الفدرالية واللامركزية الادارية

 

سنحاول في مقالتنا هذه أن نوضح مفهوم الفدرالية وأيضاً اللامركزية الادارية والفروقات بينهما، ولا ننسى أنّ النقاش دار ويدور كثيراً حول هذين المفهومين، وخاصة منذ بداية الثورة السورية خلال إجتماعات المعارضة السورية وكانت تضم قوى كوردية متعددة وحتى يومنا الراهن.

 

بحسب ما تم فهمه من قبل كاتب السطور عن مفهوم الفدرالية أنه مفهوم يتعلق بنظام الدولة – الفدرالي – أو الاتحادي – والذي لديه مركز وفدراليات متعلقة به، ويكون لهذه الاقاليم الفدرالية صلاحيات واسعة ودساتير خاصة بها غير دستور الاتحادية، لكن الأمور السيادية كالدفاع والخارجية يتبعان للحكومة الاتحادية، ففي النظام الفدرالي لا تخضع الولايات لرقابة الحكومة الاتحادية، وتباشر اختصاصاتها بموجب الدستور الفدرالي والدستور المحلي للولاية بشكل مستقل، فيمكن أن تكون للاقليم الفدرالي حكومة خاصة بها وبرلمان وهيئات ودوائر محلية عديدة، أمّا في نظام اللامركزية الادارية فتخضع الولايات لرقابة ووصاية الحكومة المركزية عند مباشرتها أعمالها، كما أنه في النظام الفدرالي تتقاسم الولايات مع الحكومة الاتحادية السلطة السياسية وكذلك الموارد المالية، وفي نظام اللامركزية الادارية فإن الولايات تتقاسم مع الحكومة المركزية الوظيفة الادارية، بمعنى أنّ من يمارس السلطة المحلية في دولة اللامركزية الادارية هم حكام ثانويون أما الحكام الذين يمارسون السلطة المحلية للدولة الفدرالية فهم حكام بالمعنى الدقيق.

 

الفدرالية كشكل من أشكال الحكم طرحت كحل لكثير من المعضلات التي تواجهها بلدان عربية كثيرة، فقد طرحت من قبل المؤتمر الوطني العام في اليمن، على سبيل المثال لحل قضيتي الجنوب والحوثيين وغيرها، كما أنه قد تردد ذكرها في محاولات حل الازمة الليبية والسورية وتم تطبيقها في العراق من خلال تشكل إقليم كوردستان العراق وتضمين الدستور العراقي بنود عن الفدرالية. 

 

وجدير بالاشارة أنه لا توجد فدرالية سيئة أو فدرالية فاضلة وجيدة، الا بالقدر من الشروط والظروف والمكونات التي تقوم عليها، وبقدر ما تكون الفدرالية أحياناً مقدمة لانفراط عقد الدولة، فإنها تكون أحياناً أخرى أداة لزيادة وحدتها، بل وأحياناً الحفاظ عليها من الإنفراط أو الإغتيال بالإستيلاء عليها من دول أخرى أكثر اصراراً وعزيمة وعدوانية، والذائع أن الولايات المتحدة الأميركية هي الأكثر شهرة في التجارب الفدرالية بما جمعته من 50 (دولة أو ولاية) تحت عباءتها، والكيفية التي وزعت بها السلطة بين الحكومة الاتحادية والولايات التي قد تكون هي الأخرى اتحاداً من نوع أو آخر لمجموعة من الاقاليم أو المقاطعات (ماساتشوسيتس على سبيل المثال) شائعة بين الولايات، وكان أيضاً النظام المزدوج للسلطة التشريعية بين مجلس النواب، الذي يمثل الولايات على أساس من عدد السكان، ومجلس الشيوخ الذي يمثل الولايات أيضاً ولكن على اساس كامل المساواة، بحيث يكون هناك عضوان يمثلان كل ولاية سواء كانت صغيرة جداً في المساحة مثل فيرمونت، أو في عدد السكان مثل الأسكا، أو كبيرة سكاناً ومساحة مثل كاليفورنيا ونيويورك.

 

هذه الآلية من التمثيل تضمن دوماً ألا يضام حق الصغير المحدود والأقلية  في عمومها، سواء كانت سياسية أو عرقية أو جهوية، في الوقت الذي تحصل فيه الأغلبية على حقها في حسم القرار.

 

 

يمكن أن نذكر بعض النقاط الاساسية التي تبين الفروقات بين نظام الفدرالية واللامركزية  الادارية:

 

أولاً: في النظام الفيدرالي يتم تحديد إختصاصات كل من دول الاتحاد الفيدرالي والولايات في الدستور الفيدرالي، أما في نظام اللامركزية الإدارية فيتم تحديد إختصاصات الهيئات المحلية في القانون الاعتيادي - وليس في الدستور - ويترتب على هذا الفرق أنّ الاختصاصات الممنوحة للولاية، بموجب نظام اللامركزية الإدارية، يمكن إلغاؤها أو تعديلها بموجب قانون إعتيادي تصدره الجهة التشريعية الفيدرالية في أي وقت تشاء، أما في حالة الإختصاصات الممنوحة للولاية، بموجب النظام الفيدرالي، فلا يمكن إلغاؤها أو تعديلها الا بموجب تعديل دستوري. 

 

ثانياً: في النظام الفيدرالي يوجد في كل ولاية دستور خاص بها عدا عن دستور الدولة الاتحادية، وهيئات تشريعية، وتنفيذية، وقضائية مستقلة عن الهيئات الفيدرالية، بينما لا يوجد ذلك في الولايات التي تخضع لنظام اللامركزية الإدارية. 

 

ثالثاً: في النظام الفيدرالي لا تخضع الولايات لرقابة الحكومة الاتحادية، وتباشر إختصاصاتها بموجب الدستور الفيدرالي والدستور المحلي للولاية بشكل مستقل، أما في نظام اللامركزية الإدارية فتخضع الولايات لرقابة ووصاية الحكومة المركزية عند مباشرتها لأعمالها. 

 

المراجع:

 

1- شادي نشابه "الفرق بين نظامي اللامركزية والفدرالية" صحيفة النهار العربي - 15 كانون الثاني 2021

 

2- عبد المنعم سعيد "زيارة جديدة للفكرة الفدرالية" صحيفة الشرق الاوسط - 7 حزيران 2016

 

3- اسماعيل علوان التميمي "الفرق بين النظام الفدرالي واللامركزية الادارية" الحوار المتمدن 19 تموز 2016