الرئاسة السورية: نعمل على إرسال قوة متخصصة لحل النزاع في السويداء

18-07-2025
الكلمات الدالة أحمد الشرع السويداء
A+ A-
 
رووداو ديجيتال

أعلنت الرئاسة السورية، اليوم (18 تموز 2025)، أنها تعمل على إرسال قوة متخصصة بهدف فض الاشتباكات وإنهاء النزاع الدائر في الجنوب السوري، وذلك في أعقاب "أحداث دامية" شهدتها المنطقة.
 
وفي بيان صحفي رسمي، عبرت الرئاسة عن "قلق بالغ وأسف عميق" لما جرى، مشيرة إلى أن الأحداث جاءت نتيجة "تمدد مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، اتخذت من السلاح وسيلة لفرض الأمر الواقع".
 
وأكد البيان أن "الجهات المختصة تعمل على إرسال قوة متخصصة لفض الاشتباكات وحل النزاع ميدانياً"، موضحاً أن هذه الخطوة تأتي بالتوازي مع إجراءات سياسية وأمنية تهدف إلى تثبيت الاستقرار وضمان عودة الهدوء إلى المحافظة في أسرع وقت.
 
وأدانت الرئاسة بشدة الاعتداءات على المدنيين، واصفة "الهجوم على العوائل الآمنة، وترويع الأطفال، والتعدي على كرامات الناس في بيوتهم" بأنه أمر "مرفوض بكل المقاييس الأخلاقية والقانونية والإنسانية"، وأن أي انتهاك لهذه القيم هو طعن في جوهر المجتمع وتهديد لوحدة البلاد.
 
وشدد البيان على أن موقف الدولة ينطلق من مبدأ "الحرص على السلم الأهلي، لا منطق الانتقام"، مؤكداً أنها "لا تقابل الفوضى بالفوضى، بل تحمي القانون بالقانون، وترد على التعدي بالعدالة، لا بالثأر".
 
وفي ختام بيانها، دعت الرئاسة السورية جميع الأطراف إلى "ضبط النفس وتغليب صوت العقل"، كما دعت "أبناء الوطن، من أهل الحكمة والمسؤولية، إلى التكاتف من أجل تجاوز هذه المحنة، ونبذ دعوات التصعيد، والعمل سوياً لحماية النسيج الاجتماعي المتنوع الذي ميّز سوريا عبر القرون".
 
تدور اشتباكات مساء الجمعة بين مقاتلين من العشائر والبدو مدعومين من السلطات السورية ومجموعات درزية عند مدخل مدينة السويداء التي انسحبت منها القوات الحكومية وتركت خلفها أعدادا كبيرة من الضحايا.
 
وطلبت الأمم المتحدة فتح تحقيقات "مستقلة وسريعة وشفافة" في أعمال العنف التي أسفرت عن مقتل نحو 600 شخص، داعية إلى وقف "سفك الدماء".
 
وتقوّض أعمال العنف هذه التي تدخلت فيها إسرائيل عبر استهداف القوات الحكومية ومقار رسمية في دمشق، جهود السلطات الانتقالية برئاسة أحمد الشرع في بسط سلطتها على كامل التراب السوري بعد أكثر من سبعة اشهر على إطاحتها الحكم السابق.
 
وتطرح مجددا تساؤلات حول قدرتها على التعامل مع الأقليات على وقع أعمال عنف على خلفية طائفية طالت مكونات عدة في البلاد.
 
مساء الجمعة، شاهد مراسل فرانس برس عند المدخل الغربي للسويداء نحو 200 مقاتل من العشائر يشتبكون بالرشاشات والقذائف مع المقاتلين الموجودين داخل المدينة.
 
وأكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان من جهته تلك الاشتباكات بين المسلحين من العشائر والمقاتلين الدروز، مضيفا أن "هناك قصفا على أحياء مدينة السويداء".
 
وسحبت السلطات السورية قواتها من محافظة السويداء الخميس مع إعلان الشرع أنه يريد تجنّب "حرب واسعة" مع اسرائيل التي هدّدت بتصعيد غاراتها، بعدما أكدت أنها لن تسمح باستهداف الأقلية الدرزية أو بانتشار قوات عسكرية تابعة للسلطات في جنوب سوريا.
 
وفي السويداء، يعاني المستشفى الحكومي الوحيد في المدينة ظروفا بالغة الصعوبة. وتقول ربى العاملة في الفريق الطبي في المستشفى، مفضلة عدم الكشف عن اسمها كاملا "المستشفى تحوّل إلى مقبرة جماعية".
 
وتضيف "الوضع سيء جدا (...) لا ماء ولا كهرباء... والأدوية بدأت تنقص كثيرا".
 
في أروقة المستشفى، تنبعث رائحة كريهة من الجثث المكدّسة والمنتفخة والتي تبدّدت ملامح بعضها، كما شاهد مراسل فرانس برس في المكان.
 
يجهد الفريق الطبي من أطباء وممرضين لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، لتقديم العلاج للجرحى الذين ما زالوا يتدفقون إليهم، منهم من تمدّد في الأروقة بانتظار دوره في تلقي العلاج.
 
واستقبل هذا المستشفى أكثر من 400 جثة منذ الاثنين، وفقا للطبيب العامل في المستشفى ونقيب أطباء السويداء عمر عبيد، "ما بين نساء وأطفال ومسنين ومقاتلين".
 
"وضع كارثي" 
 
دخل وقف إطلاق نار حيّز التنفيذ لكن الرئاسة السورية اتهمت ليل الخميس المقاتلين الدروز بخرقه.
 
وتجدّدت الاشتباكات الجمعة في محيط مدينة السويداء بين المقاتلين من العشائر والمقاتلين الدروز، كما أكد مقاتلون من الجانبين والمرصد السوري لحقوق الإنسان. وسمع مراسلو فرانس برس داخل مدينة السويداء وفي محيطها، أصوات إطلاق رصاص.
 
ولا تزال مدينة السويداء محرومة من الكهرباء والماء، وسط ضعف في شبكة الاتصالات، بحسب ما أفادر رئيس تحرير موقع السويداء 24 المحلي ريان معروف فرانس برس. أضاف "الوضع الإنساني كارثي، لا يوجد حتى حليب للأطفال".
 
وأعلنت إسرائيل الجمعة أنها بصدد إرسال مساعدات إنسانية إلى السويداء تبلغ قيمتها نحو 600 ألف دولار وتشمل حصصا غذائية وامدادات طبية، بحسب بيان لوزارة الخارجية.
 
"سفك الدماء"
 
وفي جنيف، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان فولكر تورك "يجب أن يتوقف سفك الدماء والعنف، وحماية كل الأشخاص يجب أن تكون الأولوية المطلقة".
 
وأضاف "يجب أن تُجرى تحقيقات مستقلة، سريعة وشفافة في كل أعمال العنف، وأن تتم محاسبة المسؤولين" عن الانتهاكات.
 
وأرغمت أعمال العنف نحو 80 ألف شخص على النزوح من منازلهم في السويداء، وفق ما أعلنت الجمعة المنظمة الدولية للهجرة.
 
ونفت اسرائيل الجمعة أنباء نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن تنفيذها مزيدا من الضربات الجوية قرب السويداء ليل الخميس.
 
وقال متحدث عسكري لفرانس برس "ليس لدى الجيش الإسرائيلي علم بضربات جوية خلال الليل في سوريا".
 
وكانت اسرائيل هدّدت الأربعاء بمزيد من التصعيد ضدّ القوات الحكومية ما لم تنسحب من محافظة السويداء بعدما قصفت مواقع عدة أبرزها مجمّع هيئة الأركان العامة ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.
 
وكانت الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل والداعمة للسلطات السورية الجديدة، أعلنت الخميس أنها لم تساند الغارات الاسرائيلية على سوريا.
 
اندلعت الاشتباكات الأحد في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنّة، وفق المرصد، على خلفية عملية خطف طالت تاجر خضار درزيا وأعقبتها عمليات خطف متبادلة.
 
ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية الإثنين تدخّلها في المحافظة لفضّ الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.
 
واتهم المرصد السوري والفصائل الدرزية وشهود القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات في مدينة السويداء بعيد انتشارها فيها.
 
وأحصى المرصد مقتل أكثر من 600 شخص من الجانبين جراء أعمال العنف، بينهم مدنيون.
 
 منازل تحترق
 
وأفاد ثلاثة مراسلين لفرانس برس في السويداء بأن مقاتلين من العشائر السنية توافدوا من مختلف المناطق السورية دعما للبدو وتجمّعوا صباح الجمعة في قرى محيطة بالمدينة.
 
وقال شيخ إحدى العشائر علي العناد لمراسل فرانس برس قرب قرية ولغا في ريف السويداء إن رجاله جاؤوا من منطقة حماة وسط سوريا بعدما "استنجد بنا أبناء البدو وجئنا لدعمهم".
 
وشاهد مراسل منازل ومتاجر وسيارات تحترق في قرية ولغا الدرزية التي باتت بيد العشائر.
 
وبحسب المرصد السوري فإن "انتشار المسلحين من العشائر في محافظة السويداء جاء بتسهيل من القوات الحكومية غير القادرة على الانتشار هناك بسبب التهديدات الاسرائيلية".
 
ويقدّر تعداد الدروز في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد في محافظة السويداء خصوصا. ويتوزّع الدروز كذلك بين لبنان واسرائيل.
 
وأعربت اللجنة الدولية للصليب الاحمر عن "قلقها العميق إزاء التدهور السريع للوضع الإنساني" في السويداء.
 
كذلك، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، عن "قلقه الكبير" حيال أعمال العنف في سوريا داعيا الى "إرساء الاستقرار".

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب