رووداو - أربيل
وقعت اشتباكات في مدينة القامشلي بكوردستان سوريا مؤخراً، بين القوات الكوردية من جهة، وقوات النظام السوري ومسلحي الدفاع الوطني التابعين له من جهة أخرى، ما أسفر عن استشهاد عدد من المقاتلين الكورد، فضلاً عن فقدان عدد من المدنيين لحياتهم، وجرح عدد آخر، كما قتل العشرات من مسلحي الدفاع الوطني وجنود النظام السوري في الاشتباكات، إضافةً إلى تعرض عشرات المنازل لأضرار مادية، ونزوح الكثير من العوائل عن المدينة، وفي مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية ببرنامج (2 آلي)، يسلط الضوء على هذا الموضوع، كلٌ من عضو ممثلية الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم كوردستان، فتح الله الحسيني، والخبير العسكري والإستراتيجي السوري، اللواء تركي الحسن.
وفيما يلي نص المقابلة:
رووداو: لماذا وقعت هذه الاشتباكات؟
فتح الله الحسيني: من الطبيعي أن تحدث مثل هذه الاشتباكات في سوريا التي تعاني من اضطرابات ونزاعات بين قوات تدافع عن الحرية، وأخرى إرهابية، فضلاً عن فصائل مرتبطة بأجندات خارجية، وسط حالة من الفوضى التي تجتاح البلاد، وعليه فإن من الطبيعي أن تصل هذه المعارك إلى المناطق الكوردية أيضاً، علماً هذه المناطق نجحت في الحفاظ على هوئها وأمنها طيلة خمسة أعوام، ولكن الدول الإقليمية لا تتركنا وشأننا، كما أن تنظيم جبهة النصرة حاربنا في مدينة سري كانييه، ولكننا تمكننا من الانتصار عليه، بعد ذلك جاء تنظيم داعش الإرهابي وحاربنا في الحسكة وكوباني، وسقطت دعاية داعش على الحدود الكوردية، أما فيما يتعلق بالاشتباكات الأخيرة، فقد كانت مناوشات من بعض الجماعات التابعة للنظام السوري، وتحديداً جماعة الدفاع الوطني، بدأت بخطف شاب كوردي وإرساله إلى دمشق للالتحاق بالخدمة العسكرية النظامية، ثم بالاعتداء على دورية تابعة للأسايش الكوردية، وعليه فلن نسمح لأي طرف بأن يعبث بأمن واستقرار المناطق الكوردية، وهناك قادة عسكريون في الكانتونات الكوردية، مهمتهم التصدي لمثل هذه الاعتداءات، إلى جانب وجود قيادات سياسية أيضاً، تقوم بمهامها في هذا الإطار، وبالنظر إلى ما يحدث في سوريا الآن، فإن وضع الكانتونات الكوردية أفضل من باقي أنحاء البلاد، حيث انحرفت الأحداث في سوريا إلى حرب طائفية، في حين أن القضية الكوردية هي دفاع عن الحقوق القومية.
رووداو: هل كانت تلك الإشتباكات جدّية؟
الحسيني: أي قتال يسفر عن وقوع شهداء وسفك للدماء، فهو جدّي بالتأكيد، ويجب ألا نصغي للادعاءات، فليس من المنطق والمعقول أن نضحي بـ29 شهيداً بين أسايش ومدنيين ووحدات حماية الشعب، من أجل أن نقوم بدعايةٍ ما، فدماء شهدائنا أغلى من الدعاية التي تجاوزنا مرحلتها، ولدينا الآن خطة تحظى بقبول على المستوى الدولي، فوحدات حماية الشعب أصبحت قوةً دولية اليوم.
رووداو: هل حاربكم النظام السوري بشكل جدّي، وباستخدام الجيش؟
الحسيني: جميع الأنظمة التي استلمت السلطة في سوريا حاربت الكورد بشكل جدّي، من قمع وقتل ونفي وسجن، وكل ما أمكنها فعله، والكورد حالياً يقومون بترتيبات سياسية مهمة، ولا نريد التشويش عليها.
رووداو: ما هي الأسباب التي أدت إلى وقوع تلك الإشتباكات في القامشلي، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، ونزوح الكثير من العوائل؟
تركي الحسن: أنا لا أوافق على الرواية التي ذكرها ضيفك الحسيني، فهو عرض وجهة نظر واحدة، وبالتالي عندما نتحارو في برنامج حواري، فيجب أن نعرض جميع وجهات النظر ونكون قريبين من نقطة الحوار، وهنا أريد تسليط الضوء على بعض النقاط، منها أنه يقول إن تلك المدن كوردية، وأنا أقول بأنها مدن سورية وليست كوردية، حيث يعيش فيها الكورد والعرب والسريان والآشوريون والأرمن، وجوابي لكلامه هو أن هناك بعض الضغوطات في تلك المنطقة، فالكورد لديهم وحدات الحماية الشعب، كما أن الإدارة الذاتية، وبسبب الظروف التي تمر بها سوريا، تحاول فرض سلطتها في تلك المناطق، حيث لم تعد الحكومة قادرة على إدارة تلك المناطق، كما أن الإدارة الذاتية تم الإعلان عنها بعلم الحكومة، ونحن نسمح باستمراريتها بسبب الظروف الراهنة.
رووداو: هل قامت الحكومة السورية بتسليم المنطقة الكوردية، وطلبت من الكورد إدارتها؟
الحسن: لا لم تسلم بمعنى التسليم، ولكنها غضت النظر عن هذا النشاط الذي حصل هناك، وهذه الإدارة المحلية موجودة في باقي مدن ومناطق سوريا وتقدم الخدمة لمناطقها، وعليه فإن هذه الإدارة هي نموذج كباقي مناطق سوريا، والحكومة سمحت لها بأن تقوم بواجباتها وأعمالها، إلا أن بعض التصرفات التي حدثت فيما بعد أدت إلى الاضرابات التي وقعت مؤخراً، ففي تلك المناطق توجد قوات كوردية وأخرى تابعة للحكومة، وجميعها حاربت تنظيم داعش، واعتبرنا هذا العمل واجباً وطنياً، وعليه فلن نسمح بوقوع مشاكل بين القوات الكوردية والفصائل المسلحة التابعة للنظام السوري، كما أود الإشارة إلى أن الذهاب إلى جنيف فتح الباب أمام طرح موضوع الفيدرالية الذي فرض نفسه على الساحة السورية، حيث رفض بعض الإخوة الكورد السوريين (أو السوريين الكورد) موضوع الفيدرالية، وعليه يمكننا القول بأن الكورد السوريين رفضوا الفيدرالية، أما قيام حزب الاتحاد الديمقراطي بإعلان الفيدرالية، فقد كانت مطلباً لمفاوضات جنيف.
رووداو: اللواء الحسن يقول بأنها ليست أقاليم كوردية، وأن الحكومة السورية كانت على علم قبل أن تقوم الإدارة الذاتية بإعلان الكانتونات، وأن هذا الأمر ليس بهذا الحجم أو الجدّية، إذاً فأنتم لم تحاربوا النظام الذي يحارب المعارضة منذ 5 أعوام، وعليه فإن النظام لم ينضم للاشتباكات الأخيرة بشكل جدّي، هل هذا صحيح؟
الحسيني: لقد حاربنا كلاً من النظام والمعارضة وداعش والإرهاب، وفي الاشتباكات الأخيرة أقدم أكثر من 100 قيادي وعنصر من النظام بتسليم أنفسهم للقوات الكوردية، والنظام حتى الآن لا زال يعتقد بأنه يحكم من دمشق إلى أبعد نقطة في البلاد، كما أنني أقول لضيفك الذي يقول بأن مناطقنا ليست كوردية، إنها كوردية بامتياز، فالدرباسية، سري كانييه، كوباني، عفرين، عامودا، تربي سبي، ديريك، قامشلو، جميعها مدن كوردية بالطبع، علماً أن النظام قام بنسخ خارطة فلسطين على المناطق الكوردية، فغير أسماء المدن والمناطق الكوردية إلى (حيفا – يافا – القدس ..وغيرها)، فهو يحاول إنشاء القدس التي عجز عن تحريرها، في المناطق الكوردية، وهذا ما لا يمكن أن نسمح به، كما أننا تجاوزنا مرحلة الدعاية، وهناك مسيرة تشق طريقها نحو الأمام، وضيفك يقول إن الكورد ليسوا متفقين على الفيدرالية، وأنا أقول إن الكورد متفقون عليها من أصغر التنظيمات الكوردية إلى أكبرها، وسيتم تطبيق الفيدرالية في سوريا، شاء من شاء، وأبى من أبى، ويمكنني القول بأن النقطة الوحيدة التي يتفق عليها جميع الكورد رغم خلافاتهم، هي الفيدرالية، ومشكلة النظام هي أنه لا يزال ينظر إلى نفسه كمنظور ما قبل عام 2011 حين كان في أوج قوته منذ فترة السبعينيات إلى ذلك الوقت، وهو لا يعلم بأن المسألة السورية خرجت من يده، وأصبحت بيد الذين يسيطرون على الأرض.
رووداو: هل فعلاً تعتبر القامشلي أو كانتون الجزيرة خارج سيطرة النظام؟
الحسيني: بكل تأكيد هي خارج سيطرة النظام، وهو لا يملك أية سلطة فيها، ونحن لم نفرض الإتجاه الواحد على أحد، بل أشركنا كافة الأطراف في إدارة المنطقة، فعدما نناضل من أجل الحرية والكرامة، فلن نقوم بفرض سلطة الحزب الواحد أو السطلة المطلقة، كما لا يمكن أن نخسر حريتنا وكرامتنا في هذه الحالة، ولن نسمح لأحد بأن يفرض نفسه كحاكم مطلق، والتجربة التي تجري في كوردستان سوريا حالياً، يجب أن تستفيد كافة أنحاء سوريا منها، وعلى الجميع الاعتراف بها، والأسرة الدولية بصدد وضع حد للأزمة السورية، ولن تسمح بان تستمر أكثر من ذلك، فالشعب السوري تألم كثيراً مما يحصل.
رووداو: الحسيني يقول بأن المناطق الممتدة من عفرين إلى ديريك هي كوردية، بعكس ما تفضلت به أنت، كما أنه يقول بأن كوردستان سوريا ليست تحت سيطرة الحكومة السورية، بل هي بيد الكورد إدارياً وسياسياً وعسكرياً، ماذا تقول في هذا السياق؟
الحسن: أنا لم أقل بأنه لا يوجد كورد في سوريا، فهم موجودون في شمال وشرق سوريا، كما أنهم موجودون في دمشق أيضاً، ولكنني قلت بأن تلك المدن سورية، ويعيش فيها الكورد والعرب والسريان والآشوريون والأرمن وغيرهم، ولكن إذا تماشينا مع مفهوم ضيفك، فهذا يعني أن نقبل بأن تعلن جبهة النصرة منطقة خاصة بها في إدلب التي تقع تحت سيطرتها، كما أن بعض مناطق حلب تقع تحت سيطرة جبهة النصرة وأحرار الشام، والرقة وديرالزور تقعان تحت سيطرة تنظيم داعش، فهل من المعقول أن نقبل بأن يعلن كل طرف منطقته في المدن التي يسيطر عليها؟، فلا تزال هناك دولة سورية معترف بحدودها، والمناطق التي خرجت عن سيطرة الدولة ستعود إلى حضنها في المستقبل القريب، ولا يمكن أن يكون هناك إقليم كوردي أو فيدرالية كوردية قائمة بذاتها، لأنها شكل من أشكال الانفصال، كما أن باقي مكونات الشعب في تلك المناطق لن تقبل بذلك، فوجود أكثرية معينة في منطقة ما لا يعني أن تحكمها وتسيطر عليها، وهنا لا بد أن أشير إلى أن الكورد عانوا من الظلم منذ عام 1915، ولكن قضيتهم لا تُحل بهذه الطريقة.
رووداو: ولكن سواء قبلتم أم لم تقبلوا، فالكورد حالياً هم من يديرون المنطقة هناك، والحسيني يقول بأنهم يديرون ويحكمون المنطقة، ومن يدري، فربما تحتاج أنت إلى موافقتهم إذا أردت الذهاب إلى القامشلي، كيف تعلق على ذلك؟
الحسن: هناك أمر واقع في الرقة أيضاً، وكذلك في إدلب وغيرها، فماذا يمكننا القول في هذه الحالة، إذا سلمنا بسلطة الأمر الواقع فذلك سيكون واقعاً صعباً، وأنا أؤكد لك بأن إدلب والرقة، وجميع المناطق الأخرى ستعود إلى حضن الوطن، وستعود سوريا موحدة كما كانت، وينعم جميع أبنائها بحقوقهم الكاملة، خصوصاً الإخوة الكورد الذي عانوا كثيراً من الظلم.
رووداو: إذاً هل أنتم تحلمون، أنتم تقولون بأنكم دولة ونظام وجيش وغير ذلك، ولكن دمشق ترفض كل ذلك كما يقول اللواء الحسن، ويؤكد بأن الدولة تستطيع إعادة الأمور إلى ما كانت عليه متى ما شاءت، هل هذا صحيح؟
الحسيني: من لا يعترف بما وصل الوضع إليه الآن، هو من يحلم، كما أن النظام ليس هو من سيحرر الرقة من تنظيم داعش، فداعش يسيطر عليها منذ عامين ونصف، كما تسيطر جبهة النصرة على إدلب منذ عام ونصف، ولا يستطيع النظام الاقتراب من حدودهما، وهو يقول بأن الكورد مجرد إدارات محلية، ولكنني أؤكد بأن الكورد لم يعودوا مجرد إدارات، بل سيعلنون فيدراليتهم بعد 5 أشهر، كما أن واقع الكورد ليس كواقع داعش أو غيره، والجهة الوحيدة التي كسرت شوكة داعش هي الكورد ممثلين بوحدات حماية الشعب، وبيشمركة إقليم كوردستان بدعم من التحالف الدولي، ولا أحد يستطيع أن يزاود على الكورد في هذا الإطار، ولا نعلم لماذا يرفض الجميع أن يدير الكورد شؤونهم في مناطهم، ويرفضون إدارة الكورد لأي مشروع، وصحيح أن النظام لا يزال مسيطراً على الأرض في بعض المناطق، ولكن سبب ذلك هو فشل المعارضة التي سلكت طريق الطائفية التي منحت النظام حق الدفاع عن نفسه، لأن المعارضة تحارب النظام من منطلق مذهبي، كما أن الكورد لم يقصوا أحداً في مناطق سيطرتهم، ولم يغلقوا المدارس أو يخرجوا أحداً من منازلهم، في حين هم يفعلون ذلك بالكورد في مناطق سيطرتهم، ولا بد من الإشارة إلى أن الكورد أصبحوا أمراً واقعاً على الخارطة السورية، وباعتراف الأسرة الدولية التي لا تتوقف عن الحديث عن القوات الكوردية، كما يجب الفصل بين مفهوم الفيدرالية والإنفصال، فالفيدرالية لم تكن انفصالاً بأي منطق أو دستور في العالم، وجميع الدول المتحضرة تتبع نظام الفيدرالية التي تعني اتحاداً طوعياً، وليس كما كانت تفعل دمشق من إصدار فرمانات مركزية بحق الكورد الذين تعرضوا للعنف والقهر والفصل من المدارس والجامعات والافتقار لأبسط الحقوق، فضلاً عن مصاردة أراضيهم وتغيير الطبيعة الديموغرافية لمناطقهم، فيما نقوم نحن بحماية كافة المكونات في مناطقنا، وعلى رأسهم المسيحيين الذين قدمنا لهم كل ما يمكن تقديمه، والعالم كله يعلم ذلك، ولا بد أن نعلم بأنه لم يعد هناك وجود لسوريا المركزية، ودمشق باتت جزءاً من سوريا وليست صاحبة القرار المركزي، وما قبل 2011 انتهى.
رووداو: الحسيني يقول بأنهم سيعلنون الفيدرالية بعد 5 أشهر دون أي اعتبار لما ستقوله دمشق لأننا نحن أصحاب القرار، فماذا سيكون رد دمشق العملي، وليس النظري؟
الحسن: في الواقع ضيفك الحسيني يتحدث عن سيطرة وحدات حماية الشعب على بعض المدن والقرى والمناطق، وهذا الكلام صحيح، ونحن لا ننكر ذلك، وهو واجبهم كسوريين بأن يحموا مناطقهم ويحاربوا الإرهاب، ولكن لماذا لا يتحدث عن الذين جاؤوا من الساحل السوري ومن مناطق أخرى إلى الحسكة والرقة لمحاربة الإرهاب وحماية سوريا، فهؤلاء يقومون بنفس الدور والواجب، وهم مكونون من مختلف الشرائح، أما فيما يتعلق بإعلان الفيدرالية بعد مدة فهذا لا يتفق مع القانون والدستور السوري، ومن حق الإخوة الكورد أن يتسلموا مناطهم إدارياً، وهو الأمر المطبق في كافة المحافظات السورية، أما القضايا المركزية فحلها في دمشق، في حين أن الحديث عن إقامة فيدرالية في مناطق من سوريا وإقامة حكومة فيها كما هو حاصل في شمال العراق، فهذا يعني أننا نتجه نحو تقسيم سوريا.
رووداو: وماذا سيكون الرد العملي لدمشق في هذه حال إعلان الفيدرالية؟
الحسن: أعتقد بأن الحكومة السورية سترد على هذا المشروع بشكل عام، ولن تقبل بتطبيقه، وسبق وأن أعلنت الدولة ذلك، وإذا كانت بعض المناطق خرجت عن سيطرة الدولة لصالح تنظيمات مثل داعش والنصرة وغيرها، إلا أن عملية السيطرة على تراب سوريا تتم شيئاً فشيئاً، وفي حال أعلن هؤلاء الفيدرالية، فإن الشعب السوري سيرفض ذلك، بمن فيهم الإخوة الكورد، إلى جانب الحكومة.
رووداو: الحسن يقول بأن الحكومة السورية وكذلك الكورد لن يقبلوا بالفيدرالية، كيف ذلك؟
الحسيني: في الواقع لا أعلم عن أي كورد يتحدث، فالكورد جميعاً متفقون على الفيدرالية، ولطالما كان مطلبهم وحلمهم، الشعب الكوردي في إقليم كوردستان ما كان ليحصل على حقوقه لولا الفيدرالية، من جهة أخرى فإن سوريا مقسمة عملياً، وفيها عدة عواصم، فداعش له عاصمته، وكذلك جبهة النصرة، كما أن حلب مقسمة لنصفين، وريف دمشق أصبح خارج سيطرة العاصمة، فضلاً عن الدمار الهائل الذي حل بالبلد، وعليه فإن الفيدرالية يمكن اعتبارها إنقاذاً لما يمكن إنقاذه، أو ما تبقى من سوريا، وليس من السهل إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، كما أن من الصعب إخراج داعش والنصرة وغيرها من التنظيمات، فضلاً عن كف يد الدول الكبرى، إضافةً إلى إيران وتركيا وغيرها من الدول التي توغلت في العمق السوري.
رووداو: بعد ثلاثة أيام من القتال في القامشلي، أعلنتم وقفاً لإطلاق النار في بيان رسمي، فأين تم هذا الاتفاق، ومع من وقعتموه؟
الحسيني: عندما يقتتل طرفان، فمن الطبيعي أن يحضر أعضاء من الطرفين لأي اتفاق على وقف إطلاق النار، وعليه فقد حضر وفد من النظام السوري، إلى جانب طرف دولي كان راعياً للاتفاق، وسيتم الإعلان عن ذلك فيما بعد، فلا يمكن أن نقبل بأن تتعرض مدننا الهادئة للقتال والتخريب، ومنها القاملشي التي تتمتع بأمان وهدوء.
رووداو: أنتم تقولون بأنكم تمثلون الشعب، فلماذا تعملون من خلف الستار وتخفون عنه ما حدث في الاتفاق، ولماذا لا تكشفون عن الطرف الثالث الذي رعا اتفاق وقف النار؟
الحسيني: نحن لا نعمل من خلف الستار ولا نخفي شيئاً عن الشعب، ولكن سيتم الإعلان عن هذا الأمر فيما بعد بشكل رسمي، وعلينا أن نتعود على التعامل مع هكذا مواضيع بطريقة رسمية، كما أنه من المرفوض أن تتعرض المدن الآمنة للقتال والمعارك كما قلنا، فنحن لا نريد أن نوقد بركاناً راكداً في مناطقنا، بل نريد إنجاز مشروع يخدم الشعب السوري ككل، وليس جزءاً منه.
رووداو: من حضر من دمشق إلى مطار القامشلي، ووقع الاتفاق مع الجانب الكوردي، ولماذا تم التوقيع؟
الحسن: الحكومة السورية لا تنظر إلى الإخوة الكورد وكأنهم أعداء، بل هم جزء من الشعب السوري، وفي أي منطقة تحدث مشاكل لا شك في أن الدولة ستساعدهم، وعليه فمن الطبيعي أن ترسل الحكومة وفداً إلى القامشلي لحل مشكلة ما، ولا شك في أن نجاح الوفد السوري في السيطرة على المشاكل التي وقعت هناك بسرعة أمر جيد ومهم، ولا نريد الخوض في مسألة من بدأ أولاً بإحداث المشاكل، أما فيما يتعلق بكلام الأخ الحسيني الذي قال بأنهم سيعلنون رسمياً عن الأطراف التي حضرت الاتفاق، فإن من المفروض أن يخرج هكذا بيان منذ البداية، أما إذا كان إصداره فيما بعد سيصب الزيت على النار، فمن الأفضل ألا يعلن، وعلينا جميعاً أن نعمل على وقف الأعمال القتالية سواء في القامشلي أو في أماكن أخرى، فحل المشاكل يأتي عن طريق الحوار، وحمل السلاح سيضر بجميع الأطراف.
رووداو: عندما يأتي وفد رفيع من دمشق، ولا نعلم إن كان سياسياً أم عسكرياً أم استخباراتياً، ويجتمع بالمسؤولين العسكريين والسياسيين في الإدارة الذاتية، فهذا يعني اعترافاً رسمياً من الحكومة السورية بهذه الإدارة عسكرياً وسياسياً، فكيف تقول بأنكم لا تعترفون بها؟
الحسن: أنا لم أقل بأن تلك الإدارة ليست ذاتية، بل قلت بأن الواقع السوري الحالي كان سبباً في نشوء تلك الإدارة كأمر واقع، ونحن نقدم لهم المساعدة لأننا لا ننظر إلى الإخوة الكورد كأعداء، بل كجزء من الشعب السوري، وسبق لوحدات حماية الشعب أن قاتلت بجانب النظام السوري عندما تعرضت مدينة الحسكة للهجمات الإرهابية، وأنا لا أقول بأن هذه الوحدات أصبحت عدوة للدولة، بل على العكس لا زالت الدولة تنظر إليها كقوات وطنية، حتى أن المعارضة تتهم النظام بدعم القوات الكوردية، وهذا ليس سراًن بل نعتز به.
رووداو: اللواء الحسن يقول إنه ليس سراً أننا ندعم وحدات حماية الشعب والإدارة الذاتية ونعتز بذلك، بينما أنتم تنكرون هذا الأمر دوماً، كيف ترد على ذلك؟
الحسيني: حين تتعرض منطقة مدنية لهجوم إرهابي، فمن الطبيعي أن تتعاون كافة الأطراف لمحاربة هذا الخطر المحدق، أما فيما يتعلق بعدوة الأمر إلى سابق عهده، فهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك خارطة سياسية تم وضعها، ولا يمكن العودة إلى المربع الأول، وعلى النظام تغيير عقليته إذا أراد المشاركة في أي حل، أما المعارضة فنحن لم نعول عليها من الأساس، فالنظام والمعارضة يشتركان في أن كلاً منهما أوراقه مخلوطة بطريقة فوضوية، وعليهما إيجاد حلول لأجل مصلحتمها، فأقاليمنا هادئة وآمنة بعكس أقاليمهم المدمرة، وفي كوردستان سوريا تم تأمين الكهرباء على مدار 24 ساعة على سبيل المثال، في الوقت الذي لا تتوفر فيه الكهرباء لهذا الحد في الكثير من دول الشرق الأوسط، كما أن النظام منهمك في معارك أخرى، وبات همه الحفاظ على الأقاليم التي لا تزال تحت سيطرته، لأن باقي المناطق أصبحت تحت سيطرة جماعات أخرى مدعومة من أجندات خارجية، وكان من الأجدر بهم إيقاف القتال، فنحن لا نعطي الشرعية للقتال، ولكن تم فرضه علينا، ويجب إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، لأن الحل العسكري أثبت فشله.
رووداو: كما تعلمون، فقد أعلنت الإدارة الأمريكية إرسال 250 جندياً أمريكياً إلى كوردستان سوريا لدعم القوات الكوردية، ما هو تعليقكم على ذلك؟
الحسن: أعتقد بأن الولايات المتحدة إذا لم تكتفي بإرسال 50 أو 250 جندياً أو مستشاراً أو أياً كانت صفتهم، بل حتى لو أرسلت ألفي جندي إلى هناك، فلن تغير من مسار الأمور شيئاً، وبحسب الإعلام الأمريكي الذي أتابعه باستمرار، فقد أشار إلى أن الرئيس الأمريكي قال إنه لن يرسل قواته من أجل القتال، وأعتقد بأن مهتمتها هي التنسيق مع القوات الكوردية، والقوات التي أعلن عنها أحمد الجربا مؤخراً.
رووداو: ولكن تم تشييد مطارين عسكريين أمريكيين في كوردستان سوريا، أحدهما في رميلان والآخر في كوباني، ألا ترى أن هذا يعني خروج المناطق الكوردية عن سيطرة النظام؟
الحسن: إن تحويل مطار زراعي إلى مطار عسكري في منطقة الجزيرة لتحط فيه طائرات هيليكوبتر قادمة من شمال سوريا، لا يعني بأن ذلك المطار قد أصبح تحت سيطرة الولايات المتحدة، والعراق خير مثال على ذلك، فقد دخل إليه مئات الآلاف من الضباط والعساكر والآلايات والعتاد الأمريكي، ولكن في النهاية خرج الأمريكان من العراق، وتدخل أمريكا في الأزمة السورية، لا يعني بأنها تريد خيراً لها.
رووداو: طالما أن هدفكم هو حماية كوردستان سوريا من خطر داعش والإرهاب وغير ذلك، فلماذا لا تسمحون لبيشمركة روجافا بدخول وطنهم وحمايته مثلكم؟
الحسيني: لم يمنعهم أحد من الدخول، وهذا الموضوع يحتاج إلى اتفاق سياسي، وهناك ثلاث نقاط مهمة من اتفاق دهوك يجب تسليط الضوء عليهما أولاً، والمجلس الوطني الكوردي يرفض تنفيذ تلك النقاط، وعلى سبيل المثال، فإن قوات "سوتورو" و"الصناديد" تعمل تحت مظلة كانتون الجزيرة، وبيشمركة روجافا يمكن أن تدخل إلى كوردستان سوريا، وهذا من حقهم، ولكن بعد اتفاق سياسي، لأن هذا الاتفاق من شأنه منع اقتتال الإخوة.
رووداو: هناك الآلاف من قوات بيشمركة روجافا بحسب التقديرات، وهم من الشباب والفتيات الكورد السوريين، وفي حال دخولها إلى كوردستان سوريا لحمايتها، ماذا سيكون موقف الحكومة السورية؟
الحسن: إذا كانوا من الكورد السوريين فإن من حقهم العودة إلى سوريا وحمايتها من الإرهاب، أما إذا كانوا يعملون ضمن مشاريع خارجية كما يفعل بعض السوريين الآن، فلا يمكن القبول بهم آنذاك.
رووداو: هذه القوة قوامها من الشباب والفتيات الكورد، ولكن الإدارة الذاتية تمنع دخولها إلى كوردستان سوريا بحجة أن ذلك سيتسبب بحدوث اقتتال بين الإخوة، فهل تستطيع الحكومة السورية أن تضغط على الإدارة الذاتية للسماح لهم بالدخول لمحاربة داعش والإرهاب؟
الحسن: أنتم قلتم بأن هذه القوة قوامها آلاف الشباب والفتيات الكورد السوريين، وهذا الكلام غير دقيق، فالفتيات السوريات لا يذهبن إلى القتال لأنه شيء لم يعتدن عليه، أما إذا كانوا في إقليم كوردستان، فهذا شيء آخر، أما الشباب الذين هربوا من الخدمة العسكرية وتلقوا تدريباً هناك، فنحن نقبلهم، ولكن شريطة أن يأتوا لخدمة مناطقهم في الحسكة وغيرها.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً