كسّارات الموصل وخسارات الرافدين

31-08-2022
عبد الستار رمضان
الكلمات الدالة الموصل العراق
A+ A-

مشكلات وأزمات العراق كثيرة، وأكثر منها الوعود لحلها والميزانيات التي خصصت لها، والمبالغ التي صرفت وفساد الحكومات التي تغيرت بالأسماء، لكنها جميعاً لم تنجح في حلها، بل على العكس ازدادت وتحولت إلى واقع وكسّارات وخسارات للعراق والعراقيين وجعلتهم ينتفضون ويتظاهرون ويقدمون الضحايا، ولكن من دون نتائج أو فرج.

واحتل العراق المراتب الأولى أو المتقدمة في معدلات الفساد والمخدرات والإفلات من العقاب وأسوء البلدان أو المدن للمعيشة، وامتدت هذه الأزمات لتتجاوز خدمات الكهرباء والتعليم والصحة وأبسط مقومات الحياة لتصل إلى موضوع المياه، وجفاف عشرات الأنهار والمصادر التي تنبع من دول الجوار لتصل إلى الرافدين دجلة والفرات اللذين قلت مناسيبهما إلى معدلات خطيرة وأدت إلى جفاف الأهوار. 

لكن في مقابل كل الخسارات والنكبات ولدت بعض الأفكار والمشاريع التي يمكن أن تعيد الأمل بالقادم من الأيام، وتمثل مدينة الموصل التي عانت ما عانت قبل وبعد تحريرها أفضل مثال، حيث يوجد فيها أكثرمن (11) مليون طن من الأنقاض المكدسة من البيوت والعمارات المدمرة والتي تؤثر على بيئتها وتعيق حركة العمران، وتشكل التحدي أو الامتحان الأكبر في عملية البناء والتعمير التي يشوبها الكثير من البطئ والإهمال الى الحد الذي أصبح العائق الأكبر أمام الأهالي والسكان الذين يريدون العودة إلى بيوتهم ومحلاتهم لكن الخراب والدمار والأنقاض تدفعهم وغيرهم إلى السؤال: كيف يُمكن التعامل مع هذا الكم الهائل من الخراب والانقاض والدمار؟، وكيف يُمكن تحويلها من أنقاض ودمار إلى بناء وإعمار؟ 

جامعة الموصل وبلدية الموصل وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة لشؤون البيئة (UNEP) ومنظمة الهجرة العالمية (IOM) قدموا الحلول الهندسية والعملية من خلال مشروع (كسّارات الموصل) وبمشاركة باحثين وعقول وأبحاث علمية نجحت في رسم مشروع إعادة تدوير الأنقاض والاستفادة منها في إعادة إعمار الموصل من جديد. 

هذا المشروع الريادي والمتميز والذي يتميز بمواصفات عالمية حسب شهادات المختصين من المهندسين الذين كانوا وراء هذا المشروع العملاق الذي يتألف من ثلاث كسارات تم انشاؤها وتشغيلها بأيادٍ عراقية مهمتها إنتاج مواد أولية للبناء والتعمير من مخلفات الحرب والتدمير، والذي يمكن أن تكون نموذجاً في مناطق أخرى من العراق لتحويل الدمار الى إعمار.

وقد شاركت جامعة الموصل في اجتماع مشروع كسارات الموصل الذي عقد في 28/7/2022 مع عدة جهات (محافظة نينوى ووزارة البيئة وممثلي منظمة الأمم المتحدة لحماية البيئة UNEP ومنظمة الهجرة الدولية ومكتب مكافحة الألغام ومكتب التنسيق والتنمية، والذي تمت الإشادة فيه بمشروع الكسارات والتركيز على أهدافه في بث الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة وتقليل تلوثها بهذه المواد ومحاولة إعادة تدويرها والإستفادة منها لأغراض أخرى تعود بالنفع على المجتمع وتظافر جهود المعنيين للوصول إلى مصاف الدول التي جعلت من أنقاضها ونفاياتها استعمالات أخرى مفيدة ومهمة وتشغيلها بأيادٍ عراقية وبمواصفات عالمية، وهو ما يجعل هذا المشروع (كسّارات الموصل) بارقة أمل لتعويض(خسارات الرافدين). 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

عامر عبدالجبار اسماعيل

مشكلة الطلبة والطموح الطبي تعالج عندما نفكر خارج الصندوق

تداول الاعلام خلال الايام الماضية دعوات من قبل شخصيات علمية وذات مناصب مهمة في المجتمع الطبي والصيدلاني medical and pharmaceutical community تضمنت حث الطلبة على عدم الدخول في مجال الطب والصيدلة في العراق من خريجي الدراسة الاعدادية لأسباب منها: عدم وجود تعيينات حكومية مستقبلاً، وان نصائح الماضي لا تصلح للمستقبل.