رووداو ديجيتال
الفرحاتية.. ناحية تابعة لقضاء بلد في محافظة صلاح الدين، استيقظ أهلها صباح السبت على وقع 8 جثث تعود لرجالها، مرمية في أحد المبازل، فيما لازال مصير 4 من المختطفين مجهولاً، في حادثة تعيد الملف الأمني في العراق إلى الواجهة مجدداً، وفي ظل تعدد عمليات الاغتيالات التي طالت شرائح عديدة من المجتمع العراقي، من دون التوصل إلى الفاعلين، كحال باقي عمليات القتل.
هذا الهجوم يأتي وسط تصاعد الخروقات الأمنية في العراق، ومنها إحراق مقر الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكوردستاني في بغداد، من قبل أنصار الحشد الشعبي إضافة إلى استهداف المنطقة الخضراء وأرتال التحالف الدولي بهجمات صاروخية وعبوات ناسفة، ما يطرح تساؤلات حول جدوى المطالبات المستمرة للقوى الشيعية في العراق، بخروج القوات الأميركية من البلاد، رغم أن الحقائق على الأرض تشير إلى عدم استتباب الأمن في البلاد، فكيف في حال خرجت القوات الأميركية؟
جريمة بزي مسلح
أحد أقارب المخطوفين، قال لشبكة رووداو الإعلامية، إن مسلحين يرتدون زي القوات الأمنية، قاموا ليلة الجمعة، باختطاف 12 رجلاً من القرية التابعة لقضاء بلد، ومن بين المخطوفين عدد من المنتسبين في الحشد العشائري والجيش العراقي، مشيراً إلى العثور على جثث 8 منهم مقتولين، في مبزل قريب من القرية المذكورة، وظهرت على جثثهم آثار إطلاق نار بمنطقتي الراس والصدر، في حين لازال مصير الباقين مجهولاً لحد الآن.
ما يثير الاستغراب في الحادثة، هو أن المنطقة مغلقة ومحاطة من كل الجهات من القوات الأمنية، منها الشرطة والجيش وعصائب أهل الحق، التابعة للحشد الشعبي، ما أثار هلع أهالي باقي القرى الذين باتوا متخوفين من احتمال حدوث عمليات خطف وقتل مماثلة، وباتوا يفكرون بالفرار من المنطقة، وفقاً للمصدر.
العديد من مدن العراق، تشهد وبشكل شبه يومي، عمليات اغتيال وخطف مختلفة، وغالباً ما يقوم بها مسلحون ملثمون يرتدون زي القوات الأمنية، في وقت توعد فيه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، المجاميع المسلحة بعدم الافلات من العقاب، عقب ارتفاع وتيرة القتل والخطف في البلاد.
وتصاعدت منذ 2003 عمليات القتل في العراق، ما دفع الآلاف منهم إلى هجرة البلاد طلباً للأمان، لكن جرائم القتل غالباً ما تقيد ضد مجهول، ما يقلق المواطنين على سلامتهم وأمنهم.
الحاجة لإجراءات صارمة
مقرر لجنة الأمن والدفاع النيابية، ناصر يوسف، قال لشبكة رووداو الإعلامية إن الجريمة مهددة لاستقرار البلاد، داعيا القوات الأمنية إلى اتخاذ إجراءات "أكثر صرامة" لحفظ الأمن وحماية المواطنين في العراق، متسائلاً: "كيف تتم الخروقات في ظل تواجد القوات الأمنية في المنطقة؟".
مستشار رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، عماد يوخنا عدّ في تصريح لشبكة رووداو الإعلامية، الحادث بـ"الأليم"، محذراً من هشاشة وحدوث ثغرات في القطعات الأمنية، لاسما في ظل الأوضاع الحساسة التي يمر بها العراق.
يوخنا، طالب القائد العام للقوات المسلحة والقيادات الأمنية وضع خطط رصينة وإعادة النظر في الخطط، وخاصة الجزء الاستخباري، منوهاً إلى أن هذه الخروقات تنذر بانفجار الوضع الأمني وعودة الطائفية الى المربع الأول.
محافظ صلاح الدين عمار جبر خليل، أعلن الحداد ثلاثة أيام في عموم المحافظة، متقدماً بطلب عاجل إلى مكتب القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي للتحقيق الفوري في الجريمة، في وقت اطلع فيه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على التحقيقات الأولية في الجريمة وحيثياتها، ووجّه بالمتابعة الدقيقة لكل تفاصيلها.
رسالة الكاظمي
الكاظمي وجّه رسالة إلى أهالي محافظة صلاح الدين مفادها بأن الدولة ستحميهم، وأن "عقيدة القوات المسلحة تلتف حول الولاء للوطن والقانون، لا للأفراد أو المسميات الأخرى"، مبيناً أن "الإرهاب وأفعاله الإجرامية لا ينتظره إلا القانون والقصاص، ولا مكان لعودته تحت أي صورة أو مسمى".
وخلال اجتماع طارئ للمجلس الوزاري للأمن الوطني، الذي رأسه الكاظمي، أدان المجلس "الاعتداء الإرهابي" في قضاء بلد، كما قرر الكاظمي إحالة المسؤولين من القوات الماسكة للأرض إلى التحقيق، بسبب التقصير في واجباتهم الأمنية.
استنكار واسع
رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، استنكر اختطاف وقتل عدد من المواطنين بمنطقة الفرحاتية، داعياً الحكومة الاتحادية إلى الإسراع بتحديد الأطراف والمجاميع "الإرهابية" التي تقف وراء الحادث الذي وصفه بـ"الجريمة البشعة".
السفير الأميركي في بغداد ماثيو تولر، أدان جريمة القتل التي وقعت في منطقة الفرحاتية، معرباً عن أمله في أن تكون زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى الفرحاتية، خطوة مهمة لوضعِ كافة المجاميع المسلحة تحت سيطرة الدولة بشكل نهائي، وهي الطريقة الوحيدة لوقف المزيد من إراقة الدماء، مطالباً السلطات العراقية بأن تعجل في تقديم الجناة إلى العدالة.
بدورها، أدانت المفوضية العليا لحقوق الانسان بشدة حادثة "الفرحاتية" معربة عن قلقها الشديد من الأحداث التي حصلت في الناحية، داعية الحكومة للإسراع بإكمال التحقيقات والكشف عن مرتكبي المجزرة وتقديمهم للعدالة.
الحشد الشعبي يتهم داعش
مسؤول العمليات في اللواء 41 للحشد الشعبي، قاسم الكريطي ذكر أن إحدى نقاط الحشد الشعبي في قضاء بلد تعرضت قبل الحادثة، بيومين، لهجوم ومحاصرة من قبل تنظيم داعش، ما أدى الى مقتل أحد المقاتلين وجرح 3 آخرين، قبل أن تقع جريمة الفرحاتية، مبيناً أن "الإرهابيين" وبعد تنفيذ هجومهم، انسحبوا تجاه الأهالي، واقتادوا مجموعة مواطنين بينهم أفراد في الحشد العشائري متعاونين مع القوات الأمنية والحشد الشعبي.
الكريطي نوّه إلى إن الجريمة المستنكرة "ليست المرة الأولى التي يعتمد فيها الإرهابيون التصفية الجسدية" للمدنيين، فقد شهدت ناحية يثرب عدة عمليات مشابهة تم تثبيت دعاوى قضائية فيها.
القضاء يباشر التحقيق
مجلس القضاء الأعلى، أعلن أن محكمة تحقيق بلد المختصة بقضايا مكافحة الإرهاب، باشرت بإجراء التحقيق الأصولي بخصوص جريمة خطف وقتل عدد من المواطنين، إضافةً إلى جريمة قتل احد منتسبي الحشد الشعبي والتي سبقت تلك الجريمة التي حصلت في منطقة الفرحاتية.
ويرى ناشطون ومدونون أن مجزرة الفرحاتية ستمر مثل غيرها من المجازر في العراق ولن يُحاكم أحد، وكل ما ستفعله السلطات التعهد بالملاحقة وتشكيل لجنة لهذه الجريمة، محذرين من أن أي تساهل من الكاظمي في التعامل مع جريمة الفرحاتية سيكون له تبعات خطيرة على أمن المواطنين، مشيرين إلى أن الحادث قد يشعل الوضع المتوتر أصلاً في البلاد.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً