"التعليم في الموصل في زمن "الخلافة الاسلامية

30-09-2014
سلام منتصر
A+ A-

رووداو – الموصل

"لن أتخرج طبيباً أو مهندساً كما كنت أحلم بل سأتخرج (داعشي) هذا ما قلته لوالدي، بعد ان منعني من الذهاب الى المدرسة".

بهذه الجملة بدأ الطفل "علي عصمت" ذو التسعة سنوات حديثه عن سبب التحاقه بجيش عمالة الأطفال، بعد أن انتهى به المطاف بكشك صغير يبيع فيه الكعك في منطقة الفاروق الشعبية وسط الموصل قرب داره.

ويروي علي كيف أن ديوان التعليم لـ(داعش) ألغى مادة الوطنية العراقية والجغرافية التي تخالف نهج الخلافة الإسلامية كما ألغى الديانة المسيحية والموسيقى فضلا عن الاجتماعيات والمناهج الفلسفية والنفسية.

ويضيف علي وعيناه تفضح إشتياقه الى مقاعد الدراسة وزملائه الذين لم يلقاهم حتى بعد انتهاء العطلة الصيفية ويقول قبل ان يقاطعه طفل اخر لشراء الكعك: لدي أمل أن اعود الى مدرستي واترك هذا الكشك بعد مغادرة (داعش) مدينة الموصل.
أما "سهى العباسي" الطالبة بالمرحلة الأخيرة في كلية الآداب كانت اسوأ حظا من "علي عصمت" والتي وجدت نفسها بمجمع (الخازر) للمهجرين بين نينوى واربيل بدلا عن جامعتها وقالت: لم أخسر جامعتي وصديقاتي فحسب، بل خسرت غرفتي وكتبي وكل ما أملك بعد أن احتل عناصر (داعش) منزلنا في منطقة سادة وبعويزة شمال الموصل.

حاولت "سهى" إكمال حديثها لتقول وهي تكفكف دموعها ألتي عجزت عن كبحها: "فقدتُ الأمل في العودة إلى الجامعة، فقط اتمنى أن أعود إلى بيتي أو ما يعوضني وأهلي عنه".

"سهى" وعائلتها كانت واحدة من بين مليوني مهجر عراقي داخل وخارج البلد، تركوا منازلهم ومدنهم بعد إنسحاب ثلاث فرق عسكرية ورابعة للشرطة، ليحل عوضا عنها تنظيم الدولة الاسلامية، لتحصد نينوى حصة الأسد من تلك الاحصائية.

"علي وسهى" ليس وحدهما ضحية (داعش) فهناك أكثر من خمسمائة ألف طالب وطالبة تركوا مقاعدهم بعد أن علقت الحكومة العراقية الدوام في المدارس والجامعات إلى ما بعد تحرير الموصل، في الوقت الذي تحولت فيه أروقة الحرم الجامعي في الموصل وبعض مدارسها الى مقرات لـ(داعش) ودور سكنية للمقاتلين الأجانب والوافدين مع التنظيم بعد أحداث العاشر من حزيران ألماضي.

داعش خالف الحكومة العراقية وتمت دعوة الكوادر التدريسية والتعليمية إلى ألالتحاق بمدارسهم بعد أن ألغت شعار "جمهورية العراق" من المناهج التدريسية والمباني الحكومية واستبدلتها بـ"الدولة الاسلامية - ديوان المعارف".

ويقول "صالح علي" ألتدريسي في الإعدادية الشرقية وسط الموصل: إن المعلمين والمدرسين يديرهما وزيران، ألاول "محمد اقبال" ألذي ينتمي الى الحكومة العراقية ورئيسها "حيدر العبادي" وهددنا بالمحاسبة ألتي من ألمحتمل أن تصل إلى الفصل في حال باشرنا بالدوام، وبين قرار ألدولة الاسلامية بقيادة الخليفة ألبغدادي ألذي هددنا هو ألاخر إن لم نباشر بالدوام سيلحق بنا بعقابه، كان ذلك وهو يطلب من مديرية تربية نينوى قوائم الكوادر ألتدريسية التي سجلت مباشرتها.

ويضيف صالح باستياء: إن الحكومة العراقية ما زالت تصرف رواتبنا، والتي هدد البغدادي بقطعها عنا إن لم نباشر بالدوام.

علامات الاستغراب كانت مسيطرة على "صالح" وهو يروي كيف إن رواتب المظفين تصل من حكومة الرئيس "حيدر العبادي" من بغداد إلى مديرية تربية نينوى ألتي يسيطر عليها عناصر تنظيم (داعش) وهم يشرفون على توزيعها على الموظفين.

وختم "صالح" قوله: صادر تنظيم (داعش) رواتب المهجرين من التدريسيين والمعلمين ممن تركوا المحافظة بعد إعلان الدولة الاسلامية في نينوى، في حين باشر أخرون بالمحافظات التي لجأوا اليها بعد دعوة الحكومة لهم.

أكثر من خمسين ألف معلم ومدرس في نينوى بدؤوا يلتحقون بمدارسهم التي دعاهم إليها البغدادي متجاهلين الحكومة العراقية، خشية عقوبة البغدادي التي غالبا ما تنحصر بين الإعدام والجلد في أقل الأحوال.

تداعيات تضارب القرارات بين دولتي الخلافة والحكومة العراقية بدأت أكثر وضوحا في "شارع النجفي والسرجخانة" وسط الموصل، حيث تباع اللوازم المدرسية والقرطاسية، والتي خلت من أي متبضعين شأنها شأن الاسواق الاخرى.

ويقول "محمد علي" وهو صاحب محال للقرطاسية في شارع النجفي: إن التجار كانوا يستعدون لموسمهم فور بدأ العطلة الصيفية بالسفر الى الصين وتركيا ودول الخليج، لملئ مخازنهم التي تستنزف في هذه الأيام، إلا هذا الموسم الذي احتلته (داعش) كما احتلت أي شيء أخر في الموصل.

ويضيف "محمد" وهو يشير الى السوق ويقول بأسى: انظر إلى الشارع كيف هو فارغ وأغلب التجار هجروه، بعد أن كان يصعب عليك المرور من هنا في أي عام مضى.

ويبقى تخوف الموصليين من ضياع جيل كامل بمدارس الخليفة البغدادي الذي جرد المناهج الدراسية من المواد ألتي تتعارض مع النهج الاسلامي والخلافة، ليبقي فقط مادة الاسلامية .






تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب