان بشدة على الانتقادات الموجهة للاستفتاء وقال ان تقريرالاتحاد الاوروبي مسيس وغير موضوعي لأن الاتحاد الاوربي وقفت منذ البداية مع المعارضة التركية وايدت جبهة الرفض . وأضاف اردوغان " كف التدخل بالشؤون الداخلية التركية واعرفوا مكانكم".في لقاء له مع ت ر ت الخبر الحكومية  في 17 نيسان صرح يلماز يوجين ، الاستاذ في العلاقات الدولية في جامعة استنبول عن رأي مماثل  ، " ان هذا الجيل التركي غير جيل السبعينات والثمانينات حتى يتلهف لما يقوله  الصحافة الغربية عن الشؤون الدخلية.


 وقد كان للرئيس الامريكي موقف اكثر ايجابية فهاتف دونالد ترمب الرئيس التركي وهنئه بالانتصار الذي حققه .

وعن شكل السلوك الأوروبي حاليا ومستقبلا مع نتيجة الاستفتاء على التعديلات، يرى بعض المحللون أن الأوروبيين يراهنون على "أولا مراقبة السلوك التركي بعد هذه النتيجة، وثانيا الاعتراف ضمنا بالأمر الواقع الذي كرسه الاستفتاء، وثالثا التركيز على اعتبار أن الشعب التركي لم يصوت لصالح التعديلات بل اعتبار أن هناك انقساما في تركيا حول هذه النتيجة".

وعن تفسيره لتركيز الأوروبيين في خطابهم على مسألة "الانقسام في المجتمع التركي" في حين أن النسبة التي حصلت عليها التعديلات الدستورية تشبه النسب في محطات انتخابية مختلفة حول العالم، يرى شاكر أن موضوع قيم التنافس الديمقراطي غالبا ما تأتي في سياقات انتقائية وشعاراتية، فـ"عندنا مثال حاضر في السنة الماضية عندما صوت البريطانيون على الخروج من الاتحاد الأوروبي بنسبة قريبة جدا من نسبة الاستفتاء التركي، ورغم وجود كثير من التشنج والمعلومات المغلوطة والتضليل لقطاعات من الناس بشأن مبررات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم يشكك أحد في عملية التصويت بلذاتها". 

ولكن توقع اموندا سلوات في  معهد فورن بوليسي ان يشهد تركيا وعلى المدى القريب، احتجاجات الشوارع في اسطنبول وفي أماكن أخرى عبر بلد منقسمة بشدة. وعلى المدى المتوسط، تثير النتيجة الضيقة تساؤلات حول ما إذا كان يمكن للمعارضين أن يتحدوا إلى مقاومة ذات مغزى  .

ويذهب شاكر إلى أبعد من ذلك، إذ يرى أن ثمة رسالة تحذير يريد الأوروبيون إيصالها للرئيس أردوغان بالتركيز على قضية الانقسام في المجتمع مفادها أنه "انتبه يا أردوغان فليس كل الشعب معك"، متابعا: "حتى لو كانت النتيجة في الاستفتاء كاسحة كانت ستقدّم حججا أخرى كأن يقال إنه أجري في مناخ شعبوي". 

ويخلص الخبير في الشؤون الأوروبية إلى أنه أصبح من الواضح أن أوروبا غير مرتاحة الآن لنتيجة هذا الاستفتاء وفي هذا التوقيت تحديدا "فهي لا تريد عمليا قيادة قوية في تركيا وقد اعتادت على حكومات تركية ضعيفة ومفككة مع استقرار داخلي، والآن جاءتها قيادة ترسم هواجس في مخيلتها حول تركيا قوية تتصرف بشكل مستقل في العالم".  

علما  أن مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد عالقة منذ زمن طويل وتتضاءل يوما بعد يوم، والكل يدرك ذلك لكنهم لا يريدون إغلاق الباب بشكل كامل، إضافة إلى أنه تطرح أفكار الآن عن واقعية استمرار الاتحاد الأوروبي بشكله الحالي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.

اما العلاقة مع ولايات المتحدة فمن المتوقع ان تشهد تحسنا في ظل المكالمة الهاتفية التي بادر بها والتي هنأ فيها اردوغان على انتصاره في الاستفتاء. ولا تزال هناك قضيتان شائكتان فى قلب العلاقات الامريكية التركية. الأول هو تسليم فتح الله غولن، رجل الدين المسلم الذي يقيم في ولاية بنسلفانيا ويتهمه أردوغان بمحاولة الانقلاب في الصيف الماضي. وقبل يوم من الاستفتاء، بدأ المدعي العام التركي تحقيقات في 17 شخصا متهمين بتثبيط الانقلاب، بمن فيهم رئيس المخابرات المركزية السابق جون برينان، والسيناتور تشاك شومر، ومحامي المنطقة السابق بريت بهارارا. في غياب أدلة قانونية مقنعة (ومستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين، الذي كان على رواتب الحكومة التركية وتعاطف مع مخاوفها)، يبدو أن عودة غولن إلى تركيا غير محتملة.

المسألة الثانية هي الخلاف حول القوى التي يجب أن تقود التهمة ضد الدولة الإسلامية في الرقة، سوريا. في حين أن البنتاغون يرغب في استخدام المقاتلين الأكراد السوريين - وحدات حماية الشعب، أو وحدات حماية الشعب - ترى أنقرة أن وحدات حماية الشعب هي مرادفة لحزب العمال الكردستاني، أو حزب العمال الكردستاني (منظمة إرهابية محددة تشارك في معركة استمرت عقود مع الحكومة التركية) ويدعو المقاتلين السوريين العرب بدلا من ذلك. ولم يحرز وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون اي تقدم خلال زيارته المفاجئة الى انقرة قبل اسبوعين من اجراء الاستفتاء، في حين اثار وزير الدفاع التركي القضية مع وزير الدفاع جيمس ماتيس الاسبوع الماضي. يبدو أن إدارة ترامب كانت حساسة للحساسيات السياسية التركية قبل الاستفتاء، ولكن البنتاغون يبدو حريصا على التحرك ويبدو من غير المحتمل أن تجد ترتيبات بديلة لقوات وحدات الحماية الشعب الكوردية. إذا واصلت الإدارة خططا لدعم الهجوم الذي تقوده وحدات حماية الشعب على الرقة، فإنها تأمل في أن يفوز استفتاء أردوغان على رد فعله السلبي بلا شك  .


دور الصوت الكوردي في نجاح الاستفتاء

يجمع المحللون بأن الصوت الكوردي لعب دورا مهما في انجاح الاستفتاء بنعم . وكان ذالك احد النتائج الغير المتوقعة في الانتخابات . علما راهن السيد اردوغان وحزبه على صوت الاتراك القوميين من حزب العمل القومي . وخلال الحملة، انضم حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية الى القوات. ومع ذلك، كانت إحدى النتائج المذهلة لنتائج الأستفتاء أنه على الرغم من الدعم الكامل من قيادتها، صوتت قواعد حزب العمل  القومي بأغلبية ساحقة ضد التغييرات الدستورية . ونال التأييد الذي ابداه القسم الغير اليسير من الناخبين الكورد لصالح حزب العدالة والتنمية اعجاب الرئيس اردوغان حيث اشاد بهم في خطاب النصر الذي القاه في استنبول ليلة الاستفتاء  .

اعتبرت الكاتبة مريم اليادة اطلس في موقع الجزيرة التركية الصوت الكردي العامل الحاسم . فكانت عنوان مقالها " الكورد هم من صنعوا نجاح الاستفتاء". واعتبرت مريم التصويت من قبل الكورد بصورة عامة لصالح التغييرات الدستورية امرا غير متوقعا وان مراهنة الحكومة على تحقيق الانتصار من خلال كسب اليمين التركي كانت مراهنة خاسرة   وحاولت ان تشرح هذا اللغز من خلال اللقاء بعدد من الباحثين والمتخصصين من الكورد وغيرهم.

ووفقا للصحفي والكاتب أحمد  تاشجترين  (Taşgetiren) ، تمت تغطية النقص من الأصوات التي كانت متوقعة من حزب العمل القومي MHP))  من خلال أصوات الكورد التي صوتت لصالح  حزب العدالة والتنمية في منطقة الشرق وجنوب شرق تركيا . وان هناك الزياده العامة في التصويت الكردي  لصالح الحكومة  بمعدل 10% مقارنة بالانتخابات العامة في تشرين الثاني عام 2015.


ووفقا لتانجو بولوكس الاستاذ في العلوم السياسية في جامعة

دجلة  في ديار بكر في  كان هناك تدني ملحوظ باصوات MHP في مقارنة مع الانتخابات الماضية. وكانت الاصوات الكوردية هي العامل التي مكنّت التحالف الحكومي من تحقيق النصر.

يصنف الدكتور فاهاب كوسكان من جامعة دجلة، كلية القانون ، الجماعات  الكوردية المؤيدين للحكومة الى عدة جماعات  . فمنها الكورد المقتنعيين بعقيدة وسياسات حزب العدالة وجماعات اسلامية كوردية مثل هودا بار وقسم من اصحاب المصالح التجارية الذين تضررت مصالحهم نتيجة الحرب الدائرة في المنطقة بين قوات الحكومة وقوات حزب العمال الكوردستاني  .

ونورد ادناه جدوليين  من الجداول الرسمية التي صدرت من قبل اللجنة المشرفىة على الانتخابات واللتان تبينان باحصائيات النمط والاتجاهات التي صوتت فيها الكورد في الانتخابات العامة في تشرين الثاني 2015 والاستفتاء التي جرت في 16 نيسان 2017.

وهذه مصادر الكترونية مهمة لاستخراج البينات ذات العلاقة:

Referandum sonuçları 2017 http://referandum.ntv.com.tr/
Palamento seçimleri 2015 http://secim.haberler.com/2015/ 
Belediye seçimleri 2014  http://www.haberturk.com/secim/secim2014/yerel-secim/ 
 



http://www.zernews.com/2017/04/oylar-in-tamami-sayildi-kurt-kentleri-nde-dikkat-ceken-detay.html

بامكان القاريء لهذا الجدول ان يقارن بين اصوات حزبي العدالة وحزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات تشرين الثاني 2015 واستفتاء نيسان عام 2017. وهنا نحب ان نبدي بعض الملاحضات على مغزى الجدول اعلاه.

تغلب حزب الشعب الديمقراطي على عتبة 10 في المئة ودخل البرلمان بعد الانتخابات العامة الأخيرة في 1 نوفمبر 2015. من 14 مقاطعة في الشرق حيث كانت مهيمنة، حيث انطلقت حملة "لا" التصويت، باتمان، ديار بكر، بيتليس، هاكاري، إيغدر، كارس، ماردين، موش، سيرت، شرناق، تونسيلي، فان، أورفا و أغري، 10 صوت ضد التغييرات الدستورية في استفتاء أمس. ومع ذلك، صوت أربعة، موش، أورفا، كارس وبتليس، للإصلاحات. من جميع هذه المحافظات، أورفا تستحق نظرة فاحصة. سكانها محافظ إلى حد كبير، تمشيا مع الناخبين حزب العدالة والتنمية. في انتخابات 1 نوفمبر 2015 حصل الحزب الديمقراطي الديمقراطي على 28 في المئة من أصوات المقاطعات. ومع ذلك، فإن نظرة إلى الانتخابات السابقة تعطي صورة أوضح. وفي الانتخابات العامة التي جرت في 7 حزيران / يونيو 2015، حصل حزب العدالة والتنمية على 48 في المائة من الأصوات مقارنة ب 38 في المائة من حزب الشعب الديمقراطي. وهذا يدل على هدب لديها إمكانات خطيرة في المحافظة. صوت أكثر من 70 في المئة من الناخبين أورفا "نعم" أمس، مما يدل على أن الناخبين المحتملين الحزب الديمقراطي الديمقراطي أيضا أيدت التغييرات الدستورية.

يوفر بدليس مثالا أوضح على كيفية دعم جزء كبير من الأكراد بشكل مفاجئ للتغييرات. وحصل حزب الشعوب الديمقراطية على أكبر عدد من الأصوات في انتخابات 1 نوفمبر 2015 بدعم 49٪. وأيد 59٪ من المقاطعة نفسها التغييرات أمس. ويبدو واضحا أن الأكراد الذين يدعمون الاستقرار وغير معادين لحكومة أنقرة قد غربهم قرار حزب الشعوب الديمقراطية التحريض على العنف بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني منذ عام 2015.

ومن النتائج المفاجئة الأخرى تأييد موش للتغييرات، على الرغم من أنه في الانتخابات العامة الأخيرة أيد 61.8 في المئة من المقاطعة حزب الشعب الديمقراطي. موش، تماما مثل أورفا، موطنا لناخبين يشبهون سياسيا جدا بقية باقي حزب العدالة والتنمية

وفي ، كارس أيضا هي المقاطعة حيث يتلقى حزب الشعوب الديمقر اطية دعما كبيرا، 34 في المئة في الانتخابات الأخيرة. وفي انتخابات 7 يونيو / حزيران 2015، حصل حزب الشعوب الديمقراطي، الذي حصل على تأييد كبير بسبب المخاوف من أنه لن يتجاوز العتبة 10 في المئة، على تأييد 43 في المئة في كارس. وأدى دعمه لحزب العمال الكردستاني إلى إيذاءه بشكل كبير مع انخفاض بنسبة 9٪ في كارس. ومع ذلك، فإن كارس، على عكس العديد من المحافظات المجاورة، صوت "نعم" للإصلاحات.

وعلى الرغم من الدعم القوي الذي اتخذه لاعتماده في العديد من المحافظات في الشرق والجنوب الشرقي، فإن الحزب الشعوب الديمقراطية يجب أن يلاحظ مع القلق أن التصويت ب"لا" في العديد من معاقله كان فوق 50٪. في حين أنه ليس من المستغرب أن الحزب تمكن من تحقيق مستويات أعلى من 60 في المئة في ديار بكر، هكاري، باتمان وشرناك، ولكن كان هناك فقدان واضح للنفوذ في معظم المحافظات في المنطقة يجب أن يكون ذالك إشارة تحذير واضحة له وأنه لا ينبغي أخذ اصوات الكورد أمرا مفروغا منه  .

وايضا ان قراءة دقيقة للجدول اعلاه تبين ان 450 ألف ناخب كوردي ممن صوتوا في السابق لحزب الشعوب الديمقراطية في المقاطعات اربعة عشرة الكوردية والتي تقع ضمن بلديات هذا الحزب  قد صوتوا في الاستفتاء الاخير لصالح التحالف الحكومي. وفي  ديار بكر ،مثلا ،  استطاع حزب العدالة من تحقيق زيادة تصل 10% من مجموع الاصوات.

جدول تبين عدد الاصوات الكوردية في الانتخابين تشرين 2015 ونيسان 2017

Şehirler 1 Kasım 2015 16 Nisan 2017 (referandum) Seçmen sayısı
Ağrı  75,25 71,04 293,340
Muş   84,34 79,02 225,416
Van   81,01 75.50 619,947
Bitlis 80,87 78,50 194,243
Şırnak 90,02   84,06 255,760
Sirtt  85,42 82,90 176,845
Batman 85,8 82,91 329,509
Mardin 86,45 82,13 455,288
Diyarbakır 84,97 80,66 992,819
Tunceli 80,61 83,63 60.801
Hakkari   88,36  80,67 162,006 
Şanlıurfa 83,68 83,64 1,029,644
Bingöl 78,51 78,32 175,142
Elazığ 84,09 84,23 406,636
Adıyaman 85,15 85,93 391.115
Iğdır 82,04 76,72 117.904


من الصعوبة جدا تحديد نسبة الأصوات الكردية في تركيا لان ليس هناك احصائيات رسمية في هذا المجال، ولكن  قدر بعض المتخصصين نسبة الاصوات الكوردية بين 18 الى 20 بالمئة من مجموع الأصوات  في تركيا(55 مليون  ناخب تقريبًا)، وهذا يعني أن هناك ما لا يقل عن عشرة ملايين صوت على أضعف تقدير، وهو رقم لا يستهان به في استفتاء يكفي النصف زائد واحد للفوز به،   وان اكبر تمركز للاصوات الانتخابية الكوردية  هي في استنبول والتي تقدر بمليون صوت او اكثر. وهناك اكثر من 200 ألف صوت كوردي في ازمير. وان هذا التخمين بني على اساس عدد المهاجرين من المناطق الكوردية. ويقدر ان يكون هناك عدد مماثل من الاصوات في مرسين.

وأيد مجموع الأصوات من مناطق الأغلبية الكردية "نعم" للموافقة على 18 تعديلا مقترحا للدستور التركي، ولكن مع 13 مقاطعة من 25 انتهت مع "لا" التصويت الرائدة.

وقبل 55 فى المائة من الناخبين من ال 25 مقاطعة الكردية المأهولة بالسكان بالتغييرات الدستورية المقترحة فى الاستفتاء، مما مهد الطريق امام البلاد لاقامة نظام رئاسى.

ومن اصل 8,369,170 صوتا من المقاطعات الجنوبية الشرقية والشرقية فى تركيا، صوت 3,768,233  شخصا "لا"، اى 45 فى المائة من اجمالى الاصوات فى جميع المقاطعات ال 25، وانتهت 13 من تلك المقاطعات من التصويت "لا" فى الصدارة.

وحصل معسكر "نعم" على 4,600,937 صوتا وبلغت نسبة 55 فى المائة من اجمالى الاصوات فى المقاطعات ال 25، حيث تم التصويت في 12 مقاطعة فى الاستفتاء مع التصويت ب "نعم".

المقاطعات ال 13 التي كانت نتيجة بارزة ل "لا" هي: أرتفين، أردهان، إغدير، أغري، فان، هاكاري، سيرناك، سيرت، ماردين، باتمان، ديار بكر، تونسيلي (ديرسيم) وهاتاي.

والمقاطعات الاثنتي عشرة التي كانت نتيجة التصويت ب "نعم" هي: كارس، ارزوروم، موس، بينغول، بيتليس، ايلازيج، مالاتيا، اديامان، سانليورفا، غازي عنتاب، كاهرامانماراس و ارزينجان   .
إ

المدلولات المستقبلية للاستفتاء والطريقة التي صوتت فيها الكورد:

ان اول ما يلفت نظر المراقب السياسي اثناء قرائته  للبيانات المتعلقة بالاستفتاء هو أن حزب الشعوب الديمقراطية لا زال يتمتع بقوة لا يستهان بها من ناحية قاعدته الانتخابية رغم ما تتعرض له من مضايقات. و سيلفت ذالك نظر صناع القرار في انقرة. وهذا ما ذهب اليه مسعود يغين ، العالم الاجتماعي البارز في تركيا . وقد تلتجأ الحكومة لمزيد من المضايقات لها من اجل اضعافها اكثر والمضي قدوما في ايجاد بديل لها وهذا امر غير يسير اذا اقدمت اليه الحكومة. وعلى الاغلب تلتجأ الحكومة الى قناعة بالتعامل معها كجزء من واقع الخريطة السياسية ومحاولة احتوائها ضمن التحالفات التي تلتجأ اليها في عام 2019 اثناء الانتخابات العامة والبلدية والرئاسية. علما ان تحالفها مع حزب العمل القومي ( MHP) لم تجدي نفعا اثناء الاستفتاء. وكل الدلائيل تشير الى انحلال  الاخير وسط الانشقاقات التي تشهده حاليا الحزب. وان كثيرا من عناصره تم احتوائهم ضمن حزب العدالة . وقد يتحالف الخط العلماني  من هذا الحزب مع حزب الشعب الجمهوري. 

ووفقا الدكتور فاهاب كوسكان من جامعة دجلة، ان المرحلة القادمة، ستشهد عملية  ترجمة التغييرات  التي تمت المصادقة عليها وهي مهمة على  الخصوص في حالتين:"أولا، تبني الحكومة مجموعة اجراءات تنفيذية مهمة. مثل قانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخابات الجديد للتخفيف ، والاقدام على تغييرات ديمقراطية الاخرى وهنا تحتاج الحكومة الى تشريعات في البرلمان وتحتاج الى طرف سياسي تؤيدها. وثانيا،هي ان الحكومة تحتاج إلى بذل الجهود من أجل حل سياسي للمسألة الكوردية. فالصوت الكوردي التي كانت عاملا حاسما لتحقيق الفوز بالاضافة الى اصوات المهجر لم تهمه كثيرا  التغييرات في المواد في المواد  18 من الدستور (ولم تفهمه أصلا) بقدر ما كانت تهمه وجود حكومة قوية  في انقرة وتملك نية صادقة لاحياء العملية السلمية بالنسبة للمسألة الكوردية . ووفقا للصحفي والمؤلف سيدات يورتداش( Yurtdaş)     كان الكورد صانع "صانع النصر" في الاستفتاء. وهو يقول تم كسب الاصوات الكوردية في ظروف كانت في غاية الصعوبة . حيث لم يكن هناك فرص مساواة للمنافسة. وكان هناك الكثير من الضغط على المواطنيين للتصويت ب "لا". ويعزي هذا الكاتب التغيير الملحوظ الحاصل في المنطقة الكوردية لصالح حزب العدالة الى وجود قناعة عند شريحة من مثقفي ووجهاء الكورد بامكانية حل المسألة الكوردية في إطار النظام الرئاسي. وأنهم يأملون بأن  تقوم الحكومة باحياء العملية السلمية للمسألة الكوردية. وهذا ما ذهب اليه ا فاهوب كوسكان  حيث يقول يعرف البرلمانيون الكورد من حزب العدالة وغيرهم من وجهاء الكورد في المنطقة الكوردية بأنه ليس هناك من بديل لحزب العدالة لتحقيق الحل السلمي وان التغييرات الحاصلة قد تقوي من عزم وقدرة الحكومة للمضي  في العملية السلمية . ويقول الاستاذ مصطفى حامد اوغلو " انحاز الأكراد لقوميتهم على حساب الموقف الحزبي الايديولوجي في انتخابات السابع من حزيران/ يونيو للعام 2015، وذهبت كثير من أصوات العدالة والتنمية إلى حزب الشعوب الديمقراطية، على أمل أن يكون هذا الحزب الجديد ممثلا ومدافعا عن حقوق الأكراد ضمن البرلمان التركي، ويكون جزءًا من الحل، وشريكًا في مشروع السلم المجتمعي مع العدالة والتنمية، لا أن يكون جزءًا من المشكلة، وينحاز لموقف جبال قنديل ومعركة الخنادق ومحاولة اعلان الحكم الذاتي في بعض مناطق جنوب شرق تركيا.هذه الأصوات عادت، بعد خيبة الأمل لدعم العدالة والتنمية من جديد بانتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، لدعم الاستقرار عندما أدركت أن خسارة العدالة والتنمية، سيفقدها الكثير من المكاسب الاقتصادية والسياسية ".    نقول ان الاصوات الكوردية التي حازت عليها حزب العدالة في الاستفتاء تؤكد من جديد ما ذهب اليه حامد اوغلو بأن الكورد لن يدعموا حزب الشعوب الديمقراطية اذا اختارت اجندات غير اجندات السلام مع الحكومة بقيادة حزب العدالة.


ملخص الدراسة 

ان نتائج الاستفتاء مهدت الطريق لتحولات سياسية واجتماعية واقتصادية جذرية . وان تركيا الكمالية افلت نجمها وبدأت عهد الجمهورية الثانية , وان الصلاحيات التي اعطيت في الدستورالجديد  لرئيس الجمهورية ستطلق يده لاجراء تغييرات جذرية. وبما ان الفوز كانت بهامش قليل جدا قد تلتجأ قوى داخلية وخارجية لأستغلال حالة القطبية التي عززتها نتائج الاستفتاء في تركيا. وان المسألة الكوردية هي احدى الاوراق الشائكة التي اذا تركت بدون حل سلمي قد تستفذ منها اعداء تركيا لخلق الاضطربات في الداخل. وكما ان احياء العملية السلمية واحتواء موجة العنف في كردستان الشمالية ستعطي الحكومة التركية فرصة للتركيز على خطط التنمية الطموحة التي تنوي حكومة حزب العدالة تحقيقها قبل 2023. وعلى حزب الشعوب الديمقراطية ان تحترم ارادة ما لا يقل عن 4 ملايين كوردي صوتت لصالح الاستفتاء والسلام مع الحكومة.


حمّل هذا الموضوع كملف PDF


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب