رووداو - اربيل
عندما اقتحم مقاتلو "الدولة الإسلامية" داعش، قرية أسكي موصل العراقية، أدرك الشيخ عبد الله ابراهيم ان زوجته ستتعرض للمشاكل.
كانت بثينة ابراهيم ناشطة في مجال حقوق الإنسان وترشحت ذات مرة في إنتخابات مجلس محافظة نينوى. طالب مسلحو "الدولة الإسلامية" من بثينة كتابة "بطاقة توبة". في ظل حكم الجماعة المتطرفة على رجال الشرطة والجيش السابقين والأشخاص الذين يمارسون أنشطة توصف بأنها "هرطقة" التوقيع على البطاقة وحملها معهم في حلهم وترحالهم.
قال زوجها "قالت لي انها لن تتنازل أبدا."
بثينة ابراهيم كانت عزلاء في تحديها داعش. وسيكلفها ذلك غاليا.
"الخلافة"، التي أعلنت العام الماضي، تتطلب الولاء والطاعة - البيعة. قتل عدد غير معلوم من الأشخاص كونهم اعتبروا خطرا على الدولة، أو ان إيمانهم ليس كافيا؛ 5 الى 8 مليون نسمة يعيشون تحت ظل نظام قلب عالمهم رأسا على عقب، موسعا نطاق سلطته الى كافة أركان الحياة وتفاصيلها ليفرض تفسيره المتشدد للشريعة الإسلامية.
"الدولة الإسلامية" مكان يغرق الرجل نفسه بالكولونيا الحادة كي يخفي رائحة السجائر المحرمة؛ حيث يشغل سائقو السيارات محطة راديو "الدولة الإسلامية" فقط، طالما ان الموسيقى تجلب على مشغلها 10 جلدات؛ حيث يتوجب على النساء تغطية أنفسهن بالكلية، بملابس سود ويحتذين أحذية مسطحة دون كعب؛ حيث على المحال التجارية إغلاق أبوابها وقت الصلاة، وكل من يشاهد في الخارج - وليس في المسجد - يعتقل.
لامفر. أناس يختفون - واختفائهم يفسر بعض الأحيان بشهادة وفاة غير محددة الأسباب، أو الأسوأ من ذلك: بث شريط مصور يظهر عملية جز الرأس.
قال ناشط سوري في السادسة والعشرين من العمر عرف نفسه باسم عدنان "الناس تكرههم، لكنهم يائسون، ليس لهم من يدعهم في حال انتفضوا ضد جماعة الدولة. الناس يشعرون بأن لا أحد معهم."
أسكي موصل القرية المطلة على نهر دجلة حيث الأهالي خرجوا لتوهم من حكم "الدولة الإسلامية" دام سبعة أشهر بعد أن تمكن المقاتلون الكورد من طرد المتشددين في يناير كانون ثاني. قوات الدولة لا تزال على مبعدة أميال فحسب، وقريبة جدا حتى انه يمكن رؤية دخان القتال يتصاعد في الخطوط الأمامية.
وصف عدنان التحول الذي تشهده مدينة الرقة السورية منذ سيطرة تنظيم الدولة عليها في يناير / كانون ثان 2014. وفي ذلك الوقت، فر عدنان (28 عاما) من المدينة، ولكنه بعد أشهر قليلة من فقد أسرته، عاد إليها ليرى ما إذا كان بإمكانه تحمل العيش تحت حكم المتطرفين.
وأقام عدنان بالفعل عاما في المدينة، التي أصبحت عاصمة الأمر الواقع للدولة الإسلامية. وتحدث عدنان من مدينة غازي عنتاب الحدودية التركية.
وقال عدنان إن عاصمة محافظة الرقة التي كانت زاهية في وقت من الأوقات، تحولت، حيث ترتدي النساء الزي الأسود الذي يغطيهن من الرأس وحتى القدمين، ويهرعن إلى الأسواق ثم يعدن سريعا إلى البيوت. وغالبا ما لا تغادر الأسر المنازل تجنبا لأي احتكاك مع لجان "الحسبة" وهم المنفذون اللعينون لقوانين التنظيم التي لا تعد ولا تحصى.
حول مقاتلو تنظيم داعش ملعبا كرة القدم إلى سجن ومركز للاستجواب، ويطلق عليه "النقطة 11". ويطلق سكان المدينة على الساحة الرئيسية اسم ساحة "الجحيم"، حيث يتم فيها إعدام المدانين، وحيث قال عدنان إنه رأى جثث ثلاثة أشخاص بقيت معلقة هناك لأيام كتحذير.
يجوب مسلحون تابعون للجان "الحسبة" الشوارع على متن سيارات رباعية الدفع مرتدين السراويل الفضفاضة والقمصان الطولية على غرار الزي الأفغاني التقليدي. ويشمون روائح الناس للكشف عن رائحة السجائر، كما يعاقبون النساء عندما يعتبرون أنهن لا يرتدين الزي المناسب، كما يعاقبون الرجال الذين يرتدون الملابس الغربية أو يقصون شعرهم على الطراز الغربي.
وقال عدنان إنه عوقب في إحدى المرات بالجلد عشر جلدات لتشغيله الموسيقى في سيارته.
وفي هذا العالم، تعد المنتقدة بثينة إبراهيم في خطر. فبعدما حاول الشيخ إنقاذ روحها بإبعادها إلى مكان آمن، عادت سريعا، بعدما افتقدت بناتها الثلاث ونجليها، حسبما قال.
وفي مطلع أكتوبر / تشرين أول، أحاط المسلحون بالمنزل واقتادوها بعيدا.
وبعد فترة قصيرة، صدرت شهادة وفاة بثينة، وهي ورقة تصدر عن "محكمة إسلامية" بتوقيع أحد القضاة، وتنص على أنه تم التحقق من وفاتها لا أكثر. ولا يعلم زوجها أي شيء عن مكان جثمانها.
تخلصت قرية أسكي موصل من تنظيم الدولة الإسلامية بفضل مقاتلين كورد. ووسط الابتهاج بتحريرها، تخلص كثير من السكان من وثائق خاصة بالتنظيم. لكن إبراهيم احتفظ بشهادة الوفاة "لأنها تحمل اسم زوجته".
وقال جندي سابق من القرية، ويدعى سالم إبراهيم، إنه يحتفظ ببطاقة التوبة. فربما رحل تنظيم الدولة، ولكن الخوف الذي غرسه بداخله لم يرحل.
وأضاف سالم "نعيش على مقربة شديدة من جبهتهم (تنظيم الدولة الإسلامية) ... ربما يعودون ذات يوم ويسألوني ثانية عن بطاقة التوبة الخاصة بي."
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً