رووداو تكشف تفاصيل جديدة عن مقتل شيلان دارا وأجندات لـ"حرف مسار الجريمة"

01-07-2021
مشتاق رمضان
الكلمات الدالة شيلان دارا جريمة قتل العنف في العراق
A+ A-
 
رووداو ديجيتال

رغم مرور نحو تسعة أشهر ونصف على جريمة المنصور المروعة، المتمثلة بقتل الصيدلانية الكوردية الشابة شيلان دارا، ووالديها، والتي هزت الرأي العام في العراق والمنطقة، إلا أن البعض يحاول عكس منحى سبب ارتكاب الجريمة، بعيداً عن الدافع الرئيسي لارتكابها، لأهداف قد تقف خلفها أجندات تتماشى مع العنف في البلاد، وفقاً لمصدر مقرب جداً من عائلة الضحية.
 
جريمة مقتل أسرة دارا، التي تنحدر من محافظة السليمانية باقليم كوردستان، المتضمنة رب الاسرة وزوجته وابنتهما الصيدلانية الكوردية شيلان دارا، وحيدة والديها، والتي أكملت دراستها في كلية الصيدلة سنة 2016 وعملت في مركز الأورام السرطانية في مدينة الطب، أثارت الكثير من علامات الاستفهام حول استمرار عمليات الجريمة والعنف في العراق، لاسيما أنها بدأت تتزايد في السنوات الاخيرة، وسط عجز المؤسسات المعنية عن وضع حد لهذه الجرائم او حتى التقليل منها، بل أن مقربون من أسرة شيلان دارا، يؤكدون أن بعض الجهات تروج لأمر "حساس وخطير" يتمثل بمحاولة خلط الأوراق في القضية، والادعاء أن الدافع لارتكاب الجريمة هو أن شيلان شاركت في التظاهرات الاحتجاجية في العراق، والتي سميت "ثورة تشرين" في حين أن الهدف الرئيسي هو "الجشع"، في ظل ارتكاب الجريمة في منطقة تعد أحد أحياء بغداد الراقية "حي المنصور"، رغم قرب مكان ارتكاب الجريمة من نقطة تفتيش أمنية. 
 
ما أن تدخل إلى شقة شيلان دارا، في حي المنصور غربي العاصمة بغداد، حتى تستنشق رائحة الموت التي غلفت أرضيتها وجدرانها، ويخيل للمرء أنه يتجول بين أرواح لم ترتكب ذنباً في الحياة، وحاولت العيش بسلام وطمأنينة، لكنها ورغم ذلك سقطت ضحية لـ"جشع" مهدي حسين ناصر، الذي رغم أنه مدمن على الكحول لكنه استطاع العمل كمنتسب أمني، في مخالفة صريحة للسياقات الأمنية المتبعة في ذلك.

 

 
مصدر مقرب من أسرة شيلان دارا، تحدث لشبكة رووداو الإعلامية عن تفاصيل غير معلنة في حادث الجريمة، وأكد أنه "ليست كل التقارير التي انتشرت في وسائل الإعلام حول الحادث صحيحة، لأنها تستند على أقاويل من هنا وهناك تدعي أن شيلان دارا ناشطة مدنية، وأن سبب قتلها هو مشاركتها في التظاهرات الاحتجاجية، بينما الحقيقة هي عكس ذلك".
 
ويسرد المصدر المقرب تفاصيل عن عائلة شيلان دارا، بالقول إن "عائلة دارا تسكن في العاصمة بغداد منذ 1968، ولقد تزوج في تسعينيات القرن الماضي، وشاء الله أن يرزق دارا وزوجته، التي تنحدر من قضاء كوية التابع لمحافظة أربيل، بابنة وحيدة أسمياها شيلان، رغم محاولاتهما المتعددة لانجاب طفل آخر لكن الحظ لم يحالفهما"، مشيرة إلى أن "سمعة هذه الاسرة محترمة في منطقتهو ووسط العوائل البغدادية".
 
أسرة دارا حاولت العودة في وقت سابق الى محافظة السليمانية والاستقرار فيها، لكن الظروف وقتها لم تسمح لهم، خصوصاً وأن دارا أصيب بمرض السرطان في الرئة عام 2021، لذا قرروا ارجاء العودة إلى وقت آخر، وخلال علاجه في العاصمة الاردنية عمان تعرفت العائلة على الدكتور فراس، الذي يملك صيدلية في بغداد، ومن ثم تطورت العلاقة بينهما ليتم الاتفاق على أن تعمل شيلان، التي اكملت دراسة كلية الصيدلة عام 2016، على العمل في صيدلية الدكتور فراس بعد الظهر، علما أنها تعمل صباحاً في المستشفى.

 

 
المصدر المقرب يضيف أن "العادة جرت، وبسبب الظروف الأمنية المعروفة في بغداد، أن تتواصل شيلان مع اسرتها والدكتور فراس بشكل يومي وتفصيلي، عن طريق المراسلة عبر الواتساب لتخبرهم بخروجها من البيت الى المستشفى، ومن ثم الذهاب الى الصيدلية، والعودة منها، وهكذا، ليتم عبر هذه المراسلات الاطمئنان على وضعها"، لافتاً إلى أن "شيلان ذهبت مرتين فقط الى ساحات الاحتجاج في بغداد، ودائما كانت تؤكد أن اسعاف الناس هو شرف لذوي المهنة".
 
وبحسب قول المقرب منها، فإن "عائلة شيلان دارا كانت تجهز لتصفية كل المتعلقات الخاصة بها في بغداد، من أجل الانتقال إلى إقليم كوردستان، وقاموا بإجراء العديد من الأمور الادارية، لكن كان هنالك أمر يتعلق بخدمتها في القرى والارياف، بحسب قانون تعيين الكوادر الطبية في العراق، حيث كان هنالك خطأ إداري فيما يبدو تسبب بتأجيل الانتقال".
 
وبالعودة إلى تفاصيل الجريمة، ذكر المصدر المقرب من عائلة دارا، أن "المجرم مهدي حسين ناصر، كان منتسباً في نقطة تفتيش أمنية، منذ نحو خمس سنوات، تقع في مدخل زقاق الحي الذي تسكنه أسرة دارا، قرب السفارة الروسية في منطقة 14 رمضان"، موضحاً أنه "وبسبب تواجده منذ مدة في ذلك الزقاق صار هنالك تعارف بين المجرم وأهالي الزقاق، وهو كان يعلم أنه لا يوجد لدى عائلة دارا، زوار بشكل دائم، كما أن أغلب أقاربهم هم في إقليم كوردستان، كما كان يعلم بتفاصيل عديدة عن هذه الأسرة الضحية، منها أن زوجة دارا كانت تخرج للتسوق في أوقات معلومة، وزوجها كان مريضاً وكان نزوله من الشقة لأماكن محددة جداً، منها المقهى الذي كان يرتاده مع بعض جيرانه وأصدقائه".
 
ويضيف أن "المجرم مهدي حسين ناصر، طلب من دارا في وقت سابق لارتكاب جريمته، مبلغاً من المال كدين يسدده في وقت لاحق، لكن دارا تعجب من هذا الطلب، وسأله: من قال لك انني أملك الاموال؟.. نحن عائلة بسيطة ومحدودة الدخل ولسنا أغنياء، كما انني مريض ومتقاعد"، مبيناً أن "مهدي سأل دارا مرة أخرى على قرض، لكن الرد كان شبيهاً بسابقه وهو الرفض، غير أن مهدي قال لدارا إن ابنتك تداوم في مكانين، وأنكم تملكون الأموال"، في دليل على أنه كان مراقباً للأوضاع في هذه الاسرة.
 
مهدي، كان قد تحجج بالقرض لأجل معالجة أمه التي كانت مريضة وبحاجة إلى الدواء، حسب قوله، وحين تم رفض طلبه حصلت مشادة كلامية بينهما.
 
دارا، وحين تجمعت أسرته، ذكر لهم ما جرى بينه وبين ناصر، لذا حصل نقاش حاد حول هذا الموضوع داخل العائلة، حتى أن زوجته وشيلان عاتبا دارا على وقوفه للتحدث مع مهدي، وأكدا على ضرورة عدم إجراء أي حديث بينهما مستقبلاً، ومن ثم قامت شيلان بالتحدث مع قريبة لها حول هذا الأمر، لذا طلبت منها قريبتها الاستعجال في الانتقال إلى السليمانية، كما ان شيلان قامت بالتحدث مع الدكتور فراس حول هذا الأمر وشرحت له التفاصيل، لذا سألها فراس على مهدي من أجل أن يقوم باتصالات مع المسؤولين، لترتيب نقل مهدي إلى مكان آخر في سبيل عدم ازعاج هذه الأسرة ومضايقتها مستقبلاً.
 
وبالانتقال إلى يوم ارتكاب الجريمة، قام مهدي بالتخطيط لارتكاب فعلته، بعد تأكده من ذهاب شيلان إلى العمل، وامها إلى التسوق، لذا قرر الاستفراد بالأب دارا وحده داخل الشقة، وكانت معه مشروبات كحولية وسكاكين، وفقاً للمصدر المقرب، فأعاد مهدي طلب المال من دارا، وجاء الرفض مرة أخرى، حيث كان هذا الحديث على عتبة باب الشقة، ومن ثم قام مهدي بدفع دارا إلى داخل الشقة، وقام بطعن دارا، وفجأة عادت زوجة دارا إلى البيت لتتفاجأ بالذي حدث، لكن مهدي باغتها هي الأخرى بالطعن، ومن ثم قام بسحبهما إلى داخل الحمام، وقام بتنظيف المكان من الدماء المسالة على الأرض، وهذا يخالف ما قاله في التحقيق من أنه كان يريد الخروج.

 

 
عقب سحب جثتي الأب والأم إلى الحمام، قام مهدي بفتح حنفية الماء في الحمام من أجل تسريب الدماء إلى مجاري المياه، كما قام بتغطية الجثتين ببطانيات، وبعدها قام بتفتيش البيت بحثاً عن الأموال، فوجد نحو 13 ألف دولار، علما أن 6 آلاف منها تعود لأحد أقارب دارا، يدعى برهان، وعقب ذلك انتظر عودة شيلان، وخطط أثناء ذلك للعملية، وما أن فتحت شيلان الباب حتى سحبها الى الداخل، فتفاجات بوجوده، وسألته عن أمها وابيها، فرد عليها أن عصابة قامت بخطفهما وأرسلته ليكون وسيطا يأخذ الفدية من شيلان مقابل اطلاق سراحهما، وما أن حاولت شيلان الصراخ وضع يده على فمها.
 
المصدر المقرب يضيف في تفاصيل الحادث، أن مهدي طلب من شيلان الامان وعدم الصراخ للتفاهم حول موضوع الفدية، فوافقت بشرط ان يجلب لها الماء، وقام مهدي بربط قدميها، عبر سلك كهربائي، وما أن ذهب ليأتي لها بالماء استطاعت شيلان أن تفك يدها، وضربته بمنفضة سكائر على رأسه، فسالت الدماء منه، لذا قام بضرب راسها بالجدار، فأغمي عليها من شدة الضربة، ومن ثم قام بخنقها عبر منشفة إلى أن فارقت الحياة، ومن ثم قام بسحب جثتها إلى الداخل وبدأ بتنظيف المكان، ومن ثم بدأ باحتساء الكحول.

 

 
هنالك شخص في المنطقة، يدعى فراس، على صلة بالأهالي، كما أنه سبق أن أقرض مهدي مبلغاً من المال، هذا الشخص يتواصل مع الدكتور فراس ومع أسرة دارا، اتصل وقتها بالأسرة لكن لم يجبه أحد، ومن ثم قام بالاتصال بالدكتور فراس للتأكد مما يجري، فقام الأخير أيضاً بالاتصال بالعائلة، لكن من دون جواب أيضاً، ما أثار استغرابهما، لذا لجأ الدكتور فراس للاتصال بأحد أقارب دارا بهدف الاطمئنان، وحصل نفس الشيء، وهو لا يوجد رد من أي أحد من أفراد العائلة.
 
ارسل الدكتور فراس، شخصا يعمل معه في العيادة يدعى مصطفى، الى شقة دارا، للاطمئنان عليهم، فقام مصطفى بطرق الباب عدة مرات، لكن من دون رد، ما زاد الشك حول وجود أمر ما في الشقة، وبدأ الناس بالتجمع حول الشقة، ومهدي كان وقتها في الداخل من دون أن يرد على طارقي الباب، وهنا لمح فراس، وجود مهدي، من خلال نافذة الشقة، واتصل بالدكتور فراس وأخبره أنه لمح شخصاً داخل الشقة، يشبه صورة الشخص الذي تحدثوا عنه داخل المراسلات بينهم.
 
هنا، رفضت الشرطة فتح باب الشقة، لعدم وجود أمر قضائي، وفي هذه الأثناء هرب مهدي من خلال سطح العمارة، متسللاً عبر النافذة، إلى الخارج، علما انه ارتدى ملابس اخذها من خزانة دارا، ومن ثم قام بالهروب الى أربيل، وهناك تم إلقاء القبض عليه من قبل السلطات الأمنية.

 

 
ويسترسل المصدر المقرب كلامه بالقول إن "الحديث في بعض وسائل الإعلام عن أن تصفية عائلة دارا تأتي نتيجة مشاركة شيلان في التظاهرات هو أمر غير صحيح إطلاقاً، واي ترويج بهذا الشأن لغير ما أثبتته الأدلة ووقائع الجريمة يعد نقضاً للحقائق وانحرافاً في سير القضية"، مشيراً إلى أن أحد أقارب شيلان تعرض للخطف قبل نحو عشر سنوات، واضطر ذووه لدفع مبلغ 90 ألف دولار مقابل الافراج عنه، وهذا ما حصل، لكنه توفي بعدها بسبب تداعيات ما تعرض له خلال فترة الاختطاف.
 
محكمة جنايات بغداد/ الكرخ كانت قد حكمت الإعدام شنقاً لثلاث مرات بحق قاتل الناشطة الصيدلانية الكوردية شيلان دارا ووالديها، حيث أفاد المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، يوم الإثنين (14 حزيران 2021)، بأن "المجرم نفذ جرائم القتل عندما كان ينفذ عملية سرقة لممتلكات العائلة في شقتهم الواقعة ببغداد المنصور".
 
وأضاف أن "المحكمة أصدرت قرارها بتنفيذ العقوبة بالتعاقب على المجرم وفق المادة 406 / 1 / أ من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل واستدلال بأمر مجلس الوزراء رقم 3/ أولاً /4 لسنة 2004".
 
وقُتلت الصيدلانية شيلان دارا، مع ابويها (15 أيلول 2020)، في شقتهم في حي المنصور، بالعاصمة بغداد، وتم إلقاء القبض على المتهم بالتنسيق بين جهاز الأمن الوطني ومديرية مكافحة الاجرام وآسايش اقليم كوردستان في محافظة أربيل.
 
وصادقت محكمة تحقيق الكرخ المختصة بالقضايا الإرهابية في (17 أيلول 2020)، أقوال المتهم بقتل الصيدلانية الكوردية "شيلان دارا" ووالديها والذي اعترف بقتل المجنى عليهم بقصد السرقة.
 
الجاني مهدي حسين ناصر، اعترف في مقطع فيديو مسجل إنه يعمل بصفة عنصر أمن تابع لوزارة الداخلية ضمن القوة المكلفة بحماية السفارة الروسية في بغداد، وأشار إلى أنه حاول بعد هربه إلى أربيل، الحصول على تأشيرة للسفر خارج البلاد، وعند عودته للفندق الذي سكنه في أربيل تم اعتقاله.
 
وأثار مقتل الناشطة الصيدلانية وعائلتها ضجة كبيرة وصدمة في العراق بسبب الطبيعة العنيفة للحادث.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب