حسن العلوي: الصدر يشكل عقبةً أمام إيران وممثل خامنئي أخبرني بضرورة قتله وتقطيعه إرباً

04-06-2018
أوميد عبدالكريم إبراهيم
أوميد عبدالكريم إبراهيم
الكاتب والمؤرخ والسياسي العراقي، حسن العلوي
الكاتب والمؤرخ والسياسي العراقي، حسن العلوي
الكلمات الدالة العراق الصدر الانتخابات الصدر حسن العلوي
A+ A-

رووداو - أربيل

تحدث الكاتب والمؤرخ والسياسي العراقي، حسن العلوي، عن مسألة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة التي ما زالت حديث الساعة مؤخراً، فمن هو الطرف الذي سيتمكن من جذب الأطراف الأخرى إلى طاولة الحوار، ومن سيتولى الحكم، وإلى أين سيتجه العراق، وما هو الدور الأمريكي والإيراني في تشكيل الحكومة الجديدة.

كما أشار العلوي، في مقابلة خاصة لشبكة رووداو الإعلامية، إلى دور الكورد في الاستحقاقات القادمة، وأكد أن حفاظ "البارتي" على مستوى معين كان صدمةً بالنسبة للذين اعتقدوا أن الكورد قد انفرطوا، وفيما يلي نص المقابلة:

رووداو: بدايةً نرحب بك سيد حسن العلوي، مَن باعتقادكم سيقوم بتشكيل الحكومة المقبلة؟

حسن العلوي: هذا السؤال هو المشكلة بذاتها، وهذه المشكلة ستطول مدة حلها، والسبب هو أن من حصل على أعلى الأصوات هو التيار الصدري وقائمة سائرون، وهذه القائمة غير مرغوبة بها من قبل حزب الدعوة وفئات من الحركة الإسلامية الشيعية، وكذلك من قبل إيران، وبالتالي توضع أمام هذه القائمة مجموعة من العراقيل، ولكن يبدو أن مقتدى الصدر لا يصغي، ويمضي في طريقه لتشكيل الحكومة بالرؤية التي يراها هو، ومن هنا نعلم أن هناك صِدام حقيقي بين مقتدى الصدر وبقية المراكز الشيعية في السلطة، وقد تحدث إشكالات شيعية-شيعية، ومن هنا تصعب تسمية من سيشكل الحكومة.

رووداو: هناك حديث عن السيد إياد علاوي وترشيحه لمنصب رئاسة الوزراء، هل تعتقد أن مقتدى الصدر سيرشحه لهذا المنصب؟

العلوي: هذه "نكتة" الانتخابات.

روودوا: لماذا؟

العلوي: إياد علاوي هو الشخص الذي رفض زيارة إيران، وجميع الذين اشتركوا في السلطة ذهبوا إلى إيران قبل أن يذهبوا إلى بغداد، ولم يدخل أي واحد من هؤلاء غير المرغوب بهم، من زعماء السنة والزعماء العلمانيين الذين دخلوا السلطة خلال السنوات الماضية، وجميعهم عُمدوا في طهران قبل وصولهم إلى بغداد، باستثناء اثنين منهم، وهما إياد علاوي، والمتحدث (أنا)، وكلانا رفض زيارة طهران.

رووداو: هل سينجح الصدر في الأمور التي لم ينجح بها إياد علاوي؟ 

العلوي: إياد علاوي لم ينجح لأنه أعزل غير مسلح، فالحركة الليبرالية لا تؤمن بحمل السلاح، بينما مقتدى مسلح بقوة حقيقية كبيرة، وعليه فإن مقتدى يختلف عن علاوي الذي يمثل الجبهة الوطنية، وهناك أناس ضده، ولكن المصلحة دفعتهم للاشتراك معه في قائمة واحدة، وهم لا يحملون أي ود نحوه، في حين أن التيار الصدري، أو مقتدى الصدر، لديه اعتبار على الطريقة البوذية، حيث أنهم مستعدون للاستشهاد أمام سيارته، وعليه فإن المقارنة غير واردة، فمقتدى يمتلك قوة شعبية، وقوة مسلحة، في حين لا يمتلك علاوي أياً من القوتين، وإنما يمتلك تياراً ليبرالياً، والتيار الليبرالي ضعيف في تاريخ العراق. 

رووداو: خلال مقابلة لكم مع إحدى الصحف العربية، قلتم إن على الصدر أن يختار شخصية مستقلة لمنصب رئاسة الوزراء، هل تعتقد أن شخصاً مستقلاً سيتمكن من النجاح في إدارة السلطة بالعراق؟

العلوي: يمكن أن ينجح المستقل إذا كان مدعوماً من كتلة ما، وممثلاً لكتلة، أما إن لم تكن هناك كتلة تدعمه، فلن يُرشح بالأساس، فإذا كان مقتدى الصدر الذي يُمثل كتلةً كبيرةً داعماً له مثلاً، فسوف ينجح.

رووداو: هل أنتم مع تفاوض الأحزاب الكوردستانية مع الكتل في بغداد، وخصوصاً مع حزب الدعوة؟

العلوي: أبسط شيء يقال هنا، هو أن "هذا خطأ سياسي كبير"، أما أنا فأقول إن "هذه خطيئة"، وهي أكبر من الخطأ بعشرات المرات، انتبهوا أيها الكورد، فذهابكم إلى حزب الدعوة ليس خطأً، بل خطيئة، ارتكبت.

رووداو: ما هو أهم حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بالنسبة لكم؟

العلوي: حسابات المركز كانت خاطئة حين اعتقد أن الكورد سيتراجعون بنسبة 40 إلى 50% نتيجة خلافاتهم، في حين حافظ "البارتي" على مستوى معين، فكان ذلك صدمةً بالنسبة للذين اعتقدوا بأن الكورد قد انفرطوا.

رووداو:  ما هو تأثير صوت الكورد في بغداد الآن على دور الكورد في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة؟

العلوي: هو أضعف من جميع الأدوار التي نهض بها الكورد في تشكيل الحكومات السابقة، حيث لم تكن حكومة بغداد تُشكل إلا في أربيل، وأنا قدمت احتجاجاً هنا على إحدى القنوات الكوردية، وقلت في ذلك الوقت إن الرأي لبغداد وليس لأربيل، والآن أرى أن مشاركة الكورد هامشية أو جانبية، وضعيفة للغاية، وليس فقط هنا، فقد رأيت زملائي في سنوات سابقة، وسنوات لاحقة أيضاً، حصلوا على مكاسب كثيرة في بغداد، فيما يعاني الكورد في القرى والأرياف، وحتى هنا، وهؤلاء لم يشتركوا بأي عمل داخل بغداد للدفاع عن القضية الكوردية أثناء أزمة الاستفتاء، وقد هربوا، وكما يقول الإمام علي بن أبي طالب: "انجحروا كالضبِّ في جحورهم"، أي أنهم انجحروا ودخلوا في جحور الضبِّ، ولم يخرجوا من المنطقة الخضراء ولم يكن لهم دور، بينما كان علاوي، والمتكلم "أنا" نصدح في جميع اللقاءات الموسعة أثناء الحملة الانتخابية، وقلنا إن مسعود لم يرتكب خطيئة عندما أقدم على الاستفتاء، فمن الممكن أن تستفي إحدى القرى للانضمام إلى إحدى النواحي، أو أن تستفتي إحدى النواحي للانضمام إلى أحد الأقضية، فالاستفتاء حق حتى للنوادي الرياضية، فلماذا يستكثرون على أمة وشعب أن يجري استفتاءً؟، وقد ررد علاوي هذا الكلام مراراً، وأنا كذلك، حتى أنني قلت إن مسعود عمره 4000 عام، ولم يأتيكم من جديد.

رووداو: أربعة آلاف سنة، ماذا تقصدون بذلك؟

العلوي: ما أقصده هو، أنه عُثر على قطعة أثرية بمنطقة إيلام في إيران، تتحدث عن معاهدة عُقدت بين ملك العراق "نارامسن"، وملك إيلام الفارسي "خيتة"، وتلك الاتفاقية نظمت العلاقات بين البلدين، وجاء فيها ما يلي: إن هذه المعاهدة عُقدت بين "نارامسن وخيتة" لمحاصرة القبائل المتمردة المشاكسة في الجبال بين البلدين، ويقصدون بها الكورد، وهذه المعاهدة منذ 2290 عام قبل الميلاد، وإذا أضفنا إليها 2000 عام بعد الميلاد، أصبح المجموع 4000 عام، كما لاحظت أن معاهدة الجزائر استنسخت جزءاً من تلك المعاهدة المذكورة دون علم الذين وقعوا على المعاهدة، فلا "الشاه" كان يعلم بهذه المعاهدة التي عُقدت في ذلك الوقت، ولا صدام حسين كان لديه علم أيضاً بتلك المعاهدة التي يصل عمرها إلى 4000 عام، وعليه فإن القضية الكوردية موجودة منذ 4000 عام، فمسعود البارزاني وجلال الطالباني ونوشيروان مصطفى والقادة الكورد، يتحركون بعمق تاريخي عمره 4000 عام.

رووداو: السيد العلوي، برأيكم ما هي الأطراف التي يجب على الكورد أن يتفقوا معها للحفاظ على مصالحهم وحمايتها؟

العلوي: إياهم أن يتحالفوا مع الإسلاميين الإيرانيين لأنهم سيغدرون بهم، فهم يتلقون تعليماتهم من إيران التي لها موقف واضح وهي لا تسمح بأي نشاط كوردي مجاور، وبالتالي ستضغط على الأحزاب الإسلامية الإيرانية الخاضعة لسطوتها وتبايع النظرية الإيرانية وليس نظرية السيستاني، ومن الأكاذيب التي يُروج لها، أن الإسلاميين العراقيين يخضعون للمرجعية الشيعية في النجف، وهذا "كذبٌ كذبٌ كذبٌ"، فمرجعية النجف ليس لديها مشروع دولة، أما أولئك فلديهم مشروع دولة إيرانية وهم من جماعة ولاية الفقيه، وبالتالي لا علاقة لهم بالسيد السيستاني على الإطلاق، وإنما علاقتهم بالسيد الخامنئي في إيران، وهذه مسألة اتجاهات وتيارات سياسية، وليس فيها أي شيء معيب.

رووداو: كنتم مع الرأي القائل إن إيران لم ترضَ أن يتولى إياد علاوي منصب رئاسة الوزراء، الآن، هل تعتقد أن مقتدى الصدر سيشكل الحكومة، خصوصاً بعد المتغيرات في المنطقة، أم أنه لم تكن هناك متغيرات أصلاً؟

العلوي: نعم، الآن هم في حيرة من أمرهم، وهذا الشيء أقوله للمرة الثالثة على التلفزيون، ولكن المشاهد الكوردي لم يسمعها، وسيسمعها مني للمرة الأولى: في عام 2004، وبعد مقتل "ابن الخوئي" الذي اتهم بخصوص مقتدى الصدر، كنت حينها في الكويت، فاتصل بي ممثل الإمام الخميني سابقاً، والسيد الخامنئي لاحقاً، وهو رجل دين، وطلب مني أن أكون ضيفه على وجبة الغداء، فأرسل ابنه أحمد، وعندما ذهبت وجدت شخصاً واحداً لديه، وقال لي إن هذا ممثل السيد الخامنئي، وأنا وأنت، ولدينا موضوع سنتباحث فيه، فطلب من ابنه إخلاء المكان لكي نبقى ثلاثتنا، وتفاجأت بالموضوع، حيث سألوني حول كيفية التصرف مع السيد مقتدى الصدر مع مقتل "ابن الخوئي"، فسألته عما يدور في أذهانهم، فتحدث ممثلهم في الكويت وقال إنه يجب أن نقتله ونقطعه إرباً إرباً، لأن هذا الذي تجرأ اليوم على "ابن الخوئي"، سيتجرأ غداً على ابن السيستاني، فقلت لهم إن الشيعة في العراق ثلاث: مجلسٌ له وجود سياسي ولا يمتلك الشارع، وتيار صدري يمتلك شارعاً شيعياً عريضاً وليس له وجود سياسي، وحزب دعوة لا يمتلك شارعاً ولا وجوداً سياسياً، وهذا الكلام في بداية 2004، فإذا أردتم قتل الشيعة والشارع الشيعي، فاقتلوا السيد مقتدى الصدر، وهنا القتل ليس حلاً، بل عليكم فتح خطوط الاتصال والتفاهم معه، وكتبت رسالة إلى الخامنئي خوفاً من تزوير رأيي، وأوضحت له فيها رأيي، وقلت له إن القرار لك، ولكن إذا اتخذتم قراراً بقتله، فسوف تقتلون الشيعة، فجاءني جواب يفيد بأن السيد الخامنئي اتخذ وجهة نظري، وليس وجهة نظر ممثلهم في الكويت الذي صرح بوجوب قتل مقتدى الصدر، إذاً هناك مشكلة كبيرة منذ عام 2004، وأنا شاهد عليها، وهي أن إيران، أو مجموعة من الإيرانيين، فكروا في فترة من الفترات بتصفية السيد مقتدى الصدر، ولكنهم انتبهوا، كما نبهتهم أنا، إلى أن الصدر ثقلٌ شيعي وشارع شيعي، والآن كيف سيتصرفون، هناك من يتمنى قتل الصدر، وهناك من يُحرض على قتله من حزب الدعوة، غير آبهين بالنتائج التالية، ومقتدى الصدر الآن مشكلة كبرى أمام إيران والأحزاب الإسلامية التي حكمت العراق ظلماً لمدة 15 سنة.

رووداو: إذا لم يتمكن مقتدى الصدر من تشكيل الحكومة المقبلة، فكيف سيكون وضع العراق، وهل سيسكت الملايين من مؤيديه؟

العلوي: كلا، إذا لم تُشكل بطريقة تحترم النتائج الانتخابية، فإن هذا مقتدى الصدر وليس علاوي في 2010، عندما حصل على الأغلبية، فأزاحوا علاوي وشكلوا الوزارة، أما الصدر فلا يمكن أن ينسحب لأن لديه قوة شعبية هائلة، وهو لم يأتِ إلى بغداد بالطائرة الأمريكية، ولم يأتِ بالطائرة أو مشياً من إيران، وإنما موجود في العراق ولديه قوة محلية، وأولئك ليس لديهم مثل هذه القوة، بل كانوا خارج العراق، ومن هو داخل العراق له الأولوية، وقد شاهدنا الثورة الجزائرية الكبرى وزعماءها العظماء الخمسة الذين لم ينتبه لهم أحد، إلى أن خرج بو مدين، وهو عقيد مُهمَل، وسيطر على الجزائر وأصبح رئيساً، لأنه كان داخل البلد ويقاتل، وكان أولئك خارج البلد، وعليه فإن من هو داخل البلد له الأولوية، ومقتدى الصدر داخل البلد، ويمتلك قوة محلية لا يمتلكها البقية، صحيح أن الحشد الشعبي قد تشكل، ولكن مهمة الحشد الشعبي ليس قتال الشيعة، بل قتال داعش.

رووداو: إذاً ما هو السيناريو القادم لتشكيل الحكومة المقبلة، وكيف سيكون الوضع في البلد؟

العلوي: السيناريو معقد، وستطول فترة الانتظار، ومن المفترض تشكيل حكومة ائتلافية، وحتى لو حصل ذلك فستكون حصة مقتدى الصدر أكبر، وهم لا يريدون ذلك، وما يحصل الآن هو أن مسعود البارزاني الذي لم يتركوا له أي شيء، وانتزعوا كل شيء منه، وفي الوقت ذاته لا يوجد من يدافع عن بغداد سوى علاوي وأنا والبعض، فإن هؤلاء أصبحوا أحباب مسعود البارزاني ويستقبلون الوفود ويجتمعون مع فاضل ميراني من هنا وملا بختيار من هناك، ويقولون إننا إخوة على سُرر متقابلة كما تقول الآية القرآنية الكريمة، إلا أن هؤلاء يكذبون عليكم ويكذبون على العراق، وأنتم تكذبون على أنفسكم إذا صدقتم أن استقبال هؤلاء للكورد كان نابعاً من أعماق حقيقية، بل إنها رغبة في تشكيل تحالف فيه أرقام أكبر من أرقام حتى يستخدموها ضد مقتدى الصدر أو ضد أي تحالف آخر، فهذه تحالفات انتخابية تفتقر للقيم والمثل الأخلاقية، لذلك يجب ألا تغركم هذه التحالفات، وألا تفرحوا بها وترسلوا وفوداً بشكل يومي. 

رووداو: هل تعتقد أن تحالف المالكي مع العامري سيظل قائماً، أم سيتجه العامري للتحالف مع الصدر؟

العلوي: الانشقاق قائم الآن.

رووداو: يقال إن هناك زواجاً كاثوليكياً بين العامري والمالكي، هل سيتم إنهاء هذا الزواج بتوجه العامري إلى جانب مقتدى الصدر والتحالف معه؟

العلوي: بل إنه زواج سني، ويمكن أم يحدث الطلاق حتى في المقهى أو السيارة، وليس زواجاً كاثوليكياً، ولا توجد مشتركات بين الطرفين، لأن المالكي يرغب بأن يقود الحشد ويصبح رئيس الوزراء، وهذا لا يمكن أن يحدث، فقد رشحوا العامري الذي يقول: لماذا أقاتل من أجل غيري، ولماذا أكون قائداً وأمنح النتائج التي أحصدها لغيري؟، بل سأحتفظ بها لنفسي، فقد انتهى الزمن الذي كان فيه العامري تابعاً للسيد المالكي، فالعامري قوة رئيسية وأساسية في مواجهة قوة الصدر.

رووداو: بعيداً عن هذا الموضوع، كان من المقرر أن تنشروا كتاباً باسم الدولة الكوردية بعد انتظار دام 100 عام، لماذا قررتم عدم نشر هذا الكتاب؟

العلوي: أنا أناقش هذا الموضوع منذ فترة، ولكن حصلت حملةٌ ضدي حين كنت منهمكاً بالكتاب، حتى أن أحدهم هاجمني علناً، وهو يعمل في "مركز أساسي" بمجلس الوزراء، ولم يوقفه أحد أو يعاقبه، فظهرتُ أمام الناس منافقاً متملقاً للكورد وأؤلف لهم كتاباً، وهم يشتمونه ويهاجمون صاحبه، وهذه مهمة الكورد، فذلك الذي هاجمني، هل عوقب، وهل أبعد عن مكانه، أم أنه ما زال يحكم من مكانه؟، إذاً لن يصدر الكتاب، ولستُ بحاجة لأحد ولا متملقاً لأحد، أنا مناضل قومي عربي، وكما أن لي حقاً في الحرية، فإن باقي الشعوب لها الحق في الحرية، والكورد ظلموا منذ عام 1514، وأكررها للمرة الثانية، وأقول إن الأرمن احتفلوا بمرور 100 عام على مجزرة الأرمن عام 1915، ومجلس الأمن وقف بجانبهم ومنحهم الحق وأدان تركيا، أما الكورد، ورغم مرور 500 عام على معاهدة جالديران، فلم تكتب صحيفة واحدة حتى عموداً صحفياً، باستثناء شخص عربي اسمه "حسن العلوي" الذي يشتمه الكورد.

رووداو: أين هي نقاط التشابه بين البارزاني وعرفات؟

العلوي: أنا قارنت السيد مصطفى البارزاني وحركته مع الشريف حسين الذي قاد الثورة العربية عام 1916، بالتحالف مع الإنكليز، ثم غدروا به كما غدروا بالشريف حسين عام 1916، وكلاهما كان يدافع عن أمته بمشروع ديني قومي، وعندما نتحدث عن عرفات ومسعود، فإن لدى كل منهما أمةً مشتتة، ولكن الفرق هو أن عرفات لديه أرض بدون سلطة، وغالبية شعب عرفات يعيش في الشتات، فيما بقيت أقلية في إسرائيل وحصلت على الجنسية الإسرائيلية، باستثناء غزة، ولكن طريقة عرفات كانت أكثر حيوية ونشاطاً من مسعود الذي جلس في مكانه وكأن السلطة قد أخذته، وهذه من الأخطاء الكبرى في تاريخ الكورد، وهي التوجه للسلطة قبل الدولة، وهذا خطأ، لأن السلطة فيها أخطاء بعكس الدولة، فالسلطة كالسيجارة، يعتقد المرء أنه يدخنها ثم يرميها، والحقيقة هي أن العكس صحيح في حال عدم وجود دولة، لأنها الأساس، وهي الوعاء الكامل، فالكورد أقاموا سلطةً منذ عام 1992، ولكن ماذا فعلوا حتى الآن؟، وهم يدفعون ثمن السلطة وأخطائها، في حين رفض عرفات القيام بذلك، وقبل بذلك في نهاية المطاف، ولكن بعد الانتشار على مستوى العالم، وتشكيل جبهة من كافة الأحزاب، لذلك ما زلت أقول إن أداء الجبهة الكوردستانية التي شكلها جلال ومسعود أدت دوراً للكورد لم يؤده الإقليم حتى الآن، صحيح أن الإقليم أنشأ المباني، وهناك محافظ في أربيل لا يوجد مثله في الشرق الأوسط كله، وربما لا يوجد مثله سوى في ماليزيا، ولكن هذه تعتبر "سلطة المول والموبايل"، ولا حاجة للكورد بها، فهم يحتاجون لـ"اقتصاد العنزة" فمنذ عام 1900 إلى 1920 كان الميزان التجاري بين كوردستان وأوروبا لمصلحة كوردستان، لأن كوردستان كانت تزرع الشعير الذي يصنعون منه البيرة، والتبغ الذي يصنعون منه السجائر، والجلود التي يصنعون منها الأحذية، ولم تكن تستورد منهم شيئاً، ومسعود يحتاج للعودة إلى الجبهة التي بدورها تقود السلطة، وليس البرلمان، فالكورد في مرحلة تحرر، فما حاجتهم للبرلمان؟، بل إنهم يحتاجون لجبهة تتحكم بالبرلمان، وعليه يجب تشكيل الجبهة الكوردية العريضة التي لا تستثني أحداً من الإسلاميين والقوميين ومن المحافظات الكوردية.

رووداو: ما هو موقفكم من  برهم صالح ومن نيجيرفان البارزاني؟

العلوي: إنهما شخصيتان مختلفتان، فبرهم صالح ثقافته أوروبية، لذلك أنا أسميه "بلير الكورد"، فتحى شخصيته تشبه شخصيه بلير، إلا أن مشكلته هي أنه زعيم لطبقة برجوازية وسطى غير موجودة، فقد انتهت هذه الطبقة في العراق، سواء في الإقليم أو في المركز، وفي الإقليم لم تتشكل الطبقى الوسطى في الأساس، في حين تشكلت في بغداد، فكيف يمكن أن يكون زعيماً لطبقة غير موجودة؟، كما أنه ارتكب خطأً كبيراً عندما شكل "مركز القرار" وتجاوز من خلاله جلال الذي كان حياً آنذاك، لذلك انتقدته رغم صداقتي به، فقد كان يزورني دوماً عندما أتواجد هنا، برفقة العالم المتصوف الكبير والوطني "آكرين"، أما الآن فلم يعد يزورني، وبات "آكرين" يزورني بمفرده، إلى جانب جيراني، وما عدا ذلك لا أحد من الكورد يزورني، وهذا ليس مهماً، وإنما المهم هو أن أوصل رسالتي إليكم عبر المؤسسات التي لديكم، وقد خطى برهم صالح خطوات كبيرة، ولكن لديه مشروع غير واقعي، لذلك انتكس انتكاسةً كبيرة عندما انتهى بمقعدين، وكان بإمكان برهم أن يكون زعيماً ملئ العين، وربما هو يترقب منصب رئاسة الجمهورية الآن، وهو مهيأ ليكون أفضل رئيس جمهورية، ولكن قد يواجه مشاكل مع الكورد، فهو لا يمتلك الحس العشائري، وليس لديه عائلة يجلبها معه كما يفعل البعض.

أما نيجيرفان البارزاني، فهو رجل براغماتي، ويمتلك من الدهاء ما لا يمتلكه غيره، كما أنه واقعي، وأنا أسميه "الإطفائي"، فكلما تندلع النيران، هو من يقوم بإطفائها، وأنا لم أكن مقرباً منه لأنه لم يكن من جيلي ولم أكن أعرفه، بعكس علاقتي القوية بمسعود، ولكن عند مراقبة سياسة نيجيرفان كمؤرخ ومراقب للقضية الكوردية، فقد نجح نجاحاً هائلاً، وهو من أبقى الإقليم قائماً حتى الآن، ونيجيرفان له دور كبير في ذلك، رغم الأخطاء المحيطة بمنهج الاستثمار، وأنا هنا أوجه رسالة إلى الرئيس مسعود، ومسعود زعيم أكبر من الرئيس، كما أوجهها إلى الرئيس نيجيرفان، وأقول لهم إنكم أخطأتم بخصوص منهج الاستثمار، حيث باع الناس منازلهم واشتروا منازل أخرى، ومن ثم هبطت أسعارها، فقد اتخذوا قراراً يفيد بأنه إذا لم يكتمل مشروع المدينة، فلم يسجلوا المنزل باسم المشتري، فلماذا لا يتم التسجيل طالما أن المشتري دفع ثمنه كاملاً ويسكن فيه، وعليه يجب إصدار قرار فوري بوجوب تسجيل أي مشروع باسم صاحبه الذي دفع ثمنه، فالمواطنون الكورد تعرضوا لانتكاسة بسبب المنهج الاستثماري هذا، لذلك يجب أن يعاد الاعتبار، ويجب أن يقفوا مع المستهلك، وليس مع المستثمر الذي ربما يتعرض للإفلاس أو يكون لصاً ويهرب تاركاً كل شيء خلفه كما فعل الكثيرون.

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب