رووداو ديجيتال
مع حدة التوترات في المنطقة على خلفية الحرب التي تشنها إسرائيل على لبنان، سرعان ما شهدت أسعار صرف الدولار في العراق ارتفاعا ملحوظا، أعاد المخاوف لدى المواطنين من تأثيرات قد تطرأ على أسعار السلع، بعد استقرار نسبي شهده الدولار خلال الأشهر الماضية، بعد أن مر في حالة من عدم الاستقرار نتيجة عقوبات أميركية فرضت العام الماضي، على مصارف متهمة بتهريب العملة لدول تخضع لعقوبات أميركية مثل إيران وسوريا وتركيا ولبنان.
ويأتي ذلك أساسا في ظل ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي، بأكثر من 18 نقطة عن سعر الصرف الرسمي المحدد من قبل البنك المركزي عند 0132 دينارا لكل دولار، حيث أغلق سوق العملة الموازي اليوم الخميس (3 تشرين الأول 2024)، عند 1530 دينارا.
ودفع الارتفاع بسعر صرف الدولار، لعودة الحديث عن أسباب ذلك، وما رائه، وما يمكن أن يخلفه من تداعيات تمس بحياة المواطنين، الذين يشكون في الأساس من الارتفاع في أسعار العملة الصعبة، للتصاعد التحذيرات من إمكانية عودة حالة الاضطراب على مستوى السلع الاستهلاكية.
"السوق الموازي لا قيمة له"
غير أن مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، أكد في تصريح لشبكة رووداو الإعلامية، أن "السوق الموازي في العراق لا تشكل شيء وليست هي من يحدد مستوى المعيشة والأسعار"، مشيرا إلى أن "تأثيرات هذه السوق على كل الاقتصاد في البلاد هي بحدود 5-10%".
وبينما تتصاعد المخاوف من ارتفاع سعر صرف الدولار، لفت صالح، إلى أن "ارتفاع الأسعار يشجع على التحويل الخارجي عبر القنوات الرسمية وبالسعر الرسمي المحدد من قبل البنك المركزي، بدل اللجوء إلى السوق الموازية"، في إشارة إلى انعكاسات إيجابية على مستوى السلع الاستهلاكية التي سيتم استيرادها بسعر صرف الدولار الرسمي.
وأوضح أن "احتياطات العراق كبيرة جدا وهي الأكبر في تاريخه النقدي حيث تصل إلى 108 مليار دولار، بالتالي هذا يعني أنه يمتلك قدرة كبيرة جدا على تمويل التجارة"، مشيرا إلى أن "المشكلة هي بتقيد حرية تداول الدولار وخروجه في كل بلدان منطقة الدولار".
ولدى الولايات المتحدة الأميركية، حساسية عالية في موضوع الدولار، إذ ترى أن عملية الدولار تمثل جزءا من أمنها القومي، وبالضرورة يجب ألا تستخدم عملتها ضدها في ظل خلافاتها الدولية والإقليمية، لذلك تفرض تقييدا على تحويل الدولار وعلى الدولار النقدي، بحسب صالح.
بالتالي إن "ارتفاع أسعار صرف الدولار في العراق تعود أسبابه لقضايا إقليمية تتعلق بما يحدث من حروب حالية، وبسبب ما تخلفه من طلب إضافي لاسيما في ظل الهزة التي يعيشها الوضع الجيوبوليتيكي في الشرق الأوسط عموما"، كما يرى مستشار السوداني المالي، ويلفت إلى أن "هذا الارتفاع يعتبر ضوضاء وقتية تزول بزوال المؤثرات".
ووسط هذا المشهد، تعتبر الحكومة العراقية، أن السوق الموازية لا قيمة لها والسوق الكبيرة والرئيسة هي سوق التحويلات الرسمية، خصوصا أن أكبر التحويلات بنسبة 95٪ تتم عبر التحويلات الرسمية من خلال المصارف والمصارف المراسلة، وفق صالح.
ومضى بالقول، إن "السوق الموازية هي عبارة عن جزئية لا قيمة لها، وأن الطلب عليها يتمثل أما لأغراض مسافرين لم يتمكنوا من الحصول على الدولار وهذه أيضا تعد قضية جزئية، أما لتمويل تجارة غير رسمية عبر الحدود".
"لا يوجد تضخم بالأسواق"
مستشار السوداني المالي أردف بشأن الإجراءات الحكومة للسيطرة على هذا الارتفاع، قائلا إن "الإجراءات الحكومية تركز على تسهيل قدر الإمكان التحويل الخارجي عبر سعر الصرف الرسمي"، مشيرا إلى "عدم وجود تضخم في الأسواق، وأن تضخم الأسعار بسيط ولا يتجاوز 3.7٪ سنويا، بالتالي لو أنه هناك سوقا موازية لها تأثير فعلي لأصبح تضخم الأسعار بمستوى السوق الموازية".
بدوره، قال المختص بالشأن الاقتصادي، مصطفى أكرم حنتوش، إن "ارتفاع سعر الصرف لا يرتبط بمؤشرات مالية ولا بمؤشرات نقدية تتمثل باحتياطات العراق من العملات الصعبة والذهب، إنما الارتفاع مرتبط بإيجاد حالة من الاستقرار للنظام المصرف العراقي، الذي شهد مؤخرا منذ أكثر من سنة حالة عدم الاستقرار وعدم التنافس، بما سبب وجود تذبذب بأسعار الصرف وسهولة الحوالات إلى الخارج".
وبالإضافة إلى ذلك، "عدم وجود منصة أو طريقة رسمية للتبادل التجاري بين العراق وسوريا وإيران، فضلا عن عدم ضبط الحدود وبالذات مع إقليم كوردستان" أضاف حنتوش، ولفت إلى أنه "إذا أردنا قياس تأثير الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والموازي فإن تأثيرها لن يكون على السلع الأساسية والتي فعليا يوجد لها منافذ استيراد رسمي، إنما التأثير على أسواق مثل سوق الذهب والأجهزة الإلكترونية والعقارات".
على الجانب الآخر، عزا خبراء اقتصاد، أسباب ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار في العراق إلى تراجع حوالات العملات الاخرى، وعدم القدرة على تغطية الطلب على النقد الخارجي لغرض الاستيراد، متوقعة استمرار الارتفاع ليصل سعر الدولار الواحد إلى 1600 دينار في الفترة المقبلة.
وقبل أن يتراجع سعر الصرف دولار بشكل طفيف، ارتفع سعر الدولار في الأسواق المحلية ليصل ما يقارب من 155 ألف دينار مقابل 100 دولار بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة من عمليات عسكرية في لبنان وإيران من جهة، واسرائيل من جهة ثانية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً