القوات الحكومية السورية تفقد السيطرة على مدينة درعا

07-12-2024
رووداو
الكلمات الدالة درعا
A+ A-

رووداو ديجيتال

فقدت القوات الحكومية السورية الجمعة السيطرة على مدينة درعا، مهد حركة الاحتجاجات السورية الشعبية التي اندلعت في العام 2011 ضد حكم الرئيس بشار الأسد، لصالح فصائل معارضة في الجنوب، في ضربة جديدة لها في خضم التطورات المتسارعة والمفاجئة المتواصلة منذ أسبوع.

وكانت هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها بدأت في 27 تشرين الثاني هجوماً على القوات الحكومية انطلاقاً من محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، وتمكنت من السيطرة على مناطق واسعة وصولاً إلى حلب (شمال)، ثاني أكبر مدن البلاد. وواصلت تقدّمها لتسيطر بعد أيام على حماة (وسط)، واقتربت من حمص (وسط) التي تربط دمشق بالساحل السوري، معقل الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الرئيس بشار الأسد التي تحكم سوريا منذ خمسة عقود.

وأعلن زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني في مقابلة نشرت الجمعة أن هدف الفصائل المعارضة "يبقى إسقاط نظام" الأسد.

في الوقت ذاته، تحرّكت فصائل معارضة محلية في الجنوب، في محافظتي درعا والسويداء، مستفيدة على الأرجح من ضعف القوات الحكومية، بينما تقدّمت قوات سوريا الديمقراطية، في محافظة دير الزور في الشرق.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان "سيطرت فصائل محلية على مزيد من المناطق في محافظة درعا بما في ذلك درعا البلد وإزرع لتصبح بذلك الفصائل مسيطرة على أكثر من 90 بالمئة من المحافظة، وسط انسحابات متتالية لقوات النظام".

وكان المرصد أفاد في وقت سابق بأن القوات الحكومية أخلت حواجز في ثلاث بلدات على الأقل في محافظة درعا، بعد هجوم لمقاتلين محليين على مقارّ أمنية في المنطقة.

وبدأ النزاع السوري في منتصف آذار 2011 باحتجاجات شعبية ما لبث أن أن تحولت نزاعاً مسلحاً، وإذا كان قوات الرئيس بشار الأسد خسرت في السنوات الأولى مساحة كبيرة من الأراضي السورية لصالح المقاتلين المعارضين، إلا أن التدخل الروسي والإيراني دعماً لها ساعدها في استعادة أجزاء كبيرة اعتباراً من عام 2015.

وأوقعت الحرب أكثر من نصف مليون قتيل، فيما نزح أكثر من نصف الشعب السوري داخل سوريا أو إلى الخارج.

وتستوقف المحللين سرعة تراجع الجيش السوري وانسحاباته.

وقال الباحث الفرنسي فابريس بالانش المتخصص في الشؤون السورية لوكالة إن هيئة تحرير الشام وحلفاءها يسيطرون اليوم على عشرين ألف كيلومتر مربع من الأراضي السورية، أي على مساحة أكبر سبع مرات مما كانت تسيطر عليه قبل بدء الهجوم الأخير.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ بريطانيا مقرّاً وله شبكة واسعة من المصادر والمندوبين في سوريا، أفاد صباحاً بأن هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها باتت على "بعد خمسة كيلومترات من أطراف حمص بعد سيطرتها على الرستن وتلبيسة" الواقعتين على الطريق الواصل بين المدينتين، مشيراً إلى انسحاب القوات الحكومية من مدينة حمص، الأمر الذي نفته وزارة الدفاع السورية.

وقالت الوزارة في بيان "الجيش العربي السوري موجود في حمص وريفها.. وتمّ تعزيزه بقوات ضخمة إضافية".

لاحقاً، أفاد المرصد بـ"مقتل 20 مدنياً، خمسة منهم من عائلة واحدة، جراء قصف صاروخي لقوات الحكومة السورية وغارات شنها الطيران السوري والروسي على بلدات عدة (في محيط مدينة حمص) بينها تلبيسة".

وسمّيت مدينة حمص عام 2011 "عاصمة الثورة"، وعانت حصاراً خانقاً فرضته القوات الحكومية، وشهدت قتالاً عنيفاً، قبل أن تستعيد الحكومة السيطرة عليها بالكامل عام 2017.

وقال الجولاني الذي بدأ يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع بدلاً من لقبه العسكري، في حوار مع شبكة "سي إن إن" الأميركية نشر الجمعة، "عندما نتحدث عن الأهداف، يبقى هدف الثورة إسقاط هذا النظام"، معتبراً أن الأخير "مات".

وكانت فصائل المعارضة سيطرت الخميس على مدينة حماة، رابع كبرى مدن سوريا في وسط البلاد.

والتقط مصوّرون متعاملون مع فرانس برس صوراً لمقاتلين يقبّلون الأرض لدى دخولهم إلى حماة، وأخرى لحشد من الناس يحرقون صورة عملاقة للرئيس بشار الأسد، بينما آخرون يقبّلون مقاتلين وصلوا إلى المدينة.

في الجنوب أيضاً، سيطرت فصائل معارضة مسلحة محلية على معبر نصيب الحدودي مع الأردن الذي كانت السلطات الأردنية أعلنت إغلاقه في وقت سابق.

في محافظة السويداء (جنوب)، أخلى مسؤولون بينهم المحافظ وقادة أمنيون الجمعة مؤسسات ومراكز، وفق ما أفاد المرصد وشبكة إخبارية محلية.

وذكر المرصد أن "محافظ المدينة وقيادات الشرطة والسجن وحزب البعث غادروا إداراتهم في مدينة السويداء، تزامناً مع سيطرة مقاتلين محليين على نقاط أمنية في ريفها".

في الشرق، أكدت قوات سوريا الديمقراطية انتشارها في مناطق انسحبت منها القوات الحكومية في محافظة دير الزور.

وقال المرصد إن "قوات النظام انسحبت مع قادة مجموعات موالية لطهران بشكل مفاجئ من مدينة دير الزور وريفها".

وأبدى قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي استعداداً للحوار مع هيئة تحرير الشام ومع تركيا، معتبراً أن تقدّم هيئة تحرير الشام فرض "واقعاً سياسياً وعسكرياً جديداً" في البلاد.

ويستبعد محللون أن يكون هجوم الفصائل المعارضة انطلاقاً من الشمال حصل بلا دعم تركي، ولو أن تركيا تنفي تدخلها، ودعمت أنقرة أكثر من هجوم في سوريا خلال السنوات الماضية، وهي تدرّب وتموّل وتدعم "الجيش الوطني السوري" المؤلف من مقاتلين موالين لها يسيطرون على منطقة حدودية واسعة في سوريا متاخمة لتركيا.

ودعت الولايات المتحدة الجمعة رعاياها إلى مغادرة البلاد وقالت إن "الوضع الأمني في سوريا يبقى متقلباً وغير قابل للتنبؤ به".

كما دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة إلى حماية المدنيين بمن فيهم أفراد الأقليات في سوريا.

ودعت روسيا الداعمة لدمشق، رعاياها إلى مغادرة سوريا، محذرة من "الوضع العسكري والسياسي الصعب" في البلد.

وأعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن "أمله" في تواصل تقدّم مقاتلي المعارضة في سوريا "بلا مشاكل"، وقال "إدلب وحماة وحمص وبالطبع الهدف دمشق تقدّم المعارضين متواصل".

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

أحمد الشرع ومظلوم عبدي أثناء توقيع الاتفاق

الرئاسة السورية: التصريحات التي تدعو للفيدرالية تتعارض مع مضامين الاتفاق مع قسد

أكدت الرئاسة السورية أن الاتفاق الذي جرى مؤخراً مع قيادة "قسد" يمثّل "خطوة إيجابية نحو التهدئة والانفتاح على حل وطني شامل"، لكنها في الوقت ذاته حذرت من أن "التصريحات الصادرة مؤخراً عن قيادة قسد، والتي تدعو إلى الفيدرالية، تُرسّخ واقعاً منفصلاً على الأرض، تتعارض بشكل صريح مع مضامين الاتفاق وتهدد وحدة البلاد وسلامة ترابها".