مواطنون يروون لرووداو مشاهد حقيقية من "الدكات العشائرية"

07-08-2021
الكلمات الدالة الدكات العشائرية العراق
A+ A-
 
وسام كريم – رووداو – بغداد 

كثيرا ما تحصل النزاعات العشائرية بين عشيرتين او اكثر في العاصمة بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، ثم تتطور الاحداث لتصل الى حد استخدام الاسلحة الثقيلة والمتوسطة بين المتخاصمين، وهي ما تسمى بـ(الدكة العشائرية)، وعادة ما يسقط ضحايا او مصابون جراء هذا النزاع، والملاحظ ان اغلب هذه النزاعات التي تحصل بين العشائر مردها أسباب بسيطة، الامر الذي يثير الجدل عند المواطنين باسباب حدوث هذه النزاعات.
 
يبدو ان السلطات العراقية المتمثلة بوزارة الداخلية اتخذت عدة اجراءات للحد من هذه النزاعات في تفعيل قرارات تصل لحد الحبس او الاعدام، ووفق المعنيين انها حققت تقدما في ايقاف الكثير من النزاعات العشائرية وباتت تشكل رادعا قويا للذين يحاولون استهداف المدنين وترويع الامنين.
 
"ليلة عصيبة"
 
اليوم اصبحنا نعيش في غابة لا قانون يحكم الناس ولا جهة يمكن ان نثق بها في الحصول على حقوقنا المسلوبة، الاغلب بات يسعى لتحصين نفسه بطرق شتى، وفق المواطن حسن الكناني .
 
يقول الكناني، الذي تعرض لـ"دكة عشائرية"، لشبكة رووداو الاعلامية اليوم السبت (7 آب 2021): "كنت جالسا في المنزل في منطقة الاعلام، واذا بالباب الخارجي لمنزلي يطرق بشكل عنيف. كان الوقت تقريبا الساعة الثامنة و20 دقيقة مساء، خرجت مسرعا لفتح الباب واذا بمجموعة من الرجال بيدهم العصي، يصرخون بوجهي، ويقولون ان ولدي البكر كان سبباً بضرب احد ابنائهم بشكل عنيف ادى الى كسر يده اليسرى".
 
وأضاف: "راحوا يتوعدوني ويتوعدون ولدي بانهم سوف يقومون بكسر يده كما فعل، ومن شدة الصراخ وارتفاع الاصوات تجمع الجيران وحاولوا ان يهدئوا هؤلاء الاشخاص بكل الوسائل، وبالفعل بعد مرور اكثر من نصف ساعة رحلوا".
 
وتابع الكناني: "انتابنا القلق في وقتها والعائلة اصبحت خائفة، كانت ليلة عصيبة علينا، فبعد منتصف الليل وتقريبا الساعة الثانية صباحا، استيقظنا مرعوبين على اصوات اطلاق الرصاص صوب المنزل، حتى ان البعض منه حطم زجاج المنافذ ليصل الى غرف النوم"، مردفا: "خرجت انا واخي الاكبر مسرعين، لكننا لم نتمكن من اللحاق بالذين قاموا بتنفيذ الهجوم، ولم نستطع ان نرى احدا سوى دراجة نارية كانت قد وصلت الى نهاية الشارع، ولم نتمكن من تحديد كم هم عدد الاشخاص الذين كانوا يستقلون الدراجة النارية".
 
وفي السياق ذاته، والد نقيب الاطباء لفرع بغداد مصطفى باسم السعدي، تعرض لهجوم من 15 شخصاً بالضرب والشتم والسب، فضلاً عن اطلاق وابل من الرصاص باتجاه منزله كاد ان يصيب احد افراد العائلة حسب قول السعدي.
 
السعدي اكد لشبكة رووداو الاعلامية اليوم السبت (7 آب 2021) ان "الاطراف التي هاجمت منزله طلبت منهم التهدئة، بعد ان اقدم على تسجيل دعوى في مركز الشرطة للتبليغ عن الهجوم الذي قام به هؤلاء الاشخاص"، متوقعا ان "يتم حل المشكلة عشائرياً".
 
اجراءات حكومية رادعة
 
بعد تجريم الدكة العشائرية واعتبارها من ضمن قانون مكافحة الارهاب وفق قرار مجلس القضاء الاعلى رقم (13 لعام 2005) والذي يشمل كل من يكتب على الدور والمحال التجارية مطلوب دم او عشائريا، عقوبته السجن المؤبد وقد تصل الى الاعدام ولا تقبل الكفالة، وفق العميد ناصر علي محمد النوري مدير عام شؤون العشائر في وزارة الداخلية .
 
وقال النوري لشبكة رووداو الاعلامية اليوم السبت (7 آب 2021) ان "مديرية شؤون العشائر قامت بزيارة كل المحافظات العراقية وتم التنسيق مع المحافظ لدعم مدير قسم العشائر لهذه المحافظة، كما عقدت مؤتمرات كثيرة للتثقيف، ما أدى الى انخفاض نسبة الدكة العشائرية بنسبة 85%".
 
وأردف النوري: "نحن أسمينا الدكة بانها اللاعشائرية كي لا تسيء الى سمعة عشائرنا الاصيلة"، معربا عن عدم تصوره بان "الشيخ العام يقدم على هذا الفعل، لأن من يفعلها اليوم هم الدخلاء على المشيخة، والدخلاء هم شيوخ الفيسبوك الذين وضعوا قوانين ما انزل الله بها من سلطان"، مضيفاً: "كنا في السابق نرى القيم الانسانية والمورث الاجتماعي الاصيل والمبادئ الحقة والتسامح والمحبة والالفة والتواضع".
 
مدير عام شؤون العشائر في وزارة الداخلية، أكد تفعيل شعبة لفض النزاعات في المديرية، وبدأ الناس يقدمون طلبات لا تصل لمرحلة الشكاوى، كي لا يهمش دور الشرطة، ويتم استدعاء الشيخين المتخاصمين"، منوهاً: "لدينا هيئة رأي فراضة من الشيوخ والقامات، وعقد جلسة كل يوم ثلاثاء واربعاء، يتم البدء بالاستماع من الطرفين، وبالتالي نعطي القرار بالحظ والبخت وايضاً نستأنس برأي رجال الدين حتى لا نخرج عن الجانب الشرعي، وبهذه الطريقة تم حسم 850 نزاعاً عشائرياً موثقاً بالشواهد والثوابت والادلة".
 
النوري شدد على ان "المديرية ماضية في معالجة ظاهرة اطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية، سواء كانت مفرحة ام محزنة، والمناسبات التي تحولت الى حزن كثيرة، لان فرداً من عشيرة اخرى موجود ويتم اطلاق العيارات النارية ويصاب هذا الفرد وبالتالي يتم الدخول في نزاع عشائري".
 
كما تم "تفعيل قرار المشرع العراقي (570 لسنة 1982) وعقوبته الحبس ثلاث سنوات لكل من يطلق العيارات النارية، وبالفعل تم تسجيل انخفاض في هذه الظاهرة بنسبة 65%"، وفقاً للنوري، الذي نوه لأمر اخر في تفعيل قرار للمشرع العراقي (24 لسنة 1997) لكل من يعتدي على موظف في الدولة يواجه عقوبة الحبس من سنة الى ثلاث سنوات، وهؤلاء الموظفين يتمثلون بالتدريسيين والمحامين والمهندسين وابناء الاجهزة الامنية والاطباء، لاسيما وأن الاعتداء على الاطباء تسبب بهجرة الكثير منهم الى الخارج.
 
اما بخصوص حادثة نقيب الاطباء فرع بغداد، قال النوري إنه "تم التواصل معي من قبل مجموعة من الاطباء وانا انتظر اتصالاً منه، وسأتبنى الموضوع عشائرياً، واكدنا مراراً اننا لن نسمح بالاعتداء على الاطباء لان هذا الطبيب انقذ الكثير من ارواح الناس".
 
الدكة العشائرية اصبحت من العادات التي ترفضها العشائر العراقية، بالنظر لما تسببه من حالة لترويع الاطفال والنساء وكبار السن، فضلا عما تسببه من اصابة احد ما بطلق ناري قد تؤدي الى اعاقته او الى مصرعه، وكثيرة هي الحالات التي وقعت من هذا القبيل.
 
وزارة الداخلية العراقية قامت بتجريم الدكة العشائرية، ما كان سببا في ابتعاد العشائر عن هذه الافعال، حسب رعد جلوب التميمي رئيس رابطة اعلام ومشايخ بني تميمي قاطع الكرخ.
 
وقال التميمي لشبكة رووداو الاعلامية اليوم السبت (7 آب 2021): "نحن في رابطة اعلام ومشايخ بني تميم قاطع الكرخ لدينا عدد من الانظمة والقوانين الخاصة بهذه الرابطة، تم العمل بها وتطبيقها على ارض الواقع في حلحلة الكثير من المشاكل التي تحصل بين عشيرة واخرى، ومن خلال التنسيق مع مشايخ العشائر الاخرى استطعنا ان نحد من ظاهرة الدكة العشائرية بنسبة كبيرة في المنطاق الواقعة ضمن قاطع الكرخ".
 
وتشهد محافظات وسط وجنوب العراق نزاعات عشائرية مسلحة بشكل مستمر، وفي أحيان كثيرة لا تستطيع السلطات العراقية التدخل لإيقافها.
 
يذكر انه في يوم الخميس (15 تموز 2021) اندلع نزاع عشائري مسلح، بين عشيرتي الكرامشة وآل وافي في محافظة البصرة، ووفق مصدر أمني أن شخصين قتلا في هذا النزاع فيما أصيب 10 في النزاع الذي اندلع في سوق السمك بالمحافظة، مشيرا إلى ان النزاع اندلع إثر الخلاف على سمكة.
 
فيما أفاد مصدر أمني في محافظة البصرة يوم الأربعاء (26 ايار 2021) بمقتل وإصابة أربعة أشخاص بسبب نزاع عشائري شمالي المحافظة، وقال المصدر إن "خلافاً عشائرياً وقع بين عدة أشخاص وتطور الى استخدام الاسلحة المتوسطة شمالي محافظة البصرة، أسفر عن مقتل شخص واصابة ثلاثة اخرين بجروح".
 
وبيّن أن شقيق احد المصابين هاجم شخصاً من الطرف الثاني بسلاح أبيض "قامة" وضربه على رأسه، ما تسبب له بفقدان الوعي ليقوم بعد ذلك بنحره وفصل رأسه عن جسده.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب