رووداو ديجيتال
كنت قد سمعت من قبل أن دمشق مدينة جميلة؛ نظرت إليها بإعجاب، تجولت في هذه المدينة، وبالرغم من أن جزءاً منها قد تضرر بسبب الحرب، إلا أنها لا تزال مدينة جميلة.
كان بشار الأسد قد سقط للتو، وصلت إلى دمشق في خضم الأحداث، رأيت آثاراً قليلة للحرب والمقاومة. كانت السيارات العسكرية متروكة في الشوارع، وقد أعطبت.
ذهبت للبحث عن جواب على سؤال كان الجميع يطرحه لكنه لم يتضح بعد بشكل جيد، ما الذي جعل إحدى أقوى السلطات في المنطقة تسقط بهذه السهولة؟ هرب الأسد والمقربون منه، ومن يمكنه الإجابة على هذا السؤال الآن لم يعد متواجداً في دمشق.
محمد الجلالي، كان آخر رئيس وزراء في عهد الأسد في سوريا. هربوا جميعاً لكنه لم يهرب. دعونا نرى ما الذي حصل في تلك الليلة، كان أول شخص زرت داره في الشام. استغرقت نصف ساعة في الطريق حتى وصلت. وبمجرد أن قرعت جرس منزلهم.. رحبوا بي.
نحن الآن في منزل رئيس الوزراء السابق، وهو شقة تحت الأرض بطابقين، مساحتها 150 متراً. زوجته مهندسة، كانت تبدو بشوشة، يعيشون الآن في شقة مساحتها 150 متراً. دخلت ورأيت محمد الجلالي رئيس الوزراء، كان أيضاً رجلاً بسيطاً ومضيافاً.
قال لا أعرف ماذا سيحل بسوريا، لذلك لا أرى من المناسب تسجيل هذا اللقاء بالفيديو، لكنني سأجيب على كل أسئلتك.
بمجرد أن سألته وقلت ما الذي حدث؟ قال انهار الجيش السوري ودخل مقاتلو هيئة تحرير الشام إلى دمشق في الساعة الثانية ظهراً.
يتحدث محمد الجلالي في هذا اللقاء عن الـ24 ساعة التي سبقت سقوط الأسد، من الساعة الثامنة من صباح السابع من كانون الأول 2024 حتى الساعة الثامنة من اليوم التالي الموافق لـ(8 كانون الأول 2024).
في يوم السبت (7 كانون الأول 2024) عُقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، وكانت مدينتا حلب وحماة قد سقطتا تحت سيطرة هيئة تحرير الشام.
كان وزير الدفاع في غرفة العمليات، كان وضع البلد مضطرباً للغاية، ولم يحضر الاجتماع. ظل رئيس الوزراء في العمل حتى الساعة السادسة مساء. وقع على البريد والأوراق الحكومية، كان لا يزال هناك أمل في أن دمشق والأسد لن يسقطا.
الاتصالات الأخيرة.. لقد بدأ الانهيار
اتصال الفريق علي عباس، وزير الدفاع السوري في الساعة السادسة مساء بمحمد الجلالي، غيّر كل شيء. أسلوب ونبرة صوت وزير الدفاع لم يكونا لشخص واثق من نفسه، بل كان الصوت صوت شخص أدرك أن المكان الذي يتحدث منه ينهار تدريجياً.
يقول رئيس الوزراء سألته: ماذا حدث، كيف هو الوضع؟ فردّ: أخبرت الرئيس بشار الأسد بالوضع بالكامل وأوضحت له الصورة تماماً، لا يمكنني أن أكذب على الرئيس.
كان نظام الأسد يظن أن لديه قوة لا يمكن أن تسقط بأي قوة أو تهديد، لكن ما يعرفه وزير الدفاع، لم يكن يعرفه أحد آخر بهذا الوضوح بعد، وهو أن سلطتهم ماضية نحو نهايتها.
في ذلك الاتصال الهاتفي يقول لمحمد الجلالي: أنا مندهش من تراجع الجيش وعدم قتاله. هنا ينتهي الاتصال
يعود رئيس الوزراء إلى منزله. من الآن فصاعداً، فقط الجنود وصوت إطلاق الرصاص يتحدثان عن مستقبل سوريا.
كانت الساعة السابعة والربع مساء عندما نزل وزير الداخلية محمد رحمون إلى المدينة وظهر على شاشة التلفزيون السوري التابعة لنظام الأسد.
في الساعة هي 10:45 ليلاً، يتلقى رئيس الوزراء مكالمة أخرى، هذه المرة من وزير الداخلية. كانت المحادثة في هذه المكالمة أكثر خطورة من محادثة وزير الدفاع، حيث قال له: الوضع أسوأ بكثير مما نتصور، الجيش ينهار ولا يستطيع الدفاع.
يقول له رئيس الوزراء: قلت للتو على شاشة التلفزيون إن الوضع جيد وتحت السيطرة.
وزير الداخلية: كان ذلك للشعب!
في الساعة الحادية عشرة ليلاً، يتحدث رئيس الوزراء للمرة الأخيرة مع بشار الأسد. هذه المكالمة الهاتفية كانت قريبة من حقيقة أن السلطة تذوي أمام أعينهم، لكن الرئيس السوري لا يزال لا يعترف بهذه الحقيقة.
محمد الجلالي يتحدث بقلق لبشار الأسد ويقول: سيادة الرئيس، الناس يفرون من حمص بشكل غير متوقع، هناك خوف واضطراب، والجيش في تراجع مستمر.
صمت بشار الأسد قليلاً على الهاتف، ثم لرئيس الوزراء: إلى أين يريد هؤلاء الناس الذهاب؟ هل هناك مكان يذهبون إليه؟
رئيس الوزراء للأسد: المشكلة هي أنهم أصيبوا بالخوف والقلق والاضطراب، هذا أكبر من مسألة إلى أين يذهبون.
يقول رئيس الوزراء، كان هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي لم أستطع قولها في هذه المكالمة، لأن الرئيس كان شخصاً سريع الغضب، لا يحترم أحداً، ويتفوه بكلام سيء عندما يغضب. لذلك كان خوفي من غضب الرئيس أكبر من خوفي من هيئة تحرير الشام.
يسأل بشار الأسد رئيس الوزراء مستغرباً: لماذا يخاف الناس؟ آخر جملة قالها الأسد لرئيس الوزراء كانت "حسناً، لننظر ماذا سيحدث غداً (بكرا منشوف)".
الجيش يفر تدريجياً من شوارع دمشق
يزداد خوف رئيس الوزراء، في الساعة الرابعة فجراً يحاول مرتين التحدث مع بشار الأسد عبر مكتب الرئيس السوري، لكن لا أحد يجيب حتى الرنة الأخيرة لجرس الهاتف. لم يبق أحد في المكتب وقصر الشعب. لقد اختفى بشار الأسد وكل سلطته.
في الساعة الخامسة صباحاً، يتلقى رئيس الوزراء مكالمة، عندما ينظر إليها يجد أنها من وزير الداخلية. هذه المرة لم يحدثه عن وضع دمشق والجيش. بل أن وزير الداخلية يبلغ رئيس الوزراء في هذه المكالمة بدق المسمار الأخير في نعش سلطة الأسد، يقول له: انتهى كل شيء، أنا ذاهب إلى الساحل، أنصحك أن تنفذ بجلدك وترحل...
رئيس الوزراء يقول لوزير الداخلية: لن أهرب ولن أذهب إلى أي مكان، سأبقى في دمشق.
في شوارع دمشق، الدبابات والعربات المدرعة والعسكرية، التي كانت رمزاً لقوة سلطة الأسد، معطلة وعليها آثار المعارك، بعضها يبدو وكأنه لم يتم استخدامه في القتال، الانهيار بدأ من دواخلهم قبل أن يكون عسكرياً.
عندما علم الجنود أن الأمر قد انتهى، وأن بشار الأسد لم يعد حاكماً لسوريا، رموا خوذهم وملابسهم العسكرية، وفرّوا وهم يرتدون الملابس المدنية.
الاجتماع الأخير
عقد بشار الأسد في (7 كانون الأول 2024) اجتماعه الأخير مع وزير الدفاع وكبار القادة العسكريين للبحث في كيفية الدفاع عن دمشق وسلطته.
بحثنا عن المكان الذي عقد فيه الاجتماع وعما قيل فيه. المعلومات المؤكدة تخبرنا بأن الاجتماع كان في مقر هيئة الأركان، حيث اجتمع بشار الأسد مع كبار قادة الجيش في قاعة صغيرة.
في هذا الاجتماع المتخم بالقلق والخوف، ناقشوا كيفية الدفاع عن دمشق. لكن وزير الدفاع كان يعرف أن نهاية السلطة وشيكة جداً، بل أنها انتهت قبل أن ينتهوا منها...
وزير الدفاع وكبار الضباط ناقشوا هنا كيفية دفاعهم عن سوريا! وقدراتهم من حيث السلاح وقوام قواتهم وأين تجرى التحشيدات وما هي الإمدادات وكيف هي المساعدات الروسية والإيرانية.
المطلعون على الوضع السوري قالوا إن وزير الدفاع اتصل بالألوية وأمرهم بالدفاع عن دمشق، وذلك بعد اجتماعه مع بشار الأسد، لكن لم يبق الوزير، وخرجت دمشق والشام من قبضة وزير الدفاع وحكومة الأسد وبقي كرسيه وطاولته، كما بقي شعب سوريا.
لم يُهزم الجيش السوري أمام أي جيش خارجي، بل انهار وسقط من داخله. كان الفساد قد تفشى في مفاصل الجيش، ولم يعد الجنود يؤمنون بهذه السلطة.
العقيد أسد، دافع في صفوف الجيش السوري عن الأسد الأب والابن مدة 34 سنة، رأيته في شوارع حي البرزة، كنت حريصاً جداً على معرفة سبب عزوف الجيش عن الدفاع عن سلطة الأسد من العسكريين أنفسهم.
- أنت عقيد في الجيش السوري؟
- أجل.
- وبقيت حتى آخر يوم؟
- أجل.
- في 8 كانون الأول ، لماذا سقط النظام؟ لماذا لم يستطع الجيش الدفاع عن بلده؟
- 99% من الجيش السوري كان يعاني من الجوع المميت، عدا بعض الأفراد الذين كانوا في حالة شبع. الجوع بات مرعباً. راتبك يكفيك لثلاثة أيام. ماذا بوسعك أن تعمل.
يقيم هذا الضابط في الجيش السوري مع أولاده في واحدة من أفقر مناطق العاصمة، ولا يخفي أن الحياة في سوريا ضيقت عليهم وكانت حياتهم صعبة جداً.
- هذا بيتك؟ كم غرفة في منزلك هناك؟
- ثلاث غرف.
- غرفة الضيوف؟
- نعم
- وماكنة خياطة؟
- إنها للعمل.
- لمن هي؟
- إنها لي.
- هي لك، أنت عقيد وتعمل؟
- أعمل على الماكنة لأن لدي أطفالاً ولا أستطيع تلبية احتياجاتهم.
- لكسب المزيد من المال؟ ولتعيل أولادك بينما أنت عقيد في الجيش!
- نعم.
- أين بزتك العسكرية؟
- إنها هنا.
- أين رتبتك؟
- الرتبة أحرقناها.
- أحرقتموها؟
- وماذا قد أفعل بها؟ باتت ذليلة!
- متى أدركتم أن الأمور وصلت إلى نهايتها؟
-كنت أشعر بالوضع منذ نحو شهرين. غلاء الأسعار والراتب الذي يكفي ليومين أو ثلاثة أيام. ماذا بوسعك أن تعمل.
غادرنا منزل هذا الضابط الفقير في الجيش السوري. معظم الضباط والجنود الآخرين يعيشون بنفس المستوى.
بالقرب من منزله، التقيت ضابطاً آخر في الجيش السوري برتبة عميد، كان في الجيش لمدة 35 عاماً. زودنا بالمزيد من المعلومات عن اللحظات الأخيرة للنظام السوري ووضع الجيش.
- التقينا مع العقيد أسد، وليس بشار الأسد. بقيتم حتى الأيام الأخيرة، ماذا جرى للجيش السوري؟ لماذا لم يدافع عن دولته؟
- وردتنا الأوامر بالرحيل والانسحاب.
- ممن جاءت الأوامر؟
- من قائد المعسكر، قائد الوحدة.
- في أي منطقة؟
- في القابون.
- قال لا تقاتلوا؟
-من يرغب ليذهب إلى بيته.
- متى حدث هذا؟
- بعد منتصف الليل أو في وقت مبكر صباحاً. عاد إلى مكتبه وارتدى العسكريون الزي المدني ورحلوا.
- هل رأيتهم عندما ذهبوا؟
- أنا أيضاً ارتديت الزي المدني وذهبت.
- الجميع؟
-الجميع. لا يستلم شخصاً منصباً ما لم يدفع.
-كم؟
-لنفترض بإنك تريد قيادة لواء. تدفع 300 مليون ليرة على الأقل. وعندما يتسلم المنصب يبدأ بالسرقة ليعوض المبلغ ويدخر. أما إذا أردت منصب قائد فرقة عليك أن تدفع 500 مليون ليرة على الأقل.
- لمن كانوا يدفعون؟
-للضباط الأعلى أو الأمن. هذه هي الحقيقة، كان المجتمع ينفر من الوضع كلما زاد الفساد، المجتمع بكافة أطيافه.
نذهب إلى منطقة عش الورور في دمشق، غالبية سكانها من العلويين، طائفة بشار الأسد. هؤلاء جيء بهم من اللاذقية التي تعتبر المعقل الرئيسي للعلويين إلى العاصمة للدفاع عن السلطة وعائلة الأسد في اليوم الأسود. مع زوال الأسد، ربما خوفاً من المستقبل، غيروا ولاءهم.
عندما أسألهم: أنتم كنتم رجال الأسد؟ مباشرة يتنكرون للأسد ويكشفون أسرار عمل عائلة الأسد.
محسن عبدو أحد هؤلاء تحدث قائلاً: أنا متقاعد كنت أتقاضى 250 ألف ليرة، أي أعيش بـ 15 دولاراً. الطائفة العلوية تعاني الفقر وتعيش في المخيمات.
مواطن سوري علوي آخر: كان على التاجر أن يدفع 9/10 مما يكسبة لبيت الأسد، والمخلوف، وحسن.
- كلامه صحيح؟ هل توافقونه؟
- نعم! نعم! %100.
- دافعتم عن النظام بكل قوتكم.
ذياب سلوم رد على ذلك بقوله: كان مفروضاً علينا. لو كنت تعيش بيننا في هذا المجتمع وهذه البيئة، عليك الدفاع عنه رغماً عنه. لأنك لو لم تدافع عنه زوجتك وأخواتك وأبنائك وعائلتك كلها مهددة.
في السياق، قال محسن عبدو: كان عليك الاختيار بين حياتك أو الموالاة للأسد.
- لم يكن هناك حل وسط؟
- لم يكن هناك حل وسط. لم يبق شيء، كان عليك أن تعيش ذليلاً.
جهاز المخابرات السوري
كان أخطر مكان في سوريا كلها، وهو في دمشق ويطلقون عليه اسم المربع الأمني. يتبين من الخراطيش أن معركة وقعت في مدخل المجمع.
بمجرد دخولنا إلى المخابرات، بادر جندي إلى اصطحابنا إلى قسم السجون التي تحت الأرض.
سجن الآلاف. إنها مدينة تحت مدينة دمشق. كان هذا ثاني أخطر سجن في سوريا كلها، إنه سجن المربع الأمني ويقع في وسط مدينة دمشق.
أخبرني أحد المقاتلين وقد لقيني عند الباب بأن الكثير من الأدعية كتب على جدران الزنزانات من جانب الذين سجنوا فيها، ولو تم قبول واحد من هذه الأدعية فهو كاف للقضاء على نظام كنظام الأسد.
ما رأيناه هو فرع واحد من فروع السجن. ستة أبواب، وكل باب يؤدي إلى مئات من الزنزانات الكبيرة كان يجري فيها تعذيب الناس وقتلهم ومصائرهم غير معروفة حتى الآن، مثلما أن مصير الأسد ونظامه كله غائب الآن
أخطر مكان تابع لسلطة الأسد، جهاز المخابرات لكل سوريا في دمشق. اسم مخيف في ذاكرة الناس، كان دائماً مكاناً للخوف والترهيب واختفاء الناس ،الذين عملوا في هذا الجهاز مروا بكل مرشحات أمان سلطة الأسد.
لكن مقاتلي هيئة تحرير الشام الذين وصلوا إليه، يتحدثون عن وجود علاقات مع ضباط في المخابرات السورية قبل وصولهم إلى العاصمة.
وقال مقاتل إن "تواصلاً كان يجري مع بعض الضباط، فضلاً عن التنسيق معهم، وفي النهاية كانوا يعانون من انعدام الثقة فيما بينهم. بعضهم يهرب دون أن يخبر من معه، وآخرون تركوا عناصرهم، وهناك من تفاجأ بوجودنا حوله وهو لا يعلم شيئاً".
آثار الجرائم، التجويع، الضرب في سجون الأسد واضحة وتدل على أنه لم يكن لدى الأسد أي رحمة.
وجدنا ملفاً عن (عشار العراق) وآخر كتب عليه (ملف الأكراد) وهو عن الكورد في عامين 2022 و2023. ي الحقيقة لم تعد الأوراق موجودة لكن هناك ملفات مخصصة للكورد، وهناك ملفات للأشخاص وللأحزاب وللعشائر في سوريا.
التقيت أشخاصاً أخبروني أنهم لم يكونوا يجرأون على النظر إلى هذا المكان عندما كانوا يمرون من أمامه.
وهناك ملف يخص الأشخاص الذين كانوا يعملون في دوائر الدولة ووزاراتها، وملف عن دائرة الحرب الإلكترونية التي تتابع الذين يتحدثون ضد الحكومة أو ينشرون شيئاً أو تعليقاً .هؤلاء تشكل ضدهم محكمة عسكرية ، ولا يعلم إلا الله ماذا كان مصيرهم.
وهناك تعليمات وقع عليها توقيع (الفريق بشار الأسد القائد العام للجيش والقوات المسلحة) بالتفويض العماد فهد جاسم الفريق نائب القائد العام نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
مقاتل من هيئة تحرير الشام أراد أن يطلعنا الوثائق التي تحتوي على أسرار الأسد لسنوات عديدة، وقد باتت رماداً، رجال الأسد فعلوا هذا. ودار هذا الحوار معه في مقر الأمن الجنائي:
- هل بقي شيء لم يُحرق؟
- لا لم يبق شيء
- هذه كلها أجهزة كمبيوتر.
- كلها أجهزة كمبيوتر؟
- كل الوثائق السرية، كل شيء سري أحرقوه.
- أحرقه النظام؟
- أحرقوا كل شيء وخرجوا.
- هل قرأت شيئاً صدمك؟
- عثر على دفتر كتب عليه الجيش السوري. أحد العناصر كان قد كتب فيه تقريراً عن زميله، مع أنهما كانا يعملان في مكتب واحد.
في ساحة الأمويين، تماثيل بشار الأسد ووالده فقدت سلطتها تنظر إلى شعبها ولا تستطيع فعل شيء. رجل ذو الشعر الأبيض في هذا العمر يرقص على صدر تمثال الأسد. التمثال صامت ولا حول له، والناس يوثقون هذه المشاهد كتغيير تاريخي كبير
يشعر الشعب السوري بعد سقوط نظامهم بحرية سُلبت منهم بالنار والحديد منذ أمد. الناس يتقاتلون على دورهم للحصول على الخبز. لكن عن هذا الوضع الجديد لبلدهم لديهم كلام آخر يجدونه ثميناً.
"الحرية أغلى من كل شيء" قال لنا مواطن سوري، مضيفاً: "بأت بإمكان الشخص أن يتنفس".
مواطن آخر أكد أن "الحرية أغلى من الخبر. حرية الإنسان أهم من كل شيء"، وأيدته امرأة بقولها: "كنا مخنوقين.
كان ثمن تغيير سلطة الأسد باهظاً، اشتراه الشعب السوري بالسلاح والمال حتى يغيروا نظام الأسد، دون أن يعرفوا من سيحل محله، من هم وما هويتهم. غروب وساعات نهاية الأسد لم تكن مجرد نهاية لشخص أو سلطة، بل مع غروب هذه السلطة مات الخوف أيضاً.
عاشت دمشق تحت هيمنة هذه السلطة وشهدت سقوطها. سوريا الجديدة لم تعد سوريا السابقة .لكن لا يزال من غير الواضح من يبحث عن هوية أخرى لهذا البلد ومن سيكتب الفصل التالي من قصة سوريا؟
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً