العروبة وكأس العالم.. سرقتم فيلايني فلا تسرقوا صهرنا السويدي

04-07-2018
برادوست آزيزي
الكلمات الدالة برادوست ازيزي العروبة كأس العالم
A+ A-

كمتابع لكل مونديالات كأس العالم منذ نعومة أظافري، كنت أظن أن الظاهرة الكروية مارادونا كوردي هاجر إلى الأرجنتين بسبب الظلم الذي لحق له، ربما سمعت أحدهم يعلّق على ذلك ساخراً أمامي فحملت الموضوع على محمل الجد وببراءة طفولية، فصرت أشجع الأرجنتين بشغف وما زلت إلى الآن، رغم أني شعرت بالإحباط عندما تأكدت أن لا علاقة له لا بالكورد ولا هم يحزنون.

لا شك، بأن هناك جانباً آخر مهماً في كرة القدم، وهو قضية الإنتماء الذي يؤرق الجميع وخاصة في بلدان الشرق الأوسط المغمورة التي تعج بالصراع الهوياتي، فالعروبة صارت أيديولوجيا لبلدان متعددة الثقافات والقوميات، وكل خارج عنها كافر لا محالة، هكذا ربت الأنظمة الناطقة بالعربية شعوبها من شمال أفريقيا إلى بقعتنا الآدمية الشرق الأوسط.

بعد ماردونا، صار لي طموح آخر، فنادي الجهاد بقامشلو يعج بمواهب كوردية حقيقية، فصرت أهرب من دروس البكلوريا من الحسكة لأتابع مباريات الجهاد في ملعب قامشلو البلدي حيث الصيحات الكوردية والإعتزاز بفريق كادح ومكافح في الدوري السوري الممتاز، هناك في الملعب تستطيع أن تصرخ بالكوردية وتهتف بالكوردية وحتى اللاعبون الكورد يتحدثون الكوردية كشيفرة لا يعرفها سوى الكورد والجن لتشتيت الفريق الآخر ذهنياً.

إنه هيثم كجو، أهم من ماردونا وبيلية، صوره في كل مكان بقامشلو، صار مناضلاً كوردياً بارزاً بعد نورالدين ظاظا وأوصمان صبري وأهم حتى من جوان حاجو.

كبرنا مع صراع الهوية في دولة جعلت كل شيء يمر بماسورة العروبة وكثير غيرنا كان يشاطرنا نفس الشعور كالأمازيغ في المغرب ومنتخبهم الوطني شارك في نهائيات كأس العالم بروسيا ولكن المذيع العربي حرمهم من نشوة متعة الكرة.

المعلق العربي الناقل الحصري لمباريات كرة القدم كما يصرخ في كل دقيقة، طيلة مباريات هذا المنتخب يلصق صفة المنتخب القومية "المنتخب العربي المغربي"، "فخر العرب، أسود الأطلس" ويدرك كغيري أن نصف لاعبي هذا المنتخب بل أكثر، ليسوا عرباً، بل أمازيغ وعلمهم المقموع والممنوع كان يرفرف في مدرجات الملعب، إنهم يفتخرون بمنتخب يمثلهم كما يمثل عرب المغرب فلماذا أراد المذيع العروبي أن يسرق منهم حتى متعة الكرة كما سرق منهم حاكم بلادهم هويتهم وتاريخهم؟

ليس فقط المنتخب المغربي وغيره من المنتخبات التي ألصقت بها صفة العروبة حتى أن صاحبنا المعلق الذي أصدع روؤس المشاهدين بأنه الناقل الحصري والوحيد في الكرة الأرضية وكل الكواكب الأخرى لمباريات المونديال، قد ألبس اللاعب البلجيكي مروان فيلايني الدشداشة العربية، فيلايني من أصول مغربية ولسوء حظ معلق العروبة فالرجل أمازيغي المنشأ واللغة والملامح. الرجل ليس عربياً، ربما هرب من جحيم عروبته بسبب الإضطهاد القومي إلى بلد يحترم خصوصيته القومية. والأنكى من ذلك فقد منّ معلق العروبة على البلجيكيين الإنتصار الذي جاء بسبب هدف اللاعب الأمازيغي المُعرّب على الهواء مباشرة عبر نقل حصري من قناة العروبة الرياضية.



ليس فقط فيلايني، حتى أنه اعتبر اللاعب البلجيكي الآخر ناصر الشادلي عربياً، وهو كزميله في المنتخب البلجيكي أمازيغي، ربما مثلنا نحن الأطفال الكورد تعلم العربية في المدرسة أو ربما لا يجيدها، كالأمازيغي الأسطورة زين الدين زيدان الذي بنوا أمجاد العروبة عليه حتى ظهر الرجل وطلق العروبة وصرّح بأنه أمازيغي وليس عربياً ولا يجيد حتى اللغة العربية، فلا ضير أن يكون مسلماً وهذا شأنه وشأن ربه حيث لا تشكل العروبة وسيطاً بينهما على منهج الشيخ ميشيل عفلق.

في حضرته، كل من يحمل اسما إسلامياً هو عربي بالضرورة وغير ذلك هو مرتد، فالاسلام والعروبة متلازمان في فكر هؤلاء القومجيين، مما أدى إلى حالة من غضب الامازيغ في المغرب، حتى هذا الإنجاز الكروي سرقوه منهم كما سرقوا الله من الكورد على قولة الكاتب الكوردي نزار آغري.

المهم، يطول الحديث عن عروبة المونديال ومعلقنا المتحمس لعروبة كرة القدم، البارحة فاز منتخب السويد لكرة القدم بفضل اللاعب الكوردي إيميل فورسبيرغ، عفواً أقصد صهرنا السويدي الذي سجل هدف الفوز في مرمى منتخب سويسرا فهو متزوج من لاعبة كوردية من مدينة السليمانية تلعب في نادي لايبزيج الألماني وتعارفا وأقاما حفلة زواج على الطريقة الكوردية حيث الدبكة والغناء الكوردي مع زيّ العروس الفلكلوري الكوردي متباهية بخصوصيتها القومية والثقافية، لذا سأستبق المعلق العروبي كي  يسرق صهرنا السويدي على غفلة، زوراً وبهتاناً كما سرق فيلايني من الأمازيغ البؤساء، كما سرق جهود العشرات من الرياضيين في المنتخبات الأخرى في شمال أفريقيا وسجل للعروبة جبلاً من الأوهام تماماً.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬‬

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب