من قتل عدنان خير الله؟

أمس في 08:51
معد فياض
الكلمات الدالة عدنان خير الله
A+ A-
انا ليس ممن ينبشون في الماضي، لكني في ذات الوقت اهتم بحوادث التاريخ الراهن التي عشناها وعايشناها، كما اني لا أؤمن بنظرية المؤامرة على الاطلاق، وقبل ان اثق بحادث ابحث جاهداً لمعرفة الحقيقة، وهذا ما فعلته في الكثير من القضايا والقصص، ليس لأنني صحفي حريص على مصداقية الحدث فحسب، بل ايضاً لأبرهن الحقائق، قدر ما استطيع.
 
هذا ما حدث في قضية موت الفريق الاول الركن عدنان خير الله، وزير الدفاع ونائب القائد العام للقوات المسلحة في عهد النظام السابق. حتى اليوم وبالرغم من مرور 36 عاماً على حادثة سقوط طائرته فهناك العديد من القصص والاحاديث التي تتداول حول فيما اذا كان رحيله بسبب سقوط طائرته الهليكوبتر نتيجة سوء الاحوال الجوية ام إثر مؤامرة لتفجير طائرته، مع ان غالبية من يعرفه، ومن علمه الطيران، وكذلك شهادة المقربين اكدت بانه كان طياراً ماهراً لعدة انواع من طائرات الهليكوبتر.
 
كان عمر عدنان خير الله عند رحيله 49 عاماً، ولد عام 1940 ومات في حادث سقوط طائرته في مثل هذا اليوم، 5 ايار عام 1989، وكان محافظاً على لياقته البدنية وحالته الصحية كونه تدرب طويلاً ضمن صنف القوات الخاصة، حسب شهادة محمد عبد الله الشهواني، آمر صنف القوات الخاصة والذي كان احد الاصدقاء المقربين من عدنان خير الله، ثم اصبح رئيساً للجهاز الوطني للمخابرات الوطنية بين 2004 وحتى 2009، والذي انشق عن صدام حسين في التسعينيات وخطط للاطاحة بنظامه وكانت خسارته فادحة عندما اعدم النظام اولاده الثلاث بعد فراره من العراق.
 
كنت قد التقيت الشهواني ثلاث مرات، الاولى في النجف بعد دخولنا في نيسان 2003، الى العراق، ثم في حديقة منزل أياد علاوي، في بغداد عندما كان رئيساً للوزراء، عام 2005، قبيل الانتخابات التشريعية، وعندما سألته عما يعرفه عن حادثة سقوط طائرة وزير الدفاع الاسبق، وان لجان التحقيق اجمعت على ان الطائرة بالفعل سقطت بسبب الظروف الجوية، قال: "نعم الطائرة سقطت، لكن لماذا وكيف سقطت وعدنان كان طياراً ماهراً؟". وهذا السؤال بحد ذاته يثير العديد من الشكوك.
 
لجان التحقيق الفنية بحثت في موضوع سقوط طائرة عدنان خير الله لكنها لم تبحث عن اسباب اصراره على الطيران في ظل ظروف جوية صعبة، مع صدور تحذيرات من الجهات المختصة لجميع المطارات بعدم الطيران، وان جميع المطارات في المنطقة كانت مغلقة وترفض هبوط اية طائرة بسبب العاصفة الترابية. وايضاً: لماذا وصلت الطائرتان الهليكوبتر المرافقة له بسلام الى بغداد، بينما طائرة الوزير "كبت" حسب وصف البيان الذي اصدره صدام حسين في نعي ابن خاله ووزير دفاعه؟.
 
كان عدنان قد وصل الى مصيف انيشكي قرب سرسنك التابع لمحافظة دهوك مع الطائرتين المرافقتين ظهر يوم الجمعة، 5 ايار، للالتحاق بصدام حسين وعائلته، وفجأة قرر العودة بعد ظهر ذات اليوم. احد افراد حماية صدام، وهو تكريتي من عشيرة صدام، سرب معلومة تفيد بأن عدنان خير الله خرج ممتعضاً من لقاء عائلي جمعه مع صدام وزوجته، ساجدة خير الله، شقيقة وزير الدفاع، وحسين كامل الذي كان عدنان يكرهه ولا يحترمه، ووقت ذاك تداولت قصص قالت انه "بعد ظهور حسين كامل بفترة من الزمن، حاول عدنان خير الله الحصول على إعفاء من منصبه كوزير للدفاع. لم يكن مرتاحاً إلى البروز المفاجئ له، ولكونه عسكري محترف لم يعجبه تدخل حسين كامل في الشؤون العسكرية وامور الضباط وتحركاتهم، وهو الأمر الذي دفعه إلى أن طلب رسمياً من الرئيس صدام حسين، من خلال وزير الداخلية آنذاك سعدون شاكر، إعفاءه من وزارة الدفاع"، مضيفة أن "عدنان كان يردد علنا وامام مقربين منه: حسين كامل طفل (زعطوط). ونحن لسنا بحاجة إلى أطفال في القوات المسلحة".
 
وحسب رواية عنصر الحماية، غير المؤكدة، فان عدنان خرج غاضباً وقرر العودة الى بغداد، وكان الجو صافياً في دهوك ولا توجد اية عاصفة ترابية.
 
الاهم من كل هذا ما كشفه لي صدام كامل بعد هروبه مع شقيقه حسين الى عمان وزوجتيهما ابنتي صدام في آب 1995 ، بأنه هو من وضع قنبلة دخان بمكان غير مكشوف في كابينة القيادة بطائرة عدنان خير الله في مصيف انيشكي وبأمر من شقيقه حسين. وعندما سألته فيما اذا كان حسين قد فعل ذلك بأمر من صدام حسين، قال: "لا ادري". وهذه الرواية يجب التحقيق فيها ذلك ان صدام كامل ربما قال ذلك من باب الغضب على عمه، او لإبراز نفسه كبطل، مع انه حذرني بشدة من نشر هذه القصة في الاعلام وقتذاك، وقال: "يجي وقت نشرها بعدين".
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

كاميران حاج عبدو

بين البعث والإسلام السياسي.. ضياع الهوية السورية

بقدر ما أساء نظام البعث إلى سوريا خلال أكثر من ستة عقود من الحكم، وفشله بل وتعمُّده في طمس الهوية الوطنية الجامعة لمصلحة أيديولوجيا قومية ضيّقة، فإن مسؤولية الإسلام السياسي، وعلى رأسه تنظيم الإخوان المسلمين، لا تقل خطراً، بل ربما كانت أشد وطأة من حيث النتائج التي نعيشها اليوم.