رووداو ديجيتال
أعرب الرئيس الروحي للمسلمين الموحدين (دروز) حكمت سلمان الهجري، عن إدانته الشديدة لـ"الاعتداء الإرهابي" الذي استهدف المدنيين في منطقة جرمانا، مشدداً على أن هذه الأفعال "الإجرامية لا يراد منها سوى شق الصف وبث الفتنة وزرع العنف والإرهاب".
وأكد الهجري في بيان اليوم الثلاثاء (29 نيسان 2025)، أن "ما جرى هو نتيجة مناخ تحريضي داخلي بات ينهش الجسد السوري"، معبراً عن أسفه لـ"انشغال بعض أبناء الوطن بتخوين بعضهم البعض، ورفض أي مظهر من مظاهر النقد المشروع".
واعتبر أن "محاولات إسكات الأصوات الحرة تصب في مصلحة الجهات المتطرفة والموترة، التي تسعى إلى فرض نهج أحادي اللون والإقصاء الطائفي".
وانتقد الهجري، استمرار "غياب" الأمن وتوقف عمل الدوائر الحكومية الأساسية، متسائلاً عن دور السلطة المؤقتة والقرارات التي تصدر دون شفافية أو وضوح.
كما شدد، على أن "الشعب السوري لم يجنِ بعد ثمار الانتصار، وأن المؤتمر الشعبي والدستور العادل لايزالان مؤجلين، في ظل غياب إصلاح فعلي للمسارات الوطنية".
زعيم الدروز في سوريا دعا إلى "تمكين الكوادر الوطنية الراقية والواعية لأخذ دورها في البناء، وإرساء مفهوم العدالة الانتقالية بمعناه العادل الشامل، لا كوسيلة للانتقام، بل كمسار لتوزيع المهام ومحاربة الفتن بشكل جذري".
وأشار الهجري إلى أن "ما يحدث من مجازر وغياب للأمان ليس عشوائياً"، مطالباً بـ"محاكمة جميع المجرمين من دون استثناء، ووقف التحريض الطائفي فوراً"، مناشداً "الشرفاء في جميع مواقعهم للعمل على توجيه الشباب نحو الوحدة والحرية والتعاضد".
وفي ختام البيان، شدد على أن "لا أحد مفوّض للحديث باسم غيره"، مؤكداً ضرورة محاسبة كل مخطئ على حدة دون تعميم، ورفض أي محاولة لتسويغ الإرهاب عبر استغلال تصرفات فردية شاذة"، مؤكداً أن "اللحمة الوطنية خط أحمر يجب الحفاظ عليه".
اليوم الثلاثاء، أفاد مراسل شبكة رووداو الإعلامية في دمشق، دلخواز محمد، بوقوع نحو 20 قتيلاً بينهم عناصر من الأمن العام، جراء اشتباكات بين مجموعات مسلحة داخل منطقة جرمانا وخارجها بريف دمشق، فيما أكدت الداخلية السورية توجه وحدات من قوى الأمن العام مدعومة بقوات من وزارة الدفاع لفض الاشتباك
وقال مراسل رووداو: "منذ الأمس ولحد الآن، الاشتباكات مستمرة في حي جرمانا بريف دمشق"، مشيراً إلى أن مصادر محلية تفيد بـ "مقتل ما يقارب 20 شخصاً من الأمن العام والفصائل المهاجمة على جرمانا وفصائل درزية متواجدة داخل تلك المنطقة".
وأوضح دلخواز محمد، أن "الاشتباكات تجرى بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فيما أودى قصف بعدة قذائف هاون على الحي، بحياة مدني"، مبينأً أنه جرى "إغلاق مداخل ومخارج الحي وفرض حظر تجوال لتهدئة الأوضاع".
من جهتها، قالت وزارة الداخلية السورية، إن منطقة جرمانا "شهدت اشتباكات متقطعة بين مجموعات مسلحة، من داخل المنطقة وخارجها، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، بينهم عناصر من قوى الأمن".
وأشارت إلى أن "وحدات من قوى الأمن العام مدعومة بقوات من وزارة الدفاع توجهت للمنطقة لفض الاشتباك"، مبينة أنه "تم فرض طوق أمني حول المنطقة لمنع حوادث مشابهة".
وفي الوقت الذي أكدت حرصها على ملاحقة المتورطين في الاشتباكات ومحاسبتهم وفق القانون، شدد على أن التحقيقات مستمرة لكشف هوية صاحب المقطع الصوتي المسيء للنبي محمد (ص)، المنسوب لشخص درزي، مما تسبب بتوتر أمني في دمشق وريفها، والهجوم على المنطقة ذات الغالبية الدرزية.
ويأتي هذا التوتر بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين، سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها السلطات الجديدة في سوريا بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات عقب إطاحة الرئيس بشار الأسد في كانون الأول.
وكان المرصد السوري أفاد بـ"اندلاع اشتباكات عنيفة في جرمانا بعد اقتحام عناصر أمن ومسلحين تابعين لها أحياء في المدينة، على خلفية توتر سببه انتشار تسجيل صوتي منسوب لمواطن درزي، يتضمن اساءات ذات طابع ديني".
وأشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن الى أن المعارك أسفرت عن مقتل خمسة مسلحين دروز واثنين "من المهاجمين".
ونددت المرجعية الدينية الدرزية في جرمانا بـ"هجوم غير مبرر".
وقالت الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في جرمانا في بيان "إننا إذ نستنكر أشدَّ الاستنكار أيَّ تعرض بالإساءة إلى النبي الأكرم. فإننا نعتبر ما تمَّ تلفيقه من مقطع صوتي بهذا الخصوص. مشروعَ فتنةٍ وزرعاً للانقسام بين أبناء الوطن الواحد".
كذلك، نددت بـ"الهجوم المسلح غير المبرر على مدينة جرمانا الذي استُخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة، واستهدف المدنيين الأبرياء، وروَّع السكان الآمنين بغير وجه حق".
ورأت أن "حماية أرواح المواطنين وكرامتهم وممتلكاتهم هي من أبسط مسؤوليات الدولة والأجهزة الأمنية"، محمّلة "السلطات المسؤولية الكاملة عما حدث، وعن أي تطورات لاحقة أو تفاقمٍ للأزمة".
تقطن ضاحية جرمانا الواقعة جنوب شرق دمشق، غالبية من الدروز والمسيحيين، وعائلات نزحت خلال سنوات النزاع الذي اندلع في سوريا عام 2011.
وسبق للمنطقة أن شهدت توترات عقب إطاحة الأسد في الثامن من كانون الأول على يد تحالف فصائل مسلحة تقودها هيئة تحرير الشام بزعامة الشرع الذي كان يعرف حينها باسمه الحركي أبو محمد الجولاني.
وانتشر عناصر أمن تابعون للسلطات الجديدة مطلع آذار في جرمانا عقب اشتباكات مع مسلحين من الدروز.
وإثر تلك المعارك، هددت إسرائيل بالتدخل لحماية أبناء هذه الأقلية. وقال وزير دفاعها يسرائيل كاتس حينها "أصدرنا أوامرنا للجيش بالاستعداد وإرسال تحذير صارم وواضح: إذا أقدم النظام على المساس بالدروز فإننا سنؤذيه".
ويقيم نحو 150 ألف درزي في إسرائيل، تحمل غالبيتهم الجنسية الإسرائيلية، بينما يقيم 23 ألف درزي في الجزء الذي تحتله اسرائيل من هضبة الجولان، وتتمسك غالبيتهم بالهوية السورية.
ومنذ وصول السلطة الجديدة الى دمشق بعد إطاحة حكم بشار الأسد، تسجّل اشتباكات وحوادث إطلاق نار في عدد من المناطق. ويتحدث سكان ومنظمات حقوقية عن انتهاكات واعتقالات.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً