"عفرين" و "رووداو" تحت القصف

23-01-2018
عبدو خليل
الكلمات الدالة عبدو خليل عفرين رووداو الإعلام
A+ A-

من السخافة أن نعيد تعريف المُسلمات والبديهيات، يبدو الأمر مملاً ومحل استهجان البعض، وضمن هذا السياق قد يأتي الحديث عن دور الإعلام ومدى أهميته في نقل قضايا الشعوب بالنسبة للكثيرين أشبه بإعادة اكتشاف العجلة. لذا سندخل الموضوع حيث انتهى الأخرون.

الإعلام الكوردي ظل لوقت طويل رهين نطاق ضيق. حزبي، بحكم جملة من الظروف. الموضوعية، الناتجة عن المؤسسات الأمنية. القمعية، للدول التي تسيطر على مقدرات الكورد، بشرياً وجغرافياً، وظروف ذاتية. خاصة بالصراعات. البينية، بين الأحزاب الكوردية التي تعاني من ترهل معرفي وثقافي لم ينتج وعياً. ذاتياً، قادراً على بناء استراتيجيات وتحالفات فوق. تنافسية، منعاً للتصادم وهدر الطاقات .

لكن في الآونة الأخيرة ظهرت قنوات كوردية كسرت رتابة الإعلام الحزبي الكلاسيكي، من بينها. رووداو، ورغم كل ملاحظاتنا. إلا أن أحداً لا يستطيع أن ينفي عنها مقاربة المهنية والوصول إلى درجة متقدمة من المصداقية الإعلامية، حيث استطاعت أن تقوم بنقلة جادة عبر رؤية الأحداث والوقائع من زوايا أكثر انفراجاً من الحزبية الضيقة، وصرنا أقرب. نسبياً، لمفهوم الرأي والرأي الأخر. مما دفع ببعض الاوساط السياسية، في سوريا والعراق وتركيا لوصفها بالنسخة الكوردية من قناة الجزيرة أو العربية، وكأن هاتين القناتين. وصمة عار، ولم يكن لهما الدور المحوري في فورة الإعلام العربي، وتحريره من ربقة إعلام المنظومات العربية الشمولية. بالتأكيد قد لا تكون هاتين القناتين بمستوى طموح الشارع العربي لكنهما أضافتا ما هو جديد وكانتا السبب في ظهور عشرات القنوات العربية التي اتاحت للمتلقي الاطلاع على رؤية. النقيضين، و ما جرى في ساحة الإعلام الكوردي في مرحلة ما بعد روداو لا يختلف كثيراً عن ما جرى في الساحة العربية.  

وبالعودة لجوهر موضوعنا. عفرين و منع روداو من تغطية ما يجري فيها، هذه النقطة تقودنا بداية إلى أن عشرات المنظومات المؤسساتية التي انتجها العمال الكوردستاني، وأغلبها تنتهي بلاحقة. الديمقراطية، ليست سوى دجل وزيف ومراوغة ومصادرة للديمقراطية. وهو يعتبر. في وجه منه. أي منع الإعلام، انتهاك يضاف لسلسلة انتهاكاته بحق كل من يختلف معه، و تتقاطع مع ما يفعله الجيش التركي من خلال قصفه لمنطقة جغرافية مأهولة بمئات ألوف المدنيين، وقد نعتبره تستراً على الجيش التركي. بحد ذاته، وهذا التخمين. 

حقنا، في ظل غياب أي وسيلة إعلامية من خارج المكنات المؤدلجة أو المرخصة التابعة للعمال الكوردستاني. 

حقيقة احتكار ما يجري في عفرين. تنبع من عقلية تاجر عروض الأزياء واللانجري وملكات الجمال ومباريات كرة القدم والسلة. وفق نظرية الربح والخسارة، وهو انتهاك بحق الرأي العام الكوردي والعالمي، و تمهيد. كما العادة، لخلق بطولات وهمية تخدم التنظيم المافيوي وتجرف الحقائق والوقائع بما تتوافق و مصالحه. و امتداد للاحتكار السياسي الذي فرضه العمال الكوردستاني بقوة الحديد والنار على الساحة الكوردية في السنوات الماضية. و في جانب أخر ذو  طبيعة لا أخلاقية تجاه الألوف من أهل عفرين الهاربين من طاحونة الحرب السورية، هؤلاء اليوم بحاجة لمصداقية في متابعة ما يجري لذويهم في الداخل. وهو حق طبيعي تكفله المواثيق والأعراف الدولية، وحرية المعلومة كما هو معروف باتت من بديهيات الحريات حتى في بعض الدول المتخلفة، هذا اذا استثنينا أن من حق المتواجدين داخل عفرين إيصال صوتهم للعالم وبوضوح ودونما حمولات إيديولوجية تفرض قسراً.

خلاصة القول. إحكام القبضة على عفرين. هو تكملة للحصار الخارجي السافر، و دليل على أن من يحكم عفرين اليوم لا يختلف عن باقي الميليشيات والفصائل الإسلامية الراديكالية التي نكلت بالسوريين وعزلتهم عن العالم الخارجي عبر مصادرتهم للإعلام. وإذا كانت عفرين اليوم ترزح تحت رعونة القصف التركي فإن الحقيقة تقصف في مكان أخر، عبر منع رووداو وغيرها.         

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية.


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب