رووداو ديجيتال
هل وضعت الحرب بين إسرائيل وإيران أوزارها بالإعلان عن وقف إطلاق النار بعد 12 يوماً من المواجهات الصاروخية والجوية والخسائر التي تكبدها الطرفان؟
هل اطمأنت إيران بأنها لن تتعرض لهجوم إسرائيلي جديد سواء على منشآتها النووية أو على البنى التحتية في مجالات الطاقة والصناعة الصاروخية، وقررت العودة إلى برنامجها النووي؟ كما أن إسرائيل، هل ستشعر بالاطمئنان بأن ينام الإسرائيليون آمنين في بيوتهم ويهجرون الملاجئ؟ أم أن ما يحدث هو هدوء نسبي، أو بالأحرى الهدوء الذي يسبق العاصفة؟
الباحث الأكاديمي في الشأن العراقي، إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي العراقي وأستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد، يرصد معنا تطورات الأحداث الراهنة ودرجة ضغط التوتر بين إسرائيل وإيران من جهة، وبين الولايات المتحدة التي كانت قد دخلت الحرب فعلياً، وإيران من جهة أخرى، ويخرج بنتيجة مهمة مفادها بأن الإعلان عن وقف إطلاق النار قاد إلى هدنة رخوة وليس إلى نهاية المواجهة.
قال الشمري لشبكة رووداو الإعلامية اليوم، السبت 28 حزيران 2025: "بحسب المؤشرات المتوفرة أمامنا راهناً، فإن هذا الهدوء لن يطول والمواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران ستعود قريباً". واعتمد الشمري في استنتاجاته على "حقيقة أنه ليس هناك اتفاق لوقف إطلاق النار، بل يوجد إعلان، مجرد إعلان لوقف إطلاق النار". وأضاف: "أولاً، هناك فرق بين الإعلان والاتفاق. ثانياً، إن هذه الهدنة هي هدنة لاختبار النوايا كي يتأكدوا من مصداقية إيران في قضية الجلوس حول طاولة مفاوضات تناقش فيها الولايات المتحدة مواضيع إنهاء الملف النووي وبرنامج تصنيع الصواريخ الباليستية ونفوذها في المنطقة".
ويرى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، بأن: "إيران وحسب تصريحات مسؤوليها لا يبدو بأنها ستقبل بطاولة المفاوضات وتظهر المزيد من التصلب والقوة. إيران لا تريد المشاركة بمفاوضات تؤدي بها إلى الانكفاء على داخلها ومن الممكن أن تُظهرها ضعيفة ومستسلمة. هي لا تريد أن تظهر على أنها خسرت الحرب وأن عليها أن تقتنع بالشرق الأوسط الجديد والتراجع".
واستطرد الأكاديمي إحسان الشمري قائلاً: "إيران لا تريد طاولة مفاوضات مذلة مثلما تعتقد بأن الإدارة الأمريكية وإسرائيل تدفعان باتجاهها، لذلك نرى هذا التصلب والعناد الإيراني، وحسب تصوري سوف يتفجر كل هذا"، مشيراً إلى أن: "طبيعة التقارير التي ظهرت اليوم تتحدث عن وجود نشاطات في المنشآت النووية التي تم استهدافها في نطنز وفوردو وأيضاً في أصفهان، وهذا سوف يمنح محفزات لاستهدافها، وترامب شدد ليلة أمس على أن أي نشاط في المنشآت النووية سيؤدي إلى توجيه ضربة كبيرة جداً. أضف إلى ذلك أن ترامب اعتبر خطاب المرشد الإيراني خامنئي، استفزازياً جداً، مما دفع الرئيس الأمريكي إلى إيقاف إجراءات تخفيف العقوبات عن إيران والتي كان قد وعد ومضى بها، وهذا مؤشر على أن هناك تطورات قادمة".
مضيفاً: "أما إسرائيل، وحسب اعتقادي، فهي الآن في طور مراجعة الثغرات التي شهدتها أنظمتها الدفاعية والاستعدادات لجولة من الهجمات العسكرية على إيران، وستكون ضربة خاطفة وحاسمة. وبتصوري لن تكون حرب استفزاز مثلما شهدنا الجولة السابقة التي استمرت 12 يوماً، بل إن استراتيجية الضربة أو المواجهة القادمة ستختلف جذرياً وستكون حاسمة".
وحول من كان الأكثر حماساً لإعلان وقف إطلاق النار، ومن هو الطرف الذي يسعى للهجوم، أوضح الأكاديمي إحسان الشمري بأن: "إيران والولايات المتحدة الأمريكية كانتا متحمستين لإعلان وقف إطلاق النار، على العكس من إسرائيل التي لم تكن راغبة بهذا الإعلان، والآن تسعى إسرائيل، حسب اعتقادي، للعودة إلى هذه الحرب"، منبهاً إلى أن: "وقف إطلاق النار لم يكن اتفاقاً.. لم يتفقوا على وقف إطلاق النار وما حدث مجرد وساطة. الاتفاق الرسمي يجب أن يتم وفق شروط وعلى أوراق تُوقّع من قبل الأطراف المتحاربة.. حتى الآن هم لم يتفقوا، وليست هناك وثائق موقعة بل مجرد إعلان سريع تم خلاله إيقاف إطلاق النار".
ووصف ما حدث بأنه مجرد "هدنة هشة ورخوة لن تصمد طويلاً، خاصة في ظل غياب ورقة اتفاق معلنة. حتى الآن ليس هناك وضوح على ماذا اتفقوا ولماذا تم الإعلان؟ لا أحد يعرف، لهذا أقول ما لم تكن هناك طاولة مفاوضات، وعلى ما يبدو أن إيران لن تذهب إليها، فأنا أتصور بأن العودة إلى الحرب ستكون قريبةً، خاصة أن إيران تشعر بأنها قوية ما بعد وقف إطلاق النار. هي تشعر، وليس أنا من يقول ذلك، تشعر بأنها قوية وبدأت تفرض أشبه ما يكون بالاشتراطات وفق القرار الذي صدر من مجلس الشورى الإيراني بعدم التعاون مع منظمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هذا كله من الممكن أن يدفع للاستفزاز وحماسة إسرائيلية للعودة إلى الحرب، وسيكون هذا القرار مدعوماً من قبل ترمب".
وخلص الأكاديمي إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي العراقي وأستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد، بقوله: "على مستوى المفهوم العسكري، إيران خسرت ميدانياً. الحرب أدت إلى مقتل 30 قيادياً عسكرياً وأمنياً و4 علماء ذرة إيرانيين، وتم قصف مواقع نووية وتدمير منصات باليستية ومخازن أسلحة ومنشآت نفطية وموانئ. أما عسكرياً، فإن إيران متراجعة قياساً بإسرائيل وحجم خسائرها، لكنها، إيران، تشعر بالقوة من خلال ضرباتها الصاروخية على تل أبيب وأصبحت مؤثرة في هذه الضربات، وأدركت أن ترامب لا يريد إنهاء نظامها، وهذا ما يُحسسها بالاطمئنان والقوة".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً