شارع المتنبي

22-10-2018
سعد الزبيدي
A+ A-

ظل الشاعر المتنبي لقرون رمزاً من رموز الأدب حتى أطلق عليه لقب المتنبي؛ ويعد بحق مفخرة للأدب العربي وكانت فترته فترة نضج حضاري وتصدع سياسي وتوتر وصراع وفي عام 1932 أطلق عليه اسم المتنبي في عهد الملك فيصل الأول تيمناً بشاعر الحكمة أبو الطيب المتنبي.

كنت من رواد الشوارع ومن خلال المتنبي أصبحت أعشق كل ما هو قديم وتراثي فالمقاهي القريبة عنه والأبنية كلها قديمة تشعرك بأنك تعيش في الأزمنة الغابرة. أصاب المتنبي ما أصاب العراق جميعاً نتيجة الحرب والاحتلال البغيض فسرقت وسربت ملايين المصادر وأمهات الكتب والمخطوطات لخارج العراق عن طريق بعض ضعاف النفوس ممن عرف طريقه لشارع المتنبي ليلتقي بتجار لا ذمة لهم ولا ضمير في غياب سلطة القانون ولأن الساسة لا علاقة لهم لا بالعلم ولا الثقافة فقد أهملوا الشارع اهمالا متعمدا ولم ينتبهوا للخزائن التي كانت تباع جهارا فحرمت العراق والأجيال القادمة من ثروة لا تقدر بثمن .

الكثير من المثقفين الحقيقيين أصبح لا يزور الشارع أيام الجمع حيث كان جميع محبي القراءة يجتمعون لتبادل الكتب أو الأفكار والأسباب كثيرة فيعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة استخدامها من قبل الجميع خطط بعض المحيطين بأشباه الساسة للترويج عن سادتهم وغرس بداخلهم فكرة زيارة الشارع كل جمعة حتى يوهم البعض أنه مثقف وأنه محبب للثقافة ولإقتناء الكتب وهو بذلك يزين بها جدران مكتبه ويتباهى بها أمام زواره من سياسيين وصحفيين ويصر البعض على أن خلفية مكان التصوير المكتبة التي تتسع لمئات الكتب.

وبعد أن ولج السياسيون إلى الشارع دنسه بعض المتملقين ومحبو الظهور والباحثون عن الشهرة بالتقاط الصور مع المشاهير من الفنانين والساسة وهؤلاء تجدهم يتكاثرون ويتوافدون كما يتكاثر الذباب على بقليا المزابل .

ونتيجة الحرية والديمقراطية المزعومة أصبح بعض الشواذ والنكرات من أصحاب التسريحات والقصات العجيبة والأزياء الغريبة يتفقون للمجيء إلى الشارع لعرض بضاعتهم النتنة وأصبحوا يضايقون رواد الشارع الذي فرغ من محتواه وأسيء له إساءة متعمدة بعد أصبح مكانا لتواجد المحطات الفضائية والقنوات التلفزيونية ولهذا السبب تجد أن البعض لا هم له سوى ملاحقة عدسات الكاميره حتى يخبر صديقه أو حبيبته أنه مثقف وأنه من مرتادي شارع المتنبي .

ما دفعني للكتابة هو أن الكثير من الساسة يشبه هؤلاء النكرات من الشواذ بكثير من الصفات فكلاهما بلا أخلاق ولا مباديء ولا قيم فبدل من أن يكرس الساسة وقتهم لتقديم الخدمات لبلد محطم فيه كل شيء البنيان والإنسان تجده يتبجح أمام العدسات ويستعرض حبه للثقافة التي لا يستطيع أن ينام ليله حتى يفرغ من قراءة أي كتاب يقع بين يديه وهو مدمن على الشارع ولايفارقه ولو لجمعة واحدة ويوهم البعض أنه يريد أن يكون جزءا من الشعب حتى يتمشى مثلهم بلا حماية ويشتري الكتب ويتبادل الأفكار بمنتهى الديمقراطية والكثير سيضطر إلى التقاط (سلفي) مع المسؤول ويدعو الشعب لمساندته لأنه المتواضع الرقيق المرهف الإحساس والمشاعر وتراه يشتري كل أنواع الكتب ومن خلفه من يدفع ومن يحمل الكتب كي تركن على رفوف مكتبته التي لم يقرا منها ولو صفحة واحدة بهذا يستغل المكان واسمه لدعاية مجانية رخيصة.

سيدي المسؤول لانريد منك أن تثبت لنا مدى ثقافتك اذهب وانظر لشعبك حيث المدارس بلا سقوف ولا مقاعد ولا معلمين ولا كتب .

سيدي المسؤول اذهب وانظر إلى الالاف في التقاطعات تركوا مقاعد الدراسة وراحوا يركضون خلف السيارات ليوفروا قوت يومهم .

سيدي المسؤول الشعب بلا خدمات بلا أبسط مقومات الحياة الحرة الكريمة بلا ماء ولا كهرباء وكل ما في البلد يتهاوى أو يتراجع إلى الوراء.

سيدي المسؤول انظر للحالمين الباحثين عن الأمل من حشود العاطلين عن العمل. هل أخبرك من هم حولك كم عدد الـ(كوفي شوب)في كل شارع ومن هم مرتادوها؟!

هل علمت بأن الأنسان أصبح أرخص شيء في العراق وأنه يباع كأعضاء بشرية في منطقة ليست بعيدة عنك (البتاوين) ؟!

هل تعلم عدد المدمنين على انواع المخدرات ؟

هل تعلم عدد المتاجرين بالرقيق الأبيض ؟

هل تعلم عدد قاعات القمار والملاهي وعدد محال بيع الخمور وبيع الاسلحة ؟! هل تعلم عدد النازحين والساكنين في الخيم والمهجرين الذي هم يعيشون في بلدهم غرباء بلا كرامة وهل وهل وهل ....ألخ

ما فرقك عمن ارتدى زيا غريبا وأطال شعره وصبغه بألوان زاهية جميلة واستخدم المزيل كي يلمع ساقيه ويديه وأرتدى سروالا ليظهر لنا ملابسه الداخلية القذرةّ ووضع على وجهه الكالح (الميك آب) وهو يستخدم ألفاظا لا تمت للعراق والعراقيين بصلة؟!.

إرحمونا ونظفوا الشارع المتنبي واكتبوا على مدخله ممنوع دخول المخنثين والأميين والسياسيين.

لا أقصد بالأميين من لا يعرف القراءة والكتابة بل من يريد ان يوهم الجميع انه مثقف وهو لا يعرف سوى ملاحقة العدسات وتفحص وجوه الجميلات.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية.


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب