رووداو- أربيل
قبل 19 عاماً من الآن كان صدقي البرواري يقوم يومياً بإعداد باقة من الورد ليضعها على الطاولة التي يجلس إليها ضيوف رئيس حكومة إقليم كوردستان، ومنذ ذلك الوقت وقع في حب الورود ولم يعد يطيق بُعدها، إلى أن أصبح اليوم واحداً من أكبر مستوردي الورود في إقليم كوردستان، لكنه يحلم بتوقف تدفق الأموال من الإقليم إلى الخارج لشراء الورد.
أسس صدقي البرواري شركة خاصة بإنتاج واستيراد الورد أطلق عليها اسم (كوردستان فلاور)، وقد أنجز العمل في 70% من القسم الانتاجي من الشركة.
بدأ البرواري العمل أولاً بفتح محل لبيع واستيراد الورود، وحسب ما ذكره هو، فقد اعترضته خلال 13 سنة من العمل في مجال استيراد الورود مشاكل كثيرة وخصوصاً في تركيا. ويقول: "لأن اسم شركتي كان يضم كلمة كوردستان كانت المطارات التركية تضع في طريقي الكثير من العراقيل، فمثلاً كانوا يقولون إن هناك جثة يجب شحنها اليوم لذا نعتذر عن شحن ورودك، وكانوا يؤخرون الشحن أسبوعاً ما كان يتسبب في خسارة كبيرة لي، لأن الورد حساس ولا يتحمل الشحن فترة طويلة".
كان صدقي البرواري يستورد الورد في البدء من تركيا وإيران، لكنه توسع فيما بعد ليستورد من هولندا والأكوادور وكولومبيا وكينيا. وقد أنشأ منذ عامين مزرعة لإنتاج الورد.
ويقول صدقي: "في نيتنا الآن إنشاء أكبر مزرعة لإنتاج الورد على مستوى العراق، وتبلغ مساحته عشرين دونماً، لكن في المرحلة الحالية استأجرت قطعة أرض مساحتها 4000 متر مربع وزرعتها".
يقطف صدقي حالياً ما بين 1500 و 2000 وردة يوزعها على بائعي الورود، ويصدّر قسماً منها إلى بغداد والموصل. ويوضح أنه في حال إتمام مشروعه فسيتمكن من تسويق 200 ألف وردة في الشهر، لكن ذلك لا يكفي الحاجة المحلية، لأن العراق، حسب صدقي، يحتاج إلى 400 ألف وردة في الشهر لسد حاجة السوق المحلية. ويوضح صدقي أن مزرعة تستطيع تلبية الحاجة المحلية للعراق تبلغ كلفتها ثلاثة ملايين دولار فقط.
تبين إحصائيات المديرية العامة للبستنة والغابات في وزارة الزراعة أنه يجري سنوياً استيراد حوالي سبعة ملايين شتلة ووردة طبيعية إلى إقليم كوردستان، وهذا يضخ الكثير من الأموال إلى الخارج.
ويقول صدقي البرواري، وهو أكبر مستورد للورد الطبيعي: "أستطيع القول بأنني عند إتمام مشروعي سأوفر على إقليم كوردستان ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين دولار في السنة؛ وهو المبلغ الذي يجري إنفاقه حالياً على استيراد الورد".
المشكلة الكبرى التي تواجه أصحاب المشاريع الزراعية ومشاريع الانتاج الحيواني، هي مشكلة العثور على سوق لمنتجاتهم، لكن برواري لا يعاني من هذه المشكلة لأنه على حد قوله استطاع نيل ثقة السوق، كما أن نوعية وأسعار بضاعته يجعلان الزبائن يستمرون في التعامل معه.
وفي معرض الحديث عن مميزات وروده، يقول البرواري: "الأكواب التي أضع فيها ورودي أكبر من تلك التي توضع فيها الورود في الخارج. والأهم هو عمر الورود، فحسب الدراسات التي قمنا بها، تعمر الوردة التي ننتجها 18 يوماً وذلك بدون معالجة، لكن الورود المستوردة بالرغم من معالجتها، فإنها لا تصمد أكثر من أسبوع واحد".
يطلق التجار على الورود تسمية الذهب الأحمر، وهناك بورصة خاصة بالورد تحدد أسعاره يومياً. وتعتبر هولندا أكبر مصدّر للورود وتجني من وراء هذه التجارة 3.5 مليار دولار في السنة، تليها في هذا المجال كولومبيا التي تبلغ عائداتها 1.3 مليار دولار ثم الأكوادور التي تجني 800 مليون دولار من هذه التجارة.
ويقول صدقي البرواري إن على المستورد الاتصال بالمنتج وتحويل ثمن البضاعة قبل موعد الشحن بأسبوع. وعندما يبتاع الورد من كينيا عليه الانتظار ثلاثة أيام لتسلم الشحنة، بينما يتسلم الشحنات القادمة من إيران وهولندا في يومين.
ويرى البرواري أنه مع إكمال مشروعه، وإضافة إلى اختصار المسافة سيعمل على خفض الأسعار، ما سيشجع على انتشار التعامل مع الورد بين المواطنين. ويوضح أن "كل فرع مُورد نستورده، يكلفنا 34 سنتاً بالنسبة إلى أكثر الأصناف رداءة، أما سعر الفرع الواحد من الأصناف التي قمت بإكثارها، فهو دولار واحد، لكني سأبيعه في السوق بخمسين سنتاً فقط".
وترنو عينا صدقي البرواري إلى السوق الأجنبية ويقول إنه أمّن زبائن في إيران والأردن ولبنان، لكن إنتاج مزرعته لم يصل بعد إلى مستوى يستطيع معه تصدير منتجه.
يجري إكثار الورد بواسطة الشتلات، وتحتاج الشتلة ستة أشهر لتطرح الورد، وكل شتلة تنتج مابين ستة إلى سبعة ورود خلال 45 يوماً. وتعمر الشتلة الواحدة ست سنوات.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً