رووداو - اربيل
بعد انقضاء أسبوع كامل على الإعلان عن مقتل المتحدث بإسم تنظيم داعش والمتحدث باسمه أبو محمد العدناني، كشفت تسريبات إعلامية عن الارتباك ينتاب قيادة التنظيم، فيما يتعلق باختيار خليفة للعدناني، صاحب المهام المتعددة والقيادي المثير للجدل.
صحف غربية كثيرة، سلطت الضوء على علمية اختيار وصفتها بـ"المعقدة" تدور ضمن دائرة ضيقة بزعامة أبوبكر البغدادي، لفحص قائمة محدودة من قيادات الصف الأول، لاختيار واحد منها أو اثنين للقيام بمهام العدناني.
وكان لافتا أن التنظيم بدا عاجزاً عن وجود شخصية واحدة يمكن أن تقوم بمهام العدناني، تكون محل ثقة لدى قيادات الصف الأول من داعش.
وفي هذا السياق، تحدث خبراء مكافحة الإرهاب عن احتمال تقسيم مهام العدناني على أكثر من شخص، ما إن يتم اختيار المتحدث الإعلامي من بين المرشحين.
ونقلت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، عن خبراء أمريكيين، قولهم "إنه من الصعوبة بمكان ملء الفراغ الذي خلفه العدناني، ليس فقط لتعدد الأدوار التي كان يقوم بها، إلى جانب كونه المتحدث الإعلامي، ولكن لمكانته أيضا".
وقال خبير الإرهاب "كولن كلارك"، في مؤسسة راند الأميركية، "إنه يصعب أن يقوم شخص بمهام العدناني التي اكتسبها بالخبرة الطويلة". مؤكدا أن "العدناني كان أحد القلائل من قيادات التنظيم المؤسسين، وله تاريخ مع تنظيم القاعدة الأم، ثم القاعدة في العراق بقيادة الأردني أبو مصعب الزرقاوي".
ولد العدناني عام 1977 في بلدة بنش قرب مدينة سراقب في محافظة إدلب السورية، وعاش في قضاء حديثة، من محافظة الأنبار غرب العراق.
ولا يعرف الاسم الحقيقي للناطق الرسمي باسم داعش، نظرا لكثرة الأسماء المستعارة التي عرفها بها وأبرزها، طه صبحي فلاحة، وطه البنشي، وأبو محمد العدناني، وأبو محمد العدناني الشامي، وياسر خلاف حسين نزال الراوي، وجابر طه فلاح، وأبو بكر الخطاب، وأبو صادق الراوي.
وبالإضافة إلى كونه المتحدث باسم التنظيم، تولى منصب "أمير الشام" في التنظيم، وكان عنصرا مغمورا في تنظيم القاعدة، ومنها انتقل إلى جبهة النصرة، قبل أن ينتهي به الأمر قيادياً داعشياً بامتياز وموضع ثقة زعيمه أبوبكر البغدادي.
برز اسمه عندما ظهر لأول مرة في مقطع فيديو، على الشريط الحدودي بين سوريا والعراق في 30 يونيو/حزيران 2014، من خلال ما أسماه "إعلان الخلافة وفق مفهوم التنظيم، مبايعاً أبوبكر البغدادي خليفة للمسلمين". كما زادت شهرة أبو محمد العدناني، عندما ظهر في مقاطع فيديو متحديا الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وداعيا إياه لإرسال قوات أمريكية إلى سوريا والعراق.
لُقب العدناني في تنظيم داعش بـ"المنجنيق"، كونه الناطق الرئيس باسم التنظيم، واشتهر بتهديداته وتصريحاته التي طالت العديد من دول العالم، والتي كان أبرزها "إننا نريد باريس قبل روما، ونريد كابول قبل كراتشي".
غير أن الحدث الأهم في مشوار هذا الداعشي، كان العام الماضي، عندما رصدت وزارة الخارجية الأمريكية في 5 مايو/أيار 2015، مبلغ 5 ملايين دولار أمريكي، كجائزة تحفيزية لمن يقدم معلومات تساعد في إلقاء القبض على أبو محمد العدناني، بعد تهديده المشهور للرئيس أوباما.
وتقول تقارير إعلامية، أن المخابرات الأمريكية اكتشفت أخيرا أن الناطق باسم داعش، ليس سوى ذاك المتشدد الذي اعتقله في العراق عام 2005 ونجح في الهرب من السجن عن طريق اسم مزور.
وزادت أهمية العدناني، عندما تناقلت وسائل إعلام عربية ودولية في أغسطس الجاري، أنه المسؤول عن وحدة خاصة ضمن "داعش" مختصة بتنفيذ العمليات العقابية خارج الأراضي الواقعة تحت سيطرة التنظيم.
وكانت آخر رسالة صوتية بثها العدناني في مايو / آيار الماضي، دعا فيها "المسلمين إلى شن هجمات ضد الغرب".
ورغم أن علمية اختيار خليفة للعدناني، ستتم في سرية تامة ووفق ظوابط معقدة، إلا أن الجزئية الأبرز في هذه العملية، هى حالة القلق التي بات أبوبكر البغدادي يعيشها بعد تتابع عمليات اغتيال العناصر التي يثق بها، بدءً من وزير مالية التنظيم عبد الرحمن القادولي، وصولا إلى أبى محمد العدناني.
وكشت تقارير إعلامية، أن زعيم داعش، فرض إجراءات أمنية مشددة على كافة القيادات التي استقبلها، بدءً بأعضاء مجلس الشورى ثم المترشحين لشغل منصب "بوق داعش".
وأضافت تلك المصادر، أن البغدادي، وحفاظاً على سلامته أثناء عقد هذه اللقاءات، قرر أن يتولى سائق خاص يختاره هو، نقل كل قيادي من داعش، على أن يحتفظ السائق بهاتفه الجوال، وأي جهاز إلكتروني آخر، ليتجنب الكشف عن مكانه، ولو بشكل غير متعمد، عن طريق المخابرات الأميركية.
وبرر البغدادي، قراره الغريب، بكون غالبية القيادات التي قتلت بضربات جوية أمريكية، كانت تحتفظ بهواتف نقاله وأجهزة إليكترونية، ما سهل استهدافها.
وهناك تفسير آخر للإجراء، مفاده أن الشخص الجديد الذي سيشغل موقع العدناني في تنظيم داعش، سيعمل بالقرب من أبوبكر البغدادي، القائد المبهم للتنظيم، والذي غاب عن الظهور في الفترات الأخيرة بشكل علني، ما يفتح باب التخمينات على أكثر من فرضية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً