رغم مرور 37 سنة على أنفال بهدينان؛ لم يتم العثور على رفات الضحايا
تمر اليوم 37 سنة على بداية آخر مراحل جرائم الأنفال، وهي مرحلة أنفال بهدينان، بينما لم تتم حتى الآن إعادة رفات أي من الضحايا.
رووداو- أربيل
ولدت (ريز كَردي) في مخيم للاجئين في باكستان، كان والداها قد هربا من القتول الجماعية والقمع الذي تمارسه حكومتا العراق وتركيا إلى إيران ثم إلى باكستان. بعد مرور 26 عاماً، فازت ابنتهما بلقب الفتاة الجديدة النيوزيلاندية للعام 2017. ساهمت ظروف ولادتها والمراحل الأولى من حياتها في دفعها للتوجه إلى العمل في مجال المحاماة والنشاط الإنساني والاهتمام بشؤون اللاجئين.
طفرة عجيبة باتجاه مستقبل جديد
كان والدا (ريز) مختبئين داخل شاحنة تمضي باتجاه الحدود الإيرانية الباكستانية، كانت والدتها تحتضن ابنها الصغير، ووالدها يمسك بقوة بإبنته. في تلك الأثناء كان عليهم أن لا يصدروا أي أصوات، حتى صوت أنفاسهم. عند الحدود صعد جندي إيراني إلى الشاحنة، وأدرك الزوجان أن كل شيء قد انتهى فقد افتضح أمرهما.
لكن الجندي ترجل من الشاحنة وصاح "ليس فيها شيء"، لم تكن (ريز) قد ولدت حينها، لكن كما قالت هي في كلمة ألقتها بندوة لـTEDX: "أثر قرار ذلك الجندي على حياتي كلها"، في العام 1998 انتهى المقام بعائلة كَردي في نيوزيلاند وحصلت على حق اللجوء السياسي.
من المأساة إلى السعي والمواجهة
حلت ريز في الأسبوع الماضي ضيفة على شبكة رووداو الإعلامية، لتتحدث عن نشاطاتها وأعمالها وقالت: "الظروف التي ولدت في ظلها، جعلتني أحب العمل الإنساني، وحقوق الإنسان والعدالة. لقد اختبرت الظلم ورأيت كيف يحرم الإنسان من حقوقه، لهذا قررت أن أكرس نفسي ومهنتي لمساعدة الآخرين، لكي يكون صوتهم مسموعاً وينعموا بالعدالة".
ولدت ريز في العام 1991 بمخيم (كويتا) في باكستان، وكان النظام العراقي قد قتل جدتها وعمتين لها. كان ذلك هو الذي دفع والدي ريز إلى اتخاذ قرار مغادرة العراق. بعد مرور سنوات، قررت ريز في بلدها الجديد أن تدرس القانون وتدافع عن حقوق اللاجئين.
حصلت ريز في العام 2016 على بكالوريوس في القانون من جامعة أوكلاند، أرقى جامعات نيوزيلاند، وبعد ثلاث سنوات حصلت على الماجستير من مدرسة القانون في جامعة هارفارد الأمريكية، وتقوم الآن بجمع الأدلة التي تثبت الإبادة الجماعية التي ارتكبها داعش ضد الكورد الإزيديين.
عملت هذه المحامية الكوردية كثيراً مع اللاجئين الشباب، أولاً في نيوزيلاند ثم في الدول الآسيوية على المحيط الهادئ وأخيراً في مخيمات اللاجئين في أوغندا، والآن، أسست برنامجاً تحت مسمى منظمة التأهيل ليكون للاجئين حظ من الدراسات العليا.
شاركت ريز في كثير من اجتماعات الأمم المتحدة والحكومات، وعن نشاطاتها، قالت لرووداو إنها في كل المناسبات الرسمية: "أروي قصة الكورد وآلام التاريخ الذي عانيناه. كتبتُ مادتين أكاديميتين عن الإبادة الجماعية للكورد، وصنعتُ فلماً وثائقياً عن كوردستان في العام 2013 عرض في التلفزيون الوطني النيوزيلاندي، كما شاركتُ في تأسيس مجلس الشباب الكورد بنيوزيلاند".
ذاع صيت ريز على أنها أول محام كوردي في نيوزيلاند، لكنها تقول: "أنا أول محامية كوردية، لكن هناك رجلاً يكبرني بعشر أو خمس عشرة سنة وقد سبقني إلى دراسة القانون في نيوزيلاند، لكن حسب سجلات الجامعة فأنا أول الكورد الذين انضموا ودرسوا في مدرسة القانون بهارفارد".
عادت الناشطة والمحامية الكوردية لأول مرة إلى كوردستان في العام 2005، وللقاء الأهل والأقارب كانت مضطرة حينها لزيارة كل من كوردستان تركيا وكوردستان إيران. غيرت تلك الزيارة الكثير في ريز "فقبل تلك الزيارة كنت أنأى بنفسي عن هويتي الكوردية، لكن بعد أن لمست جمال الثقافة والتاريخ الكورديين والتقيت بأقاربي الذين كانوا في مثل سني، شعرت أن الأمر الوحيد الذي يميزني عن ملايين الناس الذين يعيشون في مناطق الحروب، هو أن الحظ حالفني لأكون في مكان آمن".
هذا الشعور حفز عند ريز الشعور بالمسؤولية "فأصبحت أكثر شعوراً من أي وقت بأن العودة إلى أصولي مسؤولية، وبعد سنوات طويلة أردت للمرة الأولى أن أحتضن كورديتي من جديد".
تنتمي هذه الناشطة الكوردية إلى برنامج لحقوق الإنسان تابع لمدرسة القانون بجامعة هارفارد، وإلى جانب عضويتها في البرنامج تعمل مع مؤسسة آزادي الإزيدية في دهوك على جمع الأدلة التي تثبت ارتكاب داعش جرائم إبادة جماعية للإزيديين، ومن بينها جرائم القتل الجماعي والخطف والتعذيب والعنف الجنسي وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.
وعن تلك الأدلة، تقول ريز "سنستخدم هذه الأدلة لخلق تعاون مع المؤسسات الأمنية في أوروبا والعراق وإقليم كوردستان لإنشاء ملف يحاكم بموجبه المذنبون (على هذا الأساس)".
تمر اليوم 37 سنة على بداية آخر مراحل جرائم الأنفال، وهي مرحلة أنفال بهدينان، بينما لم تتم حتى الآن إعادة رفات أي من الضحايا.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً