تأسست في العراق الحديث، ومنذ العهد الملكي، احزاب سياسية وطنية عديدة، بعضها كانت اهدافها محدودة، ولم تقاوم من اجل بقائها، خاصة وان عملها انصب على عداء الملكية والاستعمار البريطاني للعراق، والبعض الآخر من الاحزاب السياسية والذي تبنى آيدولوجيات خارجية، سواء كانت قومية عربية وسرعان ما تحولت الى شوفينية، او افكار يسارية اممية ابتعدت عن طموحات الواقع العراقي، وغالبية هذه الاحزاب كانت تعتمد تنظيرات فكرية معقدة وبزعامات مفكرين او كتاب وسياسيين يتمتعون باحلام ثورية او ما اطلق عليها بالرومانسية الثورية.
في الجهة الاخرى من العراق، في شمال الوطن، في كوردستانه، قاد فلاح كوردي خرج من رحم الارض، من رحم الجبل، شق الصخور ونهض حاملا منجله بيد وراية تحرير ارضه واهله باليد الاخرى، لم يكن قد استورد افكاره ليؤسس حزبه من غرب او شرق العالم، ولم يرسم احلاما ثورية ووردية لشعب عانى من الظلم والاضطهاد، بل لم يكن عنده وقتا ليحلم، بل جند كل اوقاته ليعمل، فجمع رفاقه، اصحابه، اهله، الفلاحين البسطاء والاقوياء الذين يتمتعون بعزيمة لا تقهر واتخذوا من قمم جبال كوردستان مقامات لهم، ومن الشمس شعارا يستنيرون به ضد الظلم والظلام.
هكذا، وبلا شعارات رنانة ووعود واسعة اسس الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني (الحزب الديمقراطي الكوردي) كحزب قومي، وليس شوفينيا، ليبرالي في مثل هذا اليوم 16 آب من عام 1946، وفي المؤتمر الثالث للحزب، بتاريخ 26/1/1953 المنعقدة في مدينة كركوك، تقرر تغيير الاسم إلى (الحزب الديمقراطي الكوردستاني). كدليل على ديناميكية افكار الزعيم الخالد ورفاقه وتفاعلهم مع الافكار المتجددة، والاهم من ذلك على تحديد اهدافهم منذ وقت مبكر بان هذا الحزب سيمضي من اجل بناء كوردستان حرة وقوية تحفظ للمواطن الكوردي حريته وكرامته.
المراقب لحركة الاحزاب السياسية العراقية اليوم، وعبر قراءة متأنية ودقيقة يدرك تماما ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني هو الحزب السياسي العراقي الوحيد الذي استمر بنضاله وعمله دون توقف من اجل تحقيق اهدافه التي وضعها واصر عليها وناضل من اجلها قادته منذ المؤسس الخالد ملا مصطفى بارزاني حتى نجله الرئيس مسعود بارزاني وبقية رفاق الامس واليوم، بينما لم تحقق احزاب عريقة واقدم من الديمقراطي الكوردستاني عمرا، ايا من اهدافها وتراجعت في مسيرتها، بل انتهى بعضها بسبب السلوك الاجرامي والعقلية الشوفينية التي تصرف وفقها قادته، مثل حزب البعث.
نحن هنا لا نقارن بين الاحزاب بقدر ما نريد ان نؤكد بان شرعية البارتي المستمدة من صلابة الارض، الجبل، ومن احقية قياداته في تحقيق اهدافهم السامية والنبيلة بتحرير الانسان والارض هي التي ابقت الحزب الديمقراطي الكوردستاني قويا وصامدا بالرغم من الحروب الجبارة التي شنتها جيوش الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العهد الملكي حتى 1991 تاريخ الانتفاضة الشعبية الكوردية الكبرى ضد اعتى نظام شوفيني اجرامي كبد الكورد الالاف من الشهداء، وخاصة البارزانيين.
لو كان اي حزب سياسي قد تعرض ولو لجزء بسيط مما تعرض له الحزب الديمقراطي الكوردستاني من مؤامرات وحروب واغتيالات، لما كان قد استمر وحقق اهدافه في قيام اقليم كوردستان الذي سرعان ما احتل مكانته المتقدمة في خارطة العالم.
يقول الرئيس مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، والذي عاصر نضاله منذ فتوته المبكرة برفقة والده الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني في كلمته بالذكرى الـ 79 لتاسيس الحزب " لقد كان تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في السادس عشر من آب عام 1946 ضرورةً تاريخية لمواصلة واستمرار نضال شعب كوردستان في مواجهة مؤامرات أعداء ومحتلي كوردستان، الذين كانوا يسعون بكل قوتهم وإمكانياتهم لكسر إرادة شعب كوردستان وإسكات نضاله. ومنذ تأسيسه وحتى الآن، كان الحزب وسيلة للدفاع عن حقوق وهوية ووجود شعب كوردستان، وفي الوقت نفسه كان وسيلة لتحقيق الأهداف الديمقراطية والوطنية والقومية لشعب كوردستان".
ومن حق الرئيس بارزاني ان يفتخر بانجازات حزبه والذي هو اليوم حزب غالبية الجماهير الكوردية داخل العراق وخارجه، وان يعتز بما تحقق في ظل زعامته وهو ينظر اليها من علو قمته العالية، قائلا" نؤكد أن الحزب كان في جميع مراحله حاملاً لرسالة السلام، وتعميق مبادئ التعددية والأخوّة والتعايش، وقد أدى دوره الريادي بنجاح في المحطات الهامة والحاسمة من التاريخ السياسي لكوردستان والعراق".
احد اهم اسرار ديمومة الحزب الديمقراطي الكوردستاني واستمراره في تسلق قمم الانجازات هو بنائه لقيادات سياسية متمكنة وقادرة على حمل راية الحزب والمضي بتحقيق اهدافه وانجازاته ليكون اقليم كوردستان في واجهة حواضر العالم المتطورة، وهذا ما يؤكد عليه نيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ورئيس اقليم كوردستان، قائلا" مثلما ظل الحزب الديمقراطي الكوردستاني عبر التاريخ منتصراً أبياً في مواجهة كل المشاكل والتعقيدات والمد والجزر، سيستمر بحكمة وإرادة قوية ليحقق آمال وأحلام شعب كوردستان. من أجل هذا، علينا أن نحدّث أنفسنا باستمرار لمواكبة المستجدات والتطورات وروح العصر ومتطلباته، ليكون الحزب الديمقراطي الكوردستاني كما هو دائماً الأمل والضمان والروح والمحرك لتقدم شعب كوردستان".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً