الاستعمار البريطاني
سبق التخطيط لاستعمار العراق من البريطانيين الحرب العالمية، ولكن تشكيل العراق بشكله الحالي كان نتيجة لأحد تطبيقات سايكس بيكو في التحول من التقسيم العرضي إلى الطولي، كانت بريطانيا تخطط قبل الحرب العالمية لضم ما تسيطر عليه من العراق إلى الكومنويلث، باعتباره ضرورة مع تطور المدنية ومتطلبات التجارة والمواد الأولية، ربما لم تك بغداد في المخطط هذا، ومن خلال حكم ذاتي أو ضمها إلى حكومة الهند الشرقية التي يديرها البريطانيون، لكن حصول الحرب وضغط المتطوعين الجهاديين مع الدولة العثمانية أوجد حالة ضرورة لاحتلال البصرة الذي لم يستغرق وقتاً، فشجع هذا للتقدم إلى الكوت التي قاتلت ببسالة فأتت بريطانيا بقوات انكسرت عند المدائن وأعاد العثمانيون البريطانيين إلى الكوت، لكن لم يكملوا فتتابع التقدم البريطاني إلى الفتحة وهي حدود ولاية الموصل ومن ثم دخلت القوات البريطانية سلمياً بانسحاب الأتراك دون معارك، ولم تنجح بريطانيا بالملخص، لاختلاف لغة التفاهم وفقدان الثقة ولو سعت منذ البداية لتقوية العراق لبقيت في الصدارة.
بريطانيا كمساحة نصف مساحة العراق، رغم أن سكانها الآن ضعف سكان العراق لهذا فهي تستعمر وتبني لحاجتها مما في المستعمرات فاستثماراتها في الموارد البشرية والطبيعية والجغرافية قائم، فهي استعمار إن أردنا التمييز عن الاحتلال الذي لا يبني، لكن هذا الأسلوب لم يعد صالحاً، وممكن تحقيق علاقات تكاملية لكل الدول من خلال الاستثمار والتنمية بالمشاركات (J.V).
أخطاء بريطانية:
1- لجوء البريطانيين إلى العنف واستقدام أقوام أخرى تبحث عن إقامة وطن أو مكاسب لقتال أهل الولايات واستخدام الهند الشرقية في البدء بحركة استعمارية جعلت من بريطانيا محتلاً مشكوكاً في سلوكه المدني.
2- استخدام الهند الشرقية نقل تجربة الحاكم البريطاني من الهند إلى العراق تجاهلاً لاختلاف الشعب في البلدين من حيث الطبائع والانتماء، ففي الهند أتى الإنكليز وقضوا على حكم المغول الذين كانوا يحكمون الهند وحلوا محلهم واستطاعوا إدارة التشظي وإقناعهم بالحكم الذي استخدمهم في الجيش وفي الحكومة بوظائف ثانوية، هذا مختلف عن قدومهم على دولة بها مسلمون وتحكمهم منظومة إن اختلفوا مع حكامها فهم لا يختلفون مع شرعيتها، فكان لا بد أن تدار من أناس يعرفون طبائعها لا أن تأتي بهنود حاولوا أن ينقلوا عوائلهم ليؤسسوا لحكم البلاد، رغم انهم تركوا بعد ثورة العشرين ليذوبوا في المجتمع العراقي.
3- لم تركز أن ضباط الملك هم ضباط في الجيش العثماني، لهم رؤيتهم الخاصة من منطلق المملكة الكبيرة التي تضم كل البلاد وليس العراق فقط، فعندما حصروا في العراق بدأت شكوكهم في نوايا المستعمر ووعوده ولا شراكة بدون نوايا واضحة وشفافة، ورؤية سلوك بريطانيا المتجاوز لعصبة الأمم وقراراتها بتغطية إدارة الهند الشرقية بدل الحكم بصيغة مباشرة جديدة ونوع جديد من الاتفاقيات وليس تطبيق تجربة تكونت من شعب آخر مختلف الثقافة، فكان عداؤهم للوطنيين لانهم يعتبرونهم ضد هيمنتهم رغم أن هؤلاء ممكن أن يكونوا شركاء لمصلحة بلادهم، عداؤهم لطه الهاشمي وياسين الهاشمي المواليين للملك وغيرهما هدد النظام لانهم لم يدعموهما بترددهم الكبير أمام حركة بكر صدقي الذي كان ضد توجه الملكية في حقيقة الأمر واعتبر الإنكليز شكوك الأخوين وآخرين من النخبة بنواياهم أمراً مبرراً للتردد وهكذا سوء إدارة وفهم للثقافة المحلية أدى بالنتيجة إلى انحسار طموحاتهم بشركة النفط ليُسَلَّم البلد للعسكر.
عقلية المستعمر أضاعت شريكاً أكبر حجماً وموارداً
الاحتلال الأمريكي:
الأمريكان لم يأتوا لبناء دولة فارسلوا أدوات الدمار وهي لا تصلح للإعمار، فلم تك لغة التفاهم مطروحة ومن منطلق حماية تحالفاتها في المنطقة بإضعاف بلدان كالعراق والنظرة الفوقية المتجاهلة للثقافة والهوية، حققها مزاج مريض من رئيس وانطباع كاره من آخر، ولا أظن أن الأمريكان فشلوا في تحقيق أهدافهم وهم ينسحبون من العراق لكن معاناة العراق مع عسكر ونظم لا تجيد السياسة استنزف الدولة والإدارة العامة بعد الملكية؛ تحولت إلى استنزاف لوجوده وهيكليته بالاحتلال الأمريكي، وإلا فالعراق بلد خصب لإقامة مشاركات واعدة وإصلاح الاقتصاد والمجتمع وحقوق الإنسان، إضافة إلى فائدة كبيرة للعراق نفسه من قدوم أكبر قوة تكنولوجية كان يمكن أن تصنع شراكات في كافة المجالات تفيد الجميع بإنتاج صناعات مستفيدة من منبع الطاقة وانتقال العراق خلال مدة قصيرة ليكون مركزاً اقتصادياً صناعياً وثقافياً وعامل استقرار في المنطقة لإمكانياته العالية وموارده الطبيعية والبشرية لكنها عرضته لخسائر واضحة منذ 1990 ولا نتحدث عن قبلها.
بالخلاصة.. هنالك اختلاف في لغة الفهم من الأجانب مع أهل البلد، والأدهى بين أهل البلد بينهم وأنفسهم، فبناء الدول لا يأتي إلا بالتفاهم وعقد اجتماعي يتخلى الكل عن أفكاره السلبية والفئوية التي تجعله قابلاً للانفجار والاستعمار؛ بتثقيف المجتمع على الاندماج وهو امر ليس عسيرا، فالمجتمعات كلها خليط ينجح مدنياً في ضفاف العدل ويفشل إن شحن بالروابط الهابطة وبراكين الاختلاف.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً