استثمار الشباب

24-02-2019
كامل الدليمي
A+ A-

الشباب طاقة جبارة وعقول منتجة  لابد من استثمارها وتوظيفها في التنمية بكل انواعها ‏,‏ سياسية كانت او اقتصادية‏,‏ أو اجتماعية دون سواها. 

وما دون ذلك فأنهم سيسلكون السُبل الكفيلة بخلق جيل من الشباب سيكون سبباً في تدمير الدولة ومؤسساتها ، والتعاطي مع سلوكيات  دخيلة على المجتمع ولاتمت لمنظومته  الاخلاقية بصلة .

إن طاقات الشباب وابداعاتهم الخلاقة هو وقود التقدم بالمجتمعات , ولم يتمكن اي بلد من التقدم الا بالاستناد على استثمار سواعد وعقول الشباب ولايمكن للعراق ان يشهد نقلة نوعية على مستوى الامن والسياسة والاقتصاد الا وقد استوعب تلك البراكين المتفجرة ابداعاً المتمثلة بالشباب .

عندما لَبى الشباب نداء الوطن بالدفاع عن عزة وكرامة وامن العراق وشعبه ضد "مغول  العصر" تنظيم داعش الارهابي ، انخرط الشباب العراقي كسيلً جارف وهم يحملون السلاح مُلَبين نداء الوطن  .

واستطاع الشاب العراقي ان يصمد ويقاتل داعش في اصعب الظروف ويحقق النصر ، مضحياً بحياته وبكل مغريات الدنيا مقابل انتمائه الوطني ، الا تستحق تلك الوقفة الجبارة موقفاً حكومياً مسؤولاً لتلبية متطلبات الشباب وتوفير فرص عيش كريمة لهم ، خاصة بعد  ان وضعت الحربُ اوزارها وتحقق النصر ، 
ماذا ينبغي ان نفعل تجاه تلك الطاقات اليسَ من الواجب ان نتخذ اجراءات سريعة ضمن خطة مدروسة مسبقاً ومعَدَّ اعداداً علمياً وبسقف زمني محدد في سرعة التحرك والتنفيذ ، للعمل على استيعاب   كل تلك  الطاقات ،ولكي لانعيدهم الى مصطبة الاحتياط لما قبل نداء الوطن ، وكأننا نبحث عن موقفهم وقت المُلمات فقط فمن كان قادراً ان يصمد بالمعركة ويحقق النصر فهو  قادر ان يقود مشروع التنمية القادم للبلد .

وقادر على  التغيير ومواجهة تحدي التنمية. إلا أنه حتى  هذه اللحظة لم يجد الشباب نفسه في عوائد الدولة مابعد التغير ، فرغم أهمية دعم المشاركة السياسية للشباب وتوفير الأطر القانونية والمجتمعية المعزز والضامنة لتمثيل أوسع وأكثر أهمية للشباب في هياكل صنع القرار المختلفة والسماح لهم بخوض الانتخابات وتخفيض اعمار المشتركين كمرشحين لكن ذلك لايفي بالغرض , تظل البطالة هي القضية الأكثر أهمية وإلحاحا بالنسبة للشباب.

إن قضية توفير فرص عمل مناسبة للشباب تكتسب أهمية خاصة في العراق  باعتبار التمكين الاقتصادي للشباب متطلبا اساسيا للتمكين الاجتماعي والسياسي ودمج الشباب في الحياة العامة, خاصة ونحن نعيش تجربة ديمقراطية  حديثة من المفترض ان تنهض تلك التجربة بحكمة الكبار وتخطيط وتنفيذ الشباب .

هل يمكن ان نتصور مشاركة سياسية حقيقية للشباب, دون عمل يعزز ثقتهم بالنفس, واحساسهم العام بالرضا, ويكسبهم احترام الأخرين وتقديرهم, ويجعلهم قادرين علي مواصلة حياتهم الاجتماعية وتكوين أسرة تعمق شعورهم بالولاء والانتماء لهذا الوطن.

يضاف إلى هذا قضية الإعداد الجيد للشباب ثقافيا وعلميا وصحيا وبدنيا. فمن منا لا يشعر بمرارة عندما تقع عيناه على شاب أو حتى صبي في عمر الزهور يعاني الفقر والجهل وغموض المستقبل. يتسكع ليستجدي لقمة العيش او نراه مكبل اليدين بيد رجال القانون لان الدولة بعدم استيعاب طاقاته اجبرته على سلك الطرق الغير قانونية والمنافية لاخلاق مجتمعنا والمخالفة للقانون .

من صميم واجبات  الدولة ان يكون الشباب ضمن اولى اولوياتها لان الاهتمام  بالشباب لا يزال قاصرا وغير مواكب للاهتمام العالمي خاصة وأن العراق  دولة  يمثل فيها الشباب ما يقرب من اكثر من ثلث السكان, وإذا اضيف إليهم شريحة النشء الذين هم شباب المستقبل القريب ارتفعت النسبة إلي ما يزيد عن الثلثين. ورغم تزايد الاهتمام الدولي بالشباب منذ إعلان الأمم المتحدة عام  1985 عاما دوليا للشباب, وإعلانها في ديسمبر 1999, الثاني عشر من أغسطس من كل عام يوما دوليا للشباب, يتم خلاله طرح قضاياهم وما يواجهونه من مشكلات, وبلورة برامج العمل لحلها والنهوض بأوضاعهم; وكون قضايا الشباب تحتل مكان الصدارة عند صياغة السياسات الوطنية والدولية, واعتبار تمكين الشباب وتفعيل مشاركته في عملية التنمية المجتمعية الشاملة أحد أولويات العمل الوطني في العديد من دول العالم; فإن الأمر يبدو مختلفا كثيرا في العراق ، حيث الشباب يتعرضون للاهمال ضمن ستراتيجيات الدولة ومخططاتها وهذا ماشاهدناه وتابعناه منذ خمسة عشر عام من الاهمال المتقصد لاكبر ثروة لاتنضب واهم من ماموجود في باطن الارض هي "ثروة الشباب ".

إن استثمار طاقات الشباب في تنمية ذواتهم ومجتمعاتهم ضرورة وطنية. فالبعض انتقد بعض مواقف وسلوكيات الشباب في الفترة الأخيرة واتهمهم بقصور الوعي والإدراك. والسؤال هو من المسئول عن أحوال الشباب في العراق؟؟, أليست مؤسسات الدولة شريكا أساسيا فيما آل إليه شباب العراق . إذا أردنا استقرارا حقيقيا وتنمية شاملة في العراق , فعلينا إعلاء قيمة الشباب, وأن نفتح عقولنا وقلوبنا لهم وان نؤمن لهم فرص عمل كريمة وان نمكنهم ونوفر لهم كل مايساعدهم في تفجير الطاقات الابداعية الكامنة بدواخلهم للاستفادة منها في مسيرة البناء والنهوض الشاملة في العراق ،ولنعلم جميعاً بدون شباب فاعل ومحُتَضّن من قبل الدولة بكافة مؤسساتها ذلك يعني لا يوجد  مشروع تنمية ولا ثورة نهضوية  .تفعيل الشباب واستيعاب طاقاتهم ضمن مؤسسات الدولة يساوي ثورة التنمية والنهوض الشامل في البلد .


هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له أي علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬‬.


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب