عراقي يجمع أكثر من مليون قلم: العراق كان يصدّر الأقلام لأوروبا

12-10-2022
أنمار غازي
علي المندلاوي، جامع وبائع الأقلام
علي المندلاوي، جامع وبائع الأقلام
الكلمات الدالة أقلام بغداد العراق
A+ A-
رووداو ديجيتال 
 
بجوار صرح المتنبي، وداخل هذا السوق القديم، يجلس علي المندلاوي عاشق الاقلام في دكانه الصغير، او كما يسميه بمتحف الاقلام، يروي قصص الثقافة في بلاد النهرين ويقارن بين الماضي الحاضر. 
 
بدأ المندلاوي ذو الـ55 عاماً قبل نحو أربعين سنة، بهواية غريبة وهي جمع الأقلام، حيث انطلق حينها ببيع الأقلام من خلال فرشها على الأرض في شارع المتنبي وسط العاصمة بغداد، أمام المحال المغلقة، حتى وصل به المطاف إلى الجلوس بين جدران دكانه المكونة من الأقلام بعد أن جمع أكثر من مليون قلم من مختلف الأنواع والأحجام تعود بعضها إلى سبعينيات القرن الماضي. 
 
علي المندلاوي، جامع وبائع الأقلام، تحدث عن بدايات مهنته لشبكة رووداو الإعلامية، قائلاً "توفي والدي في عام 1985، كان ذلك أصبحت انتقالاً في حياتي، إذ أصبحت الابن الأكبر للعائلة رغم أنني لم أكن أكبرهم سنّاً، فكان واجباً عليّ أن أقوم بتوفير المعيشة لعائلتي، فجئت إلى هذا السوق مع صديق لي اسمه عصام، حيث كان يملك متجراً هنا، فقام بفتح بسطة (جمبر)، وكان ذلك نقطة تحول في حياتي. 
 
وأضاف: بعدها أصبحت لدي هواية بجمع الأقلام، ووصلت إلى مرحلة أستدين فيها الأموال لأشتري الأقلام، إلى أن وجدت نفسي قد وصلت إلى مرحلة أجمع كمّاً هائلاً من الأقلام، والقلم أنواع كثيرة مثل البحر، لا يمكن جمعها بالكامل لأنه أمر مستحيل. 
 
المكان المتواضع الذي يعمل فيه المندلاوي أصبح وجهة يقصدها السياح من داخل العراق وخارجه، ووفقاً لعاشق الأقلام فإن القلم كان يحظى بأهمية كبيرة لدى الطالب والمدرس والطبيب والمثقفين كافة في ثمانينيات القرن الماضي على عكس الحاضر، في حين يؤكد أن ارتباطه بالقلم سهّل له الكثير بتكوين علاقات بأشخاص من مختلف الفئات.
 
ويردف علي المندلاوي في حديثه بالقول "نحن نستطيع صناعة الحياة والابتسامة للآخرين بأمور بسيطة، حتى أنا لم أفعل شيئاً سوى رص الأقلام وجعله حائطاً، والمواطنون تأتون لالتقاط الصور ويبتسون لعملي، لذا أصبح مفخرة للمجتمع ومبعثاً اجتماعياً إيجابياً للمجتمع". 
 
وبيّن جامع الأقلام وبائعها، أن "هذه المهنة فيها خسائر مادية هائلة"، مستدركاً في ذات الوقت أن "فيها أرباحاً اجتماعية لا يستطيع أحد الحصول عليها، وبالتالي أنا ربحت شيئاً لا يستطيع أحد أن يربحه، مثل حب الناس والشهرة التي لا تأتي مجاناً وأنا حصلت عليها بالمجان من خلال اقلامي". 
 
"لدي محل لمنتدى ثقافي بسيط لكنه فخم وفيه أثر على المجتمع"، بحسب المندلاوي
 
يقارن المندلاوي بين الصناعة العراقية للأقلام، فيتحدث والحزن يملأ عينيه، حيث يقول إن الأقلام كانت ذات جودة عالية في صناعتها في سبعينيات القرن الماضي، أما اليوم فإن جودتها متدنية للغاية ولا يكاد استخدامها يتجاوز يوماً واحداً. 
 
ويتابع "لدي أقلام أفتخر بها، عمرها أكثر من 60 عاماً، كان العراق يصنعها ويصدر منها إلى أوروبا، مثل قلم النور الذي كان سعره 20 فلساً آنذاك، كل السياح الأجانب أعطيهم منه ذات النوع مجاناً، وهم يستغربون من ذلك، لكنني أخبرهم أنني أعطيكم تاريخ بلدي وليس قلماً، ومن الممكن أن يكون سعره ألف دينار عراقي الآن، لكن سعره بالنسبة لي لا يقدر بثمن". 
 
ويستذكر المندلاوي مكانة القلم في الزمن العابر، قائلاً "كنا بلداً صناعياً نصدّر القلم للخارج، وكان للقلم لدينا قيمة ورمزية في المجتمع، وكمثال على ذلك كان في السابق يوزع على المعلمين أقلام كالموجودة لدي الآن، خاصة نوع "كلن" الذي يسمى قلم التأشير، يستخدمه المعلم في التأشير على السبورة".  
 
يسعى المندلاوي من خلال مشروعه أن يرسم البسمة على وجوه الزوّار الأجانب والمحليين، ويهديهم أقلاماً مختلفة، وعند سؤاله عن ثمنها يجيب السائل بأنها لا تضاهى بثمن، ويؤكد أن لا اهتمام حكومي بهوايته ولا جهة ساهمت بإدخال عمله ضمن الموسوعات للأرقام العالمية.
 
جامع وبائع الأقلام العراقي، كشف أنه لم يسعى الوصول إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لأنه سيفشل، حسب قوله، عازياً ذلك إلى أن الأمر يحتاج دعماً من قبل الحكومة، وهو فاقد الثقة بكل مؤسسات الدولة العراقية. 
 
وخلص إلى أنه "العراقيون لم يجدوا أحداً يحب العراق من الموجودين في السلطة إلا القلة القليلة"، وذلك "خوفاً على مناصبهم وراتبهم". 
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب