تقييم التصنيف الوطني للجامعات (نور) في إقليم كوردستان العراق

30-11-2021
زيرفان عبد المحسن أسعد
الكلمات الدالة اقليم كوردستان أربيل السليمانية
A+ A-
 
تمت إثارة تساؤلات عديدة حول جدوى وصلاحية التصنيف الوطني للجامعات (نور) في إقليم كوردستان بعد خمس سنوات من إنشائها من قبل رؤساء الجامعات ومدراء مراكز البحوث والباحثين خلال الجلسة الاولى من ملتقى نزاهة البحوث الاكاديمية المنعقد بتاريخ 2 تشرين الثاني (2021) المشترك بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وهيئة النزاهة والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (UNDP) في المركز الثقافي والاجتماعي لجامعة صلاح الدين في أربيل.
 
تواجه بيئة التعليم في العراق الكثير من التحديات وبنسق لا يختلف كثيرا عن باقي الجوانب الاقتصادية والسياسية والمالية والاجتماعية الاخرى، لهذا اخذت التربية وقطاع التعليم العالي والبحث العلمي تسلك مساراً خطيراً عندما أصبح العراق خارج تصنيفات مؤشرات جودة التعليم العالي في السنوات الاخيرة وليأتي نظام التعليم في العراق في الترتيب قبل الاخير من مجموع (78) دولة في السنة (2021) حسب موقع استعراض سكان العالم، بينما كان النظام التعليمي والجامعات العراقية تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة في سبعينيات القرن الماضي وكانت مقصدا للطلاب العرب والاجانب.
 
لم يكن إقليم كوردستان أفضل حالاً عند المقارنة مع العراق الفدرالي عند تقييم النتاج البحثي من قبل الباحثين والأكاديميين أو من ناحية المجلات العلمية الصادرة فيه أو من ناحية تصنيف جامعات الإقليم مع مثيلاتها على مستوى المنطقة والعالم في التصنيفات الدولية. فمثلاً توجد (9) مجلات علمية عراقية فقط على مستوى جميع التخصصات مصنفة في سيماكو على الرغم من وجود (325) مجلة أكاديمية عراقية صادرة من قبل (81) مؤسسة أكاديمية عراقية مثبتة في موقع المجلات الاكاديمية العلمية العراقية  (IASJ)، بينما لم تسجل أي مجلة أكاديمية علمية صادرة من جامعات الإقليم على الإطلاق في تصنيف سيماكو خلال الفترة الممتدة (1996-2020) وعددها (36) مجلة اكاديمية حسب إحصائيات المديريات المختصة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الإقليم.
 
حيث سجلت (26) جامعة عراقية ومن ضمنها (4) جامعات فقط من إقليم كوردستان في تصنيف سيماكو للجامعات لجميع التخصصات (العلمية والانسانية) للسنة (2021)، وتشكل نسبة (22%) فقط من إجمالي الجامعات العراقية الموجودة في موقع ويب مايتركس لتصنيف الجامعات العالمية في النسخة الصادرة من الشهر السابع للسنة (2021) والبالغة (115) جامعة عراقية. 
 
وتصنيف سيماكو للجامعات للسنة (2021) تضمن (19) تخصصا ولم تستطع أي جامعة في الإقليم الدخول إلى التصنيف على الاطلاق في (8) تخصصات وهي (الفنون والعلوم الانسانية، الاعمال والادارة والمالية، طب الأسنان، الاقتصاد والمالية، الهندسة، علم النفس، العلوم الاجتماعية، الطب البيطري)، والتصنيف لم يكن بحالة أفضل في بقية التخصصات (11) لأنه في أحسن الظروف هو تسجيل ثلاثة جامعات فقط من الإقليم فيها وكما موضح في الجدول (1). وأن جامعات الإقليم الأربعة المصنفة هي (جامعة السليمانية، جامعة دهوك، جامعة صلاح الدين، جامعة التنمية البشرية) وتشكل نسبة (8.3%) من إجمالي الجامعات والمعاهد الموجودة في الإقليم، وهذه النسبة جاءت بقسمة عدد الجامعات الاربعة إلى إجمالي المؤسسات الأكاديمية في إقليم كوردستان (48) مؤسسة أكاديمية بين جامعة ومعهد.
 

 

  
 
بشكل عام تم إصدار تصنيف سيماكو للجامعات على مستوى التخصصات للمرة الأولى في العام (2021)، وكانت نتائج جامعات الإقليم في التصنيف أثبتت بأن نظام التصنيف الوطني للجامعات (نور) في إقليم كوردستان العراق الذي بدأته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في حزيران العام (2015) لتصنيف جميع الجامعات الحكومية والاهلية في الإقليم وبعد خمس سنوات من انشاءه لم يخرج من النطاق المحلي ولم يضف أي قيمة علمية حقيقية الى جامعات الإقليم على مستوى العالم ولم يحفز الجامعات نحو التطوير الحقيقي على الإطلاق لكون جامعات الإقليم جاءت متأخرة في تصنيف سيماكو للجامعات مقارنة مع باقي الجامعات في العراق والشرق الأوسط والعالم. 
 
وتعد هذا حقيقة لا يمكن اخفاءها ومن الضروري الوقوف عليها والتفكير بشكل جدي وإعادة هيكلة تصنيف نور لتحقيق الهدف المنشود والأساسي الذي أنشئ من أجله التصنيف وهو تحسين أداء وترتيب الجامعات الحكومية والأهلية بشكل يتوافق مع رؤية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الإقليم من خلال تقييم الجامعات والتقييم الأكاديمي وتقييم البحوث وغيرها من المعايير الاخرى، وذلك لتأخر دخول جامعات الإقليم إلى تصنيف سيماكو لكون جامعة السليمانية هي أول جامعة تم تصنيفها في السنة (2019)، وتأتي بعدها كل من جامعة صلاح الدين وجامعة التنمية البشرية في السنة (2020) وجامعة دهوك في السنة (2021) وبقيت الجامعات الاخرى في الإقليم خارج التصنيف على الرغم من أن هذا التصنيف بدأ في العام (2009). 
 
وبذلك يمكن القول بأن تصنيف نور قد حقق هدف واحد فقط وهو توجيه الجامعات نحو توثيق مخرجاتها ومن الأفضل أن يكون تركيز الوزارة على دعم وتحفيز الجامعات لتحسين ترتيبها في التصنيفات الدولية كسيماكو وشانغهاي وكيوإس وغيرها.
 
بالإضافة إلى ذلك، فإنه بالإمكان استخدام نتائج تقييم تصنيف سيماكو للجامعات كبديل عن التصنيف الوطني للجامعات (نور) لأغراض المقارنة في سبيل التعرف على موقع كل جامعة على مستوى الإقليم والعراق والمنطقة والعالم وذلك بعد أن بدأ سيماكو بتصنيف الجامعات على أساس التخصص لأول مرة في السنة (2021) وقسمت النتاج العلمي للجامعة إلى (19) تخصص واسع للمعرفة، وشملت التصنيف على (4126) جامعة على مستوى العالم ومن ضمنها (26) جامعة عراقية. 
 
والجدول (2) يوضح فقط ترتيب جامعات الإقليم الأربعة الداخلة الى تصنيف سيماكو للجامعات للعام (2021) في التخصصات التي حققت التفوق، ولكي يكون للجامعة تواجد في أحد التخصصات فمن الضروري أن تتجاوز العام السابق عتبة الحد الادنى والتي تتساوى مع ضعف النسبة التي تمثلها هذا التخصص في العالم، بالاعتماد على تصنيف الجامعات الأربعة على أساس التخصص يمكن التوصل الى الاتي:
 
1. جامعة السليمانية هي أفضل جامعة على مستوى العراق في كل من تخصص (كيمياء، كيمياء حياتية وعلم الوراثة والبيولوجيا الجزيئية)، وهي أفضل جامعة على مستوى الإقليم في تخصصات (كيمياء، كيمياء حياتية وعلم الوراثة والبيولوجيا الجزيئية، علم الأرض والكواكب، علم البيئة، علم السموم والادوية والصيدلانيات)، وتشكل نسبة الجامعة (36.84%) فقط في التخصصات المصنفة الى إجمالي التخصصات الموجودة في تصنيف سيماكو للجامعات.
 
2. جامعة دهوك هي أفضل جامعة على مستوى العراق في تخصص (الطب)، وهي أفضل جامعة على مستوى الإقليم في تخصصات (العلوم الزراعية والبايلوجية، الطب)، وبلغت نسبة الجامعة (10.53%) فقط للتخصصات المصنفة إلى إجمالي التخصصات الموجودة في تصنيف سيماكو للجامعات.
 
3. جامعة صلاح الدين هي أفضل جامعة على مستوى الإقليم في تخصصات (الطاقة، الفيزياء والفلك)، وبلغت نسبة الجامعة (42.11%) فقط للتخصصات المصنفة في الجامعة إلى اجمالي التخصصات في تصنيف سيماكو للجامعات.
 
4. جامعة التنمية البشرية هي أفضل جامعة على مستوى الإقليم في تخصصات (علوم الحاسبات، الرياضيات)، وبلغت نسبة الجامعة (10.53%) فقط للتخصصات المصنفة إلى إجمالي التخصصات الموجودة في تصنيف سيماكو للجامعات.
 
5. وجود أسبقية تنافسية لجامعتين فقط من الإقليم على الجامعات العراقية وهي جامعة السليمانية باعتبارها كأفضل جامعة في العراق في تخصصات (كيمياء، كيمياء حياتية وعلم الوراثة والبيولوجيا الجزيئية)، وجامعة دهوك كأفضل جامعة في العراق في تخصص (الطب) فقط، ومع ذلك فإن الفجوة تزداد عند مقارنة الجامعتين مع مثيلاتها في بعض الدول الناشئة أو المتقدمة.
 

 
وبالاعتماد على ما سبق فيمكن القول بأن هناك ضعف وتدني مستوى الباحثين والاكاديمين في جامعات إقليم كردستان على مستوى جميع التخصصات بشكل عام من ناحية النتاج العلمي البحثي وعدد الاستشهادات المرجعية مع عدم وجود أية مجلة أكاديمية متخصصة تصدر في جامعات الإقليم مصنفة في سيماكو والمبني على قاعدة سكوبس خلال الفترة (1996-2020) مع تواضع حضور وتواجد جامعات الإقليم في تصنيف سيماكو للجامعات للعام (2021)، بالاعتماد على ما ورد أعلاه نقترح الآتي:
 
1. ضرورة قيام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بوضع رؤية واضحة المعالم من خلال التخطيط السليم على المستوى القصير والمتوسط وطويلة الأجل بشكل ينسجم مع الإمكانيات العلمية والبشرية والمادية من خلال وضع البرامج والسياسات والإجراءات والميزانيات التقديرية لتحسين ترتيب جامعات الإقليم في تصنيف سيماكو للجامعات فلتكن رؤية الوزارة مثلاً تصنيف (10) جامعات من الإقليم ضمن قائمة أفضل (100) جامعة في تصنيف سيماكو للجامعات على مستوى الشرق الاوسط في السنة (2040) .
 
2. ضرورة اتباع الوزراة سياسة تقديم المنح (Grants) للباحثين في جامعات الإقليم وذلك لتطوير المسيرة البحثية وتحفيز الباحثين على النشر في المستوعبات العالمية مع دراسة الواقع الحالي لكل جامعة على حدة والعمل على تحديد نقاط القوة والضعف أمامها ووضع الخطط والاستراتيجيات المناسبة لتصنيف الجامعات الغير المصنفة وتحسين تصنيف الجامعات المصنفة مسبقاً في سيماكو في المستقبل.
 
3. تحفيز الباحثين على مستوى الجامعات في الإقليم للعمل في مجموعات نتيجة عدم تصنيف أي جامعة في الإقليم في تصنيف سيماكو للجامعات للعام (2021) في بعض التخصصات العلمية كالهندسة وطب الاسنان والطب البيطري أو التواجد شبه المعدوم لتخصصات علمية أخرى كالرياضيات والفيزياء والحاسبات والطاقة. 
 
4. قيام دائرة البحث والتطوير في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الإقليم بإنشاء مركز أو هيئة أو موقع يكون بمثابة مظلة موحدة وخاصة بتسجيل ودعم البحوث المنشورة في المستوعبات العالمية كسكوبس وكلاريفيت حصراً، والبدء بإطلاق موقع للمجلات الأكاديمية العلمية الصادرة من جامعات الإقليم أو على الأقل تسجيلها في موقع المجلات الاكاديمية العلمية العراقية  (IASJ).
 
5. ضروروة قيام دائرة البحث والتطوير في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في إقليم كوردستان باعادة تقييم المجلات الاكاديمية التي تصدر من الجامعات وتحويلها الى مجلات متخصصة محكمة وعدم البقاء على النمط القديم ببقاء المجلات عامة مثلا لجميع فروع الانسانية معاً أو لجميع فروع العلوم معاً، فعلى سبيل المثال يوجد فقط في جامعة بغداد (37) مجلة اكاديمية متخصصة مسجلة في موقع المجلات الأكاديمية العلمية العراقية (IASJ) وهذا العدد أكبر من المجلات الصادرة من قبل جميع الجامعات الحكومية والاهلية معاً في الإقليم المثبتة في موقع نور وهو (36) مجلة.
 
6. إعادة التفكير في المعايير الحالية للتصنيف الوطني (نور) للجامعات الحكومية والاهلية في الإقليم وتبديلها بمعادلة بسيطة تجمع بين ترتيب الجامعات في التصنيفات العالمية كسيماكو وكيوإس وشنعكهاي وغيرها ويفضل أن يكون على أساس التخصص أو الفرع العلمي في المنافسة بين الجامعات باعتبار تصنيف نور لم يحقق الهدف المنشود الذي أسس من أجله في العام (2015) لتطوير تصنيف جامعات الإقليم على المستوى الإقليمي والدولي. 
 
7. منح أفضلية في بعض القرارات الاكاديمية للأقسام العلمية أو الجامعات الحكومية أو الأهلية المصنفة في تصنيف سيماكو للجامعات للعام (2021) على الجامعات غير المصنفة، كفتح برامج الدراسات العليا للتخصصات المصنفة فقط أو تكليفها حصراً بمعاملات الترقية على مستوى الإقليم أو تشكيل اللجان العلمية على مستوى الوزارة يكون حصراً من قبل هذه الاقسام والجامعات المصنفة أو تقديم منح خاصة (Grants) لهم فقط، ومنح أفضلية في خطة قبول الطلبة في الأقسام والجامعات الأهلية المصنفة على غير المصنفة.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

زريان روجهلاتي

نقطة التحول في اتفاقية 10 آذار بين الشرع وكوباني

بينما كانت الأنظار تتجه إلى لقاء منتظر بين قسد ودمشق في باريس، تتواصل أخبار القتال بينهما في جنوب حلب منذ أيام. في الواقع، تقترب اتفاقية 10 آذار بين الشرع - عبدي وبسرعة من نقطة التحول، وهذا سيؤدي إما إلى تسوية أو سيفتح الطريق أمام حرب أهلية سورية قصيرة ثالثة في عهد الشرع والتي قد تتركز في خط حلب - الرقة - دير الزور.