رووداو ديجيتال
جاءت عودة أمير قبائل الدليم في العراق علي حاتم السليمان الى البلاد، لتثير جدلاً كبيراً في البيت السني أولاً، والعملية السياسية في البلاد ثانياً، لاسيما أن الجهات السياسية باتت تتبادل الاتهامات عمن يقف لصالح هذه العودة، ومدى تاثير ذلك على الوضع السياسي في البيت السني، الذي شهد في السنوات الاخيرة استقراراً سياسياً وأمنياً واجتماعياً، مشفوعاً ببحبوحة اقتصادية ظهرت واضحة للعيان على كبرى المحافظات السنية، المتمثلة بالانبار، معقل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.
السليمان، عاش في صراعات سابقة مع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، عندما كان الاخير يتبوأ منصب رئيس الوزراء، وصلت الى حد الصدامات المسلحة، عندما شهدت الأنبار اعتصامات شعبية ضد سياسة المالكي، ورغم أن تقارير تحدثت عن أن المالكي استضاف السليمان في بيته ببغداد على وجبة السحور، لكن المكتب الصحفي للمالكي نفى ذلك بشدة ووصفها بـ"الكذبة".
عندما بدأت القوات الأمنية بحربها ضد تنظيم داعش في المحافظات السنية، خرج السليمان من الأنبار وبغداد، وذهب نحو الأردن، لكنه عاد بعد 8 أعوام إلى بغداد، وسبق أن صدرت مذكرات قبض عديدة بحق علي حاتم السليمان في عام 2013 بتهمة "التحريض على العنف"، وكذلك صدرت في عام 2016 مذكرة قبض أخرى عن محكمة التحقيق المركزية، وفق المادة 4 إرهاب.
"حلم ضائع ووهم لن ينالوه"
رئيس تحالف السيادة، خميس الخنجر، كتب تغريدة في موقع تويتر، ذكر فيها ان "التفاهم بين شركاء الوطن أولى من الاتكاء على التدخلات الخارجية، وأقرب لتشكيل منظومة حكم عادل"، مضيفاً أن "اللاهثين وراء الكراسي وحدهم من يطرقون أبواب الخارج، بحثاً عن حلم ضائع ووهمٍ لن ينالوه"، من دون أن يسمي الشخصيات بمسمياتها.
"سرقة حقوق المكون السني"
بينما كتب السليمان عبر حسابه في تويتر انه "بعدما عانت الأنبار من مشاريع التطرف والإرهاب وتحولت إلى مرحلة الهيمنة والدكتاتورية وتكميم الأفواه والفساد، نعلنها من بغداد أن هذه الأفعال ستواجه بردة فعل لن يتوقعها أصحاب مشاريع التطبيع والتقسيم ومن سرق حقوق المكون، وعلى من يدعي الزعامة أن يفهم هذه هي الفرصة الأخيرة"، في اشارة الى تحالف السيادة الذي تشكل من قيادتي حزبي عزم وتقدم، خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي.
طارق الهاشمي: أنا بريء
نائب رئيس الجمهورية الأسبق، والمطلوب للقضاء طارق الهاشمي، كتب في تغريدة له بموقع تويتر: "كنت اقترحت مخرجاً سياسياً مشرفاً لأزمة سياسية مستعصية، لا شيء فيها لوضعي الشخصي، وكنت منذ اليوم الاول في كانون الأول 2011 طالبت بفرصة تقاضي عادل كي اعود لأمثل امام القضاء، ولا انتظر عفواً من احد فانا بريء والدوافع سياسية، متى تحققت الفرصة اعود في اي وقت لأواصل خدمة العراق وطني".
المراقبون يرون أن ما يجري داخل البيت السني، تمهيد لصراعات سياسية مستقبلية قادمة، مشفوعة بما يمتلكه أقطاب المشهد السني من دعم قبلي وسياسي في محافظاتهم بشكل خاص، وفي العراق بشكل عام، وقد ترتبط هذه الصراعات بمصير التحالفات الحالية في المشهد السياسي في العراق، والذي سيتأثر بصورة أو بأخرى بما يجري داخل البيت السني.
"تحييد جهات سنية عن المشهد"
المحلل السياسي محمد حسن الساعدي، قال لشبكة رووداو الاعلامية السبت (23 نيسان 2022): "يبدو أن الأوضاع داخل البيت السني انتابها نوع من الشك والريبة، كون الخلافات بدأت تظهر بعد عودة رافع العيساوي ومن ثم عودة علي حاتم السليمان، وبالتالي بدأت تتفاعل المشاكل داخل البيت السني، خصوصاً وأن هنالك تشكل لجبهة مهمة جداً أمام جبهة الحلبوسي، مما دفعه لاتخاذ بعض الاجراءات، منها تحييد بعض الوجهات داخل البيت السني، من قبيل فصل النائب ليث الدليمي من حزب تقدم".

الساعدي، استدرك أن "هذه الاجراءات لا تصل لمرحلة الوقوف بوجه هذا التكتل، وأعتقد أن الجهة المهمة التي من المفترض لها أن تعود للعراق هو عودة طارق الهاشمي، مما يجعل المشهد داخل البيت السني، يشوبه الكثير من الصراع والنزاع"، متوقعاً أن "تتجه الامور إلى تفكك التحالف الثلاثي، وعودة البيت السني إلى الكثير من التحالفات والتفاهمات مع القوى السياسية الأخرى".
بشأن الاتهامات للاطار التنسيقي، حول دوره في اعادة علي السليمان، تساءل الساعدي: "من أعاد علي حاتم سليمان؟، هل هو الإطار التنسيقي أم التحالف الثلاثي؟"، مبينا: "بالتأكيد التحالف الثلاثي اليوم هو المسيطر على القرار السياسي في البلاد، وعودة علي حاتم السليمان تمّت بالتنسيق مع التحالف الثلاثي، بدليل أن هنالك العديد من التصريحات من قبل أعضاء التيار الصدري التي رحبت بعودته، لكن يريدون خلق ضغط على الحلبوسي وتحييده، وجعله ورقة ضغط عليه".
"هنالك مشاكل بين الحلبوسي والزاملي في هيئة رئاسة البرلمان، ما يعني أن التيار الصدري يسعى إلى تحييد الحلبوسي، ومنع أي سلطة داخل البرلمان، وهذه معلومات وليست تحليلاً"، وفقاً لكلام الساعدي، الذي رأى أن "الواقع السياسي يشير الى أن الإطار التنسيقي في أضعف أحواله، ولا يمكنه تشكيل الكتلة الأكبر، ولا السعي في تشكيل الحكومة، ويبقى يدور حول دائرته عبر التباحثات والتفاهمات، وبالتالي فلا يمكن ان يكون الإطار طرفاً في إعادة علي حاتم سليمان، أو من قبله رافع العيساوي".
"المشهد السني يضعف باستمرار"
بينما يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، علي الجبوري، في تصريحه لشبكة رووداو الاعلامية، السبت (23 نيسان 2022)، ان "التطورات في المشهد السني، هي تطورات تتعلق بطبيعة الصراع الجاري الآن داخل المحافظات السنية، خصوصاً مع تنامي دور محمد الحلبوسي وسيطرته على المشهد السياسي في هذه المحافظات، كما أن موضوع الإطار التنسيقي وموقفه السياسي الذي ظهر ضعيفاً بعد تشكيل التحالف الثلاثي، لذا لا توجد معلومات دقيقة لحد الآن حول إذا ما كان هذا الموضوع بتحرك من الإطار التنسيقي".
وأضاف الجبوري ان "كل السيناريوهات مطروحة وقابلة للتحقق، لأن هذه القيادات الآن تبحث عن دور جديد لها بعد أن بدت مختفية عن المشهد السياسي بعد تحرير المناطق التي احتلتها داعش، وكانت لهذه القيادات سبباً واضحاً في وصول المحافظات إلى ما وصلت إليه"، مردفاً أن "الرأي العام في هذه المحافظات ناقم بشكل كبير جداً على القيادات السياسية ومنهم من نتحدث عنها، لذا المشهد السياسي القادم سيكون فيه كلام كثير وتطورات على الأرض، خصوصاً إذا ما صحّت الأخبار الأخيرة التي تتناقلها وسائل الإعلام المتمثلة بعودة المدانين وإسقاط التهم عنهم، خصوصاً فيما يتعلق بعلي حاتم السليمان وطارق الهاشمي وأحمد العلواني وغيرهم من القيادات التي كان لها دور كبير في إثارة عدم الاستقرار، وقيادة الاحتجاجات التي كانت في عهد حكومتي المالكي السابقتين".

"المشهد قابل للتطورات القادمة، وكل الأطراف المستفيدة قد يكون لها دور في عملية تنامي هذا الموضوع"، وفقاً للجبوري، الذي استبعد أن "تكون هنالك ضغوطات سياسية على القضاء بدرجة كبيرة جداً، وقد تكون هناك بعض التأثيرات هنا وهناك، لكن أعتقد أن قدرة الإطار التنسيقي التأثير على المشهد السياسي باتت ضعيفة بشكل كبير جداً، خصوصاً بعد سيطرة الكتلة الصدرية على البرلمان والمؤسسات الحكومية الرئيسة، ومواقع المفاصل الأساسية في الدولة والنظام السياسي".
الجبوري، رأى أن "مسألة التأثير بشكل مباشر من قبل الإطار التنسيقي بهذا الاتجاه، فيه شيء من المبالغة من قبيل الصراع السياسي الآن، كل ما في الأمر أنه كان متفاعلاً منذ فترة، وتزامن ذلك حالياً مع التوقيت، وخطورة الموضوع تكمن في هذه النقطة، وهي أن تخلق ردة فعل اجتماعية داخل المجتمع السني، والعراقي بصورة عامة، حيال الموضوع، وربما ستكون إضافة جديدة لخيبة الأمل من قبل الشعب العراقي حيال القيادات السياسية والأداء السياسي وعدم احترام القانون بهذا المجال".
كما رأى الجبوري أن "المشهد السني بدأ يضعف باستمرار، خصوصاً بعد نتائج الانتخابات الأخيرة، التي أظهرت بشكل كبير التقاطعات السياسية كبيرة جداً، ومباركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم تكن كافية لإخماد الخلافات السياسية، وبظهور هذه القيادات الآن، التي لها بعدا اجتماعيا داخل المجتمع السني، أعتقد ستكون هنالك أمور خطيرة جداً في البيت السني تحديداً، وتنعكس نتائجها في المستقبل على المشهد السني بشكل خاص، وعلى المشهد بشكل عام".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً