أزمة رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي تبدو انها ازمة عابرة من أزمات العملية السياسية المتلاحقة، فمنذ عام 2005 شهدت العملية السياسية عواصف كبيرة لكنها مرت رغم أن تلك الازمات سالت دماء فيها وكادت ان تنهي النظام السياسي لكن المجتمع الدولي تدخل أكثر من مرة وحل الازمات، واليوم واضح ان المجتمع الدولي لم يبد اهتماما كبيرة لازمة الحلبوسي وكل ما يثار عن اهتمام دولي وإقليمي بالقضية هو اشبه بتصدير وهم على حد علمي، لان القضية ليست كبيرة ويمكن تجاوزها بحسب الإجراءات الدستورية والقانونية، والدليل أن القوى السنية بما فيهم الشيخ خميس الخنجر والسيد الحلبوسي قد اجتمعا مباشرة لاختيار البديل، كذلك اجتماع قيادات العزم بزعامة مثنى السامرائي والحسم بقيادة ثابت العباسي.
وكشفت الحقائق خلال السنوات الماضية أن القوى السياسية كافة تستغل الجمهور لتحقيق مكاسب سياسية خاصة عبر تحشيد الرأي العام لتحقيق مصالح حزبية، لكن بالمقابل هناك من يرى أن اقصاء الحلبوسي تم بقرار قضائي محترم لكن بالنهاية كان هو رئيس أعلى سلطة وهو مجلس النواب لذا فمن الضروري أن يتم التكلم بشأنه باحترام والخصومة معه يجب أن تكون نبيلة، والواضح أن ازمة الحلبوسي سيطول حلها بعض الوقت لأن الأسماء التي تم تسريبها من قبل تحالف القيادة بزعامة الخنجر والحلبوسي تم رفضها بشكل غير رسمي من قبل هوى الإطار التنسيقي الشيعي وحتى المكون الكوردي سيكون له موقف رغم انهم أعلنوا انهم سوف لن يتدخلوا.
واضح أن الكورد والشيعة لا يريدون الاستعجال في طرح الأسماء المرشحة لخلافة الحلبوسي لان بالأخير هذا من حصة المكون السني الذي يعيش انقساما واضحاً، كما أن الدستور والنظام الداخلي للبرلمان يقول إن انتخاب البديل يكون في اول جلسة اعتيادية، أما الجلسات التي هذه الايام هي جلسات استثنائية وليست عادية وبالتالي لا يمكن اختيار البديل بجلسة استثنائية، كما ان الأمور ماضية بوجود النائب الأول لرئيس مجلس النواب وبذلك فلا داعي للاستعجال، لان قوى الاطار هي الكتلة الأكبر ووضعت شرطاً من بينها أن يكون بديل الحلبوسي من خارج حزب تقّدم التابع للحلبوسي أي أنه يريدون أن لا يأتمر بأوامر الحلبوسي أي يريدونه شخصا فيه استقلالية وهذا الشرط سيبعد عددا من المرشحين عن دائرة التأييد للحلبوسي، وربما يريدون بديل الحلبوسي شخصا لا يستفيد من هذا المنصب في الانتخابات المحلية المقبلة.
إذن القضية الخاصة باختيار الرئيس الجديد للمجلس بحسب الدستور يجب أن يحصل على 50% زائد واحد من أعضاء مجلس النواب في الانتخابات أي 166 عضوا وبالتالي يجب أن يكون هناك حضور اغلب أعضاء مجلس النواب عند عقد الجلسة، ومهما اتفق أعضاء مجلس النواب السنة فيجب أن تكون هناك موافقة شيعية حيث إن عدد أعضاء المجلس من المكون الشيعي يصل الى أكثر من نصف عدد البرلمان وهؤلاء غير متفقين على شخص محدد رغم أن الخيار هو سني الا أنه يجب أن يكون هناك رضا شيعي وكوردي عليه والذين يرغبون بأن يكون بديل الحلبوسي زعيما أو قياديا وليس تابعا.
إذن الوقت متاح والحكومة موجودة ومجلس النواب ماض في عمله برئاسة النائب الأول لذا فلا ضير من التأخير شهر أو شهرين أي لما بعد الانتخابات المحلية والعطلة التشريعية للبرلمان التي ستنتهي في التاسع من كانون الثاني المقبل ، كما أن أعضاء المكون السني لم يتفقوا لغاية الان على بديل.
التصريحات الاطارية الشيعية تبين لا يرغبون بالتأخير أكثر مما هو متاح في انتخاب البديل للحلبوسي لان البديل الحالي هو النائب الأول الشيعي فأن كل ما يصدر منه سيفسر على انه استفراد في القرار لذلك يريدون من القوى السنة الخروج بمرشحين معدودين يتم التصويت عليهم في البرلمان.
السياقات المتبعة سابقا هو فتح باب الترشيح لمدة يومين وتقدم الاسماء الراغبة بتسنم المنصب رئيس المجلس بشكل رسمي الى رئاسة مجلس النواب ويقفل ثم تعلن الاسماء لغرض معرفة ما إذا كان أحدهم يريد الانسحاب، اما بالنسبة لآلية الاختيار داخل القوى السنية فأنهم يعتمدون على تشكيل لجنة من خارج نواب السنة في المجلس ويتم القبول بما تقرره أو اللجوء الى الانتخابات داخل قوى البرلمان السنية.
لكن الاهم أن قضية الحلبوسي اليوم لا يمكن اعتبارها قضية خاصة بالمكون السُني وهي استحقاق وطني وستقبل بشكل مباشر من قبل باقي المكونات بما سيصدر من المكونات الأخرى لان القوى الشيعية والكوردية لديها تحالفات حزبية ومصالح خاصة لذلك لا اتوقع ان يمرر كل ما يتم ترشيحه من الكتلة السنية ما لم يتم التنسيق المسبق مع تلك القوى الاخرى.
كما أن هناك عاملا مرجحا في القضية وهي الاطراف الشيعية والسنية المستقلة وكذلك نواب الجيل الجديد الكوردية وباقي المكونات حيث هؤلاء لديهم قناعات وليسوا بالضرورة ان يستجيبوا بما يتم التوافق عليه داخل القوى الكبيرة حيث إن عددهم هؤلاء يصل إلى 80 نائبا تقريباً.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً