رووداو ديجيتال
مع دخول العقوبات الأميركية على شركة لوك أويل الروسية حيّز التنفيذ خلال أسابيع، يتجه الاهتمام محلياً نحو حقل غرب القرنة - 2 في البصرة، وهو أحد أكبر الحقول النفطية في العراق، وأهم أصول لوك أويل خارج روسيا.
ورغم الطابع الدولي للأزمة، إلا أن تأثيرها المباشر سيكون على الإنتاج العراقي والصادرات والموازنة، ما جعل الموضوع حديث الشارع والخبراء وصنّاع القرار في بغداد.
ضغط دولي… وقلق داخلي
العقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية على "لوك أويل" وعملاق النفط الروسي "روسنفت" جاءت ضمن حزمة تهدف للضغط على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا. وبعد إصدار الترخيص الأميركي المؤقت الذي يسمح للشركات العالمية بفتح محادثات مع لوك أويل لغاية 13 كانون الأول، بدأت شركات مثل إكسون موبيل بدراسة شراء حصص روسية في عدد من الحقول حول العالم، بينها غرب القرنة -2، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
داخل العراق، لم تتضح الصورة بعد، فالحكومة العراقية تتجه، بحسب مصادر دولية ، إلى طلب تمديد رسمي من واشنطن يسمح باستمرار تشغيل الحقل من دون مخالفة العقوبات، على الأقل خلال الربع الأخير من 2025، إلى حين إيجاد حل دائم.
لماذا غرب القرنة -2 مهم للعراق؟
حقل غرب القرنة -2 ليس رقماً عادياً في خارطة الطاقة العراقية. فهو من أكبر الحقول في العراق والعالم، ويحتوي احتياطياً يقدّر بنحو 14 مليار برميل.
الخبير النفطي حيدر البطّاط يوضح أهمية الحقل قائلاً: "الحقل ينتج بين 400–480 ألف برميل يومياً، وهو ما يقارب 10% من إنتاج العراق، أي توقف أو انخفاض في إنتاجه يعني خسارة مباشرة كبيرة في إيرادات الدولة والعملة الصعبة".
ويضيف:"العراق قد يضطر لطلب استثناء أميركي أو البحث عن مشغّل بديل. وهناك خيار أن يُدار الحقل بالجهد الوطني، وهو برأيي الخيار الأفضل. وبشكل عام، لا أعتقد أنه سيتوقف".
ماذا تقول الحسابات الاقتصادية؟
الخبير الاقتصادي يسار المالكي يرى أن مستقبل الحقل مرتبط بشكل مباشر بنتيجة المفاوضات الجارية بين بغداد وواشنطن.
ويشرح المالكي: "مستقبل شركة لوك أويل في الحقل ما يزال غير واضح، الحكومة العراقية تبدو متجهة نحو طلب تمديد لإدامة العمل حتى تتضح الخيارات، فغرب القرنة -2 هو أهم أصل لدى لوك أويل عالمياً، والحقل الوحيد الذي تشغله بالكامل".
ويذهب المالكي إلى تقدير تأثير محتمل على الصادرات قائلاً: "الحقل سعته كبيرة، وإيقافه قد يؤدي إلى خسارة حوالي 13% من صادرات النفط العراقي عبر البصرة، وإذا حصلت الحكومة على تمديد، قد يستمر العمل في الربع الأخير من السنة، لكن استمرار الإنتاج في الربع الأول من العام المقبل يحتاج إلى تخريجة قانونية أو إلى مشترٍ لحصة لوك أويل".
ويشير إلى نقطة مهمة في السوق العالمية: "عادةً يكون الطلب العالمي منخفضاً في الربع الرابع والأول، فإذا اضطر العراق لغلق الحقل، قد يرتفع سعر النفط عالمياً، وهذا يساعد في تقليل الخسائر، لكن مع المعروض الكبير في السوق، قد لا يكون الارتفاع كافياً لتعويض خروج هذا الحقل الكبيرمن المعادلة الإنتاجية".
هل هناك بدائل؟
وفق المعلومات المتداولة حتى الآن، هناك ثلاثة مسارات ممكنة: وهي تجديد الاستثناء الأميركي، وهو مقترح مطروح على الطاولة العراقية، دخول شركات عالمية جديدة، وتشير التقارير إلى شركات عملاقة ترغب في الدخول إلى الصناعة النفطية العراقية، والخيار الأخير، التشغيل الوطني، خصوصا أن العراق يتملك خبرة كبيرة وهو خيار رجحه الخبير النفطي حيدر البطاط، في حال الحاجة إلى ذلك.
ماذا ينتظر العراق؟
الواضح أن بغداد في سباق مع الزمن، فالحفاظ على استقرار إنتاج غرب القرنة -2 يعني الحفاظ على عشرات آلاف الوظائف، واستمرار تدفق العملة الصعبة، وتجنب أي اضطراب في موازنة 2026.
أما توقف الحقل أو اضطراب تشغيله، فسيكون له تأثير مباشر على: إيرادات النفط، وميزان المدفوعات، إضافة إلى معدل الصادرات اليومية.
العراق يقف اليوم أمام تحدٍ اقتصادي ونفطي كبير، لكن ليس مستحيلاً، فحقل غرب القرنة -2 ليس مجرد منشأة نفطية، بل ركن أساسي من أركان الاقتصاد الوطني. وبين العقوبات الأميركية والمفاوضات الجارية ودخول شركات جديدة على الخط، يبقى القرار النهائي مرهوناً بالمفاوضات السياسية، وبقدرة بغداد على ترتيب أوراقها قبل نهاية العام.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً