/35/ عاماً مضت. والذاكرة الكوردية لما تزل ترفض اختزال الصور والمشاهد عبر اللوحات أو المعارض الفنية أو حتى الاستذكار فقط. إنما أضحت المآسي والتفرد بتأليف الأحزان والاستفراد ببشاعة القتل على الهوية الشخصية الكوردية صنوان.
القتل العمد، أو القتل على الهوية. شعار الحكومات المتعاقبة على سدّة العراق. والمشترك الأبرز بينهم، لزومية قتل الكورد على هويته القومية.
أخفى نظام البعث العراقي 12 ألف شاب، وأنفال كرميان، وقصف حلبجة، والتعريب والترحيل القسري والاعتداءات الإرهابية ووحرب لإبادة أكثر من (182) ألف إنسان كوردي.
عقود من الضيم، قابله عقود من النضال. مئات الآلاف من المؤنفلين والمخطوفين ودفن الأحياء، قابله ثبات وإصرارا على المضي نحو بارقة شمس الأمل. لم تخبو جذوة النضال، ولم تلن عزيمة الرجال.
يشعر البارزانيون بالفخر لما قدموه من تضحيات لأجل الخلاص واستقلال شعب كوردستان. تعرضوا للكثير من المآسي، طوال القرن العشرين بدءاً من 1905 بانطلاق ثورة عبد السلام البارزاني من اجل استقلال كوردستان، حينما أحرقت ودمرت قرية بارزان 16 مرة من قبل أعداء شعب كوردستان، لكن بارزان لم تخضع أبدا للعدو ولم تستسلم، ولم تكسر إرادتها أبدا واستمرت على مبدأها، أن المبدأ الذي يفتخر به وتربى عليه البارزانيون، مبدأ لا يقبل الظلم والذل، تربية فيها الدين أخلاق، وحياة الخضوع موت، والموت من اجل الحرية حياة.
كان رئيس النظام العراقي الأسبق قدّ أصدر فرماناً تحت أشراف وتنفيذ مدير الأمن العام آنذاك فاضل البراك، بخروج قوات كبيرة من الضباط والمراتب من مديريات أمن أربيل وأفواج الطوارئ من عدة محافظات وتشكيلات من الحرس الجمهوري، للتمركز في نقاط قريبة من مناطق تجمع العوائل البارزانية وفق خطة سرية محكمة. ثم بوشر بتجميع تلك العوائل البارزانية من مجمعات كانت تسمى قوشتبه، القادسية، القدس، وبعد ذلك في ميركاسور، وحرير ضمن قاطع شقلاوة ومجمع ديانا ضمن قاطع راوندوز ومجمع سور في قاطع قضاء الزيبار ومجمع بحركة. كانت ساعة الصفر هي إلقاء القبض على جميع تلك العوائل حتى ضمن بغداد وشملت كل من عمره/9/ وما فوق. تم نقلهم إلى بغداد ثم تسليمهم إلى مديرية الأمن العامة ثم نقلهم إلى منطقة تابعة لمحافظة السماوة ويتم تنفيذ حكم الإعدام من قبل مختصين بتنفيذ عمليات إرهابية ضد الإنسانية ودفن قسم منهم وهم أحياء. كما تم تخصيص مجموعة من قيادات ووجهاء البارزانيين لتحويلهم إلى محكمة الثورة إحدى أبشع وأسوء محاكم التاريخ التي كانت تشبه محاكم التفتيش.
وأصدرت بحق هؤلاء حكم الإعدام حتى قبل عقدّ جلسات المحكمة، وفق ما عُرف من الأسماء بحسب إحدى الوثائق: قررت رئاسة محكمة الثورة في العدد 1446/ج/1983 وبتاريخ 30 آب عام 1983 : برئاسة عواد حمد البندر وعضوية الحقوقي داوود سلمان شهاب والمقدم الحقوقي طارق هادي شكر وأصدرت باسم الشعب القرار الآتي: الحكم على كل من: (صابر مصطفى محمد ، عبدالسلام البارزاني، نوزاد لقمان مصطفى البارزاني، أزاد لقمان مصطفى البارزاني، صلاح لقمان مصطفى البارزاني، بيداد لقمان مصطفى البارزاني، عماد عثمان احمد محمد البارزاني، نور الدين محمد صديق محمد البارزاني، إسماعيل فقي كولا البارزاني، رمزي عبدالله سليم البارزاني، أمين عثمان هميرة البارزاني، رجب إسماعيل حسن البارزاني، قادر نعمان جهور البارزاني، مجيد عبدالله سليم البارزاني، حكيم سعيد حسن البارزاني، سبهان إسماعيل عبدالسلام البارزاني، زبير عبدالله سليم البارزاني، حسن ذياب در البارزاني، دلدار علي محمد حاجي البارزاني، إسماعيل مصطفى محمود البارزاني، عبدالباري سليمان عبد السلام البارزاني ، احمد محمد عبد السلام البارزاني ) بالإعدام شنقاً حتى الموت ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة مع العلم لم يتم تحرير شهادات الوفاة لهم .. وكان من ضمن الشهداء خمسة وثلاثين شخصاً من أسرة البارزاني ومنهم أولاده وأحفاده وأولاد أخوته وغيرهم من الشهداء.
لم تستطع أيًّ من الحكومات الدموية التي حكمت العراق منذ الاستقلال عن الانكليز وحتى اليوم، من تجاوز عقدة البارزانيين. لم يستطيعوا النيل منهم وإنهائهم، ولم يتمكن أحد من تجاوزهم في أيَّ حوار أو مفاوضات. الرقمّ الصعب، والمعادلة المستحيلة التجاوز. حتى في الفترات التي تواجدت فيها أحزاب كوردية في بغداد، لم تقبل الحكومات العراقية التفاوض في غياب الديمقراطي والرئيس مسعود البارزاني.
فمنذ مفاوضات حكومة عبدالرحمن البزاز1966، والمفاوضات بعد انقلاب 17تموز 1986، ومفاوضات 1991. كان الشرط الأساسي لجميع تلك الحكومات العراقية تواجد قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سدة المفاوضات. لدرجة أن رئيس النظام العراقي في التسعينيات اشترط على جلال طالباني الذي ترأس وفد التحالف الكوردستاني تواجد مسعود البارزاني في قيادة المفاوضات، لعلم كل هؤلاء باستحالة تطبيق أي قرار على الشعب الكوردي في العراق دون موافقة البارتي.
لهذا لم يكن غريباً أن يدعو العبادي إلى إبعاد الرئيس مسعود البارزاني عن دائرة القرار والمفاوضات وأي شيء أخر يرمز إلى السيادة الكوردية، ولم يكن غريباً أيضا مواقف أطراف كوردية عراقية دعت إلى نفس الدعوات والشروط. وليس بالغريب أن تحاول أحزاب تنشط في كوردستان سوريا السعيّ نحو محاربة البارزانية والبرزانيين ونسف وتشويه سمعة الرئيس البارزاني، في سعياً منها نحو قطع أي صلة فكرية سياسية بينهم بين الشعب الكوردي في كوردستان سوريا.
وهمّ محقون في أحلامهم ومخططاتهم، لسبب وحيد؛ الطغاة لا يستطيعون العيش في سلام وأمان، في ظل تواجد أحزاب لا تقبل التنازل عن تطلعات الشعب الكوردي، خاصة وإنهم اعتقدوا أن إنهاء البارزانيين سهل جداً، والطريق الوحيد للسيطرة هو في إبعاد أيّ أثر لتيار البارزاني القومي.
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً