مستشار ترمب السابق لرووداو: أغلبية أميركية ترفض نزع سلاح "قسد" والفيدرالية ليست مستحيلة

12-07-2025
دلبخوين دارا
وليد فارس
وليد فارس
الكلمات الدالة سوريا قسد أميركا الفيدرالية
A+ A-
رووداو ديجيتال

قال وليد فارس، المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب، إن "هناك أكثرية واضحة أميركية لا تريد نزع سلاح قوات سوريا الديمقراطية"، إلا إذا ثبت لها أن "هناك نظاماً تعددياً آمناً يشمل الجميع، وهو أمر لم يُحسم بعد لدى الرأي العام الأميركي".

 
وكان سفير الولايات المتحدة في تركيا ومبعوثها إلى سوريا قد اعتبر في مقابلة مع شبكة الإعلامية في (9 تموز 2025)، أن قوات سوريا الديمقراطية، "بطيئة في الاستجابة والتفاوض والمضي قدماً" في مسار "دولة واحدة، أمة واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة"، وأن "هناك طريقاً واحداً فقط، وهذا الطريق يؤدي إلى دمشق".
 
وفي أحدث تصريح له لوكالة الأناضول التركية، رأى باراك أن عملية اندماج قسد في الجيش السوري "ستسغرق وقتاً"، معللاً ذلك بغياب الثقة بين قسد والحكومة السورية، فيما أشار إلى أن واشطن تبذل محاولات للتوصل إلى اتفاق "ناجح وجميل" للطرفين. 
 
في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية من واشنطن، اليوم السبت (12 تموز 2025)، أن هذا الموقف مدعوم أيضاً من شرائح واسعة داخل المجتمع الأميركي، لا سيما الجاليات ذات الأصول الشرق أوسطية، قائلاً: "هناك أجزاء من هذا الرأي العام الأميركي، أكانت جاليات من أصل شرق أوسطي، أكانت الجالية ربما اليهودية، أو أهم من ذلك الطائفة المسيحية الكبرى التي تخاف على الأقليات، كل هذا الرأي العام يعتبر قسد حليفاً وشريكاً".
 
وأضاف: "إذا كان هناك من تغييرات لتحصل في دولة سورية جديدة يُنظر بالموضوع، ولكنني لم أسمع هذا النقاش لا في الإعلام ولا في الكونغرس، إذن على أميركا أن يكون لها نقاش كبير قبل أن يُقال إن أميركا قد اختارت هذا المشروع أو ذاك".

أدناه نص المقابلة:

رووداو: هل اتخذت الولايات المتحدة قراراً يَفرض على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلقاء السلاح والاندماج مع الجيش السوري؟ وهل اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب مثل هذا القرار؟

وليد فارس:
لنشرح قليلاً ما يجري من موقع المراقبة هنا في واشنطن، لأن المنطقة تتساءل، حلفاء أميركا يتساءلون، وحتى أخصام أميركا يتساءلون: ماذا يجري؟ ما هي السياسة الأميركية حالياً؟

إذا وضعنا هذه السياسة المؤلفة من عدة قرارات، نرى أن القرار الأول كان عندما كان الرئيس ترمب يزور الخليج، واستُقبل رئيس النظام القائم الآن، الشرع، في الخليج، في المملكة العربية السعودية. هذا كان اعترافاً بالأمر الواقع بأن السلطة القائمة الآن في دمشق بعد سقوط سلطة الأسد هي سلطة الأمر الواقع. لم تكن هناك انتخابات ولم تكن هناك حتى استفتاءات، إذن المصوغ القانوني الوحيد هو أن هذه سلطة أمر واقع، وعليها أن تتقيد بالقانون الدولي. والرئيس ترمب أشاد بأمله بأن تكون لهذه السلطة استجابة للقوانين الدولية، وبالتالي التعاطي معها. هذا الأمر، بعد ذلك، تبعه رفع العقوبات التي كانت قد وضعتها هذه الإدارة وإدارات سابقة على الدولة السورية، أي على النظام السوري السابق. هذه العقوبات لم توضع بعد ديسمبر، بل كانت موجودة منذ سنوات. رُفعت هذه العقوبات للسماح للمجتمع الدولي والأميركيين وللإدارة، وربما لشركاتها الخاصة، بأن تبدأ بالتعاطي مع الواقع السوري على الأرض. هذا لا يعني أن هناك مشروعاً أميركياً مفصلاً حول نظام سوريا الآتي أو حول أي من الأمور والخيارات الكبرى. هذا هو الواقع حتى الآن.

رووداو: ما هو موقف الشعب الأميركي من دعوة توم باراك لنزع سلاح قسد ودمجها مع السلطة في دمشق؟

وليد فارس:
لنكن واضحين جداً، هناك تاريخ طويل بين الشعب الأميركي ومكونات سوريا، وأهم هذه المكونات التي لنا شراكة تاريخية معها ضد الإرهاب ودمج الدم الأميركي مع الدم الكوردي وسائر الفصائل والمجموعات، هو الشعب الكوردي. كل عائلة كان شبانها أو بناتها قد خدموا مع قوات التحالف تعرف تماماً هذا الوضع. إذن لا يمكن لهذا التاريخ أن يتم تغييره بين ليلة وضحاها. وهناك أصدقاء، وهناك رأي عام كبير وواسع في الولايات المتحدة الأميركية يؤيد قسد، ويؤيد ليس فقط قسد بل كل أصدقاء أميركا والحرية والديمقراطية ومواجهة القوى الجهادية، وهي سياسة ثابتة للولايات المتحدة الأميركية، ولا سيما ضد داعش. إذن إذا طُرح هذا الموضوع داخل الولايات المتحدة الأميركية: هل تؤيدون نزع سلاح قسد قبل التأكد من عدم وجود خطر جهادي أو إرهابي ضد هذه المناطق؟ أعتقد أن هناك أكثرية أميركية بسيطة أو واضحة لا تريد ذلك، إلا إذا ثبت لها أن هناك نظاماً تعددياً آمناً يشمل الجميع، وهو أمر لم يُحسم بعد لدى الرأي العام الأميركي. وأضيف أن هناك أجزاء من هذا الرأي العام الأميركي، سواء من الجاليات ذات الأصل الشرق أوسطي كالجالية اليهودية أو، وهذا أهم، الطائفة المسيحية الكبرى التي تخشى على الأقليات، تعتبر قسد حليفاً وشريكاً. إذا كانت هناك تغييرات ستحصل في دولة سورية جديدة، يُنظر في الموضوع. لكنني لم أسمع هذا النقاش لا في الإعلام ولا في الكونغرس. إذن، على أميركا أن تجري نقاشاً كبيراً قبل أن يُقال إنها اختارت هذا المشروع أو ذاك.

رووداو: في حال تعرضت قوات الجيش السوري للتهديد، وإذا ما شنّت هجوماً على قوات قسد وتقدمت ميدانياً، ما سيكون موقف القوات الأميركية تجاه هذه الهجمات؟

وليد فارس:
القوات الأميركية، طبعاً، تأخذ أوامرها من الإدارة ومن رئيس البلاد. الرئيس ترمب هو الذي يقرر في نهاية المطاف، ويكلف من يشاء من مندوبين ووزارة خارجية وسفراء وقيادة السنتكوم. هذا قرار يتخذه الرئيس ويطبقه الجميع، وليس فريقاً دون آخر. حتى الآن، فإن السنتكوم والقوات الأميركية ووزارة الدفاع، التي خصصت دعماً كبيراً هذا العام لقسد، يعتبرون قسد حليفاً لهم. ولا أرى أن هناك عقد تحالف مع أي طرف عسكري آخر، حتى مع النظام، ولو وُجد انفتاح سياسي. إذن، إذا حدث أمر دون مراجعة واشنطن أو فريق الرئيس ترمب، فإن القوات الأميركية ستدافع عن المواقع التي توجد فيها، أي في مناطق سيطرة قسد.

أما إذا ظهرت آلية أخرى، وأعلن الرئيس شخصياً أنه يجب على جميع الميليشيات في سوريا أن تحل نفسها وتندمج، فذلك موضوع آخر. لكن هذا الكلام لم يصدر بعد. نسمعه عبر وسائل الإعلام الآتية من الشرق الأوسط وبعض المسؤولين، لكن لم نسمعه بعد على المستوى القومي الأميركي.

رووداو: سأنتقل إلى سؤال مهم جداً، يتعلق بمسألة الفيدرالية. هل هناك رفض أميركي صريح للنظام الفيدرالي في سوريا؟ فقد قال توم باراك صراحة إن الفيدرالية غير قابلة للتطبيق هناك، ولا تناسب الواقع السوري. رغم أن هذا النظام معمول به في العراق ودول أخرى، ولم يتسبب بأي ضرر للكورد أو للعراقيين. لماذا إذن تقف الولايات المتحدة ضد الفيدرالية في سوريا؟

وليد فارس:
أنا لن أرد، بالطبع، كمواطن أميركي على سفير بلادنا في دولة أخرى. هناك مكان للسؤال والجواب يُدعى الكونغرس الأميركي، وهو يستدعي أي سفير أو مسؤول، ويطرح الأسئلة، وتكون هناك أجوبة، وآراء، وخبراء. هذا لم يحدث بعد. لكنني على الصعيد الشخصي، كأكاديمي، أقول: لماذا من المستحيل أن تكون هناك فدرالية في سوريا؟ وقد تفضلتم بذكر مثال قريب في العراق. ما هي مؤسسات حكومة إقليم كوردستان في أربيل؟ هل هي وحدوية أم لا مركزية اتحادية؟ أقول أكثر من ذلك: الولايات المتحدة دعمت كوسوفو، ودعمت البوسنة، وتيمور الشرقية، وجنوب السودان. إذن هناك اجتهاد قانوني وسياسي أميركي يقبل بمطالب تقرير المصير. ولكي لا أذهب بعيداً، أقول إن النظام الأميركي نفسه فدرالي. فما هو السبب الذي يُقال بسببه إن الفدرالية مستحيلة في سوريا؟ إن كان هناك مكان في الشرق الأوسط حيث الفدرالية لازمة وضرورية، فهي سوريا، والعراق، ولبنان، والسودان. يصعب جداً تطبيق الفدرالية في دول مختلطة ديموغرافياً، لكن في دول كسويسرا، وبلجيكا، وكندا، الفدرالية هي الحل الوحيد. إذن، هذا يستوجب نقاشاً أكاديمياً واقعياً ومتزناً، لا تصريحات نارية.

رووداو: هل دمشق لا تقبل بهذا الطرح؟ وكيف ينظر الأميركيون إلى مشروع الإدارة الذاتية وحقوق الكورد في سوريا؟

وليد فارس:
طبعاً هناك صيغ متعددة لكل دور. الفدرالية ليست قالباً يُصب في كل مكان، كقالب شوكولا أو آيس كريم، بل هي عملياً منصة للتفاهم. أهم من النظام الفدرالي نفسه هو القبول بمبدأ الاعتراف المتبادل. وهذا يعني أن السلطة المركزية تعترف بوجود هذه المكونات بطريقة ما، سواء كانت الفوارق لغوية أو دينية أو طائفية أو قومية أو حتى إقليمية. هذه الفوارق يمكن التفاوض حولها. بعض المناطق تريد اللغة والمدارس، وبعضها الآخر يهمه الهوية الدينية أو التاريخية، والبعض الآخر وضعه الأمني. كل ذلك يتم الاتفاق عليه. لكن المبدأ الذي لا يمكن تجاوزه، لأنه مرتبط بالقانون الدولي، هو البند الثاني: حق الشعوب في تقرير مصيرها. هذه الشعوب قد تكون منتشرة في دولة واحدة أو ضمنها، ويجري التفاوض على هذا الأساس. لدينا في الغرب مئات السنين من التجربة، وتُدرّس هذه المادة. في كندا مثلاً، هناك الفرنكوفون، وهناك الأنجلوفون، وهناك مؤسسات ثنائية اللغة. فإذا كان الغرب يعتمد الفدرالية كأكثر الصيغ تقدماً، لماذا نقول للشرق إنها لا تصلح لديكم؟ هذا فيه نوع من العنصرية، كأن شعوب الشرق غير قادرة، وشعوب الغرب قادرة. هذا لا يجوز في تقديري.

رووداو: الكورد في روجآفا، ما الضمانات التي يمكن أن يحصلوا عليها من الجانب الأميركي لحماية وجودهم وضمان حقوقهم في سوريا؟ كما تعلم، الكورد محرومون منذ عقود طويلة من جميع حقوقهم، سواء في الدستور أو على أرض الواقع، ولم يُعترف بهم ككورد في سوريا. فما هي الضمانات التي تقدمها الولايات المتحدة للكورد؟ من جهة، يدعو الأميركيون الكورد للانضمام إلى الجيش السوري، لكن في المقابل، ما هي الضمانات التي تطرحها واشنطن لهم؟

وليد فارس:
باعتقادي، ما هو ناقص وغير موجود الآن هو إرادة، سواء إقليمية أو دولية، أو إرادة مشتركة تقول لكل المكونات في سوريا: تفاهموا. حتى الآن، لا يوجد تفاهم. هناك أطراف، وسلطة مركزية، تريد دولة وحدوية بعقيدة معينة. لكن في الدول التعددية، لا يمكن فرض ذلك. حصل هذا في السودان لعشرات السنين، واندلعت حروب أهلية، ونتيجته كانت تقرير المصير لجنوب السودان الذي أصبح دولة، والدولتان اليوم تتعاملان اقتصادياً وسياسياً بشكل طبيعي. في تشيكوسلوفاكيا، اتفق الطرفان على إنشاء جمهوريتين. في بلجيكا، اتفقوا على جمهورية واحدة لكن بأقاليم مختلفة.

هذا الموضوع لا يمكن إصلاحه إلا بتدخل دولي مساعد، لا فارض. الضمانات، في رأيي، تُبنى في النفوس قبل النصوص. أولاً: النوايا. إذا وُجدت النوايا بالتعددية والاعتراف المتبادل، عندها يمكن لقسد أن تحل نفسها يوماً ما، ويصبح هناك حرس وطني في المنطقة، كما هو حال "الحرس الوطني" في الولايات المتحدة الأميركية. وبإمكان الدروز والعلويين والمسيحيين وغيرهم أن ينخرطوا كذلك. هو قرار استراتيجي، تاريخي، وجداني، يتشكل أولاً في النفوس، ثم يُترجم في النصوص.

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

تحسين الشيخلي

الأكاديمي تحسين الشيخلي لرووداو: الذكاء الاصطناعي شريك معرفي وليس بديلاً عن الإنسان

يُعرف الذكاء الاصطناعي (بالإنجليزية: Artificial Intelligence أو AI) نفسه باعتباره "فرعاً من علوم الحاسوب يهدف إلى تطوير أنظمة أو برامج تستطيع القيام بمهام تتطلب عادةً ذكاءً بشرياً، مثل: الفهم والتفكير، التعلم من التجربة، حل المشكلات، اتخاذ القرارات، فهم اللغة الطبيعية والتعرف على الصور أو الأصوات". ويُصنّف على ثلاث فئات: الذكاء الاصطناعي الضيّق (ANI)، والذكاء الاصطناعي العام (AGI)، والذكاء الاصطناعي الفائق (ASI).