رووداو- أربيل
يبحث فيصل حامد، من سكان الموصل، منذ ثلاثة أشهر عن أثر لأخيه لكن دون جدوى، إنه يقسم بأن أخاه لم يكن من مسلحي داعش ولا على صلة بالتنظيم.
يقول فيصل: "جاءت جماعة من الحشد الشعبي قبل ثلاثة أشهر واقتادت أخي بالضرب والركل، ولا أثر له منذ ذلك اليوم"، ويضيف أنه كان لهم جار داعشي وهو يعتقد أن أخاه أخذ سهواً بدلاً عن الجار.
يوجد نحو 7000 محتجز في معسكرين بالموصل، منهم عرب سنة، كورد، إزيديون، مسيحيون وعرب شيعة، وقد أعلن رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى أن المحتجزين يحصلون على القليل من الطعام والماء ويتعرضون للاعتداء.
أصبحت كلمة سجن مقترنة باسم الموصل، وهناك قلة في العراق لم تسمع عن سجن بادوش الذي وضع الحجر الأساس لبنائه في العام 1979 وأكمل في 1986، ويعد ثاني أكبر سجن في العراق بعد "أبو غريب"، كان سجن بادوش في أيام النظام السابق معتقلاً لمخالفي النظام، وبعد سقوط البعث بات سجناً لمؤيدي البعث وأعضاء الفصائل المتطرفة كالقاعدة والدولة الإسلامية في العراق (داع).
عندما هاجم داعش الموصل في حزيران 2014، حطم أبواب سجن بادوش في 10 حزيران، وكان فيه 1400 سجين، قتلوا 670 منهم وانضم الباقون إلى صفوف داعش. بعد أن استعاد الجيش العراقي وفصائل الحشد الشعبي الموصل، عاد السجن ليكون جزءاً من تاريخ المدينة، لكن لم يكن سجن بادوش في هذه المرة، بل أصبح السجن في أماكن أخرى، فقد أصبح معسكرا تلكيف والفيصلية سجنين كبيرين.
في الأسبوع الماضي، نشرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان HRW تقريراً عن أوضاع سجون محافظة نينوى أشارت فيه إلى الأوضاع السيئة في تلك السجون، وأعلن التقرير على لسان أحد الخبراء أن سجني تسفيرات تلكيف والفيصلية يستوعبان 2500 شخص فقط، بينما يوجد بهما 4500 محتجز من بينهم 1300 تمت محاكمتهم وصدرت بحقهم أحكام وكان ينبغي ترحيلهم إلى بغداد، لكن بعض هؤلاء مازال محتجزاً هناك بعد ستة أشهر من صدور حكم عليه.
ونشرت المنظمة عدداً من صور حجز النساء والأطفال واليافعين الذين يشتبه في أن لهم علاقة بداعش، في سجن تلكيف، وتظهر الصور أن غرف السجن لا تكاد تسع المحتجزين.
وتؤكد مراقبة حقوق الإنسان أن الأدلة المتوفرة لديها تبين أن "أوضاع مراكز الاحتجاز في نينوى ليست مناسبة لبقاء المحتجزين فيها لفترات طويلة، وهي لا تتفق مع المعايير الدولية".
ويشير التقرير إلى أن محامي المشبوهين لا يستطيعون زيارة موكليهم، لعدم وجود مكان مخصص للقاءات والاجتماعات، وتؤكد المنظمة على ضرورة تحقق وزارتي العدل والداخلية العراقيتين من "وجود أسس قانونية لعمليات الاحتجاز" ويجب أن يحصل جميع المحتجزين على "المشورة القانونية".
وصرح رئيس اللجنة الأمنية بمجلس محافظة نينوى، هاشم بريفكاني، لشبكة رووداو الإعلامية، بأن داعش هدم أغلب مراكز الاحتجاز عندما هاجم الموصل، ولهذا تم بعد تحرير الموصل اتخاذ موقعين كسجني احتجاز، وهما معسكر تسفيرات تلكيف ومعسكر الفيصلية "ويوجد فيهما 7000 محتجز".
وعن أوضاع المحتجزين، قال بريفكاني: "70% من الذي جاء في تقرير مراقبة حقوق الإنسان صحيح، فأوضاع المحتجزين مزرية وخاصة أماكن المبيت والحمامات، وكان كل محتجز يزود بلتر واحد فقط من الماء في اليوم، لكن كمية الماء هذه زيدت مؤخراً إلى 2.5 لتر. كما أن المحتجزين يتعرضون للتعذيب".
وأشار بريفكاني إلى أن عملية التحقيق مع المحتجزين تجري ببطء شديد، بسبب العدد القليل من قضاة التحقيق، ثلاثة فقط: "هناك متهمون محتجزون منذ ستة أشهر بدون تحقيق معهم، وهناك آخرون ألقي القبض عليهم بموجب مذكرات قضائية"، وحسب بريفكاني فهناك فوضى كبيرة في ملفات المتهمين ولا يعرف قسم منهم سبب احتجازه.
وأكد رئيس اللجنة الأمنية بمجلس محافظة نينوى، هاشم بريفكاني: "حسب متابعاتنا، توجد هناك أنواع من التعذيب تمارس ضد المحتجزين، وقد كانت هناك حالات اعتداء أيضاً".
وعن جهود لجنتهم لتحسين أحوال المحتجزين، قال بريفكاني: "رفعنا إلى بغداد تقريراً بكل نواقص وعيوب السجون، وطلبنا زيادة عدد قضاة التحقيق، وتوفير ظروف احتجاز أفضل".
أغلب المحتجزين في سجون الموصل يشتبه في تورطهم مع داعش، أي أنهم ممن يشتبه في أنهم كانوا مسلحين في صفوف التنظيم أو كانوا متعاونين مع داعش ومناصرين له.
وأعلن العضو الإزيدي في مجلس محافظة نينوى، بركات شمو، لشبكة رووداو الإعلامية، أنه "إلى جانب العرب السنة، هناك محتجزون كورد، إزيديون، مسيحيون ومن مكونات أخرى، لكنهم في أغلبهم من العرب السنة"، وحسب شمو يوجد بين المحتجزين "أشخاص أبرياء".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً