خلايا الموساد النائمة في طهران

17-11-2020
رفعت سليمي
الكلمات الدالة ايران اسرائيل سوريا
A+ A-
إسرائيل هي أس كل خلافات جمهورية إيران الإسلامية مع العالم الغربي. إذ يكره كبار مسؤولي جمهورية إيران الإسلامية العالم الغربي، سواء أكانوا محقين أم لا، ويعزون ذلك الكره في أغلبه إلى توليد ابن غير شرعي اسمه إسرائيل. 
 
يتعزز العداء لإسرائيل من جانب إيران يوماً بعد يوم حتى بلغت الأمور حداً باتت معه دولتان غير عربيتين، إيران وإلى حد ما تركيا، حامل لواء الدفاع عن قضية فلسطين. كما أن إيران دولة يصرح مسؤولوها في أعلى الهرم برفع شعار مسح إسرائيل من الخريطة الجغرافية للعالم، وكان مؤسس جمهورية إيران الإسلامية، آية الله الخميني، يصف إسرائيل بالبذرة السرطانية التي يجب أن تستأصل، وأعلن المرشد الأعلى الحالي، آية الله الخامنئي، قبل سنوات أن النظام الصهيوني لن يرى الخمس وعشرين سنة القادمة. لكن المؤشرات تخبرنا أن كل مشاكل وعداء إيران، حسب كثير من وسائل الإعلام ومراكز البحوث العالمي، دفع إسرائيل إلى عدم الوقوف مكتوفة الأيدي، فإضافة إلى قدراتها العسكرية أصبحت تمتلك واحداً من أقوى الأجهزة الاستخبارية والمضادة للتجسس على مستوى العالم وأكثرها فعالية.
 
قبل وبعد ظهور الأزمة السورية
 
الأزمة السورية نقطة تحول في العداء والمواجهة بين إيران وإسرائيل. فقبل بروز الأزمة السورية وغياب موقف أمريكا في عهد أوباما، كان الموساد يحاول ضرب إيران من خلال ضربات سايبيرية فقط. مثلاً، استهدف فيروس كمبيوتري قوي اسمه (ستاكس نيت) المؤسسات النووية والعسكرية الإيرانية، وأعلن خبراء الهجمات السايبيرية حينها أن لستاكس نيت تركيبة متطورة ومعقدة من المستحيل أن يتمكن من صنعه قراصنة أو أشرار أو عدوانيون كمجاهدي خلق وغيرها من أطراف المعارضة الإيرانية، ولا شك أن دولة تقف وراءه وأشاروا في الغالب إلى إسرائيل. كما أعلنوا أن الفيروس تمكن من خلق مشاكل للبرنامج النووي الإيراني وربما أخّره لسنوات. 
 
هذا يعني أن المستنقع لم يكن بهذا العمق قبل أن تدخل إيران عن طريق وكلائها من القوى غير الإيرانية التابعة لها، ثم بصورة مباشرة من خلال دخول قواتها العسكرية الفناء الخلفي لإسرائيل. لكن الأزمة السورية واستقرار القوات الإيرانية بجانب إسرائيل، دفعا المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين إلى الاقتناع بالتخلي عن الحلم والصبر القديم وأن لا يكتفوا بتوجيه نصال حراب هجماتهم المباشرة صوب القوات الإيرانية في سوريا، بل وفوق ذلك، إرسال خلايا سرية ولكن نشطة إلى الداخل الإيراني أو التفكير في مساعدة وتشكيل خلايا متخفية في صفوف الإيرانيين أنفسهم.
 
قبل سنوات من الآن، اغتيل العديد من علماء الذرة الإيرانيون في طهران وقالت إيران إن إسرائيل هي التي تغتال علماءها النوويين، وقبل سنتين من الآن، أماط رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اللثام عن أطنان من الوثائق المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني. حيث ادعى نتنياهو أن قواتهم تمكنت من جمع تلك الوثائق ونقلها من طهران إلى تل أبيب من خلال عملية تجسسية معقدة ومحكمة. 
 
ثم، وقبل أشهر من اليوم، وقع انفجار كبير في قاعدة ناتانز النووية بالقرب من أصفهان، وصفه عدد من المسؤولين والبرلمانيين الإيرانيين بأنه لم يكن حادثاً عادياً ولا تقنياً، بل عملية تخريبية تقف وراءها يد خارجية، وهنا أيضاً أشارت أصابع الاتهام إلى إسرائيل. في أحدث تطور، وقبل شهر من الآن، أعلنت وسائل إعلام عالمية خبر اغتيال مسؤول كبير في حزب الله اللبناني مع ابنته في شارع (باسداران) بطهران. لكن وسائل الإعلام العالمية، أعلنت بعد شهر من ذلك أن اللذين اغتيلا في شارع باسداران لم يكونا مسؤول حزب الله وابنته، بل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الإرهابي – نائب أيمن الظواهري – أبو محمد المصري وابنته، التي هي زوجة حمزة بن لادن، ونقلت وسائل الإعلام عن عدد كبير من كبار المسؤولين الأميركيين أن المصري وابنته قتلا في طهران بأوامر صادرة من أميركا وعلى يد خلايا الموساد السرية.
 
كانت هناك حماية مشددة للعلماء النوويين الإيرانيين، والوثائق التي عرضها نتنياهو كانت حمولة العديد من البغال القوية، مع أن إيران وصفت ذلك بالعرض الإعلامي ونفت تعرض أي وثيقة مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني للسرقة. كما أن قاعدة ناتانز النووية محمية أكثر من كل المؤسسات الإيرانية، وشارع باسداران، الذي يضم سفارات العديد من الدول وتسكنه الشخصيات الأجنبية المهمة، يعد من أهم شوارع طهران ويخضع لرقابة مشددة من جانب القوات الأمنية.
 
إن كانت ادعاءات إسرائيل هذه صحيحة وإن كان الموساد قد تمكن من النفوذ في المؤسسات العسكرية والنووية والأمنية الإيرانية بهذه الصورة، يجب أن يواجه المسؤولون الأمنيون الإيرانيون وخاصة مجلس الأمن الوطني الإيراني محاسبة شديدة، أو على الأقل أن يتم تذكيرهم بمقولة آية الله الخميني الذي قال لو أن كل واحد من جمع المسلمين سكب كأس ماء لطفت إسرائيل وجرفها الماء. بينما جهاز الاستخبارات التابع لإسرائيل الصغيرة تلك، التي يتحدث عنها الإيرانيون منذ أكثر من أربعين سنة باستخفاف واستهزاء ويسمونها النظام الصهيوني، يصول ويجول بكل يسر في قلب طهران ويصيب أهدافه هناك.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

خيري بوزاني

تفكيك البندقية.. هل طوى حزب العمال الكوردستاني صفحة الكفاح المسلح؟

في خطوة أثارت الكثير من الجدل، أعلن حزب العمال الكوردستاني إنهاء وجوده أثناء مؤتمره الثاني عشر. هذا الإعلان لم يكن مجرد قرار إداري، بل كان زلزالاً سياسياً أدى إلى تحولات كبرى في هيكل الحركة الكوردية وأثر بشكل عميق في نفوس الجماهير في تركيا. ترى هل يمثل هذه الخطوة نهاية، أم أنها بداية لرؤية جديدة وتوجه مختلف، يمكن أن يقودها الحوار بدلاً من العنف، مع التركيز على التعبير عن الهوية الكوردية بطرق محدثة؟