غزوة غويران: داعش.. القنبلة التي لم يُنزَع صاعقها

29-01-2022
حسين عمر
الكلمات الدالة الحسكة سجن غويران داعش سوريا
A+ A-
رووداو ديجيتال

حينما دوّى صوت الانفجار الأوّل من جرّاء شاحنة مفخّخة فجّرها مسلّحو داعش على إحدى بوابات سجن الصناعة، في حي غويران، جنوب مدينة الحسكة، كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف مساءً شمال شرق سوريا "روجآفا" من يوم الخميس، 20 يناير/كانون الثاني 2022. لكنّ ذاك التفجير كان يعلن بداية مرحلة جديدة في حرب داعش التي ستواجهها القوى المتحالفة ضدّ هذا التنظيم المصنّف إرهابياً بموجب قرارٍ من مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة.
 
تلا ذلك تفجير بعض صهاريج الوقود التابعة لمؤسسة توزيع المحروقات (سادكوب) الواقعة على مقربة من السجن، بمفخّخة أخرى، ليبدأ اقتحام مسلّحي داعش (من أربعة محاور، حسب بعض المصادر) على مباني السجن التي نفّذ المعتقلون الداعشيون فيها عصياناً، سرعان ما تحوّل إلى عصيان مسلّح مع دخول مجموعات من مسلحي داعش إلى بعض أقسام السجن، ومن ثمّ الاستلاء على مخازن الأسلحة فيه، واحتجاز رهائن من إداريي السجن وموظّفيه والعاملين في أقسام الطبابة والإطعام (حسب قوات سوريا الديمقراطية).
 

تابعوا قناة رووداو عربية على تليغرام

سجن الصناعة في الحسكة: 
 
يقع السجن في القسم الجنوبي من حيّ غويران في مدينة الحسكة، مركز المحافظة. وهو بالإضافة إلى مبنى الثانوية الصناعية (سابقاً) في الحسكة، يضم كتل من أبنية بعضها قديم وبعضها مستحدث، أي أنّه ليس مهيّأً بالكامل ليكون سجناً محصّناً يضمّ هذا العدد الهائل من أمراء وقادة ومسلحي داعش. يتوسّط السجن ثلاثة أحياء عربية في جنوب المدينة، وهي غويران والزهور (حوش الباعر- سابقاً) والنشوة. ويقع في المدخل الجنوبي للمدينة على طريق الحسكة-الشدادي- دير الزور.
 
يقع في محيط السجن الكثير من المؤسسات الهامّة، ككليات ومعاهد تابعة لجامعة الفرات، ومؤسسة توزيع المحروقات (سادكوب) وملعب الباسل الرياضي، ودائرة الهجرة والجوازات، ومديرية المالية، وكذلك صوامع الحبوب. 
 
يبتعد السجن قرابة 40 كيلومتراً عن مخيّم الهول، أكبر المخيّمات في شمال شرق سوريا، والذي يضم قرابة 60 ألف شخص من عوائل مسلحي داعش، كما يبتعد قرابة 50 كيلومتراً عن الحدود الرسمية بين سوريا والعراق. كان السجن، قبل الهجوم، يضمّ قرابة 5000 آلاف معتقل، منهم 3000 معتقل عراقي، حسب ما صرّح به يحيى رسول، الناطق باسم القائد العامّ للقوات المسلّحة العراقية لشبكة رووداو الإعلامية. إضافة إلى قرابة 700 محتجز ممن تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً، والذين كان تنظيم داعش قد جنّدهم في معاركه تحت مسمّى "أشبال الخلافة".
 
سير الأحداث الميدانية:
 
 في الساعات الأولى من الهجوم المباغت، نجح مسلّحو داعش في إخراج بعض المعتقلين من مباني السجن وفرارهم إلى بعض المباني السكنية المجاورة في حيي الزهور (حوش الباعر سابقاً) جنوباً، وغويران شمالاً. كما توزّعت مجموعات من مسلحي داعش في بعض مفارق الطرق المؤدّية إلى السجن لمنع وصول تعزيزات قوات سوريا الديمقراطية والأسايش إلى السجن.
 
في تصريحٍ صدر بُعيد الهجوم، قال المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية: " تتعامل قواتنا والأجهزة الأمنية المختصة مع استعصاء جديد ومحاولة فرار نفذها إرهابيو داعش المعتقلون في سجن غويران بالحسكة بالتزامن مع تفجير سيارة مفخخة من قبل خلايا التنظيم الإرهابي بالقرب من مؤسسة "السادكوب" لتخزين وتوزيع المواد البترولية والقريبة من السجن". كما كشف المركز الإعلامي عن "حدوث اشتباكات بين قوى الأمن الداخلي مع عناصر لخلايا التنظيم الإرهابي تسلّلوا من الأحياء المجاورة".
 
أرسلت قوات سوريا الديمقراطية وقوات الأسايش تعزيزات عسكرية إلى محيط السجن حيث وقعت اشتباكات عنيفة، في حين قامت وحدات النخبة بمداهمات للأحياء التي تسلّل إليها مسلّحو داعش، بالتزامن مع تحرّك قوات (قسد) لسدّ المنافذ الرئيسية لمدينة الحسكة لمنع هروب مسلّحين أو فارّين من السجن من المدينة أو منع وصول تعزيزات محتَملة من خارج المدينة لمؤازة مسلّحي التنظيم، في حين حلّقت المروحيات الأمريكية في سماء المنطقة لتأمين المراقبة واستهداف بؤر مسلحي داعش في الأبنية المحيطة بالسجن. 
 
في نفس ليلة الهجوم، تسرّبت معلومات نُسبت إلى مصادر أمنية تفيد بفرار 20 معتقلاً من عناصر داعش من السجن، في حين لم يصدر أي بيان رسمي بشأن تلك المعلومات. وفي ظهيرة يوم الجمعة، 21 يناير/كانون الثاني، أصدر المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية بياناً بشأن تطوّرات الهجوم على سجن الصناعة، قال فيه: "قواتنا تتعامل مع محاولة فرار جماعية أخرى لعناصر داعش من سجن غويران. قواتنا تطوق مجموعة كبيرة من المرتزقة حاولوا الفرار من السجن. خلايا التنظيم الإرهابي التي تتخذ من منازل المدنيين في حيّ الزهور خنادق لها تطلق النار بشكل مكثف في محاولة لتوجيه رسائل أمل إلى المعتقلين داخل السجن. قواتنا قتلت خلال الساعات الأولى من صباح اليوم خمسة مهاجمين بينهم مرتزق من الجنسية الصينية".
 
وبنفس اليوم، نشرت المعرّفات المحسوبة على داعش مقاطع مصوّرة قالت أنها لعملية اقتحام سجن الصناعة وكذلك مشاهد لما قالت أنّها لفرار عناصرها المعتقلين من السجن.
 
في اليوم الثالث من المعارك بين قوات قسد ومسلحي داعش، أرسلت القوات الأمريكية عربات برادلي المدرّعة إلى محيط السجن، كما قام الطيران الأمريكي بقصف نقاط تمركز المسلحين. وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية أنّها أحكمت الحصار على كامل مباني السجن وأنّ مقاتليها يخوضون اشتباكات عنيفة مع مسلحي التنظيم وتمكّنوا من قتل 22 مسلحاً وإلقاء القبض على آخر، واستعادوا السيطرة على عدّة نقاط في الجهة الشمالية لأسوار السجن، وذلك حسب بيانٍ من المركز للإعلامي للقوات.
 
يوم الأحد، 23 كانون الثاني الجاري، نشرت القيادة العامّة لقوات سوريا الديمقراطية بياناً كشفت فيه بعض تفاصيل العملية، إذ ورد فيه: "وفق اعترافات المرتزقة الذين هاجموا السجن وتم إلقاء القبض عليهم من قبل قواتنا، فإنّ ما لا يقل عن 200 ارهابياً انتحارياً شاركوا في الهجوم، بعضهم قدموا من مناطق سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض وكذلك من العراق، واتخذوا من حي "غويران" مركزاً ومنطلقاً لهم. وبعد تحضيرات جرت لمدة 6 أشهر". كما أورد البيان حصيلة المعارك في الأيام الثلاثة الأولى مشيراً الى أنه "خلال الأيام الثلاثة الماضية قُتل من المرتزقة المهاجمين أكثر من /160/ مرتزقاً ونحو /15/ من المرتزقة المعتقلين ممن حاولوا الهروب من السجن واشتبكوا مع قواتنا، في المحصلة قتل أكثر من /175/ مرتزقاً. خلال الأيام الثلاثة استشهد ببطولة /27/ من مقاتلينا". كما كشف البيان أن حوالي 10 آلاف من مقاتلي قسد وقوى الأمن الداخلي يشاركون في عملية إحكام السيطرة على السجن. 
 
ويوم 24 كانون الثاني، خامس أيام المعارك، بدأت مجموعات من عناصر داعش بتسليم أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية، إذ قال المركز الإعلامي لقسد في بيان: "داهمت قواتنا في الساعة الخامسة من صباح اليوم وسيطرت على أحد مباني السجن الذي كان يتحصن فيه هؤلاء المرتزقة حيث استسلم نحو 300 مرتزق لقواتنا. والعملية مستمرة وفق الخطة المقررة". 
 
وفي اليوم ذاته، أفاد مراسل شبكة رووداو في الحسكة، بارزان فرمان، بأن "قسد تمكنت من تحرير 11 عنصراً من قواتها كانوا عالقين قرب السجن، وهناك عدد من العاملين في السجن يستخدمهم عناصر التنظيم كرهائن ولا يزال مصيرهم مجهولاً". 
 
في 25 كانون الثاني، سادس أيام المعارك، شدّدت قوات سوريا الديمقراطية الخناق على مسلحي داعش واستطاعت أن تحرّر تسعة أسرى، وقال المركز الإعلامي للقوات إنّهم من موظّفي السجن، فيما استمرّت في عمليات تمشيط الأحياء المحيطة بالسجن، حسب بيان للمركز: "وفي حي غويران الشرقي، نفّذت قواتنا عمليات مداهمة استهدفت أوكار الإرهابيين، حيث اشتبكت مع عدد منهم، قُتلَ خلالها تسعة إرهابيين بينهم انتحاريان. وفي جنوب الحسكة على أطراف نهر الخابور، واصلت قواتنا حملة التمشيط ضدّ إرهابيي داعش من الذين خططوا لتنفيذ عمليات إرهابية لمؤازرة الإرهابيين المحاصرين في سجن الصناعة، حيثُ قتِلَ ثلاثة مرتزقة خلال اشتباك".
 
يوم 26 كانون الثاني، سابع أيام المعارك، دخل مقاتلو قوات سوريا إلى معظم أقسام السجن، وحدثت عمليات استسلام جماعية لعناصر داعش، لتعلن قوات سوريا الديمقراطية السيطرة الكاملة على السجن، قبل أن يصدر المكتب الإعلامي بياناً في اليوم التالي، 27 كانونالثاني، يكشف فيه أنّ: "خلال عمليات التمشيط وجمع المعلومات، كشفت قواتنا عن جيوب إرهابية مموَّهة ضمن المهاجع الشمالية فيها نحو 60 إلى 90 مرتزقاً يتحصنون فيها ويحاولون الحفاظ على مسافة للاشتباك".
في اليوم ذاته، تبيّن أن تطهير محيط السجن من مسلّحي داعش لم يكن هو الآخر كاملاً، إذ هاجم مسلحون من داعش تجمعات لقوات قسد، وأدى ذلك، حسب بعض المصادر الاعلامية، إلى مقتل مسلحيّن وجرح ثالث، في حين أصيب مقاتلان من القوات بجروح.
 
وليلاً، قصفت مروحيات التحالف بعض نقاط تمركز مسلحي داعش في السجن  أو مناطق قريبة منه. حتى يوم الجمعة 28 كانون الثاني، لم يستسلم مسلحو داعش المتحصنين في أحد الأبنية الشمالية من السجن، ولكن لم تقع أي اشتباكات معهم. وكثّفت قوات مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي من عمليات التمشيط داخل أحياء الحسكة التي امتدت لأحياء جديدة كالمعيشية والناصرة.
 
المواقف المتباينة من الهجوم:
 
تباينت مواقف الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية من هجوم داعش على السجن، والمعركة التي تلته، حيث تحدّثت روسيا عن العملية، في يومها الثاني، محذّرة أمريكا، حينما قال نائب مدير مركز حميميم لمصالحة الأطراف المتناحرة في سوريا والتابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء البحري، أوليغ جورافليوف، في بيان إن "عددا غير محدد من الأشخاص المتورطين في الأنشطة الإرهابية يمكن أنهم فروا من سجن في الحسكة تديره (قوات سوريا الديمقراطية) جراء هجوم عليه أمس الخميس. تمّ إشراك الطيران الحربي للقوات المسلحة الأمريكية في عملية القضاء على الإرهابيين الفارين من السجن. ومن المرجح بدرجة كبيرة أن استخدام وسائل الاستهداف الجوية سيؤدي إلى تدمير منشآت للبنية التحتية للمدينة وسقوط ضحايا بين السكان المدنيين".
 
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، عبر تصريح المتحدّث باسمها جون كيربي، الذي قال: "دعمت قوات التحالف قوات سوريا الديمقراطية خلال تعلملها مع هجوم تنظيم داعش على سجن الحسكة عبر تنفيذ بعض الضربات الجوية". 
 
وفي اليوم الثالث من المواجهات، أدانت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، تلاه نيد برايس، الناطق باسم الخارجية، هجوم تنظيم داعش على السجن جاء فيه: " نشيد بقوات سوريا الديمقراطية بسبب ردها السريع والتزامها المستمر بالقتال ضد تنظيم داعش في شمال شرق سوريا".
 
أما الحكومة السورية، فقد حمّلت بشدّة على قوات قسد والقوات الأمريكية. ففي يوم السبت، 22 كانون الثاني، أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً، نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، ساوت فيه بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم داعش، إذ قالت: "ارتكبت عصابات (داعش) و(قسد) خلال الأيام القليلة الماضية مجازر بحق المدنيين وتدميراً هائلاً في البنى التحتية بمحافظة الحسكة، وقد شاركت قوات الاحتلال الأمريكي وخاصة سلاح الطيران بشكل همجي في هذه الجرائم التي راح ضحيتها المدنيون الأبرياء بمن فيهم كبار السن والأطفال والنساء من أبناء هذه المحافظة التي عانت الكثير خلال السنوات الماضية نتيجة للممارسات الدموية لهذه الأطراف". وأضافت الخارجية أن ما "تقترفه القوات الأمريكية وميليشيات "قسد" من أعمال ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".
 
اتّخذت بريطانيا موقفاً مماثلاً لحليفتها أميركا، عندما قالت وزارة الخارجية والتنمية البريطانية، يوم 24  كانون الثاني، في تغريدة على حسابها على منصّة التويتر: "هجمات داعش على سجن في الحسكة محاولة يائسة لإعادة بناء قواته المستنزفة. التحالف عازم على ضمان فشل داعش بتحقيق مسعاه، ويشيد بشركائه قوات سورية الديمقراطية لاستجابتها الشجاعة رداً على الهجوم. هذا الهجوم وغيره في سورية والعراق يذكرنا بالخطر الذي يشكله داعش للمنطقة".
 
اقتصر الموقف الأممي على البعد الإنساني، حيث أدلت رافينا شامداساني، المتحدثة باسم مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في 24 كانون الثاني، بتصريحات صحفية في جنيف، قالت فيها: "نحن منزعجون بشكل خاص من التقارير التي تفيد بأن عدداً كبيراً من الأطفال، ربما عدة مئات، محتجزون هناك وهم قلقون للغاية على سلامتهم ورفاههم. يجب أن يكون احتجاز الأطفال، كما هو الحال دائماً، تدبيراً أخيراً ولأقصر فترة زمنية مناسبة ".
 
وأردفت المسؤولة الأممية: "نذكّر جميع أطراف النزاع، وكذلك الحكومات التي لها نفوذ على الأطراف، بأن القانون الدولي يطالبهم ببذل قصارى جهدهم لحماية المدنيين، بما في ذلك التخطيط للعمليات العسكرية والأمنية وتنفيذها".
 
التحالف الدولي لمناهضة داعش، شدّد على موقفه الداعم لقوات سوريا الديمقراطية. وفي 26 كانون الثاني، قال اللواء جون برينان، قائد قوّة المهام المشتركة- عملية العزم الصلب: "يقف التحالف إلى جانب شركائنا في قوات سوريا الديمقراطية الذين قاتلوا بشجاعة وتصميم في الحسكة. إنّ هذه المشكلة هي ليست داخل هذه المدينة فقط، بل هي مشكلة عالمية تتطلب تضافر جهود العديد من الدول لتطوير حل دائم طويل الأمد".
 
أمّا إيران وتركيا، شريكتا روسيا في مسار أستانا، والمنخرطتان ميدانياً في الحرب السورية، فقد التزمتا الصمت الرسمي حيال هجوم داعش على سجن الصناعة، في حين أصدر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي يتّخذ من اسطنبول مقرّاً له، يوم 26 كانون الثاني، وهو اليوم الذي أعلنت فيه قوات قسد السيطرة الكاملة على السجن، تصريحاً صحفياً تجنّب فيه ذكر هجوم مسلّحي داعش على سجن الصناعة، مثلما تجنّب ذكر اسم قوات سوريا الديمقراطية واعتبر ما يجري في الحسكة على أنّه "قتال بين التنظيمات الإرهابية داعش وPKK"، في حين خصّص معظم التصريح للتهجّم على قوات قسد، وجاء فيه: "يُطالب الائتلاف الوطني السوري الأطراف الدولية بتحمل مسؤولياتها تجاه حماية المدنيين وتثبيت سكان المنطقة الأصليين في بيوتهم وأرضهم وعدم السماح للميليشيات الإرهابية بتهجير المزيد من السكان، وفك الحصار عن الأحياء المحاصرة في الحسكة من قبل تنظيم PKK الإرهابي والتوقف عن الاستهداف العشوائي لأهالي تلك الأحياء وتكرار عمليات تهجيرهم وتدمير ممتلكاتهم بحجة ملاحقة داعش الإرهابية". كمّا شنّت الجماعات المسلّحة للمعارضة السورية الموالية لتركيا، بالتزامن مع معارك قسد ضدّ داعش في محيط السجن، هجمات على عدّة مواقع لقوات سوريا الديمقراطية في كلّ من تل أبيض وتل تمر. 
 
محاولات إحداث قلاقل في مناطق أخرى:
 
بالتزامن مع معركة قوات سوريا الديمقراطية في موقع سجن الصناعة، شنّت خلايا تنظيم داعش في ريف دير الزور الشرقي، الخاضع لسيطرة قسد، هجمات على بعض نقاط التفتيش وحواجز القوات. كما رصدت الأجهزة الأمنية، حسبما كشف مصدر من قيادة مجلس سوريا الديمقراطية لشبكة رووداو الإعلامية، تحرّكات مريبة في بعض أحياء قامشلو. هذا بالإضافة إلى تسرّب بعض عناصر داعش الفارّين من السجن إلى أحياء في الحسكة، بل ومناطق خارج المدينة، الأمر الذي أدّى بقوات قسد إلى تشديد التدابير الأمنية في عموم مناطق سيطرتها وتشديد الحراسة على السجون على نحوٍخاص، كما أدّى بالإدارة الذاتية إلى إعلان حظر للتجوال في المحافظة، في بيان أصدرته يوم الأحد 23 كانون الثاني، وذلك بدءاً من يوم الاثنين 24 يناير ولغاية 31 منه. وقد ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 9 مشتبهين بهم في قرية هيمو غرب قامشلو، ومشتبهين آخرين في ريف عامودا، كما اعتقلت شخصين في ريف ديرك، حسب معلومات لم تؤكد رسمياً.    
 
وعلى الرغم من أنّ تفاصيل هذا الهجوم ونتائجه لم تعرَف أو، على الأقلّ، لم تُعلن كاملة، إلا أنّ هذا الهجوم قد أظهر أنّ المجتمع الدولي، وخاصّة التحالف الدولي المناهض لداعش، بتقاعسه عن تحمّل مسؤولية إيجاد حلّ لمشكلة السجون والمخيّمات التي تضم سجناء وعوائل داعش، وترك هذا العبء الجسيم على عاتق الإدارة الفتية وقواتها العسكرية والأمنية المنشغلة بمواجهة خلايا داعش النائمة، والتهديدات الخارجية التي لا تكفّ عن التكرار، قد فشل في نزع صاعق هذه القنبلة التي إذا ما انفجرت مرة أخرى قد تكون أكثر تدميراً عن انفجارها الأوّل في عام 2014. 
 
كما أنّ هذا الهجوم على سجن الصناعة في الحسكة أظهر مرّة أخرى تمسّك تنظيم داعش باستراتيجيته في اقتحام السجون وتهريب معتقليه منها بهدف تأمين قوات مدرّبة عسكرياً وعقائدياً وجاهزة لخوض المعارك لإعادة بناء نفسه في فترات زمنية قياسية، الأمر الذي يدفع بالمراقبين والمتابعين لشؤون المنطقة الى القول بأن المطلوب من قوات التحالف الدولي وضع خطط عاجلة، بالتنسيق مع حلفائه على الأرض، لمواجهة هذه الاستراتيجية، وتقديم دعمٍ أكبر ليس عسكرياً واستخبارياً فحسب، بل سياسياً واقتصادياً لحلفائها المنخرطين في الحرب على داعش. 
 

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب