مقدمة
يوجد بين تقرير وزارة المالية الاتحادية العراقية وتقارير شركة تصدير النفط (سومو) ووزارة النفط الاتحادية حول عائدات النفط اختلاف بمليارات من الدولارات، فقد كان الاختلاف بين الأرقام في العام 2023 يتجاوز أربعة مليارات دولار، يضاف إليه 48 مليون دولار هو مقدار الاختلاف بين البيانات الأولية والنهائية لسومو حول عائدات النفط الذي جرى تصديره.
في يوم (24 كانون الثاني 2024) نشرت وزارة النفط العراقية البيانات الختامية لشهر كانون الأول 2023 الخاصة بكميات النفط المصدرة وعائداتها، وبهذا بلغت كمية النفط المصدر في السنة الماضية باستثناء المصدرة من إقليم كوردستان 1232170321 برميلاً، وبلغت عائدات تصدير هذه الكمية من النفط 97.569 مليار دولار، لكن وزارة المالية الاتحادية تقول إن عائدات النفط والثروات الطبيعية كانت 121 ترليون دينار (93.416 مليون دولار) وبهذا يكون الاختلاف بين بيانات الوزارتين حول العائدات 4.153 مليار دولار.
الاختلاف الوارد في أعلاه، ان احتسبناه بالدينار العراقي وبسعر صرف 1300 دينار للدولار الواحد، فإن عائدات السنة الماضية حسب وزارة النفط تتجاوز 126 ترليون دينار، أي أن الاختلاف هو أكثر من خمسة ترليونات دينار.
تشكل عائدات النفط نسبة 95% من عائدات الدولة العراقية، وبحسب التقارير الرسمية للحكومة الاتحادية العراقية توجد اختلافات كبيرة بين الأرقام التي توردها وزارة المالية في تقارير العائدات وتقارير النفقات الشهرية للنفط. فمثلاً يشير تقرير وزارة المالية العراقية لشهر أيلول 2023 إلى أن عائدات النفط كانت أكثر بستة مليارات دولار مما نشرته وزارة النفط العراقية لنفس الشهر.
الاختلاف بين أرقام سومو وأرقام وزارة المالية العراقية
تنشر شركة تسويق النفط العراقية (سومو) في بداية وأواسط كل شهر، عائدات النفط وكمية النفط المصدر وسعر البيع لكل برميل (للشهر السابق). على سبيل المثال، تشير بيانات وزارة النفط العراقية وسومو للعام 2023، وحسب تقاريرها في بدايات الأشهر إلى أن كمية النفط المصدر كانت 1232170321 برميلاً، وأن عائدات بيع هذه الكمية من النفط كانت 97.521 مليار دولار، وكان الاختلاف حسب التقرير النهائي، أقل بـ195 برميل نفط فقط، لكن العائدات كانت أقل بـ48 مليون دولار، كما هو موضح في الجدول رقم (1).
الجدول رقم 1: كمية النفط المصدر وعائداته حسب سومو في تقريرها الأولي والنهائي لسنة 2023
هناك نقطة أخرى تظهر في البيانات، وهي الاختلاف بين الأرقام الخاصة بعائدات النفط بين وزارتي المالية والنفط العراقيتين، إضافة إلى الاختلاف في العائدات إذا كانت بالدولار أو بالدينار. على سبيل المثلا، يظهر من الرسم البياني في أدناه أن الاختلاف كان يتراوح بين 500 مليون دولار وملياري دولار في كل شهر.
ما يظهر بجلاء من هذه الأرقام هو أن عائدات وزارة النفط العراقية كانت دائماً أكبر مما أعلنت وزارة المالية، باستثناء شهر أيلول عندما أظهرت بيانات وزارة المالية أن العائدات هي 15.11 مليار دولار في حين أعلنت وزارة النفط أنها 9.42 مليار دولار.
رسم بياني رقم 1: عائدات النفط بين وزارة المالية وبيانات سومو ووزارة النفط العراقية لسنة 2023
الملاحظة الأولى: سعر الدولار الواحد هو 1300 دينار عراقي في جميع أشهر 2023 لكن في عام 2024 تم تسعير الدولار الواحد ب1450 دينار كسعر البنك المركزي.
الملاحظة الثانية: تقديرات إيرادات النفط والموارد الطبيعية لشهر كانون الأول مبنية على بيانات وزارة المالية العراقية، كون وزارة المالية العراقية لم تنشر بعد تقرير الإيرادات والنفقات لشهر كانون الأول من 2023.
النهاية
ورغم أن البيانات متوفرة في العراق، إلا أنها صعبة التفسير، لأن تضاعف إيرادات النفط والموارد الطبيعية في سبتمبر 2023، بحسب تقرير وزارة المالية العراقية، لم يكن خطأ وتم تصحيحه او ان يكون قد تم حساب شهرين بدلاً من شهر واحد بل اعيد نفس الخطأ بشكل متكرر في أكتوبر وتشرين الأول 2023. لكن من غير المعروف ما هي أرقام النفقات والإيرادات التي ستكون في تقرير شهر ديسمبر.
هنا قد تم حساب الدولار الواحد ب1300 دينار عراقي كبنك المركزي وتمت مقارنته مع البيانات الأخرى. إذا قيل إن وزارة النفط تقتطع نفقات شركات ثم تعيد ما تعيده وزارة المالية إلى خزنة الدولة صافياً من إيرادات النفط، ألا ينبغي أن يدخل ذلك الإنفاق في تقرير نفقات وزارة المالية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فأين ذهبت الـ 2.3 تريليون دينار التي أنفقت على وزارة النفط نهاية نوفمبر 2023؟
الرسم البياني(2): الفرق بين بيانات الإيرادات النفطية بين وزارة النفط (سومو) ووزارة المالية لعام 2022 و 2023
ملاحظة: تم تقدير إيرادات النفط والموارد الطبيعية لشهر كانون الأول/ديسمبر من وزارة المالية العراقية
الفرق ليس فقط في عدد الوزارات والسنة الماضية فقط، بل كان الفرق في عام 2022 اكثر من 9.62 مليار دولار وفي عام 2023 نزل الى 4.4 مليار دولار.
في الواقع يجب على وزارة المالية العراقية تفسير تلك الإختلافات ويجب على اللجنة المالية في مجلس النواب متابعة الموضوع، وذلك على الرغم من تصحيح إيرادات النفط والموارد الطبيعية في تقارير وزارة المالية. يجب ألا تكون الأرقام للنشر فقط، ويجب أن تتضمن الاختلافات في بالأصفار والعشرات والمئات والآلاف.
إذا كانت الأرقام خاطئة فإن وزارة المالية العراقية ليست فقط مخطئة في الإيرادات والنفقات، بل أيضا في موازنة 2023 كان بها فرق تريليونات الدنانير. وعلى الرغم من طرحها، إلا أنها لم تتم متابعتها أو تصحيحها. اذا مر اختلاف الموازنة على تعديل هذا العام في وزارة المالية والبرلمان فإن القول بأن الموازنة العراقية على الورق فقط سيكون صحيحاً،لأنه كان من المفترض أن تنفق أكثر من 199 تريليون دينار في 2023، لكن بعد 11 شهراً أصبحت 109 تريليون دينار. وأخيرا، مهما كان سبب هذا الفارق، فإنه ينبغي ذكره في تقارير وزارة النفط أو المالية العراقية، لأن الفارق ليس بضع مئات من الدنانير والدولارات، بل مليارات الدولارات وتريليونات الدنانير.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً