السياسي السني البارز رافع العيساوي: العراق مقسم فعليا

31-05-2015
رووداو
الكلمات الدالة العراق، السنة، الشيعة، داعش، أمريكا
A+ A-

دخل السياسي السني، رافع العيساوي، معترك الحياة السياسية، خلال الانتخابات النيابية الأولى في العراق التي جرت عام 2005، وشغل منصب نائب رئيس الوزراء، إبان الولاية الأولى لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ثم تقلد منصب وزير المالية في الولاية الثانية، إلا أنه دخل في خلاف مع المالكي، بعد المظاهرات الجماهيرية التي عمت محافظة الأنبار، حتى وصلت الأمور إلى درجة توجيه المالكي تهم خطيرة له في المحاكم العراقية، ما أجبره على ترك بغداد واللجوء إلى إقليم كوردستان.

وتحدث رافع العيساوي، خلال مقابلة خاصة مع شبكة رووداو الإعلامية، التي التقته على هامش الزيارة التي قام بها للولايات المتحدة الأمريكية برفقة اثيل النجيفي، عن تسليح الولايات المتحدة للعشائر السنية وقوات البيشمركة بشكل مباشر، إضافة إلى العديد من القضايا المتعلقة بالشأن العراقي.

حاورته: يرفان سعيد

رووداو – واشنطن

رووداو: ما الهدف من زيارتكم لواشنطن؟.

رافع العيساوي: تلقيت مع اثيل النجيفي دعوة غير رسمية من قبل معهد بروكين الأمريكي، للنقاش حول الحالة السياسية والأمنية في العراق، والمساعي الجديدة الرامية إلى تسليح البيشمركة والسنة، وخلال فترة إقامتنا بواشنطن، التقينا عددا من المسؤولين في الخارجية الأمريكة، إضافة إلى أعضاء في الكونغرس الأمريكي، وتطرقنا إلى العديد من القضايا المتعلقة بالمرحلة الحساسة التي يمر بها العراق، وخصوصا مسألة وحدة العراق في الوقت الذي خرجت به نصف الأراضي العراقية من سيطرة الحكومة الاتحادية، لذا فإن مطالبتنا للولايات المتحدة الأمريكية بتسليح السنة والبيشمركة بشكل مباشر، تأتي في إطار الحفاظ على  وحدة الأراضي العراقية لا تقسيمها، لأن العراق مقسم في الوقت الحاضر بشكل فعلي.

رووداو: هل يحقق تسليح السنة والكورد مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية؟.  

العيساوي: أقول ما تفضل به الأخ مسعود البارزاني، وهو إننا نطالب بوجود السلاح مع الأهالي للدفاع عن أنفسهم وقتال تنظيم داعش، وأبلغت الأصدقاء في أمريكا، أن ما يجري في العراق معركة دولية وليست داخلية، وأننا نرحب بجميع المساعي المبذولة من قبل المجتمع الدولي لمساعدة العراق، إلا أنني أكدت لهم، على أن جبهات القتال الحقيقة ضد داعش تتركز في إقليم كوردستان من جهة، والمواطنين في المحافظات السنية العراقية، وإذا تمعنت في الخطوات التي قامت بها الحكومة الاتحادية حتى الان، تعلم تماما أن الحكومة لم تقم بواجبها، وأوضحنا لأمريكا أن الأسلحة لا ترسل الجبهات الفعلية التي تقاتل داعش، لأن بنادق الكلاشنكوف ليست أسلحة صالحة لخوض معركة مع داعش، بل أن تلك المعركة تحتاج إلى دبابات وأسلحة ثقيلة.

الولايات المتحدة قادرة على اتباع الية بسيطة تم تنفيذها خلال العام 2007 في المناطق المتنازع عليها بنينوى، حيث تم تشكيل لجنة مستركة بين أمريكا والحكومة الاتحادية والمسؤولين المحليين في الموصل،  وأيضا تم تنفيذ السيناريو نفسه في محافظة الأنبار، والالية المذكورة هدفها الحيلولة دون إضاعة الوقت للحصول على المساعدات العسكرية، وبدلا من إرسال المساعدات العسكرية إلى مخازن وزارة الدفاع العراقية، يتوجب إرسالها بشكل مباشر إلى أربيل لقتال داعش، وقاعدة الأسد في الأنبار لتوزيعها على المسلحين السنة تحت رقابة مباشرة من الحكومة الاتحادية وأمريكا والمسؤولين المحليين في الأنبار، أي أن المساعدات العسكرية يجب أن توزع في القواعد العسكرية لا في المخازن.

رووداو: إلا ترى أن من الأفضل إرسال تلك الأسلحة إلى أربيل، لتوزيعها على المقاتلين السنة من هناك؟.

العيساوي: على أقل تقدير، يتوجب إرسالها إلى أربيل لتوزيعها على قوات البيشمركة وجبهة الموصل، إلا أن المكان الأنسب في الأنبار، هي قاعدة عين الأسد العسكرية، لأنها خاضعة للسيطرة الأمريكية، وإرسال الأسلحة إلى هناك وتوزيعها على المسلحين السنة تحت رقابة مباشرة للحكومة الاتحادية والمحلية، سيكون كفيلا بإرضاء بغداد أيضا، ولم نعد نملك المزيد من الوقت لنضيعه، وأن أي تأخير في عملية تسليح السنة، يزيد من فرص تنظيم داعش ويفسح المجال أمامه لتوسيع مناطق نفوذه.

رووداو: ولكن أمريكا وحكومة العبادي تريان أن السنة غير موحدين ولا يمتلكون مرجعية عليا لاتخاذ القرار.

العيساوي: الحديث عن عدم وحدة السنة لا يتعدى كونه حجة غير مقنعة وغير مقبولة أيضا، والدليل أن الكورد لا يتلقون مساعدات مباشرة على الرغم من كونهم موحدين، وأتساءل: هل الشيعة موحدين ليتم تسليحهم، بكل تأكيد هم غير موحدين، وهناك العديد من الفصائل الشيعية، إضافة إلى وجود الخلافات السياسية العميقة بين مختلف الكتل الشيعية.

رووداو: من يمثل السنة في العراق في الوقت الحاضر؟.

العيساوي: هناك العديد من الشخصيات السنية التي تم إبعادها عن العملية السياسية، ولا يزالون يمتلكون تأثيرا، ولست بحاجة هنا للحديث عن نفسي وباقي زملائي، إلا أن علاقاتنا لا تزال متينة مع القوى الداخلية التي تقاتل تنظيم داعش، والمهم حاليا هو إيجاد الية لتسليح المقاتلين.

رووداو: إلا ترى ان الدعوة إلى تسليح السنة، تاتي بالضد من موقف السنة الذي كان يراهن دائما على السلطة المركزية، ويرفض إقامة إقليم مستقل للسنة في العراق بعد عام 2003.

العيساوي: إذا وجهت السؤال الان إلى أهالي المناطق السنية، ستعلم أن معظمهم يؤيدون إقامة إقليم مستقل في كافة المحافظات السنية.

رووداو: أهذا يعني أن السنة توصلوا أخيرا إلى حقيقة أن الفيدرالية هو النظام الأمثل الذي يضمن لهم الخلاص من هيمنة بغداد؟.

العيساوي: من أضاع الوقت، تأخر في اقتناص الفرص. 

رووداو: نعلم أن إيران تدعم الشيعة من ناحية التسليح والتدريب، ماذا بالنسبة للسنة، هل توجد جهات تقدم لكم الدعك؟.

العيساوي: السنة أكدوا مرارا، على ضرورة تنظيم القوات الأمنية ورفضوا أسلوب الميليشيات الشيعية، نحن نتحدث عن إطار قانوني لوزارة الداخلية والدفاع، ولسنا بحاجة إلى حمل الأهالي للسلاح دون أن يكونوا جزءا من المنظومة الدفاعية، لو رفع الكورد والشيعة والسنة السلاح دون وجود إطار قانوني أو دستوري، سيكون ذلك سببا في اندلاع اقتتال داخلي بين (السنة والسنة، الشيعة والشيعة، السنة والشيعة، الكورد والشيعة).

رووداو: هل دفعت الإنتهاكات التي ارتكبها الميليشيات الشيعية بحق السنة، الأخيرة إلى مناصرة داعش؟.

العيساوي: من الأمور التي ركزت عليها مع المسؤولين في الإدارة الأمريكية، هو ضرورة عدم قبول دخول الميليشيات الشيعية إلى المحافظات السنية، لأن ذلك سيساهم في ارتفاع وتيرة الحساسيات الطائفية، ما يعني أن الأهالي سيقومون بقتال الميليشيات الشيعية بدلا عن قتال داعش، والمنطقة ستدخل في صراع الطائفي ، وأتساءل هنا: لماذا يدفع الشيعة بأبنائهم إلى لموت بدلا من أهالي الأنبار والموصل وتكريت، من الأفضل لهم ان يدافعوا ويحموا مناطقهم، ويتركوا مهمة الدفاع عن الأنبار والموصل وباقي المحافظات السنية لأهلها.

رووداو: ألا ترى أن مقولة "على أهالي الأنبار تولي مهمة الدفاع عن محافظتهم"، ورفض دخول الجيش العراقي وباقي الفصائل، تكريسا لتقسيم الأراضي العراقية؟.

العيساوي: أتحدث هنا عن القوات الأمنية الداخلية التي يتم إدارتها من قبل الأهالي، والقانون رقم 21 لعام 2008 يعطي الصلاحيات للمحافظ بطلب تعزيزات عسكرية من القائد العام للقوات المسلحة، لحماية المحافظة إذا كانت تمر بأوضاع أمنية سيئة، لذلك أعتقد أن حصر القوات الأمنية في مناطقها لا يعني تقسيما للعراق، وإنما توزيعا للمهام، وبذلك تكون كل محافظة مسؤولة عن امنها، وإذا كان هناك تهديد مباشر على البلاد، ذلك يستدعي تحرك وتدخل الجيش، إلا أن الجيش لا علاقة له بالحالة الأمنية داخل المدن.

رووداو: لو افترضنا أن أغلبية عناصر الأمن في الموصل كانوا من أهالي المدينة، هل كانوا ليدافعوا عنها ويحولوا دون سقوطها في قبضة داعش؟.

بكل تأكيد كانوا سيدافعون عن المدينة، إلا أنهم تركوا المدينة تسقط بقبضة داعش، لأنهم لم يكونوا من أهالي المحافظة، ولم يكونوا مستعدين للتضحية في سبيلها، أكدنا مرارا على أن الجيش العراقي مبني على أساس طائفي، وليس وطني، لذلك انهار بكل سهولة أمام 200 مسلح من داعش.


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب