رووداو ديجيتال
مائة عام بالتمام والكمال، تمرّ على تأسيس الجيش العراقي (6 كانون الثاني 1921) والذي كانت لبنته الأولى فوج "موسى الكاظم"، تيمناً بالإمام السابع من الأئمة الاثني العشرية عند الشيعة.
فبعد الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 ودخولهم العاصمة بغداد، قررت المملكة المتحدة آنذاك تأسيس حكومة عراقية، وجاء ذلك القرار بعد ضغط كبير من الشعب العراقي، وهو ما تم في سنة 1920، والتي سعت بدورها لتأسيس جيش عراقي وطني، فتم ذلك سنة 1921 في السادس من شهر كانون الثاني بالتحديد، بقيادة وزير الدفاع آنذاك جعفر العسكري، في وزارة عبد الرحمن النقيب.
فوج "موسى الكاظم" ضم عدداً كبيراً من الضباط الذين تغلغلوا في الجيش العثماني قبل "الثورة العربية الكبرى"، ثم بعد ذلك تأسست قوتان، الأولى جوية والثانية بحرية، ومن ثم أصبح الجيش يتكون من أربع فرق، فكانت الفرقتان الأولى والثالثة في العاصمة بغداد، بينما كانت الفرقة الثانية في محافظة كركوك، في الوقت الذي كانت فيه الفرقة الرابعة مُعسكِرة في محافظة الديوانية.
للجيش العراقي مشاركة فاعلة في الانقلابات التي حصلت في البلاد، حيث شارك في عام 1936 بأول انقلاب عسكري برئاسة قائد الفرقة الثانية الفريق بكر صدقي، شُكلت على إثره حكومة جديدة برئاسة حكمت سليمان، كما شارك الجيش العراقي في "الثورة" يوم 14 تموز 1958 بقيادة الضابط عبد الكريم قاسم والضابط عبد السلام عارف، وتمت الإطاحة بالسلطة الحاكمة الملكية، حيث قُتل فيصل الثاني وعائلته في قصر الرحاب بالعاصمة بغداد.
الجيش العراقي شارك أيضاً في انقلاب ضد الحكم في شباط سنة 1963 واغتيل فيه عبد الكريم قاسم وعدد من الضباط الآخرين، وتزعم حزب البعث السلطة، وكان أحمد حسن البكر أول رئيس للجمهورية من حزب البعث، ثم تلاه صدام حسين.
حرب الخليج وغزو الكويت
تدهورت العلاقات بين العراق وإيران إثر قيام الأخيرة بثورة عام 1979، وكان الهجوم العراقي على الأراضي الإيرانية بداية لحرب دامت 8 سنوات بدأت عام 1980، لتكون أطول حرب في القرن العشرين، انتهت باعلان ايران الموافقة على قرار وقف اطلاق النار يوم 8 آب 1988.
ولم تكد تمضي سنتان بعد وقف الحرب مع ايران، حتى بدأت الخلافات بين صدام حسين ودول الخليج، فقرر الرئيس العراقي الأسبق غزو الخليج كردٍ على السعودية وادّعى أن الكويت جزء من العراق، لكن مجلس الأمن قرر، وبطلب من الكويت إمهال القوات العراقية لحين الخروج من الكويت، لكن صدام حسين رفض، مما أدى إلى اندلاع حرب "عاصفة الصحراء"، والتي أسهمت باخراج العراق من الكويت عام 1991، وخسارة فادحة للجيش العراقي وانكساره أمام التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، ومن ثم لملم نظام الحكم العراقي آنذاك شتات الجيش، وقام بالقضاء على الثورات الداخلية التي ظهرت عام 1991.
اسقاط نظام صدام حسين وحلّ الجيش العراقي
بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 على يد تحالف دولي قادته الولايات المتحدة الأميركية، قرر الحاكم المدني الأميركي بول بريمر، حلّ الجيش العراقي المكون من 400 ألف جندي، ثم بعد ذلك تقرر إعادة تشكيل الجيش.
الاختلاف في العقيدة العسكرية بين قادة الجيش العراقي، حسب متخصصين، ألقى بظلاله على واقع الجيش، والذي شهد مرحلة عصيبة أخرى تمثلت باحتلال تنظيم داعش المتشدد، للعديد من المدن في البلاد عام 2014، والتي شكت نحو ثلث مساحة العراق، لكن وبعد نحو ثلاث سنوات استطاعت القوات الأمنية ومنها الجيش العراقي دحر التنظيم والقضاء على معاقله في البلاد.
"مطبة كبيرة"
الخبير العسكري جودت جهاد قال لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الثلاثاء (5 كانون الثاني 2021) إن "الجيش العراقي مر بعدة مراحل تتعلق بالبناء والتطوير، ولو وضعنا مقارنة بين الجيش السابق وجيش بعد عام 2003 سنجد فرقاً واسعاً"، مبيناً أن "الجيش العراقي مر بمطبة كبيرة تمثلت بحلّه، وتغيير قياداته، والبدء بتشكيل جيش جديد، قسم من قياداته غير مهنية".
جهاد أوضح أنه "عندما بني الجيش العراقي عام 1921 بني على أساس العقيدة البريطانية، ومن ثم تطورت إلى العقيدة الشرقية، أما بعد عام 2003 فقد انتهت العقيدتان، وبني الجيش على عقيدة لا هي غربية ولا هي شرقية، لذا فإن هذا البناء سيلاقي العديد من المطبات".
"رغم ما حققه الجيش العراقي حالياً إلا أنه لم يستطع الوصول إلى أوج عظمته مثلما كان في عام 1979، والذي كان يعد وقتها عام الأبهة بالنسبة له"، وفقاً لجهاد، الذي أشار إلى أن "واجبات الجيش العراقي هي حمايته من الاعتداءات الخارجية، لكنه الآن يُستخدم بتنفيذ المهام الأمنية التي تغيرت مؤخراً، ودخلت بمرحلة قتال العصابات".
وحول وجود الحشد الشعبي، لفت جهاد إلى أن "وجود الحشد الشعبي كان لفترة معينة، والمفترض بعد انتهاء الظروف التي أسهمت بتأسيسه، أن يتم تحويله لمرحلة ثانية"، مردفاً أن "التكنولوجيا والتطور في الحشد الشعبي غير ما هو عليه في الجيش العراقي، وهي أعلى منه، بينما لا نرى الدول المتقدمة تعمل وفق هذا السياق"، مؤكداً "الحاجة إلى اعادة هيكلة الجيش العراقي ليكون مهنياً ويقوم بخدمة الشعب".
"انحراف الجيش عن مساره الوطني"
من جانبه، ذكر الخبير الأمني أحمد الشريفي لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الثلاثاء (5 كانون الثاني 2021) أن "مسيرة الجيش العراقي كانت حافلة بالأحداث، لكن ما يعنينا هو المراحل الانتقالية فيه، والتي جعلته بشكل أو بآخر خاضعاً لأبعاد حزبية وايديولوجية".
الشريفي أشار إلى أنه "في العهد الملكي، كانت توجهات الجيش العراقي وطنية"، مستدركاً أنه "وبعد الثورات، تم زجه في المعترك السياسي والحزبي، وبالتالي فقد انحرف عن مساره الوطني ودوره الوظيفي المعروف عنه".
"كنا نأمل أن يصار في المرحلة الحالية إلى إبعاد الجيش العراقي عن المحاصصة والتجاذبات السياسية، على اعتبار أنها تؤثر على الولاءات، وتحدث خللاً في المؤسسة الامنية، وهو ما تحقق خلال احتلال تنظيم داعش للعديد من المدن في البلاد، حسب قول الشريفي، الذي أضاف أن "الجيش العراقي انهار بشكل غير مبرر في المناطق التي تمكن تنظيم داعش من احتلالها، والسبب في ذلك هو تشتت ولاءاته".
الشريفي أعرب عن أمله في أن يصار "في المرحلة الحالية إلى أن تكون المؤسسات العسكرية لها ستراتيجيات بعيدة المدى، لتسهم في تحقيق الحصانة للجبهة الداخلية والخارجية للبلاد، ولكي لا نعتمد على مساعدة ومساندة القوى الاقليمية والدولية لنا، وهو ما سيتحقق في حال حضر المشروع الوطني".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً