رووداو ديجيتال
عُثر في مدينة معرّة النعمان بمحافظة إدلب شمالي سوريا على مجمّع قبور يعود إلى الحقبة البيزنطية، وذلك أثناء أعمال حفر لإعادة إعمار أحد المنازل المدمّرة خلال الحرب.
ويضم الموقع الذي اكتُشف أسفل حيّ سكنيّ متضرر، غرفتي دفن تحتوي كلٌّ منهما على ستة قبور حجرية، وقد وُجد على أحد الأعمدة المحفورة علامة صليب بارزة، إلى جانب قطع فخارية وزجاجية تؤكد نسبتها للعهد البيزنطي.
وقال حسن الإسماعيل، مدير دائرة الآثار في إدلب، إن "هذا الموقع الأثري يتكوّن من غرفتي دفن تضمان اثني عشر قبراً، وبالاستناد إلى وجود الصليب واللقى الأثرية من فخار وزجاج، نُرجّح أن يعود إلى الحقبة البيزنطية".
وأضاف أن هذا الاكتشاف يعزّز ما تمتلكه المحافظة من إرث حضاري، موضحاً أن "إدلب تضم نحو ثلث آثار سوريا، وتحتوي على 800 موقع أثري إلى جانب مدينة قديمة".
وجاء اكتشاف القبور في حيّ سكنيّ تضرر بشدّة خلال سنوات الحرب، حيث تعرّضت معرّة النعمان، الواقعة على الطريق الاستراتيجي بين حلب ودمشق، لدمار واسع بعد أن سيطرت عليها قوات النظام السوري في عام 2020، عقب سنوات من خضوعها للمعارضة. ومنذ انتهاء الحرب وسقوط نظام بشار الأسد في هجوم مباغت نهاية العام الماضي، بدأ السكان في العودة تدريجياً وإعادة بناء منازلهم.
وعند انكشاف فتحات القبور، سارع السكان إلى إبلاغ دائرة الآثار التي أرسلت فريقاً متخصصاً لتوثيق الموقع وتأمينه. ويأمل السكان أن تُعامل هذه الاكتشافات كفرص للنهوض السياحي والاقتصادي، لا كمصدر قلق لأصحاب الأراضي.
وقال غياث شيخ دياب، أحد سكان المدينة الذين شهدوا لحظة الاكتشاف: "في السابق، كان الناس عندما يعثرون على آثار يخفونها كما لو أنهم يخفون جريمة، خوفاً من مصادرة ممتلكاتهم. يجب تعويض أصحاب الأراضي التي تُكتشف فيها الآثار، وعلى الدولة أن تعتني بهذه الكنوز وتعيد ترميمها كي يتعرّف الناس على تاريخ المدينة".
بدوره، قال عبد جعفر، وهو من سكان معرّة النعمان، جاء إلى الموقع برفقة ابنه لالتقاط الصور: "في الأيام الخوالي، كان الكثير من السيّاح الأجانب يأتون إلى معرّة النعمان فقط لرؤية الآثار. نحن بحاجة للعناية بهذه المواقع، وترميمها، وإعادتها كما كانت. هذا سيعيد السياحة، وينعش الاقتصاد من جديد".
وتعدّ المعالم البيزنطية جزءاً من ما يُعرف بـ"المدن الميتة" في شمال غربي سوريا، وهي تجمعات أثرية مهجورة تضم بقايا منازل وكنائس وشوارع مبلّطة بالأعمدة تعود إلى الفترة التي كانت فيها المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية البيزنطية التي نشأت في القرن الرابع الميلادي.
ورغم سنوات الحرب التي دمّرت كثيراً من مواقع سوريا الأثرية، سواء بالقصف أو بالنهب، يرى البعض في هذه الاكتشافات نافذة أمل نحو مستقبل يرتكز على الذاكرة التاريخية والتعافي الاقتصادي.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً