ظهر خلل أثناء إجراء الطلب. الرجاء تكرار المحاولة لاحقاً
رووداو ديجيتال
يثير الارتفاع المتزايد بعدد سكان العراق مخاوف عديدة، تلقي بظلالها على مستقبل البلاد، في ظل تراكم الأزمات العديدة التي تثقل كاهل الدولة، التي ما برحت تخرج من أزمة حتى تدخل في أخرى، وبالتالي تواجه ضبابية في سيناريوهات المستقبل، وما سيتمخض عنه من هذا الارتفاع في عدد السكان، الذي يستهلك جانباً مهماً من مقدرات البلد، والذي يعاني بالأساس من أزمة اقتصادية.
كان عدد سكان العراق عام 1867 وفقاً للأكاديمي محمد سلمان حسن في بحث نشره معهد الإحصاء في جامعة أكسفورد لا يتجاوز المليون وربع إلا قليلاً، أما فئات السكان الثلاث فكانت نسبتهم كما يلي:
القبائل البدوية: 35% من مجموع السكان
القبائل الريفية: 41% من مجموع السكان
أهل المدن: 24% من مجموع السكان
ارتفاع متزايد لسكان العراق
الحكومات العراقية أجرت عدة تعدادات عامة للسكان من 1927 لغاية 1997، فقد قدر عدد سكان العراق بموجب تعداد 1927 بمليونين و968 ألفا و54 نسمة، وفي التعداد العام للسكان عام 1934 بلغ عدد سكان العراق ثلاثة ملايين و213 ألفاً و174 نسمة، أما التعداد العام لسنة 1974 فقد بلغ سكان العراق أربعة ملايين و816 ألفاً و185 نسمة.
التعداد العام للسكان عام 1957 يشير إلى بلوغ عدد سكان العراق ستة ملايين و536 ألفاً و109 نسمة، في حين بلغ عدد السكان في تعداد عام 1965، ثمانية ملايين و261 ألفاً و527 نسمة، بينما بلغ عدد السكان وفقاً لتعداد سنة 1977، 12 مليوناً و497 نسمة، أما التعداد العام للسكان عام 1987 فيشير إلى بلوغ السكان ستة عشر مليوناً و335 ألفاً و199 نسمة، فيما بلغ عدد سكان العراق حسب تعداد عام 1997 تسعة عشر مليوناً و184 ألفاً و543 نسمة.
وزارة التخطيط أعلنت في وقت سابق، أن عدد سكان العراق لعام 2020، بلغ 40 مليوناً و150 الف نسمة، موزعين بواقع 50،5% للرجال و49،5% للنساء، بناء على التقديرات السكانية التي يعدها الجهاز المركزي للإحصاء وفقا للمعايير الاحصائية العالمية، ما يشير إلى أن نسبة النمو السنوية للسكان في عام 2020، بلغت 2،6%.
فئة النشطين اقتصادياً، وهم السكان في سن العمل من (15-64) سنة، كانت هي النسبة الأعلى بين الفئات العمرية، اذ بلغت (56،5%) من مجموع السكان، تلتها فئة صغار السن بعمر (صفر-14 سنة) التي شكلت (40،4%) من مجموع سكان العراق، فيما كانت نسبة سكان كبار السن (65 سنة) فما فوق، هي الأقل بين الفئات العمرية، اذ سجلت ما نسبته (3،1%) فقط.
وتشكل محافظات الجنوب النسبة الأكثر في عدد الزيادة السكانية، حيث تصل النسب إلى معدلات مرتفعة مقارنة بالمحافظات الأخرى، تتصدرها البصرة، ميسان، ذي قار، المثنى، وتليها محافظات الوسط وبغداد وإقليم كوردستان.
السنوات الأخيرة شهدت مطالبات ودعوات من جهات رسمية وغير رسمية، بضرورة تحديد النسل في العراق، في ظل التزايد الكبير بعدد السكان، وسط ارتفاع مؤشرات الفقر والبطالة في البلاد، لاسيما أن البنك الدولي، ذكر مؤخراً أنَّ نحو 2.7 الى 5 ملايين عراقي مهددون بالفقر، علماً أن العراق أصيب بصدمتين خلال عام 2020 واحدة متأتية من انخفاض اسعار النفط، والاخرى بسبب جائحة كورونا.
ارتفاع النمو السكاني في العراق
المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، قال لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الثلاثاء (22 حزيران 2021)، إن "العراق يعد من البلدان المرتفعة في مجال النمو السكاني، والذي يبلغ 2،6%، ما معناه أن هنالك نحو مليون ولادة سنوياً في البلاد".
الهنداوي، اضاف أن "هذه النسبة منخفضة مقارنة بالسنوات السابقة، حيث كان النمو السكاني 3،3%"، متوقعاً أن "تشهد هذه النسبة انخفاضاً خلال السنوات العشر المقبلة".
أما بشأن المطالبات بتحديد النسل في العراق، فقد عزا الهنداوي ذلك إلى "إدراك الاسر ضرورة تقليل الولادات، فضلاً عن المباعدة بين ولادة وأخرى"، مؤكداً أن "وزارة التخطيط تنظر بعين الاهتمام إلى هذا الموضوع".
"حتى لو انخفضت نسبة النمو في البلاد، فقد تبقى نسبة السكان مرتفعة إلى العشرين والثلاثين السنة المقبلة، في ظل التوقعات التي تشير إلى أن سكان العراق في عام 2050 سيبلغون نحو ثمانين مليون نسمة، بموجب المعدلات الحالية"، وفقاً للهنداوي، الذي رأى أنه "ليس من السهولة تشريع قوانين تتعلق بتحديد النسل في العراق، بحكم المنظومة القيمية في المجتمع، والتي ليس من السهولة أن تتعاطى مع هذا الموضوع".
المتحدث باسم وزارة التخطيط، أشار إلى أن "العامل المهم والمعقول في هذا الجانب هو التوعية المجتمعية بضرورة تقليل الولادات لرؤية سكانية بعيدة المدى والتثقيف المجتمعي بهذا الصدد"، منوهاً إلى أن "وزارة التخطيط تأخذ بنظر الاعتبار السياسيات السكانية بعيدة المدى، والتركيز على آليات استيعاب الشباب من خلال تمكينهم اقتصادياً وعلمياً، وايجاد فرص عمل لهم، كما أن الوزارة تركز على قطاعات السكن والصحة والتعليم لاستيعاب هؤلاء الشباب".
وبحسب أرقام رسمية من وزارة التخطيط العراقية، فإن البلاد بحاجة إلى ثلاثة ملايين وحدة سكنية، لمعالجة أزمة السكن في العراق فضلاً عن انتقادات واسعة لتراجع مستوى الخدمات الصحية.
أما بشأن النسبة الأفضل للنمو السكاني في العراق، في ظل المعطيات الحالية، قال الهنداوي إنه "اذا انخفض معدل النمو السكاني إلى دون الـ2%، سيكون الوضع جيداً بهذا الجانب، ما يعني تراجع أعداد المواليد سنوياً في البلاد إلى دون النصف مليون ولادة سنوياً".
وبخصوص معدل الأعمار في العراق، لفت إلى أن "متوسط عمر الرجال كان 65 عاماً، لكنه ارتفع إلى 72 عاماً، كما ارتفع معدل عمر النساء في البلاد من 70 عاماً إلى 76 عاماً، وبالتالي فإن ذلك يعني وجود ارتفاع في نسبة كبار السن في العراق".
رفض عشائري لتحديد النسل
المطالبات بتحديد النسل تواجه رفضاً عشائرياً ومجتمعياً، لاسيما في محافظات الوسط والجنوب وغرب وشرقي البلاد، متكئين في ذلك على الأعراف العشائرية والاسلامية، والتي ترى أن ارتفاع عدد السكان مصدر فخر وقوة لهذه المجتمعات.
علي العزاوي، زعيم قبيلة العزة في العراق، قال لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الثلاثاء (22 حزيران 2021)، إن "العراق بلد عشائري وإسلامي في غالبيته، وبالتالي فإن موضوع تحديد النسل يتنافى مع الدين والتقاليد"، متعكزاً على مقولة "يأتي الطفل ويأتي معه رزقه"، مشيراً إلى "عدم وجود تعاليم دينية واسلامية سواء في القرآن أو في الأحاديث النبوية تشير إلى تحديد النسل"، وفق قوله.
وبشأن احتمالية فرض الدولة إجراءات من شأنها تحديد النسل، رأى العزاوي أن "السكان لن يلتزموا بأي قرارات بهذا الموضوع"، مطالباً بأن "تقوم الحكومة بإجراءات لتطوير وتقوية الاقتصاد، وبالتالي انعكاس ذلك على الوضع المعاشي للعوائل والأسر العراقية، بدلاً من اللجوء إلى إجراءات من شأنها التضييق على العوائل وإرغامها على تحديد النسل وتقليل الولادات".
تحديد النسل "لا يجوز اسلامياً"
من جانبه، ذكر رئيس قبيلة آل ياسر في العراق، صادق الياسري لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الثلاثاء (22 حزيران 2021)، أن "للمطالبات بتحديد النسل أسباب عدة، منها أن دول العالم المتطورة توفر ضمانات صحية وتربوية لمواطنيها، بينما لا يتوفر هذا الشيء في العراق، كما أن الحالة المعيشية وتوفير الخدمات لدينا في تراجع بشكل لافت، حيث لا يجد خريجو الكليات والمعاهد والشباب فرص عمل تؤمن لهم حياة كريمة بعد التخرج، لذا تكون فرص تكوين أسرة للشباب صعبة جداً وتكاد تكون شبه معدومة".
"العراق يملك العديد من الثروات الطبيعية والمعادن، ولديه أراض صالح للزراعة، كما أن بإمكانه استغلال القطاع السياحي، وغيرها من الموارد، لكن لم يتم استغلالها بشكل ملائم"، وفقاً للياسري، الذي لفت إلى أن "المطالبات بتحديد النسل في العراق لا تجوز من الناحية الإسلامية، لكن الحالة المعاشية الصعبة في البلاد، تجبر الأسر والعوائل على تقليل الانجاب"، مؤكداً أنه "في حال صدور قرارات حكومية تلزم بتحديد النسل، فإن العوائل لن تلتزم بها".
مقترح للحكومة لفرض تقليل الولادات
لكن أدهم حسين السورميري، زعيم قبيلة السورميرية في العراق، قال لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الثلاثاء (22 حزيران 2021)، إن "الأوضاع في العراق باتت تتجه نحو عدم السيطرة على الأمور، لاسيما في الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية، وبالتالي فإن تحديد النسل بات أمراً ضرورياً يجب التقيد والالتزام به، في ظل الأوضاع الصعبة التي نمر بها".
وحول أسباب الرغبة بزيادة الإنجاب في المجتمع العراقي، ذكر السورميري أن "العوائل في الأرياف والمجتمعات القروية والبدوية تلجأ إلى تعدد الزوجات وزيادة الانجاب، رغبة منها في زيادة عدد أفراد الاسرة، من أجل الاستفادة لأكبر عدد ممكن منهم في العمل".
زعيم قبيلة السورميرية، طالب "الدولة بإصدار قوانين، بهدف السيطرة على التزايد المستمر لعدد السكان"، مقترحاً طريقة للسيطرة على النمو السكاني، تتمثل بأن تلجأ الدولة إلى تحديد عدد معين لكل عائلة، ويتم ابلاغ رب الاسرة بعدم منح أي مولود جديد، فوق الحد المسموح به، الجنسية، وبخلاف ذلك يتعرض رب الأسرة إلى عقوبات، ما يؤدي ذلك إلى التقليل بصورة كبيرة من عدد الولادات في العراق.
الوضع الاقتصادي الصعب، جعل العديد من الأسر التي تعيش في المدن، بالتفكير في تحديد النسل، لاسيما في ظل ارتفاع نسبة الفقر في العراق إلى 27% وفقاً لإحصاءات رسمية صادرة من وزارة التخطيط، والتي أشارت إلى أن عدد الفقراء في العراق يصل إلى نحو 10 ملايين شخص، وتعد محافظتي المثنى والديوانية الأعلى فقراً في البلاد، بينما تعد محافظات إقليم كوردستان الأقل فقراً.
ويُتوقع أن يزيد عدد سكان العالم بمقدار ملياري فرد في الثلاثين عاماً المقبلة، وهذا يعني يزيد سكان العالم من 7.7 مليار في الوقت الراهن إلى 9.7 مليار مع حلول عام 2050، وأن يصل العدد إلى 11 ملياراً مع حلول العام 2100.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً