مأساة حقيقية.. برنامج "لم ينته بعد" من رووداو يوثق نقص المياه الحاد جنوبي العراق

30-06-2025
برنامج "لم ينته بعد" من رووداو يوثق نقص المياه الحاد جنوبي العراق
برنامج "لم ينته بعد" من رووداو يوثق نقص المياه الحاد جنوبي العراق
الكلمات الدالة برنامج لم بنته بعد العراق الأهوار
A+ A-
رووداو ديجيتال

توجّه كادر برنامج " لم ينته بعد" من شبكة رووداو الاعلامية الى جنوبي العراق ليوثقوا نقص المياه الحاد الذي طرأ على الاهوار هناك.
 
يقول مقدم البرنامج هيفيدار أحمد إن أهوار جنوبي العراق تأثرت بتغير المناخ وأن تغير المناخ ليس مجرد ارتفاع في درجات الحرارة. لا، بل هو هجرة الناس، وتفكك النسيج الاجتماعي لهذه المنطقة، بل واندثار أقدم حضارة أنشأتها البشرية على وجه الأرض والتي باتت على وشك الزوال، وتفقد هويتها.
 
رزاق، وهو أحد سكان الاهوار، يوضح بأن انخفاض مستوى المياه وارتفاع نسبة الملوحة، كـ"السم، قد طرد البشر والحيوانات من هذه المنطقة".
 
رزاق، كان قد اتخذ قراراً سيغير حياته بالكامل، حيث أخبرنا أنه سيترك المنطقة إلى الأبد.
 
مصطفى، شاب في الـ 15 من عمره، وهو ابن أخ رزاق. في هذا العمر، يبقى مع أخيه في الأهوار، وقبل أيام قليلة من مغادرة عمه رزاق، غادرت عائلة مصطفى. لقد بقي وحيداً ليبيع آخر جواميسهم ويغادر هذه الأهوار، التي يزيد عمرها عن آلاف السنين.
 
أما منتظر، وهوشاب في الـ 20 من عمره، يعمل ناشطاً بيئياً، رافق كادر البرنامج في جزء من رحلته إلى الأهوار، وتحدث عن قصة والده.
 
كانت كلمات منتظر صادمة، حيث قال إن الكارثة الأكبر لم تحدث بعد.
 
على بعد مسافة قصيرة في منطقة "شان كوبه"، داخل الأهوار، كان قصي وصديقه يعملان في صيد الأسماك. عندما تحدثا عن هذه المنطقة، أوضحت روايتهما أن الخطر يتسارع بشكل كبير.
 
فريق البرنامج عبر نهر الفرات ليصل إلى أهوار الحمار. هذه الرحلة القصيرة بين المنطقتين أظهرت فرقاً واضحاً في حجم الكارثة.
 
تشهد جنوب العراق هجرة كبيرة، وينتقل الضغط إلى وسط العراق، ومن وسط العراق ينتقل الضغط إلى إقليم كوردستان. يطلقون عليها "الهجرة البيئية".
 
أبو علي، الذي يقود الذي يقل السائحين وغيرهم في الاهوار، يقول إن "هذه المنطقة لم تكن خالية هكذا من قبل قط".
 
جاسم، الشاب البالغ من العمر 18 عاماً، رغم صغر سنه، شجاع جداً، لكن حزناً عميقاً يخيم عليه، حيث توفي والده منذ فترة قصيرة. 
 
يقول لفريق البرنامج: "سآخذكم إلى جزيرتي، لتروا بيتي". وفي الطريق، كان يتحدث عن وصية والده.
 
كلما تحدث عن حياته، ارتبط الحديث بالجواميس. هنا، العلاقة بين الإنسان والجاموس هي علاقة حياة وموت.
 
يفتخر جاسم بحياته في أهوار الحمار، لكنه يوضح أنه "خلال السنتين الماضيتين، شهدنا خلو منطقتنا بأعيننا. الناس لا يهاجرون بسبب الحرب، لا، بل يرحلون بسبب الجفاف والعطش".
 
يحمل منتظر جهاز قياس نسبة الملوحة في الماء ويقيسها باستمرار ويسجل النتائج. أرقامه تدل على أن الأمر لا يمكن تجاهله.
 
أولئك الذين بقوا في الأهوار يجبرون يومياً على شراء الماء العذب لأنفسهم ولجواميسهم، حيث ينقلونه بالقوارب. هذه حياة جديدة لم تكن موجودة من قبل، وهي شراء الماء الذي كان متوفراً بالمجان لآلاف السنين.
 
قرية "أبو جويلان"، ويسميها أهل المنطقة أيضا "قرية حسكة"، تقع بين نهر الفرات والأهوار، وهي تبدو مكاناً عادياً، لكن ما حدث ويحدث هناك هو أخطر من كل ما رأيناه حتى الآن.
 
يقول أبو كرار: "لا أخفي عليكم، تعالوا لتعرفوا ماذا حدث. وأي فساد خلقه شح الماء".
 
الماء تناقص، والجواميس تموت، والناس يهاجرون، لكن ما هو أعمق وأخطر. لأجل ضمان الماء العذب، تم إعداد السلاح.
 
مشاهد هذه القرية والمنطقة مؤلمة، حيث يبين جفاف الماء أن القادم خطير حقاً. النسيج الاجتماعي لهذه المنطقة يتمزق مثل تلك التشققات في الأرض التي كانت مغمورة بالماء.
 
حتى الماء النظيف قليل جداً لدرجة أن الأطفال لا يستطيعون غسل وجوههم، وهذا يعد تهديداً لأبسط متطلبات الحياة.
 
لا تجف الأراضي فقط، بل إن الملح في الماء يولد اليأس، وعندما تتحول الأرض إلى اللون الأبيض بدلاً من التربة الخصبة، فإن البياض علامة على الموت، فتصبح غير صالحة للحياة إلى الأبد.
 
هذه ليست مشكلة قرية واحدة أو منطقة واحدة. هذه بداية شيء أكبر. عندما يصبح الماء سلاحاً للحرب، يكون الجميع في خطر.
 
في الجبايش، نظم اجتماع كبير للمسؤولين، شاركت فيه كل الجهات المعنية بتأثيرات تغير المناخ، لإنقاذ ليس فقط السكان، بل المنطقة بأسرها من دمار حتمي، حيث قيل الكثير من الكلام، وطرحت إحصاءات خطيرة، لكن الأخطر من كل ذلك كان كلام أحد أعضاء البرلمان العراقي، الذي أسكت الجميع.
 
يتحدث مسؤولو المنطقة عما حدث خلال السنوات الثلاث الماضية: كم شخصا هاجر؟ كم جاموساً نفق؟ كم كان مستوى مياه الأهوار وكم أصبح الآن؟.
 
هناك، ظهر بوضوح كم هي النسبة المئوية للأهوار التي جفت، حيث كانت البيانات صادمة، وتخبرنا بأنه يجب على الجميع أن يستعد لخطر كبير.
 
هذا الوضع بأكمله في محافظة ذي قار، في أهوار جنوب العراق، ولكي يتم التعرف على الوضع في بقية مناطق العراق، يتوجه فريق رووداو إلى بغداد، حيث يتضح المشهد أكثر.
 
فور وصول كادر البرنامج إلى بغداد، يتوجه مباشرة إلى وزارة الموارد المائية، لمعرفة في أي وضع يقبع العراق الآن؟ وهل هناك أي خطر حقيقي؟.
 
فريق العمل يدخل مكتب خالد شمال، المدير العام والمتحدث باسم الوزارة، وفي هذه الغرفة، اتضح أن العراق يواجه خطراً كبيراً في أمنه المائي، حيث 61% من مصادر المياه التي تغذي العراق بأكمله، والقادمة من تركيا وإيران، قد انخفضت.
 
الآن، إذا كان العراق يحتاج إلى 100% من الماء، فهو يملك 39% فقط.
 
فقدان الماء خلال الخمس سنوات الماضية تسارع بشكل كبير، فكما ذكرت وزارة الموارد المائية، انخفضت كمية الماء إلى النصف على مدى 40 عاماً، لكن النصف الآخر من الانخفاض حدث فقط خلال الخمس سنوات الماضية.
 
كانت هذه قصة الأهوار، التي تعتبر أكثر المناطق تأثراً في العالم بتغير المناخ، وهذه ليست مجرد سرد لقصة مأساوية، بل هي موت بيئة بأكملها. 
 
كل يوم يمر، تهاجر عائلات الأهوار، وتموت الجواميس، وتجف مياه الأهوار. كل هذا يقول إننا نشهد هذه المأساة، وبينما تموت الأهوار، يقف العالم متفرجاً.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب