رووداو ديجيتال
أكد أستاذ الحوزة العلمية في النجف، الشيخ محمد الساعدي، أن ما تتعرض له الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يعدو كونه محاولة لإخضاع كل من يرفض التطبيع مع إسرائيل، وتهديداً مباشراً لمحور المقاومة بأسره، مشيراً إلى أنه حال توسع الحرب، سيكون هناك موقفاً للمرجعية.
وقال الساعدي لشبكة رووداو اليوم السبت (21 حزيران 2025)، إن ما يحدث يمثل عدواناً صريحاً ومرفوضاً على جميع المستويات الشرعية والعقلية والدولية.
وأضاف، أن "حقيقة أن ما يجري على الجمهورية الإسلامية هو اعتداء سافر بكل الموازين، سواء كانت الموازين الشرعية أو الموازين العقلائية أو الموازين العرفية، ولا شك ولا شبهة أن هذا العمل مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنه عبارة عن بغي. والنبي صلى الله عليه وآله يقول: ما بغى جبلاً على جبل إلا جعل البغي دكا. فبالنتيجة، هذا البغي وهذا العدوان وهذا التعدي هو مرفوض في الشريعة الإسلامية المقدسة، ومرفوض في كل أعراف الدولية، والمرجعية الدينية كما أسلفت بيّنت هذا الموقف في أكثر من بيان".
وتابع الساعدي، أن "المرجعية الدينية أصدرت عدة بيانات متقاربة زمنياً في إدانة هذا العدوان، ما يدل على خطورته"، مضيفاً أن "المرجعية حدّدت نقطتين أساسيتين في موقفها؛ الأول، إدانة أصل العدوان، وأنه خارج الموازين الشرعية والأعقلائية والأخلاقية. والثاني، إدانة التعدي على المرجعيات الدينية والسياسية، لأن اغتيالها أمر مرفوض تماماً بالأعراف الدولية".
وأشار، إلى أن "المرجعية حذرت في بياناتها من استهداف الشخصيات الدينية والسياسية، واعتبرت ذلك خروجاً فاضحاً عن الإطار القانوني المتعارف عليه دولياً، ولا يمكن السكوت عنه".
وفي معرض تحذيره من عواقب هذه السياسات، شدّد الساعدي على أن "العراق كدولة إسلامية، وكشعب متدين مرتبط بالمرجعية، يجب أن يتخذ موقفاً حازماً لا حيادياً في مثل هذه القضايا"، مبيناً أنه "يجب على كل الدول الإسلامية، بما فيها العراق، نصرة المظلومين وعدم اتخاذ موقف الحيادية، طبقاً للآية الشريفة: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء… ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، وهذا تحذير إلهي وقرآني بأن كل من يوفر دعماً، إعلامياً أو عسكرياً أو لوجستياً، فهو منهم، وأن الله لا يهدي القوم الظالمين".
وتطرق الساعدي، إلى أن "هذه الحرب لا تستهدف إيران كدولة فقط، بل تتجاوز ذلك إلى محاولة كسر محور المقاومة وإجبار الدول الإسلامية على الرضوخ لمشروع إسرائيل"، موضحاً أن “القضية ليست قضية خاصة بالجمهورية الإسلامية، وإنما هي قضية عامة لإرباك الوضع العام في المنطقة، والمتضرر الأول هو دول الخليج، لأنها ستجر الويلات على كل الشعوب. الهدف هو إخضاع الدول الإسلامية، وأرضاخ الدول الممانعة ومحور المقاومة بصورة عامة”.
وربط الساعدي ما يحدث اليوم بسلسلة من الهجمات والاستهدافات السابقة في المنطقة، قائلاً: "بدأوا بلبنان، ثم سوريا، وأرادوا أن يبدأوا بالعراق، ولكن استهدفوا الرأس الكبير، وهو الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وأقول جازماً: لو أصبح هناك تعدي كما حصل مع داعش، أو تعدي من دول كافرة، فكما أدانت المرجعية الاحتلال الأميركي سابقاً، فإن موقفها هذه المرة سيكون مماثلاً وأكثر صرامة".
وأكد،أن lالمرجعية تتمسك بالقرآن الكريم وبروايات أهل البيت، التي تدعو إلى رفض الظلم والتعدي. هذه الإدانة جاءت في إطار الدعوة المستمرة إلى التهدئة، لكن المرجعية أيضاً تطالب الدول الفاعلة، مثل الصين وروسيا وبعض الدول الأوروبية، بأن يبذلوا قصارى جهدهم من أجل الوصول إلى حل سلمي عادل”.
غير أن الشيخ الساعدي حذّر من أنه في حال تطور العدوان، فإن الرد لن يكون مجرد بيانات، بل سيكون موقفاً عملياً، قائلاً: “أما لو كان هناك تعدي عام، واستمر التعدي في قتل المؤمنين، فالقرآن الكريم وروايات أهل البيت ومنهج الحسين سيكون هو الحاكم. وهيهات من الذلة، كما عبر الحسين عليه السلام. فبالتالي موقف المرجعية سيكون مناسباً لمستجدات الأحداث”.
وفي تعليقه على الموقف العراقي الرسمي، أشار الساعدي إلى أن التنسيق بين المرجعية والحكومة العراقية قائم، وأن الأخيرة عبّرت عن موقف واضح برفض العدوان ودعم إيران، مبيناً، أن "الحكومة العراقية في تصريحات كثيرة من وزارة الخارجية ومن رئيس الوزراء، بيّنت أنها داعمة للجمهورية الإسلامية، ورافضة للتعدي عليها. وهذا أمر واجب شرعاً. إن اتخاذ موقف الحيادية مرفوض قرآنياً، بل يدخل في جوانب عقائدية خطيرة".
وحذّر الساعدي من بعض الأصوات، قائلاً إن "هناك أطراف معينة تسارع إلى الإرجاف، وتشكك في الجمهورية الإسلامية وفي حقانيتها، وهدفهم ألا تطالهم الحرب. لكن هذا الموقف لن ينجيهم من دائرة السوء، بل سيوقعهم فيها”.
وشدد على أن المواجهة مع إيران ليست إلا واجهة لصراع أوسع: "قضية استهداف إيران لا تهدف إلى استهدافها كدولة فقط، بل كل من يعارض ويقاوم إسرائيل ويرفض التطبيع. القرآن عبّر عن ذلك بوضوح: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة)، والواقع أن من يهادن ليهرب من السوء، سيقع فيه".
وأردف، أنه “إلى الآن الدعوة إلى السلم قائمة، لكن لو تم التعدي على الدولة العراقية، أو على المؤمنين، فسيكون هناك موقف آخر. وإذا استُهدف السيد الخامنئي شخصياً، باعتباره مرجعاً دينياً له مقلدون في العراق والخليج وأوروبا، فلا شك أن الرد سيكون مختلفاً وجماعياً".
وختم الساعدي تصريحه بالتأكيد على رمزية القيادة الدينية، بالقول، إنه "من الغباء سياسياً وأمنياً التعدي على شخصيات دينية بحجم السيد الخامنئي، خصوصاً أن ذلك مخالف للقانون الدولي. ولو توسعت الأمور، جزماً سيكون المسلمون حزباً واحداً في رد العدوان، كما أنهم كذلك في المبدأ والموقف".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً