رووداو ديجيتال
قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن بغداد "بذلت جهداً دبلوماسياً كبيراً" لتجنب زج العراق في حرب الـ 12 يوماً، بين إيران وإسرائيل، مؤكداً سعيه إلى تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
وذكر السوداني في حوار ضمن مبادرة العراق بمركز "تشاتام هاوس"، عبر تقنية الفيديوكونفرانس، الأربعاء (1 تشرين الأول 2025)، إن "حرب الـ 12 يوماً تمثل انتهاكاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي"، متأسفاً من مرور "الصواريخ والطائرات المسيرة فوق الأجواء العراقية".
حول المشاركة في الانتخابات النيابية في تشرين الثاني المقبل، أشار السوداني إلى أن "تحالفه (ائتلاف الإعمار والتنمية) يحظى بمقبولية شعبية واضحة تؤهله للفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات"، مؤكداً سعيه في "تشكيل الحكومة القادمة لكي أستمر في تنفيذ المشروع"، وفق حديثه.
بخصوص التعامل بين بغداد وأربيل، نفى أن تكون مشكلة رواتب موظفي إقليم كوردستان، قد ظهرت بـ "قرار سياسي"، مشدداً على وصفها بـ "المشكلة الفنية القانونية".
وعن الاتفاق الثلاثي النفطي، اعتبره السوداني "مهماً"، ومبيناً في الوقت نفسه أنه "يؤسس لمرحلة جديدة تساهم في تعزيز دور القطاع النفطي في العراق، سواء كان في إقليم كوردستان أو المحافظات".
وأدناه نص الحوار:
"تشاتام هاوس": أود أن أطرح عليكم بعض الأسئلة حول الوضع الحالي في العراق. ففي هذا العام، استطاع العراق أن يحافظ على استقرار نسبي ويبقى بعيداً عن صراعات المنطقة، مثل حرب الـ 12 يوماً، التي اندلعت في حزيران الماضي، فما هي أهم الأسباب التي ساعدت العراق على الحفاظ على هذا الاستقرار؟
محمد شياع السوداني: العراق مر بعدة مراحل من الحروب والصراعات والحصار والإرهاب وعملية تأسيس لعملية سياسية بعد التغيير في عام 2003، وبالتالي فإن الشعب العراقي دفع ثمناً باهظاً من الأرواح والأموال، مع ضياع فرص كبيرة، أثرت على مجمل مجالات الحياة في البلد، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وما نواجهه اليوم من تحديات التي هي نتيجة هذه التراكمات، حيث لا نستطيع أن نفصل محطة عن أخرى. 4 عقود ولا زال تأثيرها واضحاً في الساحة العراقية. حكومتي بدأت بأولويات، إذا أخذت بنظر الاعتبار هذا الواقع، وماهي آمال وتطلعات أبناء الشعب العراقي، الشعب الكريم والمضحي، واليوم 60% من الشعب هم من فئة الشباب وفق آخر تعداد، وبالتالي أولوياتهم هي الأمن والاستقرار والحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية، ولذلك اندفعنا بقوة نحو تنفيذ هذه الأولويات والأهداف طيلة عمر هذه الحكومة. بنفس الوقت استمرت العملية السياسية في حالة من النضج في نظامها النيابي، من خلال أجواء التباني والتفاهم على مختلف المواقف الداخلية والخارجية، كما استمرت الحكومة في منهجها وعلاقاتها القائمة المتوازنة، المبنية على الاحترام المتبادل والمساواة والسيادة، وفتح آفاق الشراكة مع محيطها الإقليمي والدولي. ورغم التقدم والوضوح في المنهج طيلة هذه الفترة، لكن العراق يقع في منطقة مهمة وحساسة، تارة يستفاد من هذا الموقع استراتيجياً، إذ لعب دوراً ريادياً في المنطقة، وتارة أخرى يكون العراق أمام جملة من المخاطر في ظل الصراعات والمحاور وما حصل بعد 7 أكتوبر. فكان موقفنا واضحاً تجاه هذه التداعيات، سواء ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهي قضية مبدئية بالنسبة للشعب العراقي. عبرنا عن موقفنا في مختلف المحافل وبيّنا رفضنا الواضح والاستنكار لهذا العدوان وهذه الإبادة وهذه الجريمة.
وتوالت الأحداث وكان الموقف العراقي واضحاً في مسألة بيان الموقف المبدئي الذي يستند إلى موقف رسمي وشعبي وسياسي، ومدعوم أيضاً من كل المرجعيات الدينية بمختلف الأديان والمذاهب والأطياف.
وجاءت حرب الـ 12 يوماً التي تمثل انتهاكاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ومرت الصواريخ والطائرات المسيرة فوق الأجواء العراقية للأسف. في انتهاك للسيادة، كان موقفنا السياسي واضحاً برفض هذا العدوان، وأيضاً بعدم السماح بزج العراق في هذه الحرب.
وبدأنا بجهد دبلوماسي في المنطقة تجاه مخاطر هذه الحرب ومساعي حكومة نتنياهو لإيجاد حرب شاملة في المنطقة، في ظل حالة الاستهتار بكل الأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية ودول المنطقة ذات السيادة.
هذا الموقف أيضاً استند إلى موقف وطني من كل القوى السياسية في العراق التي وضعت مصلحة العراق والعراقيين فوق كل اعتبار، ولم تسمح أن يكون العراق ساحة للصراعات أو أن يخوض حرباً بالوكالة، لذلك بُذل جهد كبير في إبعاد بلدنا عن هذه الحرب التي يراد لها تدمير المنطقة وإدخالها في مرحلة من الفوضى والمجهول.
"تشاتام هاوس": سؤالي الثاني بالنسبة للعملية السياسية في العراق، ولأنكم تستعدون للدخول في الانتخابات القادمة، كيف ترون فرصتكم السياسية في هذه الانتخابات وتشكيل الحكومة؟
محمد شياع السوداني: لله الحمد، تحالفنا، ائتلاف الإعمار والتنمية، يحظى بمقبولية شعبية واضحة تؤهلنا للفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات النيابية القادمة. وهذه الثقة تأتي مما أُنجز في عمر هذه الحكومة خلال هذه الفترة الزمنية البسيطة، التي استطعنا ولله الحمد أن نستعيد فيها جزءاً من الثقة المفقودة بين الشعب والعملية السياسية والطبقة السياسية والحكومة ومؤسساتها.
لأن هذه الحكومة لامست أهم تطلعات واهتمامات المواطنين العراقيين. اليوم، ائتلاف الإعمار والتنمية ائتلاف وطني وواسع يضم كل أطياف ومكونات الشعب، ولديه رؤية واضحة ومشروع ومنجز يؤهله أن يطالب بكل ثقة باستمرار هذا المشروع. ولا أخفي بأنني أسعى إلى تشكيل الحكومة القادمة لكي أستمر في تنفيذ هذا المشروع الذي بدأ يلمسه أبناء الشعب في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة.
هذه الانتخابات بالتأكيد هي خطوة مهمة في تعزيز وترسيخ النظام الديمقراطي، وهي تأتي للمرة السابعة، وهذا ما يؤكد على تعزيز نجاح المسيرة الديمقراطية في العراق. هي انتخابات تأتي في موعد دستوري، أي أنها لم تأتِ بضغط من عامل داخلي أو خارجي.
الفوز بالانتخابات بالتأكيد يحتاج إلى حوار وتوافق مع باقي القوى السياسية، حتى نشكل ائتلافاً واسعاً يشكل حكومة تقوم بمهامها في ظل التحديات التي تواجه البلد على مختلف الأصعدة. نحن متفائلون بهذه الانتخابات بحكم ما نقدمه من رؤية وبرنامج ومشروع وشخصيات وطنية قادرة على أن تكسب ثقة الجمهور في هذا الاستحقاق النيابي المهم.
"تشاتام هاوس": سؤالي الثالث، كيف ترون تأثير الاتفاق بين بغداد وأربيل والشركات النفطية على الوضع الاقتصادي في العراق؟ وهل يعني هذا الاتفاق أنه سيحسن العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان؟
محمد شياع السوداني: بتقديري، العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم كانت واضحة طيلة الفترة الماضية، حتى في حالة الاختلاف والتباين في وجهات النظر، كون هذه الاختلافات لم تكن سياسية وإنما فنية وقانونية. هناك قانون الموازنة يلزم الحكومة بتنفيذ فقراته، وهناك قرار للمحكمة الاتحادية أيضاً يلزم الحكومة بعدة نقاط. وبالتالي، لا يوجد قرار سياسي بإيقاف التمويل أو إحداث مشكلة مع الإقليم. فمهم جداً أن نصف أصل المشكلة بأنها مشكلة فنية قانونية وليست مشكلة سياسية.
هذا جانب. الجانب الثاني، اليوم نحن معنيون بتطبيق العدالة والمساواة على كل العراقيين. فليس من المقبول أن تلتزم محافظة بتسليم إيراداتها النفطية وغير النفطية، كما هو حال باقي المحافظات، وأن نغض الطرف عن الإقليم عندما لم يسلم إيراداته النفطية وغير النفطية. هذا خلل دستوري وخلل في هذا المبدأ المهم، مبدأ العدالة والمساواة بين أبناء الشعب العراقي.
حكومتنا حكومة اتحادية ائتلافية تضم كل مكونات الشعب العراقي، وبالتالي فالمسألة ليست شخصية. كل الملفات تُطرح على طاولة اجتماع مجلس الوزراء وتُناقش. والإخوة الوزراء الكرد موجودون في مجلس الوزراء، وبالتأكيد هم حريصون على الالتزام بالدستور والقانون. بُذل جهد تفاوضي مكثف مع الإقليم ومع الشركات الأجنبية حتى نوضح طبيعة أصل الإشكال الذي أوقف تصدير النفط. بالنتيجة، اليوم الكل رابح من هذا الاتفاق.
أولاً، نحن طبقنا الدستور وقانون الموازنة وقرار المحكمة الاتحادية. كذلك، حكومة الإقليم اليوم تحظى بالتمويل المطلوب في قانون الموازنة. اليوم في أي حكومة اتحادية وفي أي نظام، هناك حقوق وواجبات. عندما تلتزم الحكومة بتسليم كامل إيراداتها النفطية وغير النفطية، فهذا بالتأكيد يرتب على الحكومة الاتحادية إعطاء الحقوق المتمثلة بالتمويلات المالية. حكومتنا حريصة على أبناء شعبنا في إقليم كردستان، وهذه مسألة شرعية ووطنية وأخلاقية، لا يمكن أن نميز بين موظف يعمل في الإقليم وموظف آخر في الأنبار أو في ميسان.
هذا الاتفاق سيوفر أرضية مهمة للذهاب إلى تشريع قانون النفط والغاز، هذا القانون المهم الذي يرسم الأدوار بين الحكومة الاتحادية والإقليم والمحافظات. هذا القانون تحتاجه المحافظات أيضاً حتى تعرف دورها على ضوء الدستور الجديد. وبالتأكيد، هذا الاتفاق يعزز الاستثمارات ويحافظ على حقوق الشركات، وبالنتيجة يعزز الاقتصاد الوطني العراقي.
اليوم هناك شفافية. سابقاً، كان يُنتج من 300 إلى 320 ألف برميل من النفط يومياً، ولا يعلم الجميع، سواء في بغداد أو في الإقليم، أين تذهب هذه الإيرادات، وطريقة تسويق هذا المنتج الذي كان أغلبه يمر عبر قنوات التهريب، وهذا مسيء للعراق وسمعته الدولية، وأيضاً يضرب التزاماتنا أمام منظمة أوبك.
بتقديري، هذا اتفاق مهم ويؤسس لمرحلة جديدة تساهم في تعزيز دور القطاع النفطي في العراق، سواء كان في الإقليم أو المحافظات، بالشكل الذي يحافظ على اقتصادنا الوطني وأيضاً يحافظ على العلاقة وفق ما أقره الدستور بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً