محنة العشائر السبعة.. تغيير ألقاب نصف مليون كوردي إلى العربية خارج إقليم كوردستان

20-05-2021
مشتاق رمضان
مشتاق رمضان
الكلمات الدالة القومية الكوردية العشائر السبعة اقليم كوردستان نظام صدام حسين
A+ A-
 
رووداو ديجيتال

مارس النظام العراقي السابق حملات التعريب ضد الكورد في مختلف أجزاء العراق، والتي شملت التهجير القسري ومصادرة الأملاك والعقارات والتعريب الثقافي وغيرها، بل وصلت إلى حد إجبار العوائل والعشائر الكوردية على تغيير ألقابها إلى عشائر وأسماء عربية، في مسعى منه لتغيير ديموغرافية المحافظات والمدن والأقضية والنواحي وحتى القرى، وذلك تماشياً مع السياسات التي اتبعها منذ عقد الستينيات إلى حين سقوطه على يد التحالف الدولي عام 2003.
 
ورغم تولي الأحزاب التي كانت صديقة للكورد، السلطة في العراق بعد 2003 إلا أن محاولات استرجاع الحقوق والهوية الكوردية تواجه عدة مصاعب، وشهدت جدلاً سياسياً ومجتمعياً لافتاً، أجبر الحكومات المتعاقبة على البدء بإعادة الحقوق المسلوبة للكورد في العراق.
 
العشائر السبعة
 
واحدة من إجراءات التعريب والتغيير الديموغرافي التي فرضتها سلطة النظام السابق تمثلت بتغيير ألقاب العوائل الكوردية الى ألقاب وعشائر عربية، حتى أن السلطة فرضت في وقتها هذا الإجراء لإجبار العوائل الكوردية للامتثال لأوامرها، وإلا فالرد سيكون بعدم تمليك العقارات أو المراجعات في الدوائر الرسمية أو القبول بالجامعات وغيرها.
 
إجراءات التعريب في المناطق الكوردية خارج إقليم كوردستان، شملت سبع عشائر كوردية، وهي زركوش وقره لوس وكاكي وكركش وسوره ميري وأركوازي وهموندي، حيث فرض السلطات إجراء تغيير اللقب الكوردي إلى العربي، تحت ما يسمى "تصحيح القومية".
 
ففي التعدادين العراقيين للسكان عامي 1977 و1987 أجبرت السلطات الحاكمة وقتها الكورد الإزيديين على التسجيل كعرب، ومنذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي كان التحدث باللغة الكوردية محظوراً، كما تم اجبار الكورد على التسجيل كعرب منذ عام 1977.
 
كان الأساس القانوني لتدابير التعريب البعثي هو قرار مجلس قيادة الثورة رقم 795 الصادر في عام 1975 والمرسوم رقم 358 لعام 1978، حيث سمحت السلطات بمصادرة ممتلكات الكورد في مناطق مختلفة من العراق، وإعادة توطين العائلات العربية في مناطق الكورد، ولاسيما تلك التي تتمتع بثروات طبيعية، كالنفط والغاز والأراضي الخصبة الصالحة للزراعة.
 
وينتظر الكورد، ولاسيما في بغداد وباقي المدن سواء في ديالى أو واسط أو صلاح الدين أو كركوك، أن تلجأ الحكومة الحالية إلى تسهيل إجراء إعادتهم إلى قوميتهم، وأولى هذه الخطوات تصحيح ألقاب عشائرهم، والتي فرضتها السلطة السابقة، ومن بين هذه الأمور تسهيل هذا التصحيح في دوائر الجنسية، وعدم فرض قيود تعجيزية.
 
إجراءات استعادة الألقاب الكوردية
 
عضو مجلس النواب العراقي آزاد حميد القره لوسي قال لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الخميس (20 أيار 2021)، إن "من يريد من العوائل الكوردية تصحيح القومية وإرجاعها إلى أصلها، مراجعة دائرة النفوس، مع جلب شهود لديهم لقباً كوردياً، وتأييد من شيخ العشيرة، ومن ثم تسير الإجراءات وفق الإجراءات الرسمية في دوائر النفوس".
 
وأوضح: "نحن مستعدون لإبداء كل أنواع الدعم للعوائل الكوردية التي أجبرت على تغيير ألقابها إلى العربية قسرياً"، مشيراً إلى أن "إجراءات تغيير اللقب الذي فرضته السلطة السابقة تمت وفق نوعين، الأول هو شطب ألقابهم من الجنسية، والثاني هو تغيير اللقب".
 
القره لوسي رجّح أن "يكون عدد المواطنين الكورد ممن تم تغيير لقبهم في مناطق خارج إقليم كوردستان، التي تشمل خانقين وكركوك ومندلي وبدرة وجصان وزرباطية وشهربان (المقدادية) والخالص وبعقوبة وطوزخورماتو وغيرها، نحو 500 ألف شخص"، داعياً هؤلاء إلى "مراجعة دوائر النفوس من أجل استعادة ألقابهم الكوردية".
 
تغيير ألقاب نصف مليون مواطن كوردي
 
بدوره، ذكر أدهم حسين بك، شيخ عشيرة السوره ميري، لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الخميس (20 أيار 2021)، أنه "تم ترحيل أغلب العشائر الكوردية، ولاسيما الشيعية، من مناطق خانقين ومندلي وبدرة وجصان وزرباطية، صوب مناطق عربية في العراق".
 
ولفت إلى أن "السلطة السابقة فرضت على كل مواطن من العشائر السبعة اثبات أنه يملك نفوس تعداد 1934، علماً أن هنالك العديد من العشائر الكوردية وبسبب تأخر وسائل النقل وبعد المسافة وقتها، تأخرت عن تدوين أسمائها في التعداد المذكور، وبالتالي تم تسجيلهم على أنهم تبعية إيرانية".
 
أدهم حسين بك، أضاف أن "العشائر الكوردية أجبرت على تغيير ألقابها، إلى عشائر عربية، منها الربيعي والدراجي واللامي والعباسي والزركاني والفرطوسي والتميمي وغيرها"، موضحاً أن "عشيرة السوره ميري معروف عنها أنها تتواجد في أجزاء عديدة من ديالى، منها خانقين ومندلي وشهربان وبروانة والحساوية وأبو جسرة والوجيهية والخالص والزهيرات".
 
ورجّح أن "يكون عدد من تم تغيير ألقابهم إلى أكثر من نصف مليون مواطن"، مشيراً إلى استعداد عشيرته لمساعدة العوائل الكوردية في استعادة ألقابها الكوردية بدلاً من العربية، التي تم إجبارها على ذلك خلال حقبة النظام السابق.
 
وتعود مأساة الكورد الفيليين، إلى ذلك الصراع السياسي الطويل الذي دار بين الدولتين العثمانية التركية والصفوية الإيرانية، والذي أدى إلى منح أبناء العراق حرية المفاضلة بين التبعية الإيرانية والتبعية التركية، فكان أن اختار كثير من الشيعة العراقيين التبعية الإيرانية ومن بينهم الكورد الفيليين.
 
نظام صدام حسين، أسقط الجنسية العراقية عن الكورد الفيليين، مستفيداً من هذه الورقة في صراعه مع إيران، حيث يقول المطلعون أن أبشع ما أقدم عليه النظام العراقي في تعامله مع الكورد الفيليين هو محاولة إبادة هذه الشريحة من الشعب الكوردي وإنهاء وجودها القومي من بغداد والمناطق الأخرى في العراق عن طريق البطش بمئات الألوف من أبنائها ولا سيما في السبعينات والثمانينات بتهجيرهم قسراً إلى إيران وما رافق ذلك من عمليات سبي وقتل للرجال والنساء والأطفال، كما قام هذا النظام باعتقال الألوف من شباب الكورد الفيليين كرهائن، لا يعرف أحد من ذويهم أو من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان عن غالبيتهم شيئاً حتى الآن.
 
يشار إلى أن نظام حزب البعث العراقي في عهد صدام حسين قام في عامي 1978 و1979 بحرق وهدم حوالي 600 قرية كوردية وترحيل وتهجير حوالي 200 ألف كوردي إلى أجزاء أخرى من العراق.
 
وركّز التعريب على نقل العرب إلى محيط حقول النفط في كوردستان خاصة في كركوك، حيث كانت الحكومة البعثية مسؤولة أيضاً عن إخراج 70 ألف كوردي على الأقل من النصف الغربي من نينوى، مما جعل غرب المحافظة منطقة عربية كاملة. 
 
في سنجار في أواخر عام 1974 أمرت اللجنة السابقة للشؤون الشمالية بمصادرة الممتلكات وتدمير معظم القرى الإزيدية واستيطان السكان بالقوة في المدن الجماعية الإحدى عشرة التي تحمل أسماء عربية والتي شيدت من 30 إلى 40 كيلومتراً شمالا أو جنوب سنجار أو أجزاء أخرى من العراق، وهدمت ودُمّرت حوالي 137 قرية إزيدية في هذه العملية، وبالإضافة إلى ذلك تم تعريب خمسة أحياء في مدينة سنجار في عام 1975. 
 
وفي العام نفسه أُخلي 413 مزارعاً كوردياً مسلماً ومزارعاً إزيدياً من أراضيهم من قبل السلطة العراقية السابقة، أو ألغيت عقودهم الزراعية وحل محلهم مستوطنون عرب. 
 
وفي شيخان في عام 1975 تعرضت 147 قرية من أصل 182 قرية للتشريد القسري في حين سلمت 64 قرية للمستوطنين العرب في السنوات التالية.
 
وكجزء من حملة الأنفال خلال الحرب الإيرانية العراقية دمر النظام البعثي نحو 4000 قرية وجلب مئات الآلاف من الكورد ليصبحوا لاجئين أو يعاد توطينهم في جميع أنحاء العراق، وقُتل أو مات حوالي 100 ألف شخص خلال هذه الحملة التي اعتبرت تطهيراً عرقياً وإبادة جماعية. 
 
وفي عقد التسعينيات استؤنف توزيع الأراضي على المستوطنين العرب في كركوك، واستمر التوزيع حتى سقوط نظام البعث في عام 2003.
 
ويرى مختصون أن من الاسس الخاطئة التي تم عليها بناء العراق الحديث عام 1921 هي تقسيم المواطنين الى قسمين: التبعية العثمانية والتبعية الايرانية، ويعزون ذلك إلى أن الاسباب وراء ذلك التقسم معروفة، وهي طائفية وعنصرية.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب