أزمة نتائج انتخابات 2010.. علاوي: طالباني طلب مني لقاء سليماني في قرية قرب السليمانية ورفضت

31-10-2021
معد فياض
الكلمات الدالة الانتخابات العراقية نوري المالكي اياد علاوي قاسم سليماني
A+ A-

معد فياض

قصة الانتخابات العراقية من 2005 حتى 2021

 
لم تسلم اية دورة لانتخابات مجلس النواب، ومنذ 2005، وحتى 2021 من اتهامات التزوير والخروقات ومطالبة الكتل الخاسرة بالعد اليدوي، ومن ثم ادخال البلد في دوامة الصراعات والازمات لتنتهي هذه العملية بتوافقات وتوزيع المناصب الحكومية حسب المحاصصات الدينية والطائفية.

كنت قد شهدت، بحكم عملي الصحفي، أحداث جميع الانتخابات العراقية ميدانيا، مع تفاصيل الصراعات بين الاحزاب والكتل المرشحة للانتخابات خلف الكواليس، وبمناسبة تجدد الخلافات بين الاحزاب والكتل السياسية على نتائج التصويت في انتخابات 10 تشرين الاول 2021، أدون هنا مشاهداتي ومعايشتي كمحايد، وعلى حلقات، وسأكشف بعض هذه التفاصيل في قصة الانتخابات العراقية.

الحلقة  (6) 

المالكي: "ما ننطيها"

لم تشهد انتخابات من اشكالات عصفت بالعراق، مثلما حدث في نتائج الاقتراع في عام 2010. كانت الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من اذار قد أسفرت عن فوز القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق أياد علاوي وبفارق مقعدين عن قائمة دولة القانون التي يتزعمها رئيس الحكومة ، وقتذاك، نوري المالكي.

ورغم فوز العراقية الا ان عدد المقاعد التي حصلت عليها وهو 91 مقعدا لن يمكنها من الذهاب بمفردها لتشكيل حكومة حيث يتوجب عليها التحالف مع كتل اخرى لضمان الحصول على 164 مقعدا من مقاعد البرلمان وهو ما يمثل النصف زائد واحد من مقاعد مجلس النواب، اي الحد الادنى لضمان الحصول على الاغلبية البسيطة. 

وبحسب الدستور العراقي فان الكتلة النيابية الاكبر، الفائزة في الانتخابات هي صاحبة الحق في تشكيل الحكومة. لكن المالكي الذي رفع شعار"ما ننطيها"، ويعني الحكومة، وبسبب تشبثه بالسلطة، أعلن عن تشكيله غداة الاعلان عن النتائج البرلمانية تحالفا بين دولة القانون وقائمة الائتلاف الوطني العراقي الذي يضم الاحزاب الشيعية وحصل على سبعين مقعدا، مما ادى الى تعقيد المشهد السياسي العراقي برمته حيث يصر قادة التحالف الجديد على احقيتهم في تشكيل الحكومة يقابله اصرار قادة العراقية على احقيتهم.

خرق دستوري
واستطاع المالكي بحكم نفوذه المالي والامني وبدعم كبير وواضح من ايران ان يقنع القاضي مدحت المحمود، رئيس المحكمة العليا آنذاك، بتفسير الدستور لصالح ائتلاف دولة القانون وتحالفه الجديد الذي أعلن بعد ظهور النتائج، وكان هذا التفسير مخالفا لنصوص الدستور العراقي الذي كان قد منح الحق في انتخابات 2005 للائتلاف الشيعي بتشكيل الحكومة باعتباره الفائز بالانتخابات، وهكذا فسر قادة التحالف الجديد تفسير المحمود لمصلحتهم، بينما اعتبر قادة العراقية هذا التفسير بمثابة انقلاب على الديمقراطية وعلى الاستحقاق الانتخابي ونتائج الانتخابات والدستور العراقي.

وبحسب التفسير الجديد لنصوص الدستور فان المالكي، الذي خسر في الانتخابات سيقود عملية تشكيل الحكومة والبقاء في منصبه كرئيس الحكومة والذي يعطيه الدستور صلاحيات شبه مطلقة باعتباره رئيس السلطة التنفيذية والقائد العام للقوات المسلحة.

الدخول لنفق الازمة
انحياز المحمود لرئيس الحكومة وتشكيل التحالف الجديد بزعامة المالكي، ادخل العراق في أزمة ما زالت تلقي بظلالها على العملية السياسية، حيث  لم يتمكن قادة القائمتين الانتخابيتين، حتى الان من نبذ خلافاتهما، والاتفاق على الحد الادنى الذي يضمن ابقاء التحالف بينهما قائما. ولم تتمكن القائمتان من الاتفاق على تسمية مرشح لرئاسة الحكومة.
وأصرت قائمة دولة القانون على اعتبار المالكي مرشحها الوحيد لرئاسة الحكومة وهو موقف جوبه بالرفض الشديد من قبل قادة وكتل الائتلاف الوطني الذين يرفضون التجديد للمالكي لولاية ثانية، بالمقابل كان اعضاء وانصار القائمة العراقية يصرون على حقهم بترشيح علاوي لرئاسة الحكومة.

تدخل اميركي
ومع استمرار تعطل العملية السياسية قام جو بايدن نائب الرئيس الامريكي، آنذاك، بزيارة لم يعلن عنها من قبل للعراق والتقى على مدى يومين باغلب قادة الكتل السياسية في محاولة وصفها كثيرون بانها محاولة امريكية لانهاء الجمود السياسي واعطاء عملية تشكيل الحكومة دفعا جديدا. وبالرغم من ان بايدن، الذي التقى كل من علاوي والمالكي، منفردين، لم يدلي خلال زيارته باي تصريحات ولم يصدر عنه اي اعلان وهو موقف فسره مراقبون على انه مسعى امريكي لاظهار ان الادارة الامريكية لا تتدخل بالشأن العراقي. لكن الانباء التي تسربت وقتذاك كشفت عن دعم نائب الرئيس الاميركي جو بايدن للمالكي.

لقد عُرف عن الحزب الديمقراطي الاميركي، وبعهد رئاسة باراك اوباما، محاولاته للتوصل الى حلول توفيقية حتى لو كانت على مصلحة الشعب العراقي او خلافا للدستور، لهذا لجأ بايدن الى اختيار الحل الذي يتناسب مع الرغبة الايرانية ببقاء المالكي خشية من وصول علاوي الذي عرف عنه مواقفه المتشددة ضد طهران من جهة، ومن قادة العراقية الذين غالبيتهم من العرب السنة، وهذا يعني خسارة الشيعة الراديكالية من انصار ايران للسلطة. وبالرغم ان غالبية الاطراف العراقية كانت ترفض في العلن اي تدخل خارجي في عملية تشكيل الحكومة واعتبار ما يجري شأنا داخليا عراقيا الا ان أطرافا سياسية اخرى طالبت علانية الادارة الامريكية بالتدخل "لحماية العملية السياسية والديمقراطية" في العراق بعد ان وصلت مساراتها الى نهايات مغلقة.

بايدن يتفق مع ايران
التصريحات التي ادلى بها غالبية القادة العراقيين عن زيارة بايدن واجتماعهم به، كانت متقشفة ودبلوماسية ولم تعبر عن الحقيقة، وقال اغلبهم بان" الزيارة تهدف الى حلحلة الجمود وايجاد مخرج للازمة الحالية".

الا ان علاوي كشف في حوار صحفي اجريته معه بمنزله ببغداد بان "بايدن دعم الموقف الايراني وايد المالكي بالبقاء في ولاية ثانية كرئيس للوزراء بالرغم من ان ذلك مخالفا للدستور".

وقال جلال الطالباني في مؤتمر صحفي خلال استقباله لبايدن "سنبحث معه (بايدن) كل شيء... واعتقد ان من اهم القضايا التي سنبحثها تتلخص في الوضع العراقي الحالي وحلحلة المواقف هنا".

 بينما كان المالكي الاكثر ثقة وتفاؤلا في تصريحه عندما قال في بيان صدر عن مكتبه "ان الحوارات مستمرة بين الكتل السياسية لتشكيل الحكومة وقد اخذت جانبا جديا ومعمقا ونأمل ان يتم الاتفاق على المناصب السيادية قبل 14 من شهر تموز الجاري موعد عقد جلسة مجلس النواب".

علاوي وسليماني
وبالرغم من مرور أربعة أشهر على اجراء الانتخابات البرلمانية آنذاك، الا أن عملية تشكيل الحكومة بقيت تواجه الكثير من العقبات والانقسامات الحادة بين الكتل السياسية. وهي خلافات أحدثت بمجملها مشهدا سياسيا مضطربا بسبب اصرار الكتلتين، العراقية ودولة القانون، على احقية كل منهما في تشكيل الحكومة.

أمام اصرار ايران على بقاء المالكي رئيسا للوزراء، لم يتنازل علاوي عن حق قائمته ومن صوت لها في تشكيل الحكومة، حيث قام وفد برئاسة اسامة النجيفي بزيارة انقرة واللقاء مع رجب طيب اردوغان لايضاح موقف تحالفهم من الازمة في العراق، بينما قام علاوي بزيارة لسوريا ولقاء الرئيس بشار الاسد الذي زار طهران لاستطلاع رأيها بهذه الازمة، وعاد ليبلغ علاوي رسالة حاسمة بان ايران لن تسمح له (علاوي) بتشكيل الحكومة  خشية على فقدانها لنفوذها وللحكم الشيعي للعراق.

ورفض علاوي كل الضغوط التي مورست عليه للاتفاق مع ايران وزيارة طهران من اجل حلحلة الموقف، وبات من المؤكد ان زيارة واحدة لعلاوي لايران كافية لحصوله على منصب رئيس الوزراء.

وفي حوار صحفي، قال لي علاوي وقت ذاك بان الرئيس "جلال طالباني، وحرصا منه على انقاذ العملية السياسية، طلب مني لقاء جنرال ايراني يدعى قاسم سليماني في منطقة حدودية داخل الاراضي الايرانية عند اطراف السليمانية، وقلت له من هذا سليماني؟ انا لا اعرفه، ولماذا التقي بضابط ايراني من اجل تشكيل الحكومة العراقية؟".

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب