الملابس العسكرية متاحة لمن يرغب ارتدائها في بغداد

16-09-2014
عادل فاخر
الكلمات الدالة بغداد مليشيات العراق
A+ A-
رووداو _ بغداد

بات من السهل جدا ان تنتحل صفة رجل أمن أو رتبة عسكرية في ظل انتشار المحال التجارية المتخصصة ببيع التجهيزات العسكرية كالبزات والدروع والأسلحة البيضاء دون رقابة او حتى إجازة اعتماد من الجهات المختصة. 

وشهدت تلك الأسواق المنتشرة في عدة مناطق كمدينة الصدر والباب الشرقي وسوق هرج والكاظمية، رواجا كبيرا في ظل الأوضاع الأمنية المتردية.

وقال سمير ثابت (40 عاما) صاحب محل لبيع التجهيزات العسكرية وسط بغداد، لشبكة رووداو الاعلامية، ان "الزبائن في السابق كانوا من رجال الجيش والشرطة، والعمل يتم وفق  إجازات تصدر من آمرية الانضباط العسكري تجدد كل عام، والمحال تتعرض بشكل دوري للتفتيش من قبل عدة جهات اما اليوم لا توجد إجازات ولا رقابة ولا تفتيش"، مبينا انه "سابقا كان زباؤننا معروفين ويحملون هويات تعريف اما اليوم فلا تستطيع المجازفة بسؤال الزبون عن الجهة التي ينتمي اليها"، مشيرا الى ان "المحال المختصة ببيع البدلات العسكرية انتشرت بشكل واسع ولم تعد مقتصرة على أصحاب المهنة الأصليين من ذوي المصانع والمعارض بسبب عدم وجود الرقابة الحقيقة والافتقار الى التنظيم".

وأضاف قائلا، انه "بجانب البزات العسكرية المحال اليوم تعرض كل شي كالأسلحة البيضاء من سكاكين وحراب ونواظير وشارات لفصائل مسلحة غير قانونية ورتب عسكرية وعصي كهربائية والجزم والخوذ والسترات الواقية ومخازن الرصاص وغيرها من التجهيزات".

موضحا بأن "المبيعات ارتفعت بشكل كبير جدا بعد التدهور الأمني عقب انهيار نينوى في العاشر من حزيران حيث ارتفع سعر البزة من 30 ألف دينار الى 75، ومن الممكن ان تجهز المشتري بشكل كامل بنحو 150 الف"، لافتا إلى ان "الرواج وارتفاع الطلب ازداد بشكل لافت للنظر حتى انه في بعض الأحيان تنفذ المحال من البضاعة".

ويشهد العراق وضعاً أمنياً استثنائياً منذ إعلان حالة الطوارئ في (10 حزيران 2014)، حيث تتواصل العمليات العسكرية الأمنية ضد تنظيم داعش، من المناطق التي ينتشر فيها في محافظتي نينوى وصلاح الدين، بينما تستمر العمليات العسكرية في الانبار لمواجهة التنظيم.

ويشكو عدد من المواطنين ارتفاع جرائم السطو المسلح بملابس ورتب عسكرية، وفيما أكدوا إن تلك الجرائم تمر دون رادع،  طالبو وزارة الداخلية باتخاذ إجراءات مشددة  بهذا الشأن.

حسين علي (25 عاما) يسكن منطقة الكفاح وسط بغداد يقول لــ رووداو، ان "شيوع ظاهرة بيع الملابس العسكرية بالطريقة الحالية تمثل مشكلة كبيرة، وعلى الأجهزة الأمنية المختصة وضع ضوابط واضحة تحدد آلية التعامل بها سواء في البيع أو الشراء حتى تكون منضبطة وبعيدة عن الاستغلال الذي قد يحصل من قبل أشخاص آخرين يستخدمون الزي العسكري لتنفيذ عمليات مسلحة أو سطو أوغير ذلك".

وأضاف "يوميا نسمع عن عمليات سرقة وسطو مسلح بملابس عسكرية ضحاياها من المدنيين العزل والعصابات تسرق وتقتل المواطنين دون رادع، هؤلاء ينفذون جرائمهم من استخدام فوضى بيع الملابس والرتب العسكرية، لذا فأن الحكومة مطالبة بوضع حد لهذه الانتهاكات وهي المسؤول الأول والأخير عن ما يحدث"، مبينا ان "فصائل مسلحة غير قانونية تتحرك في الشارع وامام أنظار رجال الأمن يرتدون ملابس عسكرية ويقودون سيارات لا تحمل لوحات ولا يستطيع احد التكلم معهم او يجرأ على إيقافهم".

وقال علي جابر (30 عاما) موظف حكومي يسكن منطقة الفضيلية جنوب شرق بغداد ان "الحكومة مطالبة بإعادة النظر في كثير من الحالات السلبية أبرزها تواجد محلات لبيع الملابس العسكرية والأسلحة البيضاء، كونها تساهم في خلق بيئة إجرامية، فانتشار هذه الأسلحة يولد رغبة لدى الكثيرين من رواد السوق بشرائها ومن هنا يبدأ مشوار العنف".

وأضاف أن "وجود هذه المحلات يخلق حالة من الرعب والخشية لدى الكثيرين ويعطي صورة مشوهة عن الواقع والتاريخ الحضاري للعاصمة بغداد، حيث يدلل انتشار السلاح وحال بيع التجهيزات العسكرية على تحولها إلى مدينة بوليسية لا أمان فيها، وكأنها غابة وحوش والصراع من اجل البقاء في ذروته، فمثلا الباب الشرقي ووفقا لموقعها الاستراتيجي وسط العاصمة، يفترض ان تكون عنوانا بارز للحركة الثقافية والفنية لكثرة دور العرض السينمائي والمسارح ومكاتب بيع الصحف والمجلات والمطابع وكل ما يعنى بالثقافة والأدب لا ان تتحول بيئة صالحة لعسكرة المجتمع".

من جهته قال الباحث الاجتماعي علي عيسى العكيلي، ان "سيادة ثقافة العنف على سلوك أفراد المجتمع عموما واللجوء الى منهج القوة في تسوية الخلافات وفرض الإرادة وإقصاء الآخر في مقابل ضمور وانزواء صوت المنطق والتسامح يمثل تشظي يحتاج الى جهد كبير للتخلص منه"، لافتا الى أن "العسكرة بكل مظاهرها ومخرجاتها ليست الا تعبير عن أزمة مركبة، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تنتج عن أزمة في السلطة المدنية أو فشل في خلق سلطة مدنية".

يذكر ان وزارة الداخلية كانت قد قررت في وقت سابق وضع ضوابط محددة لبيع الملابس العسكرية، مؤكدة عدم السماح للمجرمين من النفاذ من بعض الثغرات لإلحاق الأذى بالمواطنين من خلال استغلال بيع تجهيزات وملابس القوات الأمنية في محلات بيع الملابس وارتدائها من قبل هذه العصابات، فضلا السماح باستمرار عمل محلات الخياطة للتجهيزات والملابس الخاصة بعد الحصول على إجازة ممارسة المهنة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، والموافقة الأمنية من وكالة المعلومات والتحقيقات الوطنية، ولم يتسن لـ"رووداو" التأكد من تفعيل تلك الإجراءات بعد عدة اتصالات لم تلقى استجابة من الوزارة.

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب